حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    امتحانات الثانوية العامة.. التقرير الأسبوعي لوزارة «التعليم» في الفترة من 13 إلى 19 إبريل 2024    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    صندوق النقد: إعادة هيكلة الديون وإنعاش النمو أولويات أمام العالم الفترة المقبلة    التخطيط: 7 سلاسل فنادق عالمية تتقدم بعروض لاستغلال مقار وزارات وسط البلد    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة بين البلدين    6 آلاف فرصة عمل | بشرى لتوظيف شباب قنا بهذه المصانع    وزير الخارجية سامح شكرى يتوجه إلى تركيا فى زيارة ثنائية    قريبة من موقع نووي.. أحمد موسى يكشف تفاصيل الضربة الإسرائيلية على إيران    كيف بدت الأجواء في إيران بعد الهجوم على أصفهان فجر اليوم؟    السودان: عودة مفاوضات جدة بين الجيش و"الدعم السريع" دون شروط    سفير مصر بالكونغو يحضر مران الأهلي الأخير استعدادا لمازيمبي بدوري الأبطال    لؤي وائل يتعرض لإصابة قوية في الرأس خلال مباراة بلدية المحلة والمقاولون    فانتازي يلا كورة.. 3 نصائح قبل الجولة ال34 (فيديو)    المتهم بقتل مسنة الغربية يمثل الجريمة أمام جهات التحقيق    الحماية المدنية تسيطر على حريق محدود داخل وحدة صحية في بورسعيد    مصرع 8 أشخاص من أسرة واحدة أثناء عودتهم من حفل زفاف بالدقهلية    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    مدير مكتبة الإسكندرية ينعى الفنان صلاح السعدنى    جيش الاحتلال: إطلاق ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان تجاه الجليل الأعلى    من بينهم السراب وأهل الكهف..قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024    متحف مفتوح بقلب القاهرة التاريخية| شارع الأشراف «بقيع مصر» مسار جديد لجذب محبى «آل البيت»    افتتاح "المؤتمر الدولي الثامن للصحة النفسية وعلاج الإدمان" فى الإسكندرية    الداخلية تكشف تفاصيل منشور ادعى صاحبه سرقة الدراجات النارية في الفيوم    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بالأقصر    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    رجال يد الأهلي يلتقي عين التوتة الجزائري في بطولة كأس الكؤوس    محمود قاسم عن صلاح السعدني: الفن العربي فقد قامة كبيرة لا تتكرر    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    وزير الصحة يكشف طبيعة علاقته بفيسبوك وإنستجرام    وفاة رئيس أرسنال السابق    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    وزيرة التضامن ورئيس مهرجان الإسكندرية يبحثان تطوير سينما المكفوفين    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    سوق السيارات المستعملة ببني سويف يشهد تسجيل أول مركبة في الشهر العقاري (صور)    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    دعاء لأبي المتوفي يوم الجمعة.. من أفضل الصدقات    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة.. مباريات اليوم السادس    تحرك برلماني بسبب نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    احذر| ظهور هذه الأحرف "Lou bott" على شاشة عداد الكهرباء "أبو كارت"    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تمريض القناة تناقش ابتكارات الذكاء الاصطناعي    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر فهمت ترامب ولم تفهم أمريكا
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 09 - 2017

مصر فهمت ترامب لأن ترامب سهل وواضح ويتحدث بأسلوب شعبوى بسيط فى أحاديثه غير المكتوبة وما أكثرها ومثلها أيضا تعليقاته اليومية فى التغريدات التى يكتبها بنفسه ويرفض قيام أحد بمراجعتها. لقد أفصح ترامب عن نفسه وسياسته بوضوح شديد وبكلام بسيط.
فأمريكا فى رأيه لا يجب أن تنشغل بترميم الدول الفاشلة وإعادة بناء الشعوب Nation Building وإهدار مواردها فى أمور مثل تقوية أواصر الديمقراطية وحقوق الإنسان وهى الأمور التى تعوق علاقتها مع الدول الحليفة والصديقة بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أعلن أنه لن يحاضر الدول فى كيفية حكمها لشعوبها أى فلتفعل فى شعوبها ما تشاء. وقد أراح ذلك الكثير من الديكتاتوريات فى العالم فقد حان الوقت لقيام علاقات مريحة مع أمريكا.
ولكن أمريكا ليست ترامب وليست رئيس الجمهورية؛ فنظامها يقوم على الفصل بين السلطات وعلى توازنات بين الرئيس والكونجرس والمحكمة العليا وأيضا القوى الأخرى التى تؤثر فى الرأى العام مثل المجتمع المدنى ورجال المال والأعمال والإعلام وجماعات الضغط (اللوبى).. وسياسة الولايات المتحدة فى الداخل والخارج هى محصلة التجاذبات بين هذه القوى.
وقد دُهش الكثيرون فى مصر لما ظنوا أنه تناقضات فى السياسة الأمريكية، وظن البعض أن ترامب قد غير سياسته تجاه مصر والرئيس السيسى، نظرا لأن ترامب قد أبدى منذ حملته الانتخابية إعجابا شديدا بالرئيس السيسى ثم استقبله فى البيت الأبيض فى بداية ولايته بحميمية شديدة، ثم مضى يتحدث بحماس عن التعاون معه ومع قادة الشرق الأوسط لتشكيل تحالف ضد المنظمات الإرهابية والإسلامية، وأعطى إيحاءات بأنه يعتبر الإخوان المسلمين يندرجون ضمن هذه المنظمات مما أقنع الناس أن تحولا كاملا عن سياسة الرئيس السابق أوباما تجاه مصر قد حدث، ولذلك عندما وجدوا أن أمريكا تعلن فجأة عن تخفيض المعونة بمقدار 290 مليون دولار (تجميد 195 مليونا وإلغاء 95 مليونا) وربط ذلك بحقوق الإنسان وبالتضييق على المجتمع المدنى من خلال القانون الجديد الذى ينظم عمل الجمعيات الأهلية، فقد تم تفسير ذلك على أنه تغيير فى سياسة ترامب تجاه مصر ورئيسها، وقد تعاظمت الدهشة عندما اتصل ترامب بالسيسى بعد ذلك بيومين ليؤكد له متانة العلاقات المصرية الأمريكية التى تستند إلى أسس استراتيجية، وأعرب عن حرصه على مواصلة تطوير العلاقات الثنائية فكيف يتم تطوير العلاقات من خلال حجب المعونات؟ لقد فسر البعض هذه المكالمة بتفسيرات مختلفة يصل بعضها إلى حد السخف، حيث قيل إن ترامب اتصل ليصلح ما أفسده وزير خارجيته، وفى الحقيقة أن ترامب لم يتغير ولم يغير سياسته وما زال مؤيدا بقوة للحكم فى مصر ومعجبا بما حققه السيسى فى مجال الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب. وكل ذلك لايزال كما هو، وكل ما هنالك أن أمريكا ليست ترامب كما أسلفنا وأننا فى مصر لم نقدر دور الكونجرس والحزبين الرئيسيين «الجمهورى» و«الديمقراطى». فقد تنامت منذ فترة داخل الحزبين وبالتالى داخل الكونجرس المطالبة بتطبيق نصوص القانون الأمريكى الذى يحتم على الإدارة الأمريكية أن تحجب 15% من قيمة المعونة لحين تمكن الدول المتلقية من إثبات أنها تحرز تقدما فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، لذا سارع ترامب بإصدار أمر رئاسى Executive order بوضع مبلغ 195 مليون دولار (التى تعادل 15%) فى حساب خاص وتأجيل تسليمه لمصر لحين تمكنها من تنفيذ هذا الشرط (إثبات إحراز تقدم فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان) وأتمنى أن نحرز هذا التقدم دون الحاجة للضغوط الأمريكية وأن نجد الوسيلة المناسبة لعدم الربط بينهما.
***
إننا فى عالمنا النامى خاصة الشق العربى منه لا يمكننا تصور عجز الرئيس عن إنفاذ إرادته، ولا نفهم كيف يمكن أن ينساق إلى سياسة تمليها عليه تيارات داخلية مثل البرلمان وقوى المجتمع المدنى والإعلام؟
وفى هذا السياق يمكننا تذكر واقعة «ووترجيت» فى أمريكا فى أوائل السبعينيات التى أدت فى النهاية إلى الإطاحة بالرئيس نيكسون والتى تتلخص فى قيام بعض الأفراد بالتجسس على مقر الحزب الديمقراطى المعارض ثم ما ثبت بوجود صلة بينهم وبين الحزب الجمهورى الحاكم ونيكسون شخصيا.
لم يستوعب العقل العربى أن تؤدى حادثة (تافهة) مثل تلك إلى الإطاحة برئيس الجمهورية، ولم يستوعب من الأساس فكرة اللجوء إلى التجسس على الحزب المعارض، لقد كتبت إحدى الصحف اللبنانية فى ذلك الوقت مقالا ساخرا وجه فيه الكاتب سؤالا لنيكسون يقول فيه: أين إلغاء الأحزاب لصالح الشعب؟ وذلك لان أجهزتنا تتعامل بمنتهى السهولة مع أحزاب المعارضة بحيث يمكنها تحويلها إلى أحزاب موالية أو على الأقل تفجيرها من الداخل.
***
أعود إلى ترامب فأؤكد مرة أخرى أن سياسته تجاه مصر لم تتغير بل مصر من الدول القلائل التى نجح فى تحسين علاقته معها على عكس الكثير من الدول الأخرى الصديقة والحليفة التى تدنت العلاقة معها مثل ألمانيا وباكستان وفنزويلا.
وبالرغم من رغبة ترامب الشديدة فى التقارب من روسيا إلا أن القوى الأخرى التى تعمل على الساحة الأمريكية لم تمكنه من ذلك بل دفعته باتجاه التصعيد مع موسكو حتى وصل الأمر إلى إغلاق القنصلية الروسية فى سان فرانسيسكو وتبادل طرد الدبلوماسيين. هذا بالرغم من أن بوتين لعب على ورقة ترامب بوضوح شديد وسانده فى حملته الانتخابية من خلال اختراق المواقع الالكترونية للحزب الجمهورى والتجسس على البريد الالكترونى لهيلارى كلينتون لصالح ترامب، وبالرغم أيضا مما يقال عن إن موسكو لديها مستمسكات ضد ترامب تحتوى على أسرار مالية وانتخابية وجنسية تحرج ترامب (النسخة العربية من جريدة لوموند ديبلوماتيك بتاريخ 2/9/2017).
وبالرغم من ذلك فلم يستطع ترامب تحقيق رغبته فى التقارب مع موسكو بل وجد نفسه مضطرا إلى فرض موجة جديدة من العقوبات عليها، وقد فهمت موسكو الوضع تماما وبدأت فى التصرف بما تمليه عليها هذه الحقائق، وأمل أن نتصرف نحن أيضا بما تمليه علينا الحقائق وألا تقتصر علاقتنا بأمريكا على ترامب وحده إن أردنا أن نثبت أركان هذه العلاقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.