توقيع مذكرة بين مصر والاتحاد الأوروبي لتقديم شريحة دعم ثانية بقيمة 4 مليارات يورو    أكثر من 450 شخصية يهودية بارزة حول العالم يطالبون بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب غزة    الكرملين يستبعد مشاركة بوتين في قمة العشرين واستمرار التحضيرات لاجتماعه مع ترامب    هاري كين يقود هجوم بايرن ميونخ أمام كلوب بروج في دوري الأبطال    ريتشارليسون أساسيا في تشكيل توتنهام أمام موناكو    السيطرة على حريق شبَّ في مخزن كرتون بالخانكة    محافظ الجيزة يوجه بالاستعداد الجيد لاستقبال فصل الشتاء وموسم هطول الأمطار    المخرج جمال قاسم يهدي المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية 4 أفلام وثائقية    «سنوات مع صلاح منتصر».. سيرة حب وصحافة تُروى في مكتبة القاهرة الكبرى    «قاعة للرقص في البيت الأبيض».. مشروع بتمويل غامض يثير «كابوس أخلاقي» من شراء النفوذ (تقرير)    مطار العريش يستقبل طائرة مساعدات سعودية لصالح غزة    «التنظيم والإدارة»: «الوزراء» وافق على تخصيص جلسة مسائية للمتخلفين عن اختبارات التعيين    وزير السياحة يلتقي نظيره الأنجولي لبحث سبل التعاون بين البلدين    الغندور يجدد انتقاده لمدرب الزمالك بسبب الأهلي    «قلة احترام».. بيان ناري من فياريال بعد إلغاء قرار إقامة مباراة برشلونة في ميامي    مصر تستضيف تنصيب الرئيس الجديد لبنك التصدير الأفريقي «أفريكسيم بنك»    «الساعة 12 تصبح 11» موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر 2025    ضبط متهم بممارسة أعمال البلطجة باستخدام كلب وسلاح أبيض في الجيزة    محافظ كفر الشيخ ورئيس الجامعة يشهدان انطلاق المؤتمر العلمي الثالث ل «الآداب» حول العلوم الإنسانية والتنمية المستدامة    بناء الأهرامات.. الأسطورة والواقع    أكاديمية الفنون تكرم اسم السيد بدير وتعيد عائلة سعيدة جدا إلى خشبة المسرح    أحمد موسى: العلاقات المصرية الأوروبية تقوم على شراكة ومصالح متبادلة    لم يشرع الضرب بمعنى الأذى.. هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟ خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ شمال سيناء جاهزية المنشآت الصحية ويتفقد مستشفى الشيخ زويد ووحدة طب أسرة البشلاق    «جهار»: 26 منشأة صحية حصلت على الاعتماد الكامل أو المبدئي    ماذا يحدث للكوليسترول في الدم عند تناول التفاح يوميًّا؟    ننشر منطوق حكم كروان مشاكل بسب وقذف ريهام سعيد    مدبولي: لا تهاون في حماية نهر النيل من التعديات    محكمة العدل الدولية تجدد الدعوة إلى إعمال حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإنشاء دولته المستقلة ذات السيادة    بعد تصاعد جرائم القتل.. شيخ الأزهر يوجه رسالة حاسمة إلى المجتمع    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    حصاد الوزارات.. مد التصالح على مخالفات البناء 6 أشهر.. التنمية المحلية توجه    بروتوكول تعاون بين جامعة أسيوط كلية الحقوق وجامعة الغردقة    ننشر لائحة النظام الأساسى للزمالك بعد عدم اكتمال نصاب الجمعية العمومية    الكنيست الإسرائيلي يقر مقترح قانون ضم الضفة الغربية بالقراءة التمهيدية    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    تركيب 1662 وصلة مياه مجانية للأسر الاولى بالرعاية بالفيوم    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات : "ونكيد العوازل بقي "    بيراميدز يواجه التأمين الأثيوبي ذهابا وإيابا بالقاهرة    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس جامعة العريش يهنئ كلية الاستزراع المائي لتأهلها للمنافسة على جائزة التميز الحكومي    «مفتي الجمهورية»: لم يذكر أي فقيه أن اسم المرأة أو صوتها عورة    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللوتس الأزرق
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 09 - 2017

وكأن شيئا غامضا يشدنى إلى الزهرة التى تطفو على سطح الماء دون أن تبتل. تلح على رغبة الذهاب إلى حديقة الأورمان لشراء بذور اللوتس، بعدما سمعت أنها تباع هناك، أو التوجه إلى الجمعية التى قرأت أنها تقوم بزراعته فى المعادى. أقارن بين حضارات اللوتس فى مصر والصين والهند، والحضارات الشرقية القديمة عموما، ما كانت عليه وما آلت إليه، وذلك منذ زيارتى للصين فى شهر إبريل الماضى. قيل لى إن قمم جبل جيوهوا، أحد معاقل البوذية بإقليم آنهوى، شرق الصين، تشبه فى تكوينها زهرة اللوتس المقدسة، وهو جبل يعج بالمعابد والآلهة والنساك والسائحين. وقد كانت بالفعل مقدسة لدى الفراعنة للأسباب نفسها التى جعل منها البوذيين والهندوس رمزًا للطهارة والنقاء والكمال والديمومة وأحيانًا البعث، فجذورها تنمو فى الطين وتتغذى عليه، تضرب فى المياه الداكنة، لكن زهرتها تتفتح فى الهواء الطلق، ويفوح منها العطر الذى ينعش القلب، وتطفو بمستوى أعلى من سطح الماء، دون أن تبتل أوراقها المغطاة بطبقة شمعية ناعمة تمنع تجمع المياه فوقها. لذا اعتبرت مثالا للرقى والسمو والقدرة على خروج الجمال من الوحل.
***
بعد زيارة جبل جيوهوا توجهنا إلى حديقة «دايوان» الثقافية أو حديقة بوذا، حيث يقف تمثاله الذهبى راسخا، وتطفو من حوله أزهار اللوتس الوردية اللون، أتوقف مليا عندها وأتساءل لماذا اختفى كل هذا الجمال من عندنا، فلم نعد نرى اللوتس سوى على أعمدة وجدران المعابد، حين تقدمه إحدى الأميرات كقربان أو يزين مركبا كتلك التى كانت تصاحب كيلوبترا؟ فأساطير نشأة الكون لدى الفراعنة تحدثت عن أن أول ما ظهر من محيط نون الأزلى (أو ماء الأزل) كانت زهرة اللوتس الزرقاء، أى أنها بالنسبة لهم كانت تسبح فوق ماء الأزل. لماذا لم نصنع منها الكريمات ومنتجات التجميل كما فعل المسوقون الصينيون، مشددين على استخدامها لإزالة التجاعيد وإذابة الدهون؟ ألم يستعمل المصريون القدماء أجزاءها المختلفة فى التجميل وعلاج الأرق والتوتر ومشكلات التنفس؟
***
بعد مضى شهرين من تاريخ الزيارة أخذت زهرة اللوتس تطاردنى مرة أخرى. كتب الأستاذ محمد سلماوى مقالا، بجريدة الأهرام، حول المتحف الزراعى بالدقى ووجود نية لدى بعض الجهات المعنية لاستغلال الحديقة والمساحة المحيطة به تجاريا (نحو 30 فدانا)، ما يعنى بالضرورة اختفاء جزء أصيل من هذا المتحف الذى أقيم فى ثلاثينيات القرن الماضى، فى سراى أهدتها الأميرة فاطمة إسماعيل، بغرض التوثيق لذاكرة مصر الزراعية، وضمت الحديقة أنواعا متعددة من الأشجار النادرة، إضافة إلى حديقتين على الطراز الفرعونى، فعلى ما أذكر كانت أول مرة أرى زهرة اللوتس، رمز الوجه القبلى فى مصر القديمة، والبردى، رمز الوجه البحرى، فى محيط هذا المتحف. وأيضا خلال هذه الفترة عرض فيلم «الأصليين» بدور السينما، فجاء ذكر سر اللوتس الأزرق على لسان بطلته، عالمة المصريات المتمردة ثريا جلال (الممثلة منة شلبى) التى كانت تعد محاضرات وأبحاثا عن اللوتس الأزرق وكيف يمكن أن يطلق عنان الخيال ويساعد على استعادة الوعى الجمعى.
***
ألحت على الرغبة فى التبحر فى عالم اللوتس مجددا لاكتشف الفارق بين اللوتس الأزرق التى تتفتح أزهارها عند الفجر وتقفل عند الغسق طوال خمسة أيام، وفى اليوم الخامس تسقط بتلات الزهرة ليظهر مكانها قرنة خضراء تنحنى نحو الماء وتلقى بذورها لتبدأ دورة حياة جديدة، وبين زنابق اللوتس البيضاء التى تتفتح ليلا وتغلق تويجاتها قبل الظهر، ثم تعاود تفتحها عند الغسق.. دورة حياة كاملة ألهمت المصريين القدماء ليجعلوها رمزا لعملية الخلق، حتى أنهم مثلما البوذيين والهندوس كانوا دوما يصورون أحد الآلهة أيا كان اسمه وهو يخرج من قلب زهرة اللوتس. كل تلك المكانة لم تشفع لهذه الزهرة ولم تحمها من الاندثار ولم تلفت نظر إلى جمالها وفوائدها، بخلاف البلاد الأخرى، فنحن نتفنن فى إفساد ما ورثناه وتدميره، ولا نهتم بما حبتنا به الطبيعة وما وهبنا إياه التاريخ. حتى حين صممنا برج القاهرة ومطعمه الدوار على شكل زهرة لوتس أهملناه، دون سبب واضح، سوى أننا نجيد دفن الجمال وتخريبه. هذا هو أحد الفروق بيننا وبين حضارات اللوتس الأخرى التى تعطرت بعطره. أما نحن نهمل وننسى ونطمس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.