اختارت الفنانة يسرا أن تخوض سباق رمضان هذا العام بمسلسل «الحساب يجمع» الذى صورت 90 % من أحداثه على نيل منطقة الوراق، وتعود فيه إلى الشخصية الشعبية التى نجحت فى تقديمها من قبل فى مسلسلى «شربات لوز» و«أحلام عادية». فى هذا الحوار تكشف يسرا ل«الشروق»، تفاصيل شخصية «نعيمة» التى تجسدها فى الأحداث، ولماذا ترفض تسمية تغطيتها لشعرها حجابًا، كما تتحدث عن الرسالة التى تريدها أن تصل للمشاهد، وسر تغيير اسم المسلسل من «على سلم الخدامين» إلى «الحساب يجمع». تقول يسرا: من البداية لم أكن معجبة باسم «على سلم الخدامين»، أولًا، لعدم شعورى إنه قادر على التعبير عن الموضوع الذى يتناوله المسلسل بشكل متكامل، السبب الثانى وهو الأهم، أن مصطلح الخدامين ربما يكون جارح للبعض، فأنا لم أحبه من اللحظة الأول، ولكن الشركة المنتجة، أعلنته حتى يكون المسلسل تحت مسمى معين، وعندما بدأت الكتابة تغير الاسم إلى «تحت أمر السيادة» وهذا الاسم كان قريب من فكرة المسلسل أكثر، ولكن عندما دخلنا فى التصوير وبدأت الدراما اكتشفنا أن اسم «الحساب يجمع» أكثر من يعبر عن فكرة ومضمون وأهداف المسلسل، وهو من اقتراح المؤلف محمد رجاء. فالحساب يجمع يصلح للتعبير عن حسابات المال، وكذلك عن حسابات البشر. * إلى أى مدى يقتحم عالم الخدامين؟ المسلسل لا يقتحم حياة الخدامين، ولكنه يقتحم حياة «نعيمة» بطلة القصة والتى أجسدها فى الأحداث، فهى سيدة تريد أن تربى بناتها، وتكون شغلتها فى البداية العمل فى البيوت، ثم يتطور بها الأمر لتكون مسئولة عن تشغيل السيدات فى البيوت. والمسلسل يتناول أكثر من قضية مجتمعية من خلال «الشغالات»، اللاتى يعيشن معنا، ويعرفن عن أصحاب البيوت أكثر ما يعرفون هم عن أنفسهم. وشخصية «نعيمة» خلال الأحداث تواجه ضغوطًا كثيرة فى حياتها بسبب ضيق الحال، ويكون حلمها أن تمتلك «فرن عيش» ومطعم أكل بيتى مصرى، وهى سيدة مجتهدة تسعى للترقى ليس فى المكان الذى تعيش فيه ولكن فى عملها. و«نعيمة» تملك ميزة عظيمة جدًا، أنها لم تخجل أبدًا من عملها فى البيوت، وسيظهر من خلالها فى الأحداث، أن كل شخص هو فى النهاية خدام لشغله أى كان نوع وقيمة وظيفته، فالمسلسل يؤكد على أن كلمة «خدام» ليست وصمة، وإنما تعنى أن العامل يخدم شغله سواء كان كناس أو رئيس جمهورية، وهناك مقولة جميلة تؤكد على هذا المعنى وهى «خادم القوم سيدهم». فشخصية «نعيمة» نؤكد من خلالها على قيمة العمل، وهى دائمًا تكرر بأن «الشغل مش عيب»، وتقول لأسيادها فى المسلسل دائمًا «كل واحد خدام شغله»، وهذه رسالة مهمة جدًا. * هل المسلسل سيتطرق لعمل الأجانب كخادمات فى البيوت؟ المسلسل يكشف أنماط ونماذج مختلفة للشغالات وأصحاب البيوت فى نفس الوقت، ففى عالم «الشغالات» ستجد نماذج جيدة جدًا، ونماذج أخرى سيئة، مثل أى وظيفة أخرى، فيها المحترم والأمين وفيها الحرامى والبلطجى، أيضًا ستجد فى أصحاب البيوت شخصيات كريمة جدًا وتعامل الشغالة برحمة وتحضر، وأخريات تعاملهن بشكل قاسٍ جدًا. لكن فى النهاية المسلسل لا يوثق لهذه المهنة، ولا يرصد بشكل وثائقى كل أنواع الشغل فى البيوت، لأننا نتناول قضايا اجتماعية من وجهة نظر هذه الفئة، ولا نستهدف هذا العالم نفسه. وبالتالى لن نتطرق لتخديم «الأجانب» فى البيوت، على الرغم من أننا سنمر عليه فى الأحداث بشكل عابر، دون أن نتعمق فى هذه القضية. * للمرة الثالثة تقدمين شخصية سيدة شعبية.. ما الفرق بين «نعيمة» وبين ما قدمتيه من قبل فى «شربات لوز» و«أحلام عادية»؟ «نعيمة» مختلفة تمامًا عن نادية أنزحة، وشربات لوز، فليس معنى أننى أقدم شخصية شعبية أننى أقدم شخصية قدمتها من قبل، لأن النماذج الموجودة فى المناطق الشعبة ليست نسخ متشابهة، وإنما بشر لكل منهم شخصيته ووظيفته وطريقة حياته. ربما مفردات الكلام والشكل الخارجى يقترب من بعضه، ولكن سكان المناطق الشعبية ليسوا شخصيات مستنسخة، كما هو الحال فى الطبقة المتوسطة وطبقة الأغنياء، ربما يتشابه المنتمون لكل فئة فى المستوى الاجتماعى، ولكنهم يختلفون عن بعضهم البعض فى الطباع والمشاعر والوظيفة والحياة بشكل كامل. * قدمت العام الماضى شخصية شديدة الثراء فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات».. هل كان مقصود أن تقدمى هذا العام شخصية فقيرة؟ كان متعمدًا أن أقدم شخصية مختلفة تمامًا عن التى قدمتها العام الماضى، حتى لا تكون هناك أى مقارنات بين ما قدمته فى «فوق مستوى الشبهات»، والجديد الذى أقدمه، سواء على المستوى الاجتماعى أو حتى طبيعة الشخصية. وبشكل عام، أنا لا أحب تكرار نفس النموذج الذى قدمته، لأنك يمكن أن تنجح فيه وتثبت إنك قدمته بشكل جيد، لكن يبقى التحدى الحقيقى أن تقدم شخصيات أخرى ليستمر النجاح. * البعض علق على ظهورك فى الأحداث بالحجاب.. هل يرمز لشىء؟ «شخصية «نعيمة» ليست محجبة، فهى تلتزم بنفس الملابس التى ترتديها السيدات فى المنطقة، وليس لأنها تريد أن ترتدى الحجاب، فهذا هو الزى المتعارف عليه فى المنطقة التى تعيش بها. واذا نظرت إلى سكان المنطقة ستجد كل السيدات ترتدين جلبابًا وما يسمى ب«التعصيبة» لتغطية الشعر، فهذا ليس حجاب، لأنها تجلس فى بيتها بنفس الشكل الذى تخرج به. وبالمناسبة مسألة الملابس من ضمن الموضوعات التى يجب أن يلتفت إليها المشاهد فى المسلسل، فترى الفتاة ترتدى «الجينز» وفى نفس الوقت تغطى شعرها، وأحيانا تجد السيدة تغطى بالحجاب نصف شعرها، وهذا يؤكد أنه ليس حجابًا. فطريقة الملابس أصبحت كما نقدمها فى المسلسل، ولم تعد مثل الخمسينات مثلا، كانت السيدة ترتدى فستان، كما أن المرأة لم تعد تهتم بأن تكون ملابسها جميلة، بل أصبحت ترتدى أى شىء، كما يقولون: «يضربون عبايه سوداء» ويعتبرون هذا أسهل لهن. وهذا ليس نقد لسكان المناطق الشعبية، بقدر ما هو تقديم للصورة على أرض الواقع بحلوها ومرها لنكشف التغير الذى شهدته المناطق الشعبية من خلال الشخصيات التى نقدمها فى المسلسل. * ألا تخشين من القول بأن يسرا فى ظل الظروف القاسية التى تمر بها البلد تقدمى الفقير عارف يعيش؟ لم أقل أن الفقير عارف يعيش، وإنما أقول: إنه يستطيع أن يتعايش، فالفقير لديه ملكة التعايش مع المصائب، ربما لأنه اعتاد عليها، وإلا كيف كان سيعيش فى ظل هذه الظروف الصعبة التى يمر بها المجتمع. والبسطاء يتعايشون مع أوجاعهم، بدليل أنهم فى عز مشكلاتهم وضغوط الحياة قادرون على إسعاد وتسلية أنفسهم، فمثلا على الرغم من أن «نعيمة» ظروفها ليست جيدة، لكنها ترقص وتغنى، وتستطيع أن تفرح حتى لو بشكل وقتى، فهى شخصية تصارع وتخانق الحياة حتى تقوى عليها، وتستطيع أن تربى أبنائها، وتحقق حلمها بأن يدخلوا الجامعة ويعيشوا حياة أفضل منها. وفى المسلسل سنرى من خلال حكاية «نعيمة» كل شىء، الحلو والمر، وهل ستضعف أمام الضغوط التى تتعرض لها أم ستستطيع المواجهة، أيضا المسلسل يكشف عن أن الإنسان الذى له أصل لن تغيره متاعب الحياة، والإنسان عديم الأصل سيبقى كما هو مهما تغير حاله. كما أن المسلسل يوضح، ما تأثير الضغوط على حياة البسطاء، وكيف يمكن أن تحقق لهم أحلامهم التى هى أقل حقوق يمكن أن يحصلوا عليها دون أن تهدر حق الآخرين. * هل بناء ديكور فى منطقة الوراق على أرض الواقع الذى يرصده المسلسل يفرق فى أداء الممثل وإحساسه بالشخصية؟ موقع التصوير بديع ومن أجمل ما يمكن، وأرى أنه من أجمل مواقع التصوير التى رأيتها فى حياتى. والحقيقة أننى أكتسب من أهل الوراق جدعنتهم، فهم يحبوننى جدا ويتعاملون معى جيدا، وإحساسى منذ بداية التصوير أنهم يحتضنونى أنا وفريق التصوير. ولم أكن أتصور على الإطلاق أننا يمكن أن نصور فى هذا الهدوء على الرغم من أننا وسط الناس، وهنا يجب أن أشيد بأخلاق سكان المنطقة، فعلى مدى أشهر التصوير الناس تعاملنا أحسن معاملة وكأننا نعيش فى بيوتنا وليس فى موقع تصوير بالشارع، فسكان الوراق من أجدع وأجمل البشر الذين قابلتهم فى حياتى، كما أنهم يقدرون أن التصوير يحتاج إلى التزام، ولا يتضايقون من ذلك بل يساعدون فريق التصوير دائمًا فى كل ما نحتاج اليه. وفكرة التصوير فى أرض الواقع تفرق جدا فى الصورة التى يقدمها المسلسل، لأن ديكور المسلسل مبنى بأحد المراسى النيلية، وهذا سيفرق فى الصورة التى يقدمها المسلسل، ف90% من أحداث المسلسل تصور فى الديكور الرئيسى الذى قامت شركة العدل ببنائه فى الوراق. * للعام الثانى على التوالى يكتب مسلسلك مؤلفين شباب.. هل هى صدفة أم قرار مقصود؟ على الرغم من أن تكرار العمل مع مؤلفين شباب للعام الثانى على التوالى ليس متعمدًا، ولكنى سعيدة بذلك جدًا، لأنى أرى فى ذلك دعم للمواهب الجديدة التى تستحق أن تحصل على فرصة حقيقية، ليدخلوا سوق الكتابة الذى يعانى من فقر شديد خلال السنوات الأخيرة، ويجددوا الدماء، لأن مصر حاليا تعانى من أزمة كتابة وهذا ينعكس على الأعمال الفنية، لأن مستوى السيناريو لا يواكب الطفرة التى تشهدها الدراما على مستوى الصورة. وبالتالى هناك ضرورة للتعامل مع مواهب جديدة لاكتشافهم ومنحهم فرصة ليدعموا الدراما والسينما المصرية جنبا إلى جنب مع الكتاب الكبار والمهمين من الشباب أمثال وحيد حامد وتامر حبيب. وفكرة مسلسل «الحساب يجمع» هى من البداية لإياد إبراهيم عبدالمجيد، وكتب بالفعل جزءًا من الحلقات، ولكن لأننا بدأنا فى وقت متأخر، استعانت الشركة المنتجة بالكاتب محمد رجاء للمساعدة، وهو لديه أفكار جيدة جدًا، كانت واضحة العام الماضى فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات»، وكانت الكتابة تحت إشراف كامل من الدكتور مدحت العدل، الذى يساعد بكل ما يستطيع من الأفكار وغيرها من الأمور التى يمكن أن يحتاجها الشباب، ليخرج العمل بصورة مشرفة للجميع.