عاجل.. أسعار البنزين والمواد البترولية اليوم في مصر    المشاط تبحث مع المفوض الأوروبي للبيئة والمياه والاقتصاد الدائري جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون CBAM    ويتكوف وقائد القيادة المركزية يزوران القوات الإسرائيلية في غزة ل«التأكد من خطوط الانسحاب»    الرئيس السيسي يتلقى اتصالا من رئيس قبرص لبحث اتفاق وقف الحرب في غزة.. ودعوة للمشاركة في احتفالية شرم الشيخ    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    ب 3 كلمات.. توروب يكشف عقليته الهجومية قبل بداية مشواره مع الأهلي    قائمة الخطيب تواصل جولاتها في فروع النادي استعدادا لانتخابات الاهلي    هدايا على السناكس.. ضبط 6 آلاف كيس عصير منتهي الصلاحية في حملة بالغربية    ياسمين عبدالعزيز تكشف عن مسلسل «وننسى اللي كان».. في دراما رمضان 2026    في 3 أيام.. إيرادات فيلم هيبتا 2 تقترب من 11 مليون جنيه    المدير التنفيذي للهلال الأحمر ل«الشروق»: خطة إنذار مبكر ورفع جاهزية الفروع استعدادا لفصل الشتاء    معهد فلسطين: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية ومرحلة جديدة من الواقعية الدولية    إصابة فى الفخذ تجبر كوناتي على مغادرة معسكر فرنسا    ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في المكسيك إلى 27 قتيلا    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    بالأرقام.. نتيجة انتخابات نقابة أطباء أسوان    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    يلا شووووت تعرف على القنوات الناقلة لمباراة عمان والإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    قائمة الخطيب تواصل جولاتها الانتخابية في الأهلي    رئيس الوزراء يتفقد مصنع "تي آند سي" للملابس الجاهزة بالقليوبية.. ويوجه بدعم التوسع في الإنتاج والتصدير    الأرصاد: تكاثر السحب بالسواحل الشمالية والوجه البحري وفرص لسقوط أمطار    مصرع شخصين في حادث تصادم أتوبيس وسيارة بطريق أبوسمبل السياحي بأسوان    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة إلى مفتي الجمهورية    فيديو متداول يرصد اعتداء سائق على آخر بسبب أولوية المرور فى الإسكندرية    ضبط عصابة دولية لجلب وتهريب المخدرات بحوزتهم مضبوطات قيمتها 127 مليون جنيه    "المصريين الأحرار": تقرير"ستاندرد آند بورز" شهادة ثقة لتصنيف مصر الائتماني    ويتكوف وقائد القوات الأمريكية يزوران جنود الاحتلال فى غزة.. صور    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    الجالى: فوز العنانى باليونسكو يجسد قوة مصر الناعمة ويعبر عن الجمهورية الجديدة    لحظة عقد قران إيناس الدغيدي.. وزغرودة من بوسي شلبي وهالة صدقي (صور)    تكريم يحيى الفخرانى وسلمى الشماع ويوسف عمر فى مهرجان أفلام الطلبة.. غدا    إيهاب فهمي: تشرفت بأن تحمل الدورة الثالثة لمهرجان الطفل العربي اسمي| فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    منها وجبات اقتصادية.. 7 أطعمة تدعم الذاكرة وصحة المخ    حان وقت تغيير ساعتك.. كيف تواجه تحديات التوقيت الشتوي؟    ما إنفلونزا المعدة؟.. الأعراض وطرق الوقاية من العدوى الفيروسية الأكثر شيوعًا    ضبط تشكيل عصابي يتزعمه زوجين بتهمة سرقة المنازل غير المأهولة بالعاشر من رمضان    «حظر جوي وعملاء ل الموساد داخل الملعب».. توترات سياسية تزين مباراة النرويج وإسرائيل    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة على طريق حورس الحربي بسيناء    تقارير: نجم ريال مدريد مهدد بالغياب عن مباراة برشلونة    هدوء في اليوم ال4 للترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بالمنيا    «التضامن» تبحث مع مدير مشروع تكافؤ الفرص «EOSD» بالوكالة الألمانية دعم مشروعات الحماية الاجتماعية    إحالة أوراق عامل ونجله لمفتي الجمهورية لقتلهما شابا في قنا    فرق عمل لمتابعة أداء المستشفيات الحكومية والتعليمية والطوارئ في الشرقية    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    الأزهر للفتوى: حرق قش الأرز حرام لما فيه من إفساد في الأرض وإضرار بالنفس والبيئة    عاجل- رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات التنموية بمحافظة القليوبية    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    الموعد الرسمي لبدء تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وإلغاء الصيفي.. وطريقة تغيير الساعة على الموبايل    «القومي للطفولة والأمومة»: تمكين الفتيات في التعليم والصحة استثمار في مستقبل الوطن    أسعار الدولار اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. وصل لكام؟    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفقة القرن تبرم بالتقسيط غير المريح
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 05 - 2017

العمل مستمر بكل جدية لإبرام صفقة القرن من خلال التقسيط غير المريح!
(1)
كشف تحقيق أجراه موقع «مكور ريشون» الإسرائيلى عن توجه خليجى واسع النطاق لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، من خلال عدد من النشاطات التطبيعية السرية، التى ينفذها أمراء وأميرات ورجال أعمال خليجيون فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948. وبين التحقيق أن عشرات الخليجيين من الأسر الحاكمة ورجال الأعمال ينظمون رحلات إلى إسرائيل فى ظاهرها سياحية علاجية، لكنها فى باطنها خطط لمشاريع استثمارية بمليارات الدولارات إلى جانب عقد صفقات التبادل التجارى.
مما ذكره الموقع أن هؤلاء الخليجيين يصلون إلى تل أبيب عبر قبرص بحجة العلاج، بالاتفاق مع جهات إسرائيلية متخصصة. وهذه الجهات تتولى نقل الأمراء ورجال الأعمال الخليجيين من مطار بن جوريون إلى المشافى الإسرائيلية ومراكز العلاج. فى هذا الصدد ذكر الموقع أن مستشفى «رمبام» فى مدينة حيفا استقبل أخيرا عبر مطار بن جوريون أميرة خليجية تبلغ من العمر 50 عاما. أجريت لها عملية جراحية وغادرت المشفى بعد التأكد من شفائها، وفى سياق متصل كشف التحقيق عن وجود تسهيلات تمنحها العديد من دول الخليج للشركات الإسرائيلية من أجل جذبها للعمل فى أسواقها، وهو ما يتم من خلال شركات وهمية تابعة للعديد من سلاسل الشركات الأمريكية الناشطة فى الخليج، وأكد التقرير أن الجهات المعنية فى دول الخليج على علم بتفاصيل تلك الشركات، غير أنها تغض الطرف عنها.
هذا التقرير بثته فى 28 مايو الحالى وكالة «قدس» الإخبارية مترجما عن العبرية، ولا جديد فيه من الناحية المعلوماتية، إذ إنه أذاع فى العلن ما يتم تداوله همسا وفى السر بخصوص الاختراق الإسرائيلى لمنطقة الخليج الذى تعددت صوره ومنافذه، وتزايد اللغط حوله خلال السنوات الأخيرة. ومعروف أن وثائق «ويكيليكس» التى أعلنت فى عام 2015 كشفت عن عمق العلاقات بين السعودية وإسرائيل، التى توثقت بعد نجاح الثورة الإسلامية فى إيران (عام 1979)، وأشارت إلى أن تلك العلاقات تكمن وراء تساهل المملكة فى مسألة مقاطعة إسرائيل، كما أنها كانت حاضرة فى خلفية «مبادرة السلام» التى أعلنتها المملكة وتبنتها القمة العربية فى عام 2002. وقد جرى التشكيك فى صدقية تلك التسريبات حينذاك، مثلما حدث فى أعقاب زيارة رجل المخابرات السعودى اللواء أنور عشقى لإسرائيل فى العام الماضى (2016) وقيل وقتذاك إنها شخصية من جانبه ولا تمثل الموقف الرسمى السعودى.
(2)
حتى إذا كانت تلك مصادفة، أن يظهر تقرير الموقع الإسرائيلى فى أعقاب زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسعودية وإسرائيل، فإنه يظل للمصادفة دلالتها. ذلك أن الصحف الإسرائيلية أجمعت على أن الزيارة رفعت «منسوب الدفء» فى العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، الخليجية من ناحية ومصر والأردن من ناحية ثانية، وإذا تذكرت أن مصطلح العلاقات «الدافئة» مع إسرائيل ورد فى بعض التصيرحات الرسمية العربية، فذلك يعنى أن حالة الجاهزية للدفء وهو وصف دبلوماسى للتطبيع كانت قائمة فى أهم العواصم العربية، ولم يكن الخليج وحده المتورط فيها.
صحيفة هاآرتس ذكرت فى عددها الصادر يوم 25 مايو أن رؤية الرئيس ترامب التى نقلها إلى القادة الذين التقاهم فى الرياض تقوم على أن «التقريب» بين إسرائيل والدول العربية مدخل ضرورى للتوصل إلى السلام فى المنطقة. وفى اليوم ذاته ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أنه خلال اللقاء الذى تم فى «بيت لحم» أبلغ الرئيس الأمريكى أبومازن بأن جوهر مبادرته هو وضع خطة إقليمية شاملة تقوم على «التفاعل» بين إسرائيل وجيرانها العرب فى إطار مبادرة السلام العربية أولا، بما يفتح الطريق إلى التسوية المرجوة للقضية الفلسطينية، وفى هذا اللقاء وفى غيره ظل الرئيس الأمريكى يردد أن الرياض متحمسة لذلك «التفاعل» الذى يدعو إليه وكذلك مصر والأردن.
تعليقا على فكرة التفاعل على أساس المبادرة العربية، قال لى قيادى فلسطينى إن الرئيس محمود عباس أعرب عن موافقته على الالتزام بمبادرة السلام التى تدعو إلى البدء بالانسحاب الكامل من الأراضى العربية المحتلة، مقابل التطبيع الكامل مع الدول العربية. وقال إنه يوافق على المبادرة من الألف إلى الياء، لكن نتنياهو يريد أن يقلب الآية بحيث يبدأ بالياء (أى التطبيع أولا) ليصل إلى الألف فى زمن لا يعلمه إلا الله!
(3)
حين ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» قبل أسبوع أن الحكام العرب تنازلوا عن الشروط التى تضمنتها المبادرة العربية فإن ذلك لم يكن خبرا مفاجئا، إذ بات معلوما أن موضوع الانسحاب من الأراضى المحتلة لم يعد واردا فى الطروحات الجارية، وكذلك مسألة وقف الاستيطان، وإن قيل إن المطروح لا يتجاوز حدود تجميد الاستيطان بصفة مؤقتة فى المستوطنات النائية فقط، التى تقع خارج التجمعات الاستيطانية الكبرى. وهو يعنى أن المستوطنات الأخيرة التى تستوعب أكثر من 80٪ من المستوطنين، ستظل لها حريتها المطلقة فى التمدد والتوسع.
الخلاصة أنه حتى المبادرة العربية فرغت من مضمونها، وتحولت إلى مجرد غطاء لتسويغ التطبيع والتنازل عن أهم الاستحقاقات الفلسطينية، بالتالى فإن البند الوحيد الذى سيتم تفعيله فيها وأخذه على محمل الجد هو استعداد الدول العربية للتطبيع الكامل مع إسرائيل. وهذه الفكرة أصبحت من مسلمات الحوار الدائر الآن حول التسوية، عبر عن ذلك السفير الأمريكى الجديد لدى إسرائيل (اليهودى الليكودى) ديفيد فريدمان، الذى احتفت الدوائر الإسرائيلية بتصريحه الذى قال فيه إن إسرائيل لن تكون مطالبة بأن تقدم أى مقابل للفلسطينيين. وهو ذات المعنى الذى عبر عنه الرئيس ترامب حين قال أن الإدارة الأمريكية لن تمارس أى ضغط على إسرائيل فى المشاورات الدائرة حول المستقبل. وهى الرسالة التى أنعشت آمال اليمين الإسرائيلى ودفعت رموزه إلى رفع سقف التوقعات والإصرار على استمرار خطوات التهويد والتمكين والتمادى فى التوسع الاستيطانى، بل إن تلك الأجواء شجعت نائب رئيس البرلمان بتسللا سمورطيش على الدعوة إلى طرد الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وذبح نسائهم وأطفالهم إعمالا لفتوى الحاخام موشيه بن ميمون الذى عاش فى القرن الثالث عشر (هاآرتس 16/5).
(4)
حين سئلت عن مصير «صفقة القرن» التى ذاع خبرها طوال الأسابيع الماضية، وتوقع كثيرون الإعلان عنها خلال زيارة الرئيس ترامب للرياض، كان ردى أننا فى مرحلة «التسخين» التى تسبق الإعلان الرسمى. ذلك أن التمهيد لها يتم على مستويين، الأول الاطمئنان إلى موافقة القيادات العربية على المبادرة بعد التعديل، بما يستجيب للطلبات الإسرائيلية. والثانى الترويج لفكرة التحالف السنى الإسرائيلى الذى يقام تحت الرعاية الأمريكية لمواجهة خطر الإرهاب، الذى يعد التمدد الإيرانى من تجلياته. (نشر أن الأطراف المتحالفة ستقيم «غرفة طوارئ» بمشاركة إسرائيلية لذلك الغرض).
صحيح أن بعض دول الخليج استبقت ومارست التطبيع الحذر كما أسلفنا، إلا أن ذلك يدخل فى إطار التمهيد للصفقة الكبرى والتسخين الذى يسبق الدخول فى طور التطبيع الرسمى والعلنى، الذى يشمل مد خطوط الطيران وتوسيع نطاق التبادل التجارى والثقافى، وتبادل الفرق الفنية والرياضية...إلخ.
إن شئت الدقة فقل إن الرئيس الأمريكى جاء إلى المنطقة وفى ذهنه صفقتان وليس صفقة واحدة، الأولى تم التوقيع عليها وجرى الدفع فيها فورا، وهى التى تعلقت بعقود التسليح التى تجاوزت قيمتها أكثر من مائة مليار دولار. وقد تباهى بها عند عودته إلى واشنطن قائلا إن هذه المليارات تعنى تشغيل المصانع كما تعنى توفير آلاف الوظائف للأمريكيين. كما أنه أبرم تعاقدات أخرى تجاوزت 300 مليار دولار ستنفذ فى المستقبل، وفى الزيارة ذاتها حصلت 23 شركة أمريكية كبرى على تصاريح عمل للعمل بالسعودية.
الصفقة الثانية الكبرى ستتم بالتقسيط غير المريح، (بالمفرق كما يقول إخواننا العرب) وهى التى تستهدف الدمج التدريجى لإسرائيل مع العالم العربى وإغلاق ملف القضية الفلسطينية، والذريعة المعلنة لذلك هى مكافحة إرهاب داعش والقاعدة وصد الخطر الإيرانى.
رغم أن مستقبل الصفقة الثانية مرهون باستمرار الإدارة الأمريكية الحالية (الذى ليس مقطوعا به)، إلا أن إتمامها مرهون أيضا ببقاء الأوضاع العربية كما هى عليه. ذلك أن التنازلات التى تمت حتى الآن يصعب التنبؤ بصداها لدى الشعب الفلسطينى، فضلا عن أن أغلب دول المشرق العربى وكل المنطقة المغاربية ليست طرفا فيها. وثمة قرائن عدة دالة على أن منطقة الخليج هى المحرك لها. وذلك وضع لا تعرف تداعياته ويصعب التنبؤ بنتائجه. ولأن الوضع كذلك، فلسنا نبالغ إذا قلنا إن العالم العربى مقبل على مرحلة خطرة يكتنفها الغموض ومفتوحة على كل الاحتمالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.