رئيس جامعة قناة السويس يُعلن انطلاق أكبر حملة تشجير بجميع الكليات    محافظ مطروح يطمئن على حالة مدير الأوقاف إثر تعرضه لحادث سير    متى يبدأ التوقيت الصيفي 2024.. اعرف مواقيت الصلاة بعد تغيير الساعة    انقطاع المياه عن بعض المناطق فى البياضية والحبيل بالأقصر    توريد 22 ألف طن قمح للشون والصوامع الحكومية بالمنيا    بالفيديو.. تصعيد غير مسبوق من الاحتجاجات بالجامعات الأمريكية بسبب غزة    الرئيس الفلسطيني يشدد على ضرورة وقف إطلاق النار فورا في غزة ومنع التهجير    رئيس بيلاروس يحذر من كارثة نووية حال تواصل الضغوط الغربية على روسيا    الترجي يهزم الأهلي ويتأهل لنهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    مدرب الترجي: سنعمل على تعطيل القوة لدى صن داونز.. وهدفنا الوصول لنهائي إفريقيا    وزير الرياضة يشهد افتتاح البطولة الأفريقية للجودو المؤهلة لأوليمبياد باريس    استجابة لشكاوى المواطنين.. محافظ القاهرة: تحرير 5 محاضر و18 حالة إزالة بالبساتين    بلغ من العمر عتياً.. مسن ينهى حياة زوجته بعصا خشبية بقرية البياضية بالمنيا    معلومات مهمة حول امتحانات الدبلومات 2024    تاريخ موعد عيد الأضحى في مصر فلكيًا مدفوعة الأجر للموظفين 2024    أجمل 10 صور وعبارات تهنئة بمناسبة عيد القيامة المجيد..عيد على حبايبك    أكاديمية الفنون تنظم مهرجان الفيمتو آرت الدولي الثالث بمشاركة 11 دولة منتصف مايو المقبل    تفاصيل الاجتماع المشترك بين "الصحفيين" و"المهن التمثيلية" ونواب بشأن أزمة تغطية جنازات المشاهير    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    حسام المندوه يعقد جلسة مع جوميز في مطار القاهرة | تفاصيل    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    مصر تنافس على ذهبيتين وبرونزيتين في أول أيام بطولة أفريقيا للجودو    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    بشرى للسيدات.. استحداث وثيقة تأمين على الطلاق يتحمل الزوج رسومها كاملة    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    هشام الحلبي: إرادة المصريين لم تنكسر بعد حرب 67    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    منصة شاهد تعرض أول حلقتين من مسلسل البيت بيتي 2    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيران وصنافير.. المخرج المقترح
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 02 - 2017

بعد فترة من الحدة الزائدة وحتى الاستقطاب شعبيا وعلى جانبى البحر الأحمر، تتاورى أزمة تيران وصنافير عن الأنظار، إعلاميا وبالتأكيد مؤقتا. قد يكون هذا للتهدئة، وهو أسلوب معترف به وحتى مفيد فى إدارة الأزمات، بين الدول أو بين الأشخاص. ولكن الخطورة ألا تغرق الممارسة بين التهدئة والإهمال، لأن ترحيل الأزمة هو مثل وجود ميكروب فى خراج، إذا لم يتم التعامل معه بجدية يصيب أجزاء الجسم الأخرى بالعدوى، وينفجر لتنتشر إفرازاته الضارة على مستويات عدة ومساحة أكبر، لذا يجب استغلال فترة التهدئة جيدا. كيف؟
متابعة مراحل تطور موضوع تيران وصنافير يبين أنه تطور من خلاف جزئى لا يشعر به الكثيرون ثم إلى نزاع منذ ثمانينيات القرن الماضى ثم إلى أزمة، خاصة فى أبريل من العام الماضى بعد توقيع الحكومة المصرية اتفاقا يعترف بحق السعودية فى الجزيرتين، وذلك فى ظروف خاصة دون إعداد الشعب لهذا الاعتراف المصرى الرسمى أو التزام الحد الأدنى من الشفافية فى شرح هذا الاعتراف ووثائقه القانونية، ثم جاء الإخراج السيئ لهذه المفاجأة أثناء زيارة الملك سلمان ووفده إلى مصر، مما أثار أقاويل عدة، كما أن القبض على بعض من تظاهروا ضد هذا الاعتراف الرسمى زاد من توتر الموقف لكى يتحول من الناحية القانونية عن أحقية مصر أو السعودية إلى استقطاب شعبى ملتهب وشعارات تزيد هذا الالتهاب مثل «عواد باع أرضه». وفى الحقيقة فإن حكم الإدارية العليا الشهر الماضى ببطلان اتفاقية تيران وصنافير وحيثياتها زاد هذا الموقف السياسى التهابا، حيث أثار الكثيرون أن المستشار «أحمد الشاذلى» نائب رئيس مجلس الدولة والذى أصدر الحكم ينتمى إلى عائلة الجنرال «سعد الشاذلى» المعروف بوطنيته ومعارضته للكثير من سياسات السادات أثناء حرب أكتوبر وحتى زيارة القدس، مع أن المفروض أن الروابط العائلية والاتجاهات الشخصية لا تتدخل فى أحكام يكون أساسها الحيثيات القانونية. كما طالب بعض النواب كل من وقع وشارك فى اتفاقية تيران وصنافير للتقدم باستقالته، وجاءت بعض عناوين المقالات الصحفية أكثر إدانة عن «تعرية المتنازلين فى تيران وصنافير» وحتى تبنى حملات مجتمعية لحماية حكم القضاء، بل وسحب الجنسية من رافضيه والمطالبة بمحاكمتهم بتهمة الخيانة!
من هذه المتابعة المختصرة يتضح أمرين أساسيين:
1 أصبح الموقف القانونى مناقضا تماما لما تعهدت به الحكومة عند توقيعها الاتفاقية فى أبريل الماضى، حيث رصدت جريدة «الشروق» مثلا أن 20 وثيقة ترسخ حكم الإدارية العليا كما أن العديد من كبار القضاة يؤكدون أن «كل الطرق تؤدى إلى مصرية تيران وصنافير». ولكننا أيضا وجدنا بعد التوقيع فى أبريل بعض الأصوات التى لا يشك فى التزامها الوطنى من د. هدى عبدالناصر (فى برنامج هنا العاصمة مع أ. لميس الحديدى فى 25 أبريل 2016) إلى هيكل (سنوات الغليان 1988) تؤيد أحقية السعودية. أهمية حكم الإدارية العليا أنه يحسم الموضوع قانونيا على المستوى المصرى، ولكنه فى المقابل يثير مشكلة من أعقد المشاكل القانونية: وهو تعارض القوانين وحيثياتها بين الداخل والخارج، خاصة بعد توقيع الاتفاقية من جانب الحكومة المصرية معترفة بالحدود البحرية السعودية.
2 الاستنفار الشعبى القوى، مصريا بالطبع، وكذلك على المستوى السعودى كما يتبين من كتابات بعض الإعلاميين السعوديين، أو التلميح باستخدام العمالة المصرية فى السعودية كورقة ضغط أو حتى إضعاف مصر خارجيا مثل زيارة الوفد السعودى لموقع سد النهضة فى إثيوبيا.
كيف نخرج من هذا الموقف المعقد ذى الآثار الضارة، ثنائيا وإقليميا فى وقت لا نحتاج فيه بالمرة إلى زيادة الأزمات.
المخرج لن يكون إلا سياسيا..
فالعلاقات المصرية السعودية ليست مهمة للدولتين فقط، ولكن للمنطقة ككل. فهما الدولتان المحوريتان فى وقت تعانى فيه المنطقة العربية بأسرها من تفكك رهيب، وصل إلى أكبر استهانة من الخارج. ألم نلاحظ أن مؤتمر الاستانة منذ أسبوعين يحاول تقرير مصير سوريا دون دعوة أى دولة عربية ويكتفى على المستوى الإقليمى بحضور دولتين غير عربيتين: تركيا وإيران. ألا يذكرنا هذا باتفاقية سايكس بيكو بعد أكثر من قرن من حدوثها، ولكن هذه المرة فى العلن؟! إذن ضمان مسيرة العلاقات المصرية السعودية مطلوب ليس فقط على المستوى الثنائى ولكن الإقليمى أيضا.
عمليا، كيف يكون استكشاف وتخطيط الحل السياسى فى إطاره الأوسع بحيث لا يقتصر على تيران وصنافير بل ينظر إلى المستقبل؟ يكون هذا بتخطيط هذه العلاقات بدلا من تركها فى مهب الريح. أحد أهم أساليب هذا التخطيط فى الحاضر هو استخدام أسلوب المحاكاة Simulation الذى يعرفه العسكريون جيدا ونمارسه نحن وبكثرة فى العلاقات الدولية. يتعاون مثلًا عدد من مراكز البحث فى الدولتين فى عقد ورشة عمل مشتركة، مثلا من مصر مركز الأهرام، مركز دراسات الشرق الأوسط، مركز تسوية المنازعات المرتبطة بوزارة الخارجية. ومن السعودية المعهد الدبلوماسى، مركز الخليج للأبحاث أو مركز الملك فيصل.
من الأهمية فى هذه المحاكاة ألا يمثل كل وفد بلده، ولكن البلد الآخر. أى أن السعوديين يصبحون مصريين، والمصريون سعوديين. الهدف من تبادل الأدوار هذا هو تجنب فخ تكرار المواقف المعلنة التى قادتنا إلى الطريق المسدود الحالى. وأهم من ذلك أن يساعد تبادل الأدوار كل طرف على المعرفة الدقيقة لوجهة نظر الطرف الآخر وتفاصيله «معيشيا» وعلى الأرض. وهكذا لن تتقدم المفاوضات فقط بل نتجنب الاستقطاب الحالى الذى يغذى الأزمة.
تسمح المحاكاة أيضا بتوسيع الإطار لكى يتعدى الإشكالية المحددة حول تيران وصنافير لينظر إلى العلاقات المصرية السعودية بطريقة أشمل حيث عوامل القوة التى تتكامل والتحديات التى تواجه كل طرف، من الصراع فى اليمن والموقف من إيران ذات الأهمية الخاصة للزمن القومى السعودى، إلى التحديات الاقتصادية التى تواجه مصر حاليا. سيرى «اللاعبون» أو المشاركون فى المحاكاة مثلا أن تيران وصنافير هو موضوع مبدأ قانونى أو حتى مساحة من الرمال، بالنسبة لحدود السعودية، بينما هى لمصر جزء لا يتجزأ من السيكولوجية الشعبية الجمعية، ليس لأهل هذا البلد فقط ولكن للعرب أيضا منذ حرب 1967. ويعنى هذا أن القبول بمصرية الجزيرتين أسهل نسبيا للرياض، بل قد يكون هناك مكسب أيضا للسعودية عن طريق تكوين رصيد شعبى ضخم لها بين المصريين، بل يصبح هؤلاء حكومة وشعبًا أكثر استعدادا للوقوف بجانب السعودية فى مواجهة التحديات لأمنها القومى فى اليمن أو غيرها. وهكذا تقوم المحاكاة على «خد وهات» هنا وهناك فى إطار استراتيجى عام يأخذ كل المعطيات فى الحسبان، ثنائيا وإقليميا، فى الحاضر وللمستقبل، فى وقت تكون فيه المنطقة على المحك وتحتاج إلى بوصلة: أى علاقات مصرية سعودية متينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.