قرار رسمي جديد بشأن بشأن "زي المدارس" على مستوى الجمهورية    "إسكان النواب" تكشف أسباب عدم تطبيق التصالح في مخالفات البناء    نبيل الحلفاوي يكشف عن ظاهرة غير مسبوقة لجماهير الأهلي بعد فوزه على الجونة    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن البحث على مقبرة نفرتيتي    عوض تاج الدين: ندرس مقترح تأجير المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص    بالصور.. الأجراس والترانيم تتعالى داخل كنائس وأديرة جنوب سيناء    بالصور.. إقبال كبير على كنائس المنيا في قداس عيد القيامة المجيد    قداس بدولة الهند احتفالا بعيد القيامة    المحبة والأخوة.. محافظ الغربية يشهد قداس عيد القيامة بكنيسة ماري جرجس بطنطا    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    عيار 21 بعد الارتفاع الجديد.. أسعار الذهب اليوم الأحد 5 مايو 2024 في مصر المصنعية (تفاصيل)    أسعار سيارات مرسيدس EQ في السوق المصري    التحالف الوطني يكرم ذوي الهمم العاملين بالقطاعين العام والخاص بالأقصر    ب 150 ألف مقدم.. تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل طرحها بأيام- (صور)    رئيس الغرفة التجارية بالجيزة: شركات عدة خفضت أسعار الأجهزة الكهربائية بنسب تصل إلى 30%    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    ضياء رشوان: لم يتبقى أمام نتنياهو سوى العودة بالأسرى بعد فشل إسرائيل.. فيديو    أهالي الجنود لجيش الاحتلال: اقتحام رفح يعني فخ الموت.. لم نعد نثق بكم    قتيلان وجرحى في هجمات روسية على 3 مناطق أوكرانية    نميرة نجم: قرارات المحاكم الدولية لها أثر إيجابي على القضية الفلسطينية    أوكرانيا تعلن إسقاط طائرة روسية من طراز "سوخوي - 25" فوق دونيتسك    ألمانيا تحقق مع متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين    نميرة نجم: هناك محاولات لتقويض أحكام الجنائية الدولية ضد قادة إسرائيل    غصة للاحتلال .. "السنوار" يهاتف فصائل فلسطينية لبحث ملف التفاوض بعد تجوله بغزة    وزارة العمل تكشف اخر مستجدات قانون العمل    سيدات طائرة الزمالك يحافظن على لقب إفريقيا أمام الأهلي ويتأهلن لمونديال الأندية    حقيقة وصول عروض احتراف لنجم الجونة    رونالدو: الهدف رقم 900؟ لا أركض وراء الأرقام القياسية    أول تعليق من حمدي فتحي بعد إنجاز الوكرة القطري    أتلتيكو مدريد يواصل انتصاراته في الليجا على حساب ريال مايوركا    ملف رياضة مصراوي.. طاقم تحكيم الزمالك.. صعود سام مرسي.. وفوز الأهلي    الزمالك وديربي إنجليزي.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    تحذير من الأرصاد بشأن الطقس اليوم: عودة الأمطار وانخفاض مفاجئ فى درجات الحرارة    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    شديد الحرارة ورياح وأمطار .. "الأرصاد" تعلن تفاصيل طقس شم النسيم وعيد القيامة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    إصابة 3 أشخاص في حادث بالوادي الجديد    عمرها 60 سنة..مصرع عجوز دهسها قطار في سوهاج    بمشاركة رؤساء تحرير الصحف القومية.. مكتبة مصر العامة تناقش دور الصحافة في دعم الدولة المصرية    برج العقرب .. حظك اليوم الأحد 5 مايو 2024 : مشاعر غير متوقعة    الحبايب.. تهنئة عيد شم النسيم 2024 للأهل والجيران والأصدقاء    سعاد صالح: لا أهتم بالانتقادات والبعض يقوم بتشويه وبتر حديثي عن الدين    عمرو أديب يوجه رسالة إلى التجار ويحذر: «علامة مش كويسة للسوق» (فيديو)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 5-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان السبت 27-4-2024 مهنيا وعاطفيا    فستان حورية البحر.. نجوى كرم تثير الجدل بأحدث إطلالة| شاهد    حكم سفر المرأة الكبيرة للحج دون محرم.. دار الإفتاء ترد    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    زغاريد وترانيم فرايحي بقداس عيد القيامة المجيد فى الدقهلية    "زلزال".. تعليق صادم من تامر أمين على صورة حسام موافي وأبو العينين (فيديو وصور)    أسهل طريقة لعمل الطحينة بالفول السوداني في المنزل.. أساسية بشم النسيم    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    مختلف عليه..ما حكم أكل الفسيخ في الإسلام؟    قتل «طفل شبرا الخيمة».. أوراق القضية تكشف دور تاجر أعضاء في الواقعة    طلاب إعلام جامعة القاهرة يطلقون حملة توعية بإيجابيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيران وصنافير.. صراع السلطات والإرادات
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 01 - 2017

جاء حكم «المحكمة الإدارية العليا» الأخير برفض الطعن المقدم من الحكومة المصرية على بطلان اتفاقية «ترسيم الحدود مع السعودية» مع تأييد وتأكيد مصرية جزيرتى «تيران وصنافير» لينهى أحد أغرب المنازعات القضائية على وجه الأرض. إذ لم يعرف التاريخ واقعة بهذه الغرابة حيث يختصم الشعب حكومته التى تريد التصديق على اتفاقية بها تنازل عن جزء من إقليم البلاد تراه الحكومة ليس جزءا من مصر بينما يراه المواطنون جزءا أصيلا من الوطن لا يمكن التفريط فيه!
حكم الإدارية العليا كان قاطعا ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين «جمهورية مصر العربية» و «المملكة العربية السعودية» فى أبريل سنة 2016 والمتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية. بالتالى فقد ترتب على هذا الحكم آثار أهمها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البرى المصرى وضمن حدود الدولة المصرية، بل واستمرار السيادة المصرية عليهم وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أية دولة أخرى. وقادت حيثيات الحكم للنتيجة النهائية التى جاء فيها (وبهذه المثابة يكون الإجراء الإدارى الذى سمته الحكومة المصرية فى تقرير طعنها «اتفاقا مبدئيا بترسيم الحدود» وما نتج عنه من تنازل عن الجزيرتين أيا كانت المبررات الدافعة حال كونهما ضمن الإقليم المصرى مخالفا للدستور والقانون لوروده على حظر دستورى مخاطبا به السلطات الثلاث، والشعب ذاته، ولانطوائه على خطأ تاريخى جسيم غير مسبوق يمس كيان تراب الوطن المملوك للشعب المصرى فى أجياله السابقة وجيله الحالى والأجيال القادمة وليس ملكا لسلطة من سلطات الدولة، ولذا فإن الحفاظ عليه والدفاع عنه فريضة مُحكمة وسُنة واجبة.. فهذا التراب ارتوى على مر الزمان بدماء الشهداء التى تُعين وتُرسم حدوده.. باق وثابت بحدوده شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وسلطات الدولة متغيرة، خاصة وأن التنازل عنه على النحو المتقدم – سيفقد مصر حقوقها التقليدية على مياهها الإقليمية التى مارستها عبر قرون، فضلا عما يشكله من تهديد دائم للأمن القومى المصرى، وإضرار بمصالحها الاقتصادية فى مياهها الداخلية الإقليمية ).
***
لا يمكن أن يتصور أحد بعد قراءة هذه الحيثيات أن يصر البعض على السباحة عكس التيار، بل والإصرار بالزج بالدولة فى خلاف دستورى قانونى تشريعى من خلال الحديث عن اللجوء للمحكمة الدستورية للفصل بين السلطات، إلى جانب تنحية القضاء الذى حكم بمصرية الجزر والبرلمان الذى تشعر من تصريحات عدد ليس قليلًا من أعضائه بميلهم لإقرار الاتفاقية، ومساندة السلطة التنفيذية فى توقيعها على الاتفاقية التى تنهى السيادة المصرية على الجزيرتين«تيران وصنافير»!
سياسيا جاء حكم الإدارية العليا كطوق نجاة للبرلمان للخروج من المأزق والنجاة من كرة اللهب التى ألقيت إليه. لذلك فقد كان تعليق رئيس البرلمان صادما حين قال معلقا على الحكم (البرلمان هو الجهة الوحيدة المنوط بها تحديد دستورية ترسيم الحدود).
من المفترض أن تتراجع الحكومة عن موقفها وتغلق الملف فورا احتراما للإرادة الشعبية ونزولا على أحكام القضاء النهائية، لكن يبدو أن هناك ما هو أبعد مما نراه خلف الكواليس بسبب هذا الإصرار الغريب والعناد غير المنطقى لتسليم الجزر للمملكة السعودية !
يرى بعض الأشقاء فى السعودية أن المعركة القانونية التى خاضها المواطنون المصريون ضد حكومتهم هى نوع من تصفية الحسابات الداخلية. والحقيقة غير ذلك فهذه القضية لم تكن من باب النكاية السياسية ولم تكن تستهدف إفساد العلاقات المصرية السعودية، وإنما كان الباعث الأول هو المشاعر الوطنية المكلومة التى رأت فيما حدث انتقاصا من السيادة الوطنية واستهزاءً بالعقول بسبب الطريقة الغريبة التى تمت بها إدارة الأزمة من البداية. لو اقتنع المصريون للحظة واحدة بعدم مصرية الجزر لكان موقفهم موافقا للحكومة؛ لكن الغالبية العظمى من المصريين شعرت بالمهانة والإذلال والتفريط بسبب طريقة ما حدث وعدم وجود شواهد وبراهين واضحة تؤكد هذا الزعم.
كان الساقط الأكبر بامتياز فى أزمة الجزر هو الإعلام الموالى للسلطة الذى انطلقت أبواقه من اليوم الأول تسب وتقوم بتخوين كل من يقر بمصرية الجزر فى واقعة مؤسفة دفع ثمن التحريض فيها شباب من زهور مصر؛ تم اعتقالهم بسبب دفاعهم عن مصرية تيران وصنافير ورفض التنازل عنهما، وما زال هذا الإعلام يقوم بدور غريب جدا فى نفى مصرية الجزر فى دور لم يمارسه الإعلام السعودى أصلا !
***
العودة للعقل فى معالجة أزمة الجزر صار واجبا ليتوقف العناد والإصرار على إهانة الإرادة الشعبية، لا نريد أن نخسر علاقتنا الاستراتيجية بالمملكة السعودية – المتوترة بالفعل الآن؛ وذلك لأسباب أخرى غير قضية الجزر، ولكننا فى نفس الوقت لا يمكن أن نتخيل أن تكمل السلطة السير فى نفس المسار العجيب الذى سلكته فى معالجة القضية.
أخطر ما يحدث الآن فى مصر داخليا هو أن ندشن صراعا بين سلطات الدولة وتنازعا على المهام والصلاحيات حيث تتغول سلطة على أخرى تحت أهواء السياسة والرهانات الخاطئة التى لن تزيد الموقف إلا إرباكا وتعقيدا. ليس عيبا أن تحدث مراجعة من قبل السلطة لنفسها فى مسألة بهذه الخطورة، العيون تترقب والأيام القادمة ستكتب فصلا جديدا فى صراع السلطات وصراع الإرادات، الثابت الوحيد أن إرادة الشعوب لا تهزمها إرادة حكوماتهم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.