«فى شوارع مصر بين كل قهوة وقهوة توجد قهوة».. كانت هذه المقولة تعبر عن شوارع المحروسة فى الماضى وكانت تصف القهاوى الشعبية حيث يدور «القهوجى» على الزبائن، بصينية صاج مرصوص عليها أكواب الشاى الصعيدى بالنعناع والبندق السحلب والعناب. أما الآن فلا تزال المقولة صحيحة ، ولكن المنتشر فى الشوارع هو «الكوفى شوب»، حيث يستقبلك «ويتر»، ليقدم لك قائمة تتضمن ألفاظ أعجميه مثل اللاتيه والكابوتشينو والإكسبريسو، وكلها أصبحت فجأة، المشروبات المفضلة لشريحة كبيرة من مرتادى هذه الكافيهات. وبدأت ظاهرة الكوفى شوب تنتشر فى النصف الثانى من التسعينيات، فى الأحياء الراقية، ومن أشهرها المهندسين التى تكثر فيها هذه المحال فى شوارع جامعة الدول، وشهاب، والبطل أحمد عبدالعزيز وكذلك فى شوارع مدينة نصر مثل شارعى عباس العقاد، ومكرم عبيد. وعلى اختلاف أنواع وأسعار هذه الكافيهات، تصل نسبة الإشغالات فيها إلى 90 و100% فى شهور الصيف وفى يومى الخميس والجمعة طوال العام. وتفرض هذه القهاوى الحديثة حدا أدنى لقيمة المبلغ الذى سيدفعه الفرد نظير جلوسه فى المكان أو ما يعرف ب«المنيمام شارج» والذى يتراوح ما بين 15 و40 جنيها فى المتوسط. ويزداد هذا المبلغ كثيرا، للمحال المميزة، حيث يصل إلى 150جنيها فى أحد المحال الشهيرة فى منطقة المهندسين، والذى يشاع أنه مملوك للمطرب مصطفى قمر. كما يرتفع لو كان الكوفى شوب موجودا فى منطقه متميزة، فعلى سيبل المثال، محل «بورا بورا» فى منطقة الزمالك، والذى يطل على النيل مباشرة، يصل فيه الحد الأدنى للطلبات إلى 300 جنيه، وهناك محل«كلويد» تصل تكلفة الحد الأدنى للطلبات فيه إلى 350 جنيها. أكرم على «22 سنة» طالب فى كلية التجارة شعبة اللغة الإنجليزية، وجرسون، قهوجى سابقا أو يعرف حاليا «ويتر»، فى كافيه فى منطقة المهندسين يشير إلى أن الكوفى شوب لا يطبق نظام المينيمام تشارج إلا على الزبون الطيارى. «مش معقول المحل يحاسب زبونه اللى بييجى باستمرار بنظام المينيمام»، تبعا لأكرم. وبجانب الكافيه العادى هناك نوع آخر من الكافيهات التى تنتمى لسلاسل عالمية، بدأت تنتشر فروعها فى المناطق الراقية، منها ستار بكس سينابون، كوستا كافيه، كولومبوس، وهى كافيهات يغلب عليها الطابع الأجنبى، ولا تقدم فيها الشيشة وأسعار الطلبات التى تقدم فى تلك المحال أغلى من نظيرتها فى الكافيهات العادية فأقل سعر لفنجان القهوة يصل إلى 7 جنيهات، ويتجاوز العشرين جنيها لأغلى الأنواع، وأقل فاتورة يدفعها المتردد على تلك الأماكن تتجاوز الخمس والعشرين جنيها لطلبات محدودة جدا. وتزداد فاتورة هذه النوعية من الكافيهات إذا كانت فى المولات الفخمة، حيث تزداد قائمة أسعار الأصناف المقدمة فى محال الكوفى شوب المنتشرة فى سيتى ستارز على سبيل المثال، كما تختلف نوعية الزبون فى تلك الحالة،فزبون هذه الأماكن يذهب للقراءة أو المذاكرة، وأغلب المترددين على هذه الأماكن يذهب حاملا الكمبيوتر المحمول «اللاب توب» للعمل فى هدوء،حيث تقدم هذه النوعية من المحال خدمة الإنترنت المجانى لروادها. أغلب المترددين على الكافيهات من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاما، أما كافيهات المهندسين فمعتادة على وجود الزبون العربى. أحيانا يأتى العرب إلى المحل فى أوقات الذروة ولا يجدون أماكن خالية، ويطلبون «ترابيزة» خاصة، بسعر خاص «كما يقول أحد العاملين فى كافيه فى شارع جامعة الدول العربية فضل عدم ذكر اسمه. بعض الكافيهات فى منطقة المهندسين التى تعتمد على الزبائن من الدول العربية بصفة أساسية يرفع شعار «المحل يعمل 24 ساعة»، ولا يغلق أبوابه أمام المترددين عليه. وفى هذه الحالة، يعمل المحل ثلاث ورديات؛ الأولى من الساعة العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء، والثانية من السادسة حتى الثانية صباحا، والأخيرة من الثانية حتى العاشرة. وتكون الفترة الثانية الأكثر ازدحاما ويزداد فيها الطلب على الشيشة والمشروبات على الأخص، بينما يتركز الطلب فى الوردية الثالثة على الشيشة والطعام. وتزداد فاتورة المترددين على الكافيهات فى هذه الساعات المتأخرة من الليل «أقل ترابيزة عليها ثلاث أفراد تدفع 250 جنيها على الأقل»، كما جاء على لسان عامل مقهى جامعة الدول العربية. واحدة من البنود الأساسية فى قيمة الشيك الخاص بأى زبون كافية هى الشيشة، ويقول أكرم إن 70% من قيمة الشيك الذى يدفعه الزبون يكون ثمن الشيشة، وتتراوح قيمة الحجر الواحد بين 13 و20 جنيها حسب نوع الحجر، لكن فى حقيقة الأمر، فإن التكلفة الحقيقة للشيشة لا تزيد على 5 جنيهات على الأكثر. وتبعا لأكرم، يكثر الطلب على الشيشة فى أوقات الذروة، والتى عادة ما تكون وقت إذاعة مباريات كرة القدم «المحل ممكن يطلع 70 شيشة خلال المباراة» تبعا لأكرم. يضيف أكرم أن إجمالى الإيرادات اليومية للكافيه يتراوح ما بين 8000 و10000 جنيه فى اليوم فى المتوسط، أما راتب العاملين فى هذه المحال فيتراوح ما بين 300 جنيه بالنسبة للعامل الذى يقوم بأعمال النظافة، وحتى ألف جنيه لوظيفة مدير الوردية. ولكن دخل العامل لا يتوقف على الراتب الذى يتقاضاه فقط، العرف السائد فى الكافيه أن يوزع البقشيش على كل العاملين فى المحل، ويوزع حسب درجة كل عامل فى المحل، فهناك صندوق فى أغلب الكافيهات يوضع فيه البقشيش ويوزع فى نهاية الشهر أو اليوم حسب النظام المتبع فى كل محل. يقول أكرم: إن إيرادات الكافيه أغلبها من الشيشة، بنسبة تصل أحيانا إلى 60% من إيراد أى وردية، والباقى يوزع بين المشروبات ثم المأكولات. يقول «ويتر» جامعة الدول رفض ذكر اسمه إن الشيشة ليست سببا فقط فى دخل المحل بل تمثل موردا رئيسيا للعامل الذى يعد الشيشة، حيث تدفع كل ترابيزة فى المحل بقشيشا خاصا له، لا يقاسمه فيه باقى العاملين فى المحل، ونظرا لكثرة عدد الترابيزات داخل المحل التى غالبا ما يطلب كل الجالسين عليها شيشة «يتحصل فى نهاية كل وردية على راتب ثان».