ليمون بالنعناع فى مئوية الفيشاوى الثالثة

أرابيسك أصيل وأسقف منقوشة وقناديل خزفية ومرايا الضخمة يتجاوز طولها الثلاثة أمتار. «قهوة الفيشاوى»، أشهر مقاهى حى الحسين العريق، التى حافظ أصحابها على تراثها المميز منذ تأسيسها عام 1710، كما يسجل النقش التاريخى على بابها، وحتى الآن.
«قبل قهوتنا الحسين ده كان فاضى. مافيش قهاوى ولا محال زى دلوقتى»، يتحدث أكرم الفيشاوى، أحد حفدة الفيشاوى الكبير مؤسس المقهى. أكرم هو أحد أحفاد الجيل السابع من الأسرة التى تدير المقهى منذ القرن الثامن عشر، «كل جيل بيخرج منه 2 أو 3 مهتمين بالقهوة بيحبوا الشغل فيها».
يعلو صوت أكرم فى الحديث حتى يغطى على القهوة ضوضاء مئات الزبائن، الذين زحموا المقهى بعد أقل من ساعتين من أذان المغرب، فالمقهى فى رمضان يغلق أبوابه طول فترة الصباح ولا يفتحها إلا بعد الإفطار. «بعض السياح يأتون فى الصباح لزيارة المقهى، ويفاجأون بأنه مغلق فى رمضان»، لكن أكرم يؤكد أنهم دائما ما يعاودون الزيارة بعد الإفطار «لأنهم هنا حيحسوا بجو رمضانى مش موجود فى أى حتة تانية».
يشير أكرم إلى أكواب مشروب الليمون بالنعناع الذى يحضره النادل للزائرين «دلوقتى بنقدم مشروبات جديدة ومختلفة، لحد الستينيات القهوة ما كانش فيها غير الشاى والتمر هندى والشيشة التومباك».
يدخل أكرم إلى غرفة فى أقصى يسار المقهى، بها صور قديمة للملك فاروق ونجيب محفوظ وغيرهم من الشخصيات التاريخية من الذين ارتادوا المقهى.
يشير للمناضد الرخامية والأطر المنقوشة ويقول «أثرياء عرب كتير بيطلبوا منى شراء الحاجات القديمة اللى بتعجبهم وبيعرضوا مبالغ خرافية»، لكن رد أكرم كان دائما بالرفض، «الحاجات دى مكانها هنا، ولو راحت فى أى حتة تانية فقدت قيمتها».
العام الماضى أغلق المقهى أبوابه لأسباب أمنية بعد تفجيرات الحسين فى فبراير 2009، وامتنع لعدة أسابيع عن تقديم الأرجيلة وقت التخوف من تفشى وباء إنفلونزا الخنازير فى سبتمبر. ولكن باستثناء هذه الأحداث العارضة التى تؤثر فى المقهى، فمازال يستقبل رواده فى مئويته الثالثة، «فهو الحاجة اللى باقية من ريحة الزمن الجميل».