المشهد أمام جامع سيدنا الحسين يمتلئ عن آخره بالحركة، ما بين سائحين جاءوا ليتمتعوا بعمارة القاهرة القديمة، وعساكر وضباط منتشرين فى كل مكان فى ساحة المسجد، وعاملين اعتادوا جذب الزبائن بإلحاح للجلوس فى المطاعم أو المقاهى. بمجرد أن تطأ قدمك المكان تعرف انها منطقة تجارية من الطراز الأول، من كثرة المترددين عليها يوميا. وعلى الرغم من ذلك فإن العثور على وسيط عقارى فى الحسين أشبه بالبحث عن إبرة فى كوم قش، لأن كل صاحب محل متمسك بمكانه، «لا يوجد فى الحى سمسار عقارات، فأغلب العقارات قديمة، تخضع لنظام الإيجار القديم، ولا توجد شقق جديدة للتمليك»، تبعا لأحد أصحاب البازارات فى حى الحسين. إلا انه أحيانا يتم الاتفاق بين صاحب العقار والساكن، لأخذ مبلغ مقابل إخلاء الوحدة المؤجرة بالنظام القديم، وفى هذه الحالة من الممكن أن يصل سعر الوحدة التى لا تزيد مساحتها على 100 متر إلى نحو 4 ملايين جنيه، ويزداد السعر كلما اقتربت الوحدة من الدور الأرضى، كما يقول صاحب البازار. وتتميز الشوارع المجاورة لمسجد الحسين، بامتلائها بالمحال التجارية، ففى شارع خان الخليلى تكثر محال بيع الاكسسوارات، والهدايا، والتى تستورد أغلبها من الصين بعدما أحجم أصحاب المحال عن بيع المشغولات الأصلية من الفضة، والنحاس مع ارتفاع أسعار هذه الخامات. كما توجد محال بيع التحف الفرعونية المقلدة بمهارة، والتى تتناسب مع رغبة السائحين الوافدين على المنطقة. وهناك محال بيع الجلود، والذهب، فى شارع الصاغة، والعطارة وأشهرها محال خضر العطار، فضلا عن القهاوى، التى بدأت تنتشر فى تسعينيات القرن الماضى، فضلا عن المطاعم، وأشهرها العهد القديم، والدهان. ولا تختلف الشوارع حول المسجد كثيرا عن تلك التى تبعد عنه من حيث الشكل، فأغلبها لا تزيد مساحته على مترين على الأكثر، بما فيها خان الخليلى، الذى يعتبر من أشهر أسواق الشرق، والذى أنشأه الأمير جهاركس الخليلى، كبير التجار فى عصر السلطان برقوق عام 1400م، فوق مقابر الخلفاء الفاطميين سابقا. الإيجار بالسرير كثرة المحال والتى تعمل بها عمالة أغلبها وافد من محافظات خارج القاهرة، جعل أصحاب العقارات القديمة يستفيدون من تأجير هذه الوحدات بشكل يختلف عن الإيجار الذى يوجد فى كل أحياء مصر. يقول أشرف أحد العاملين فى واحدة من قهاوى الحى إنه يتم تأجير شقق بنظام السرير، على سبيل المثال يضع صاحب العقار عددا من الأسرة فى الحجرة الواحدة، ويتم تأجيره فى الشهر للعاملين فى المحال بخمسين جنيها. ونظرا لأن عددا كبيرا من المحال يعمل 24 ساعة، يتم استئجار السرير الواحد لأكثر من فرد، فى الشهر، وبذلك يستفيد صاحب العقار. وعلى الرغم من أن اغلب الشوارع فى حى الحسين لا تستوعب مرور أكثر من فردين على الأكثر نظرا لضيقها إلا أن الحركة التجارية المزدهرة فى الحى، جعلت من أسعار إيجارات الوحدات التجارية أغلى منها فى أى حى آخر فى القاهرة. «إيجار الفاترينة يمكن أن يصل إلى نحو أربعة آلاف جنيه شهريا، لمساحة لا تزيد على متر»، كما يؤكد صاحب احد البازارات المجاورة لقهوة الفيشاوى، أشهر وأقدم قهوة فى مصر. وتوجد هذه القهوة أسفل عمارات الأميرة شويكار أخت الملك فؤاد، والتى بنيت فى نهاية القرن قبل الماضى، ويصل إيجار الوحدة فيها إلى جنيه، ولا يزيد على 2,5 جنيه، واغلب هذه الوحدات يؤجرها أصحابها من الباطن كمخازن، ويصل إيجارها الشهرى إلى ألفى جنيه، تزداد كلما اقتربت الوحدة من الطابق الأسفل. وأسفل هذه العمارات توجد محال، وقهاوى، وتتراوح أسعار إيجار المحل فى هذه العمارات من 10 إلى 15ألف جنيه شهريا. تطوير المعز يشعل الأسعار وترتفع الإيجارات الشهرية للمحال التى توجد أمام ساحة المسجد إلى أكثر من 50 ألف جنيه شهريا، حسب مساحة المحل. وبخلاف العقارات القديمة التى يعود تاريخها إلى قرون مضت، تم بناء عقارات حديثة فى بداية السبعينيات، أمام مسجد الحسين، عرفت بعمارات الأوقاف. يقول الحاج أكرم الفيشاوى، صاحب قهوة الفيشاوى، هذه الوحدات، والتى لا تزيد مساحاتها على 120مترا كانت تباع بنظام التمليك بنحو أربعة آلاف جنيه، عند بنائها، الآن من الممكن أن يبيعها أصحابها بأكثر من مليون جنيه. يضيف الفيشاوى إن أسعار العقارات شهدت ارتفاعا كبيرا، خاصة فى شارع المعز، والذى يمتد من شارع الموسكى، وحتى باب النصر مع التطوير الذى بدأته وزارة الثقافة مؤخرا. يقول صاحب القهوة الشهيرة إن أسعار الإيجارات فى محال شارع المعز كانت لا تزيد على جنيهات قليلة، الآن يصل سعر إيجار المحل إلى 6 ألاف جنيه. يقول على بيومى، خبير تقييم عقارى، إن سعر متر الوحدات التجارية، على امتداد سور وكالة الغورى تصل إلى 40 ألف جنيه، تنخفض بنحو 5 آلاف جنيه كلما ارتفعت الوحدة عن الطابق الأرضى، وترتفع أسعار الوحدات التجارية إلى 80 ألف جنيه للمتر فى الوحدات التى توجد بجوار مسجد الحسين، وتنخفض فى الشوارع الجانبية، والتى توجد بها محال العهد الجديد، وحتى محال شارع الصاغة. ويضيف بيومى إنه لا توجد تقريبا وحدات سكنية معروضة للبيع فى المنطقة، وإن وجدت يصل سعر المتر السكنى إلى نحو 40 ألف جنيه.