بونجو.. الاسم الأحدث فى قاموس وراثة الحكم فى أفريقيا، بينما تنتظر أسماء أخرى لحجز مكان لها فى موسوعة التوريث التى تجوب القارة السمراء طولا وعرضا للبحث عن أعضاء جدد. ففوز على بونجو فى انتخابات الرئاسة الجابونية (المشكوك فى نزاهتها من جانب المعارضة) بعد وفاة والده عمر بونجو الذى كان عميد الحكام الأفارقة بلا منازع بمكوثه 41 عاما فى السلطة، قبل أن ينتقل اللقب إلى الزعيم الليبى معمر القذافى أعاد تسليط الضوء على قائمة التوريث فى القارة بين أسماء دخلت بالفعل الموسوعة مثل جوزيف كابيلا وفور جناسنبه، بينما تتصاعد التكهنات بانضمام كريم واد وجمال مبارك وسيف الإسلام القذافى إليها. وعلى الرغم من أن على بونجو لا يملك لا الأناقة ولا الهيبة اللتين تمتع بهما والده، ولا يجيد أيضا التحدث باللغات المحلية ويجهل شئون مواطنيه، فإنه تعلم من أبيه كل ما هو ضرورى لممارسة السلطة، بحسب قناة «فرنسا 24» التى أعدت سلسلة تقارير حول عائلات أفريقيا السياسية. وشغل على منصب وزير الخارجية عام 1989 وعمره لم يتجاوز آنذاك 30 سنة، وفى عام 1999 تم تعيينه وزيرا للدفاع بمناسبة عيد ميلاده الأربعين، وهو المنصب الذى لا يزال يشغله. وقد أحسن على استغلال منصبه لنسج علاقات وطيدة وجيدة مع العسكريين، من خلال توفيره لهم جميع الوسائل التى تجعل حياتهم يسيرة ولا تعقيد فيها سيارات فخمة، وبزات جميلة لائقة، ومساكن آدمية وغيرها الكثير من الخدمات. ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن على قوله فى الثالث والعشرين من يوليو الماضى أنه فى حالة انتخابه لن يسعى إلى البقاء فى السلطة إلى الأبد. وأضاف: «إذا ما وضع أبناء الجابون الثقة فىّ وانتخبونى رئيسا للبلاد فإننى بالتأكيد لن أبقى 40 عاما». وكان والده قد ردد أيضا أنه «لن يورث السلطة لأحد». وفاز على بالانتخابات الرئاسية التى جرت الأسبوع الماضى بنسبة 41% بين 15 مرشحا، لكن فوزه «المشكوك فى نزاهته من قبل المعارضة» تسبب فى اندلاع أعمال عنف بالبلاد لم تقف رحاها حتى كتابة هذا التقرير. جوزيف كابيلا.. رئيس فى التاسعة والعشرين ومن الجابون إلى الكونغو الديمقراطية، حيث تولى جوزيف كابيلا مقاليد الحكم فى الكونغو الديمقراطية بعد اغتيال والده لوران دزيرى كابيلا فى شهر يناير 2001 وكان قد ساعده فى الوصول إلى الحكم بعض المقربين من أبيه تفاديا لوقوع انقلاب عسكرى فى البلاد. جوزيف كابيلا الذى يعد الرئيس الأصغر سنا فى العالم 29 عاما لم يكن معروفا كثيرا على المستوى الدولى ولا حتى فى أوساط مواطنيه الكونغوليين. كان أهم ما قام به هو المشاركة، تحت إشراف أبيه، فى محاربة نظام موبوتو والذى سقط عام 1997، فضلا عن شغله منصب المستشار العسكرى لوالده الذى نصب نفسه رئيسا للبلاد. وعلى عكس والده الذى فرض عزلة على بلاده برفضه الاستماع إلى نصائح المنظمات الدولية، استطاع جوزيف كابيلا أن يلعب جيدا بورقة الانفتاح ليعيد الحيوية إلى علاقات بلاده بواشنطن وباريس وبروكسل فضلا عن الاتحاد الأوروبى. كما تمكن كابيلا من تحسين العلاقات مع جيرانه «الأعداء»، رواندا وأوغندا. ووفى بالوعد الذى قطعه ونظم أول انتخابات رئاسية حرة فى تاريخ الكونغو الديمقراطية فى 2006 حيث جمع 58 بالمئة من أصوات الناخبين وهو ما مكنه من الفوز على منافسه ونائبه جون بيير بومبا. فور جناسنبه.. قبل أن يبرد الكرسى لم يمر سوى ساعتين أو أقل على وفاة الرئيس التوجولى جناسنبه أياديما فى شهر فبراير 2005 إلا وسلم الجيش مقاليد السلطة لابنه فور جناسنبه إثر تعديل دستورى سريع. وهو التعديل الذى وصفته الدول الغربية بأنه «محاولة قيام بانقلاب سياسى» على المؤسسات الدستورية فى البلاد. لكن الضغوط التى مارسها عليه المجتمع الدولى والاتحاد الأفريقى أرغمته فى نهاية المطاف على تخليه عن السلطة وتنظيم انتخابات رئاسية فى أبريل 2005. وأدت عمليات التزوير جنود استولوا على صناديق الاقتراع التى عرفتها الانتخابات إلى وقوع اشتباكات دامية فى البلاد، راح ضحيتها حوالى 500 شخص. ويواجه الرئيس فور جناسنبه 39 سنة الذى شغل منصب وزير الأشغال العمومية فى السابق تحديات كبيرة، فعلى الرغم من تمتعه بعلاقات وطيدة بالأوساط السياسية التوجولية، إلا أنه ينظر إليه قبل كل شىء كرجل أعمال ماهر وكتوم استثمر كثيرا فى مجال الفوسفات والهواتف النقالة فكون ثروة كبيرة لعائلته. ومن الخلفاء الوارثين إلى الخلفاء المحتملين، حيث يتصدر قائمة الانتظار السنغالى كريم واد نجل الرئيس السنغالى، وجمال مبارك نجل الرئيس المصرى، وسيف الإسلام القذافى نجل الزعيم الليبى. وهناك قواسم مشتركة بين الثلاثة، فكلهم ينفون رغبتهم فى الترشح لكنهم أيضا لا يستبعدون وجودهم على قائمة المرشحين فى انتخابات الرئاسة، كما أن الصعود السياسى السريع كان سمة بارزة عززت تكهنات المراقبين بتحضيرهم سياسيا لتولى الحكم فى بلدانهم. كريم واد وتجربة بوش الابن يتجنب كريم واد الإعلان صراحة أمام الرأى العام عن نيته فى خلافة والده عبدالله واد (82 عاما) الجالس على كرسى الرئاسة فى السنغال منذ العام 2000، غير أنه لا يتردد فى بعض التصريحات واللقاءات الصحفية فى التلميح لرغبته بالترشح لانتخابات 2012. وصرح واد فى مارس 2009 أنه «يعرف دولا ديمقراطية كبيرة حيث خلف الابن والده» فى إشارة إلى دخول الرئيس جورج دبليو بوش البيت الأبيض بعد سنوات قليلة بعد رحيل جورج بوش الأب. وبعد عام من انتخاب والده رئيسا للبلاد خلفا لعبدو ضيوف، عين كريم واد فى منصب المستشار الشخصى لرئيس السنغال، وما فتئ منذ ذلك الوقت يلعب دورا مهما فى الساحة السياسية السنغالية. ففى عام 2004، كلفه والده فى إطار هيئة حكومية بتنظيم القمة الإسلامية ال11 التى انعقدت فى مارس 2008 فى عاصمة البلاد دكار. وقد مكنت هذه المهمة المؤقتة نجل الرئيس السنغالى من تنسيق أشغال قصر المؤتمرات والمرافق المخصصة لاستقبال زعماء الدول الإسلامية، ومنحته كذلك فرصة لإرساء علاقات مع كبار المسئولين فى دول الخليج الممولة لمشاريع تنظيم القمة، بحسب «فرانس 24». وعلى الرغم من المشكلات التى واجهت تنظيم القمة الإسلامية مثل التأخر فى الأشغال ونقص التحكم فى الموازنة، لم تتأثر صورة كريم واد فى عيون المراقبين كما يدل على ذلك اختياره من قبل مجلة «جون أفريك» الدولية فى نهاية 2008 ضمن لائحة ال«مائة شخصية التى ستصنع الحدث فى القارة السمراء خلال العام 2009». جمال مبارك.. نشاط واضح على الرغم من تصريحات الرئيس حسنى مبارك المتربع على عرش الحكم منذ 1981 التى يردد فيها أن «مصر ليست مملكة» وأن مصر «ليست مثل سوريا» فى إشارة إلى عملية توريث الحكم هناك إلى بشار نجل الرئيس الراحل حافظ الأسد، فإن هذه العبارة لم تصل إلى حد إقصاء نجله الأصغر جمال مبارك من سباق الخلافة المقرر فى عام 2011، خصوصا أن الرئيس مبارك لم يكشف حتى الآن عن نيته سواء بالتقاعد بعد انتهاء الولاية الحالية أو خوض الانتخابات. وتقول «فرانس 24» فى تقريرها: «المتتبعون للشأن السياسى المصرى يعتبرون كلام الرئيس المصرى فى هذا الشأن مجرد رسالة موجهة لنجله بهدف دفعه إلى إضفاء نوع من الشرعية على مساره السياسى، وتحسين صورته فى عيون المصريين قبل الدخول فى المعركة السياسية». وتابع جمال مبارك المولود عام 1963 دراسات ناجحة فى الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، قبل أن يتألق فى مساره المهنى فى القطاع المالى والمصرفى. وقد بدأ مشواره فى «بنك أمريكا» فى القاهرة ليعمل بعدها فى فرع لندن للمؤسسة المصرفية ذاتها. وشق نجل الرئيس المصرى مساره المهنى بتأسيس شركة «ميد إينفست»، وهى شركة استثمار خاصة. وانتظر جمال مبارك حتى عام 2000 لدخول الساحة السياسية من بابها الواسع، حيث أصبح الرجل الثانى فى صفوف الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم فى مصر بعد سنوات قليلة من التحاقه بالتشكيلة السياسية الأولى فى البرلمان. وتميز عمل جمال مبارك تحت راية الحزب الوطنى الديمقراطى بقيادة وتنشيط حملة والده الانتخابية لاستحقاق 2005 الرئاسى. ويسعى نجل الرئيس إلى البروز فى المشهد السياسى المصرى باعتباره رجل تغيير وساعده فى ذلك رئاسته لأمانة السياسات فى الحزب الوطنى، وقد حرص منذ دخوله الحزب الوطنى الديمقراطى بالتعاون مع قيادات شابة. ومن بين هؤلاء رجل الأعمال رشيد محمد رشيد الذى تقلد منصب وزارة الصناعة، وأحمد عز المكلف بمنصب مسئول التنظيم فى الحزب الوطنى الديمقراطى. ويبقى جمال بحاجة لسمعة على الساحة الدولية لتوظيفها فى سبيل طموحه الرئاسى. ويعمل والده على مساعدته فى هذا المجال بإشراكه فى جولاته الخارجية وتقديمه لرؤساء دول وحكومات، بحسب مراقبين. سيف الإسلام القذافى.. ابن العقيد من الواضح أن سيف الإسلام القذافى هو أبرز المرشحين لخلافة والده العقيد معمر القذافى، ولكن من غير الواضح ما سيترتب على ذلك، فسيف الإسلام هو الأكثر ظهورا على الملأ من بين أبناء العقيد. وبرز سيف الإسلام إلى الشهرة الدولية باعتباره أقرب ما يكون إلى الدبلوماسى، من خلال منصبه كرئيس ل«مؤسسة القذافى الخيرية للتنمية الدولية»، التى يزعم أنها مستقلة. وبصفته رئيسا لهذه المنظمة، فقد شارك فى مفاوضات حساسة مثل صفقة لوكربى والمفاوضات مع جماعة أبوسياف الأصولية فى الفلبين. ومثل والده، يقول سيف الإسلام إنه لا يشغل منصبا رسميا، فى حين يلعب دورا سياسيا واقتصاديا كبيرا. والغريب أنه انسحب من الحياة السياسية عام 2008، على الرغم من أنه زار واشنطن فى شهر نوفمبر عام 2007، للاجتماع مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ومسئولين آخرين فى الإدارة الأمريكية السابقة، لكنه عاد مجددا إلى الساحة بقوة وتصدر مشاهد يعتبرها الليبيون «قومية»، ففى أواخر أغسطس الماضى كان القذافى الابن هو «مايسترو» الإفراج عن عبدالمباسط المقرحى المتهم الوحيد فى حادث سقوط طائرة بان أمريكا فوق بلدة لوكيربى الأستكتلندية عام 1988. كما أنه من المتوقع أن يرافق والده فى زيارته إلى الولاياتالمتحدة أواخر الشهر الحالى لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما سيتيح له فرصة الاحتكاك بدوائر صنع القرار الأمريكية. ويعد سيف الإسلام مبعوثا للنظام ومستشارا رفيع المستوى لوالده على حد سواء، فضلا عن كونه رسولا يتم بواسطته الإعلان عن خطط الإصلاح وتوجيه الانتقاد للحكومة (وهو ما يوافق عليه القذافى بدون شك)، وكذلك وجها وديا لمجتمع الأعمال والغرب.