محافظ قنا يتابع غلق لجان الانتخابات وانطلاق أعمال الفرز عبر مركز سيطرة الشبكة الوطنية    «المشاط»: النقل واللوجستيات من أكثر القطاعات مساهمة في النمو بدعم التطور الكبير في القطاع منذ 2014    فيديو يزيد الضغط على مسئولين أمريكيين بسبب قارب الكاريبي.. ما القصة؟    وزير الرياضة عن السبّاح يوسف: لا جهة تستطيع الجزم بسبب الوفاة إلا النيابة العامة.. وتعاملنا بكل جدية ومسئولية    أهلي طرابلس بقيادة حسام البدري يحصد لقب كأس ليبيا    أحمد محمود يحصد ذهبية بطولة أبطال الجمهورية في الووشو كونغ فو    تحريات الفيوم تكشف حقيقة بلاغ مزيف عن شراء أصوات.. وضبط الطالب مُروّج الشائعة    الإدارية العليا تغلق باب الطعون على نتيجة النواب بالمرحلة الثانية ب300 طعن في 48 ساعة    ننشر مشاريع الأفلام المشاركة بمنصة القاهرة للأفلام في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    مراسلة إكسترا نيوز: اشتعال المنافسة في الإسكندرية بين 16 مرشحا على 3 مقاعد    ما الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد؟.. خالد الجندي يوضح    الأقصر تشهد أضخم احتفالية لتكريم 1500 حافظ لكتاب الله بجنوب الصعيد    صحة مطروح: إحالة عاملين بإدارتي الضبعة والعلمين إلى التحقيق لتغيبهم عن العمل    الوطنية للانتخابات: تسليم الحصر العددي لمن يطلب من المرشحين أو الوكلاء وليس للمندوب    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    بعد غد.. فصل التيار الكهربائي عن مناطق وقرى بالرياض في كفر الشيخ لمدة 5 ساعات    تحولات الدور التركى فى الساحل الإفريقى    البورصة تسجل قفزة في سوق الصفقات بقيادة شارم والخليج الإنجليزية    ننشر الجدول الزمنى للإجراءات الانتخابية بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    سوريا ضد قطر.. التعادل السلبي ينهى الشوط الأول بكأس العرب 2025    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    دار الإفتاء: البشعة ممارسة محرمة شرعا ومنافية لمقاصد الشريعة    فوز قطاع الطب الوقائى والصحة العامة بالمركز الأول بجائزة التميز الحكومي العربى    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    تغيير ملاعب مباريات الأهلي والزمالك في كأس عاصمة مصر    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    نيكول سابا تكشف كواليس أحدث أعمالها «تلج تلج »    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    العمل" تُوفر 10 وظائف للشباب في" الصناعات البلاستيكية الدقيقة بالجيزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    ثقافة الغربية تناقش كتابات نجيب محفوظ احتفالا بذكرى ميلاده    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    خسائر بالملايين| الحماية المدنية تسيطر على حريق بمعرض أجهزة كهربائية بالوراق    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدخول فى قلب معمعة العقلانية
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 11 - 2016

إذا كنا ننشد إدخال عنصر العقلانية فى الثقافة العربية، وهو مطلب نادى به الكثيرون من المفكرين العرب، فعلينا أن ننظر فى بعض المقولات المتعلقة بهذا الموضوع.
من هذه المقولات الخلط بين تعبيرى المخ والعقل. فالعقل ليس نتاج التفاعلات الكيميائية والكهربائية فى مخ الإنسان، كما يحاول بعض الباحثين فى حقل دراسة الأعصاب أن يؤكدوا عليه.
ولا ينكر أحد تأثير تفاعلات المخ تلك على العقل، وتسببها فى حدوث بعض الأمراض العقلية والنفسية.
لكن أهم مكون لعقل الإنسان هى التفاعلات الاجتماعية فيما بين دماغ هذا الإنسان وبين أدمغة البشر الآخرين فى محيطه الاجتماعى. وهذا يتم من خلال أشكال لا تحصى من وسائل التفاعلات، وعلى رأسها كل أنواع الكتابات والتعبيرات الفنية والأدبية والتوجيهات الدينية والمناقشات الخاصة والعامة سواء عن طريق وسائل الإعلام أم عن طريق وسائل الاتصال الاجتماعى.
***
عقل الإنسان هو حصيلة ما وصل للفرد من أقوال الأنبياء والفلاسفة والأدباء والمفكرين على مستويات العائلة والمدرسة والجامعة والساحات العامة، وعلى مقدار تفاعل ذلك الإنسان مع كل ذلك.
مدرسة علم الأعصاب الفسيولوجى وقريبه علم الأعصاب النفسى لا تعطى الأهمية القصوى لمسألة تغيير قناعات المجتمعات والبشر من خلال النقاش العام، من مثل تغير القناعات تجاه حقوق المرأة والطفولة وحماية البيئة وبعض العادات الاجتماعية وحقوق الإنسان ونبذ الحروب.
وبالطبع نحن هنا نتحدث عن العقلانية، وليس عن الحكمة، التى هى أعلى مراحل العقلانية التى تحكمها كوكبة من القيم الأخلاقية والروحية ومن المشاعر الإنسانية.
وإذن فدراسة موضوع عقل الإنسان وتكوينه وأمراضه يجب ألا تكون حكرا على علماء الأعصاب وإنما يجب أن تكون فى قلب العلوم الاجتماعية والتاريخية.
***
كل ما ذكرناه سابقا يتعلق بالعقل الفردى. وفى الحال يطل موضوع العقل الجمعى أو المجتمعى برأسه. وفى الحال أيضا يطل موضوع نوع العقل الذى نتحدث عنه ونريد تربيته: العقل النظرى أم العقل العملى. ولا يظن أحد أن هذه الأسئلة هى ثرثرة أكاديمية. فالمفكر المغربى عبدالله العروى يؤكد أن التراث الفكرى العربى الإسلامى يدور كله حول العقل. وعندما كتب جمال البنا عن أصول الشريعة ذكر بأن الأصل الأول هو العقل. ثم هل ننسى قصة المعتزلة وطروحاتهم حول العقل وأهميته فى فهم النص وفى طرح التساؤلات الدينية الكبرى؟ فإذا كان الأمر كذلك، يسأل الإنسان نفسه، فلماذا لم يؤد ذلك الشغف بالعقل فى تراثنا إلى خلق مجتمع عقلاني؟ ذلك أن مجتمعاتنا العربية، خصوصا فى أيامنا التى نعيش، تمارس اللاعقلانية فى كل مجالات الحياة: فى العائلة والسياسة والاقتصاد والاجتماع والدين.
يجيب البعض بأن اهتمام تراثنا بالعقل تركز على العقل النظرى التجريدى، وهو أمر مارسته كل مدارس علم الكلام فى التاريخ العربى الإسلامى. وكان ذلك الاهتمام الشديد بالعقل النظرى التأملى من أجل تثبيت اليقين الدينى عند الناس، لكنه أدى أيضا إلى إهمال العقل العملى أو عقل الفعل الذى يهتم بالجوانب الحياتية الدنيوية، وذلك من خلال اهتمامه بالارتقاء بالعلوم وببناء حركة تكنولوجية وصناعية.
أما البعض الآخر فيشير إلى انشغال العرب فى القرون الحديثة من تاريخهم بمسألة الصراع المصطنع بين المحافظة على هويتهم وشخصيتهم من خلال التركيز على تراثهم الفكرى وإعلاء السلفى التقليدى منه، وبين خوفهم من التغريب والاندماج فى حضارة الغرب. وقد نتج عن وجود ذلك الصراع تجميد محاولات بناء العقلانية، بشقيها النظرى والعملى الفاعل، إلى حين انتهاء فترة ذلك الاستقطاب الحاد المفجع بين الأصالة والمعاصرة.
***
إذن من الواضح أن تكوين الإنسان العربى العقلانى فى أرض العرب وترسيخ العقلانية فى ثقافتنا سيحتاج إلى حسم أمرين. الأمر الأول هو تكميل العقل النظرى التأملى المنتشر فى كل تراثنا ببناء العقل العملى الفاعل الذى يهتُم بالحياة المحسوسة، بالطبيعة والاجتماع، ليدخل العرب فى عصر إبداع المعرفة والتكنولوجيا وما ينتج عنهما من اقتصاد إنتاجى صناعى وزراعى.
أما الأمر الثانى فهو حسم موضوع الأصالة والمعاصرة. فهناك مكان لكليهما، بل كلاهما ضرورى لإحداث النهضة العقلانية المطلوبة.
لكننا هنا نتكلم عن أهمية التراث الذى خضع للمراجعة والنقد والتمحيص والتجاوز إلى متطلبات الحاضر. كما نتكلم عن الانخراط فى المعاصرة بشكل إبداعى ندى ذاتى غير ممارس للتقليد الفج الأعمى ولا خاضع لمشاعر الدُونية والعجز أمام الآخر.
فى ظل هذين التوجهين، فى الآن نفسه، وفى وجود الحرية والإرادة العامة لممارسة متطلبات التوجهين، سيوجد تفاعل ذهنى اجتماعى، فيه الكثير من الجرأة والإبداع والمغامرة، مما سيؤدى إلى بناء الإنسان العقلانى المتزن، المطلوب وجوده بكل إلحاح.
هذه خطوة واحدة من بين خطوات كثيرة ستحتاج أمتنا القيام بها، وذلك بعد أن أثبتت فواجع السنوات الأخيرة بأن الترقيع والاهتمام بالسطح ما عادا يجديان. وهى خطوة تتحدى إرادة وإبداع الجميع وعلى الأخص فى حقول التربية والتعليم والعلوم الاجتماعية ومنابر الإعلام الجماهيرى، بما فيها المساجد والكنائس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.