جماعة «راية التوحيد» الداعشية نموذج لاستقطاب الشبان ذوى التاريخ الإجرامى ومتعاطى المخدرات الباحثين عن الخلاص من ماضيهم أفادت دراسة جديدة صادرة عن المركز الدولى لدراسة التطرف فى لندن، أمس، بأن اندماج الشبكات الإجرامية والإرهابية فى جميع أنحاء أوروبا بات يشكل تحديا للأجهزة الأمنية بالقارة العجوز فى سبيل ملاحقة البؤر الإرهابية، ما يدفع لاعادة النظر فى الاستراتيجية الحالية لمكافحة التطرف. وأشارت الدراسة إلى ملصق دعائى منتشر على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، لجماعة من المقاتلين البريطانيين التابعين لتنظيم «داعش» يطلقون على أنفسهم اسم «راية التوحيد»، والملصق هو عبارة صورة مقاتل ملثم يحمل كلاشينكوف خلف ظهره، مذيلة بعبارة نصها «فى بعض الأحيان الأشخاص ذوو الماضى السيئ يصنعون مستقبلا أفضل»، حسب «صحيفة إندبندنت» البريطانية. وأوضحت الدراسة أن هدف تلك الجماعة هو استقطاب شبان يبحثون عن الخلاص من الجريمة و(تعاطى) المخدرات، عبر الجهاد فى سبيل ما يسمى الدولة الإسلامية، لافتة إلى أن غالبية من يجندهم «داعش» لديهم ماضٍ إجرامى، وهى أمر غير مسبوق للحركات الإسلامية السابقة التى كانت تشدد على تحلى (عناصرها) بالطهارة والمعرفة العلمية. وقال البروفيسور بيتر نيومان، مدير المركز الدولى لدراسة التطرف إن «رابطة جديدة برزت بين الجريمة والإرهاب تصعب من اكتشاف الأجهزة الأمنية الأوروبية لبؤر التطرف». وأضاف نيومان أن «هناك الكثير من المحللين مستمرون فى القول بأن الإرهابيين ينتمون للطبقة المتوسطة أو الطبقة العليا، من منطلق أن الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن كان نجل مليونير، وأن منفذى هجمات11 سبتمبر 2001 كانوا طلابا». وتابع: «لكننى لا أعتقد أن هذا يعكس الواقع مع داعش، فنحن بحاجة إلى إعادة النظر فى استراتيجياتنا». وأوضح الخبير البريطانى أن العديد من الأجهزة الأمنية ما زالت تتوقع رصد تغييرات فى سلوك الشبان المتشددين، ربما من خلال (إطلاق) لحاهم أو تغيير نمط ملابسهم. وأكد نيومان أن هذا النمط لايزال قائما لكن فى كثير من الحالات لم يكن الوضع كذلك، فقاعدة بيانات المقاتلين الأوروبيين التى أعدها مركز دراسات التطرف تشير إلى استمرارهم فى التدخين وتعاطى المخدرات وتناول الخمور حتى مغادرتهم متوجهين إلى ما يسمى بالدولة الإسلامية. ويمتلك ثلثى الإرهابيين الذين شملتهم الدراسة، ليس فقط تاريخ إجرامى ولكن أيضا تاريخ من العنف، كما أن أكثر من نصف المقاتلين الأوروبيين فى صفوف «داعش» كانوا معروفين مسبقا للشرطة فى دولهم. نيومان عاد وقال إن «داعش يعطى المجرمين المبرر الأخلاقى لفعل ما اعتادوا القيام به، لكنهم الآن فقط سيذهبون إلى الجنة»، مضيفا أن «أيديولوجية التنظيم تقوم على التركيز بشكل أقل بمعرفة عناصره بالشريعة، بينما تركز أكثر على الطاعة المطلقة لتفسير التنظيم لأحكامها». من جانبه، قال آلان جريجنارد، وهو عضو بارز فى وكالة مكافحة الإرهاب البلجيكية إنه «يمكن النظر إلى داعش كامتداد للجريمة داخل المدن فى العديد من الدول الأوروبية». وأضاف جريجنارد أنه «فى السابق كنا نتعامل فى الغالب مع متطرفين الإسلاميين (أفراد اتجهوا نحو العنف من خلال تفسير متطرف للإسلام)، ولكن الآن نحن نتعامل بشكل متزايد مع من وصفهم بأنهم أفضل من «المتطرفين الإسلاميين».