«أحمد» ينجو من الموت بركوب سيارة أخرى.. وشقيقه يسقط ضحية الحادث 19 شابا لا تزيد أعمارهم عن 20 عاما، فقدهم أهالى قرى الجلابة والدالى وبنى صالح بالفيوم، وراحوا جميعا قتلى فى حادث تصادم سيارة ميكروباص وأخرى نقل، فى طريق «الواحات البحرية الفرافرة»، والذى أسفر عن وفاة 22 عاملا. الضحايا التسعة عشر، كانوا جميعهم عائدين إلى منازل أسرهم بالفيوم، بعد رحلة من عناء العمل بمزارع الفواكه والموالح بمحافظة الوادى الجديد. فى داخل قرى الضحايا لم يكن هناك سوى الصمت المهيب والحزن المصحوب بالبكاء الذى سيطر على مشهد أسر وأقارب المتوفين، واصطف أبناء قرية الجلابة على جانبى الطريق يتبادلون العزاء، وغلب عليهم الذهول، ودار بينهم الحديث عن المتوفين من أبناء القرية الذين غادروا منازلهم بحثا عن لقمة العيش فى المزارع الجبلية، وكيف أنهم كانوا يمكثون عشرات الايام وسط العقارب والثعابين، لمساعدة أسرهم الفقيرة فى توفير نفقاتهم اليومية، وحمل بعضهم خلال الحديث، المسئولية عن وفاة أبنائهم للفقر والبطالة وتجاهل المسئولين. يقول جمعة حسن على 56 عاما، عامل، إن نجله أحمد 17 عاما، والذى لقى مصرعه فى الحادث كان يساعده فى توفير نفقات المعيشة، وأنه توجه للعمل فى مزارع الزيتون بالفرافرة، وذلك بصحبة العشرات من أبناء القرية بسبب الفقر والحاجة. وتذكر حسن، بينما كانت الدموع تنهمر من عينيه، أن آخر حديث دار بينه وبين ابنه، كان يطمئن عليه ويوصيه بأن يحرص على نفسه خاصة أنه يعمل فى مزارع بمناطق جبلية ويتعرض لجميع المخاطر بسبب سوء المعيشة وتواجد العقارب والثعابين بكثرة. أحمد مجدى محمد، نجا من الموت بطريق الصدفة، خاصة أن شقيقه سيد، 18 عاما «توفى فى الحادث»، وطلب الثانى من الأول العودة معه فى نفس السيارة التى وقع بها الحادث، لكنه استقل سيارة ميكروباص أخرى، كانت تسير خلف السيارة التى تعرضت للحادث، ولم يملك أحمد نفسه عندما تذكر رؤيته لمشهد الحادث، وكيف رأى شقيقه وجيرانه من ابناء القرية وهم جثث ملقاة على جانبى الطريق، حتى أنه تعرض للإغماء فور مشاهدة جثة شقيقه. وقال محمد شعبان، ابن خال أحمد محمد حسن 17 سنة أن أكثر من 100 شاب وطفل من أبناء القرية يضطرون للسفر إلى مزارع الزيتون والفواكه ويمكثون بها لشهور، من أجل مساعدة أسرهم وتوفير متطلبات حياتهم اليومية، بالإضافة إلى أن بعضهم طلاب بالجامعات والمدارس ويضطرون للعمل فى فترة الإجازة لمساعدة أسرهم البسيطة. من جانبه قرر المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم صرف إعانة عاجلة قدرها 10 آلاف جنيه لأسرة كل متوفى، بالإضافة إلى توفير سيارات إسعاف لنقل الجثامين إلى قراهم من أجل مواراة جثامينهم التراب، وقال إنه أجرى اتصالا باللواء محمود عشماوى محافظ الوادى الجديد لتسيير وتسهيل استخراج تصاريح الدفن وشهادات الوفاة.