الوطنية للانتخابات تبدأ استقبال الطعون على مرشحي مجلس الشيوخ    رئيس جامعة القاهرة يتفقد معامل التنسيق الإلكتروني (صور)    وزير الري يُشارك في احتفالية عيد التحرير الوطني برواندا    سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 في الكويت    9 جنيهات لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    إزالة 9 حالات بناء مخالف على أراض زراعية في قنا    طوارئ في أسعار الفراخ اليوم.. ارتفاع مفاجئ    «أموى»: نتطلع إلى استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركى والإداري    مبعوثو الأزهر عن زيارة "الأئمة الأوروبيين" للكيان الصهيوني: لا يمثلون الإسلام ولا المسلمين    استشهاد 27 فلسطينيا وإصابة 180 آخرين برصاص الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز مساعدات رفح    أردوغان: قلبنا صفحة دامية من تاريخ البلاد بعد القضاء على الإرهاب    التجارة العالمية عند مفترق طرق.. تصاعد النزعات الحمائية وتغير خارطة التحالفات الدولية    قُتِل 260 شخصًا.. تقرير أولي يكشف ملابسات تحطم الطائرة الهندية    ريال مدريد يهنئ فينيسيوس جونيور بعيد ميلاده ال25    الزمالك يتحرك لضم محمد مسعد لاعب مودرن سبورت    "اللاعب سيخضع للفحص الطبي".. الأهلي يوافق على رحيل أحمد عبدالقادر (خاص)    من هو محمود غربال الذي طلبه الزمالك من الاتحاد المنستيري التونسي؟    بعد الاتفاق بين الأهلي والحزم.. أحمد عبدالقادر يسافر إلى السعودية لإجراء الكشف الطبي    يورجن كلوب: ما زلت عاجزًا ولا أعرف كيف أتعامل مع صدمة وفاة جوتا    ريال مدريد يقترب من حسم صفقة ألفارو كاريراس.. ومصير ميندي في مهبّ الريح    بالأسماء.. إصابة 13 شخصا إثر انقلاب سيارة عمالة زراعية بصحراوى البحيرة    في 24 ساعة.. الداخلية تضبط 1081 مخالفة و26 سائقًا متعاطيًا على "الدائري الإقليمي"    المعاينة تكشف عدم اشتعال أى حرائق داخل ركن فاروق في حلوان    "اليوم السابع" يحصل على حق إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025    الداخلية: ضبط مستجدي السيارات المتهم بالتحرش بالفتيات في الإسكندرية    ندوة بمكتبة الإسكندرية عن الجيل الذهبي لكتّاب الأغنية المصرية    محمد فؤاد يشعل افتتاح المسرح الرومانى بباقة من أجمل أغانيه    غادة عبدالرازق تتعرض لإصابة بقدمها وتطمئن جمهورها    ب"فستان قصير".. إلهام شاهين تستمتع بإجازة الصيف في الساحل الشمالي (صور)    دار الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم فيما يتعلق بالعبادات    رئيس جامعة الأزهر: دعاء "ربنا آتنا في الدنيا حسنة" من كنوز الدعاء النبوي.. وبلاغته تحمل أسرارًا عظيمة    طريقة عمل رز السمك زي الجاهز وبأقل التكاليف    أكثر من 70 ألف برنامج تدريبي بهيئة الرعاية الصحية خلال 6 سنوات    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين بقتل طالب المعهد التكنولوجي بالعاشر من رمضان    أول تعليق من منى الشاذلي على أزمة اللوحات المسروقة ومها الصغير    129 قتيلًا و166 مفقودًا بفيضانات تكساس    حسام موافي يكشف تأثير تناول القهوة على القلب    5 أطعمة تعزز صحة القلب    «الصحة تكشف».. 3 أسباب لحدوث الولادة المبكرة    طقس شديد الحرارة والرطوبة اليوم السبت.. والعظمى بالقاهرة 35 درجة وشبورة صباحية على عدة مناطق    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    حظك اليوم السبت 12 يوليو وتوقعات الأبراج    إصابة موظف بصعق كهربائي خلال عمله بقنا    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 12 يوليو 2025    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 12 يوليو 2025    هافال دارجو 2026.. تحديثات تصميمية وتقنية تعزز حضورها    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    قرار جديد بشأن مادة التربية الدينية.. رفع نسبة النجاح وتعديل عدد الحصص في العام الدراسي المقبل    مواعيد مباريات اليوم السبت 12-7-2025 والقنوات الناقلة    كل ما يخص نتيجة الدبلوم الصناعي 2025.. رابط مباشر وأسماء الكليات والمعاهد المتاحة للطلاب    سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 بعد الارتفاع العالمي وعيار 21 بالمصنعية    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    تامر حسني يُشعل الرياض في أضخم حفل على هامش كأس العالم للألعاب الإلكترونية.. وأغنية "السح الدح امبوه" مفاجأة تثير الجدل!    أحمد سليمان يتحدث عن.. الدعم الجماهيري.. وشرط استمرار فيريرا    عاجزة عن مواكبة العصر.. البياضي: لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين تعود ل 1904    محمد عبلة: لوحاتي تعرضت للسرقة والتزوير.. وشككت في عمل ليس من رسمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل اللقاء الثلاثى فى موسكو.. وبعده: مشاريع تقسيم العرب سياسيا.. بالمذهبية !
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 09 - 2016

يتبدى المشرق العربى، هذه اللحظة، جهاتٍ ومزقا، تصطرع فوق أرضه طوائف وأعراق وأحزاب ومنظمات دينية جاءت من دول مختلفة، أو أنها تستبطن دولا ذات أهداف متناقضة، ولكنها تتقاطع بمصالحها عند أغراض مشتركة أبرزها وأخطرها: إعادة صياغة أقطاره – بدولها أو من دونها – وفق هويات قديمة يجرى تجديدها بالنار، أو هويات مبتدعة يحاول أصحابها أن يكونوا فى صلب القرار حول مستقبل هذه البلاد.
البداية فى سوريا التى يقسمها «المحللون» و«الخبراء الإستراتيجيون» الذين تكاثروا كالفطر فى ظل الأزمة الدموية المفتوحة إلى قسمين أساسيين وبعض التفرعات أو المناطق التى عليها انتظار البت بهويتها ومصيرها:
• القسم الأول يضم ما درجوا على تسميته «سوريا المفيدة»، والتى تضم المناطق الباقية تحت سيطرة النظام، والتى تشمل العاصمة دمشق وبعض أريافها امتدادا إلى حمص، وصولا إلى مدن الساحل: اللاذقية وطرطوس وبانياس إلخ..
• القسم الثانى ويضم المناطق التى تشهد اشتباكات تقارب حافة الحرب، منذ أربع سنوات، وهى تمتد من غوطة دمشق صعودا فى اتجاه ريف حمص وبعض المدينة، وصولا إلى ريف حلب، مرورا بمدينتى منبج ومعرة النعمان..
• القسم الثالث ويضم محافظات باتت خارج سيطرة النظام كليا أو بمعظمها، ومنها الرقة أساسا، ثم دير الزور والقامشلى..
أما إدلب ومحيطها فقد «استقلت» عن النظام منذ ثلاث سنوات أو يزيد، وتمكنت من «الصمود» بفضل الدعم التركى والتسهيلات التى منحها، وبالموافقة الأمريكية، للمعارضات الإسلامية الأكثر تطرفا ودموية.. باستثناء «داعش» التى تحاول الإفادة من تناقضات «الحلفاء» وتباين المصالح فى ما بينهم..
على أن هذه «الخريطة الافتراضية» مرشحة الآن للتبدل والتغيير نتيجة التفاهم الأمريكى – الروسى من جهة، ونتيجة التبدل الجدى الذى طرأ على موقف النظام التركى من الحرب فى سوريا وعليها، وهو الذى مهد للقمة الثلاثية التى يُفترض أن تُعقد على دفعتين فى موسكو، خلال الأسبوع المقبل والتى يشارك فيها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ثم ينضم إليها الرئيس بشار الأسد.
فى أى حال فإن الخريطة الافتراضية لتقسيم الميدان السورى ترتكز ضمنا على التوزع الطوائفى داخل سوريا، وإن ظل العنوان سياسيا.
بالمقابل فإن ثمة جهات دولية وقوى محلية فى العراق تتحدث عن مستقبل أرض الرافدين مرجحة تقسيم دولتها المركزية إلى ثلاث دويلات أو ولايات فى إطار دولة اتحادية، بحيث يكون للأكثرية الشيعية «دولتهم» ول«السنة» دولتهم فى الغرب والشمال، والكرد دولتهم فى الشمال (كردستان العراق).
كذلك فإن ثمة كلاما عن إعادة تقسيم اليمن إلى ثلاث دويلات: واحدة فى الشمال (وهى يمن الإمام أحمد وعلى عبدالله صالح) وثانية فى الجنوب هى ما كانت تدعى بجمهورية اليمن الديمقراطية بعاصمتها عدن، مع احتمال اقتطاع حضرموت ليكون لها نوع من الإدارة الذاتية وتقام لحكمها هيئة تشارك فيها السعودية، ضمنا، لإطلاله على بحر العرب (ومن ثم المحيط) بما يغنى هذه المملكة (ونفطها) عن المرور الإجبارى فى الخليج العربى الذى يمكن لإيران أن تتحكم بالملاحة فيه فى حالة احتدام الصراع..
***
المشاريع التى يجرى التداول فيها حاليا ترسم خرائط محتملة جديدة لمنطقة المشرق، يلمس فيها الغرض الإسرائيلى بتقطيع أوصال ما كان يسمى المشرق العربى وتفتيته فى كيانات عدة، لا يستطيع أى كيان منها أن يعيش إلا بالاستناد إلى قوة دولية أو إقليمية ترعاه وتؤمن له شروط الحياة. والدول المؤهلة لتوفير هذا السند هى: تركيا وإيران وإسرائيل، فى ظل موافقة دولية ضمنية تشارك فيها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع أدوار خاصة لبعض دول أوروبا وأبرزها بريطانيا وفرنسا وألمانيا...
عنوان المرحلة المقبلة، إذا ظل أصحاب الأرض غائبين أو مغيبين يتجاوز التقسيم الذى فرض على المنطقة فى أعقاب الحرب العالمية الأولى وتحت عنوان اتفاقية سايكس – بيكو مشفوعة بوعد بلفور الذى أعطى فلسطين لليهود كى يقيموا عليها دولة إسرائيل...
كان ذلك هو المطروح قبل إفشال الانقلاب على حكم أردوغان فى تركيا. ولقد تبدل موقف أنقرة، جذريا، من النظام السورى، وأساسا من العلاقة مع روسيا – بوتين فى الشهرين الماضيين، ونتيجة لهذا التبدل بات ممكنا عقد قمة فى موسكو تجمع بوتين مع أردوغان على قاعدة توافقات إستراتيجية، وأن ينضم إليها الرئيس السورى بشار الأسد على أرضية التبدل الجذرى من الحرب السورية الذى طرأ على الموقف التركى..
وبالتأكيد فإن هذا التبدل سيحبط الاندفاعة السعودية بطليعتها القطرية التى كانت تمول المعارضة السورية المسلحة وتدعمها بالسلاح الثقيل فى ظل تواطؤ تركى وتحت رعاية أمريكية.
ماذا ستفعل السعودية ؟!
إن تبديل موقفها من سوريا سيستتبع تبديلا فى موقفها من إيران التى تقاتل إلى جانب النظام السورى، كما ترعى الحوثيين وعلى عبدالله صالح وتمد قواتهما بالسلاح... وهى تفترض أن من حقها أن تعامل على أنها راعية «السنة» فى كل من اليمن وسوريا والعراق، ضمنا، إذا كانت مشاريع التسوية ستقوم وفق قواعد مذهبية، فتولج المملكة برعاية حقوق السنة فى اليمن والعراق فضلا عن سوريا، وتكون لها حصتها التى يُفترض أن تدافع عنها الإدارة الأمريكية ومعها الغرب، ولا ترفضها طهران ومعها موسكو وبكين.
واضح تماما أن إسرائيل ستكون المستفيد الأعظم من التحولات المختلفة التى يعمل على إنجازها فى المشرق...
***
إن إعادة صياغة الكيانات السياسية فى هذه المنطقة على قاعدة مذهبية (سنة x شيعة x علويون x زيود) أو عرقية (عرب x أكراد وأقليات أخرى) يقدم الجائزة الذهبية للكيان الإسرائيلى القائم أصلا على قاعدة دينية (يهودية) برغم أن الأهداف الفعلية لهذا الكيان تتقاطع مع المصالح الحيوية للدول العظمى أو الدول الإقليمية الكبرى: أمريكا مع روسيا الآن، بغير أن يهمل توزيع الحصص بريطانيا والصين وربما فرنسا، فضلا عن إيران وتركيا..
هذه تقديرات أولية.. لكن القمة الثلاثية التى ستنعقد فى موسكو فتجمع قادة روسيا وتركيا مع النظام السورى، وبمباركة أمريكية معلنة، ستكون المحطة الأولى على طريق إعادة صياغة الكيانات السياسية فى المشرق..
وربما كانت هذه القمة بداية توافقات دولية تحت الرعاية الأمريكية الروسية، ومن ثم التركية، فالإيرانية، فى وقت لاحق، للتفاهم على رسم الخريطة الجديدة للكيانات السياسية فى هذه المنطقة، وباستخدام العوامل الطائفية والمذهبية بديلا عن الهوية القومية التى كانت – حتى هذه اللحظة – تجمع الدول العربية فى المشرق العربى..
فى أى حال، وبغض النظر عن احتمال التوافق أو التعارض، فإن المستفيد الأول والأخطر من ابتداع هذه الدول، أو إعادة صياغتها على قواعد طائفية أو مذهبية، سيكون: العدو الإسرائيلى..
وواضح أن التركى والروسى حريصان على مصالح «الأمن القومى الإسرائيلى»، تماما مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الخرائط الجديدة ستأخذ بالاعتبار هذا العامل الإستراتيجى..
وإذا صحت هذه الافتراضات، وأنجزت هذه التوافقات، فإن فلسطين ستكون الضحية الأولى، إذ ستطوى صفحة نضال الشعب الفلسطينى من أجل دولة له على أرضه، أو حتى على بعض أرضه، طالما أن الدول – الأركان لهذا المشرق، أى سوريا والعراق، سيكونان «قيد البحث».
ومن محاسن الصدف أن هذه التطورات تتبلور، ولو جزئيا، فى هذه الأيام وعشية عيد الأضحى المبارك...
والأضاحى ستكون عربية..
... وكل عام وأنتم بخير!
رئيس تحرير جريدة «السفير»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.