3 مذكرات تعاون مشترك في لقاء محافظ البنك المركزي بنظيره الصيني    المصري البورسعيدي يستعين بمدير منتخب مصر السابق    وزيرالتعليم يشكر المشاركين في منظومة امتحانات الثانوية العامة    موعد ومكان عزاء المخرج الراحل سامح عبد العزيز    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    إمام جامع عمرو بن العاص: الزواج "ميثاق غليظ" يتطلب التنازل من الطرفين    فرانشيسكا ألبانيز ترد على عقوبات واشنطن: سأظل واقفة إلى جانب العدالة رغم الضغوط    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    التنظيم والإدارة" يعتمد قواعد ترقية موظفي الدولة.. والتنفيذ بدءًا من يوليو الجاري    رسميًا.. آرسنال يضم نورجارد من برينتفورد    عاجل- رئيس الوزراء يفتتح أول مكتب لخدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية لتيسير إجراءات الزواج والتملك    محافظة الجيزة تنفي ما تردد عن وقوع حريق بمحطة كهرباء بشبرامنت    أحمد عصام السيد فديو بلوجر في فيلم "الشاطر" أمام أمير كرارة وهنا الزاهد    فيلم "أحمد وأحمد" يتصدر المركز الأول    73عرضًا مصريًا و52 عربيًا ودوليًا يتقدمون للمشاركة في ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي لدورة «كوكب الشرق»    وزير الخارجية يستقبل أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية    عناصر من"اليونيفيل" تلقى قنابل مسيلة للدموع على لبنانيين والقوات الأممية توضح    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    وزارة الصحة تُحدث الخط الساخن 105 ليصبح منصة شاملة لخدمة المواطنين على مدار الساعة    "الأمور تبدو صعبة".. دوري أبطال أوروبا يعرقل صفقة الزمالك المحتملة    وكيل الأزهر: حفظ القرآن والمداومة على قراءته يجلبان الرضا والسعادة للإنسان (صور)    متحدث الوزراء: حريق سنترال رمسيس لم يقطع الخدمة وتم تفعيل الخطة البديلة فورًا    الخط الساخن ل«مكافحة الإدمان»: 620 سائقا طلبوا العلاج من التعاطي    ضبط 1296 قضية نقل و3850 سرقة تيار كهربي في يوم    ضبط 3 لصوص واستعادة مسروقات ب3 مناطق بالقاهرة.. ذهب وعملات أجنبية    جهود "حماية المستهلك" خلال يونيو: 682 حملة رقابية و1605 مخالفة في 24 محافظة    تنسيق الجامعات 2025.. كليات تتطلب أداء اختبارات «قدرات»    موعد وتفاصيل التقديم للثانوي الفني البحيرة ودرجات القبول به    الهيئة الوطنية تصدر 4 قرارات لقواعد تصويت المصريين بالخارج وضوابط انتخابات الشيوخ    كييف تعلن إسقاط 14 صاروخا و164 مسيرة روسية    انتهاء أعمال الترميم بقبتي يحيى الشبية وصفي الدين جوهر    هشام ماجد ناعيا سامح عبد العزيز: كان جدع ومحبوب من كل الناس    رئيس مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يترأس لجنة تقييم القيادات الأكاديمية والإدارية    تداول 18 ألف طن و868 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    هل جون إدوارد الرجل الأول في الزمالك؟.. المتحدث يوضح    "من حق بيراميدز".. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على "كوبري" إبراهيم عادل    "الصحة" تنظم أول ورشة عمل في مصر بالتعاون مع مركز برشلونة لسرطان الكبد    تصل للفشل الكبدي والأورام.. دليلك للوقاية من مضاعفات الكبد الدهني    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    تنسيق الجامعات 2025.. إتاحة موقع التنسيق للتقدم لاختبارات القدرات السبت المقبل    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    محافظ الفيوم يؤكد على سرعة إنهاء ملفات التقنين المستوفاة من «المساحة العسكرية»    قراءة مبسطة فى قانون الإيجارات القديمة بعد التعديلات.. إجابات للمستأجرين والملاك    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    ميناء دمياط يستقبل سفينة حاويات طولها 366 مترا    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    متحدث «الصحة العالمية»: مئات الشاحنات تنتظر خارج معبر كرم أبو سالم    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تُعلن تضامنها مع "الأرمنية": انتهاك حرمة الكنائس مرفوض    "كوبري جديد؟!".. الأهلي يتدخل لقطع الطريق على صفقة الزمالك المنتظرة    القصر العيني يستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي    رغم توتر علاقتهما، تعليق مؤثر من شيكابالا على فيديو انهيار إبراهيم سعيد    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعدم فلسطينيا غرب جنين قبل أن تدهسه بآلية عسكرية    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس لجميع التخصصات.. الموعد الرسمي ورابط الاستعلام    ترامب: سنعمل على تيسير السلام في السودان وليبيا    نجم الأهلي السابق ينصح برحيل ثلاثي الفريق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل اللقاء الثلاثى فى موسكو.. وبعده: مشاريع تقسيم العرب سياسيا.. بالمذهبية !
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 09 - 2016

يتبدى المشرق العربى، هذه اللحظة، جهاتٍ ومزقا، تصطرع فوق أرضه طوائف وأعراق وأحزاب ومنظمات دينية جاءت من دول مختلفة، أو أنها تستبطن دولا ذات أهداف متناقضة، ولكنها تتقاطع بمصالحها عند أغراض مشتركة أبرزها وأخطرها: إعادة صياغة أقطاره – بدولها أو من دونها – وفق هويات قديمة يجرى تجديدها بالنار، أو هويات مبتدعة يحاول أصحابها أن يكونوا فى صلب القرار حول مستقبل هذه البلاد.
البداية فى سوريا التى يقسمها «المحللون» و«الخبراء الإستراتيجيون» الذين تكاثروا كالفطر فى ظل الأزمة الدموية المفتوحة إلى قسمين أساسيين وبعض التفرعات أو المناطق التى عليها انتظار البت بهويتها ومصيرها:
• القسم الأول يضم ما درجوا على تسميته «سوريا المفيدة»، والتى تضم المناطق الباقية تحت سيطرة النظام، والتى تشمل العاصمة دمشق وبعض أريافها امتدادا إلى حمص، وصولا إلى مدن الساحل: اللاذقية وطرطوس وبانياس إلخ..
• القسم الثانى ويضم المناطق التى تشهد اشتباكات تقارب حافة الحرب، منذ أربع سنوات، وهى تمتد من غوطة دمشق صعودا فى اتجاه ريف حمص وبعض المدينة، وصولا إلى ريف حلب، مرورا بمدينتى منبج ومعرة النعمان..
• القسم الثالث ويضم محافظات باتت خارج سيطرة النظام كليا أو بمعظمها، ومنها الرقة أساسا، ثم دير الزور والقامشلى..
أما إدلب ومحيطها فقد «استقلت» عن النظام منذ ثلاث سنوات أو يزيد، وتمكنت من «الصمود» بفضل الدعم التركى والتسهيلات التى منحها، وبالموافقة الأمريكية، للمعارضات الإسلامية الأكثر تطرفا ودموية.. باستثناء «داعش» التى تحاول الإفادة من تناقضات «الحلفاء» وتباين المصالح فى ما بينهم..
على أن هذه «الخريطة الافتراضية» مرشحة الآن للتبدل والتغيير نتيجة التفاهم الأمريكى – الروسى من جهة، ونتيجة التبدل الجدى الذى طرأ على موقف النظام التركى من الحرب فى سوريا وعليها، وهو الذى مهد للقمة الثلاثية التى يُفترض أن تُعقد على دفعتين فى موسكو، خلال الأسبوع المقبل والتى يشارك فيها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ثم ينضم إليها الرئيس بشار الأسد.
فى أى حال فإن الخريطة الافتراضية لتقسيم الميدان السورى ترتكز ضمنا على التوزع الطوائفى داخل سوريا، وإن ظل العنوان سياسيا.
بالمقابل فإن ثمة جهات دولية وقوى محلية فى العراق تتحدث عن مستقبل أرض الرافدين مرجحة تقسيم دولتها المركزية إلى ثلاث دويلات أو ولايات فى إطار دولة اتحادية، بحيث يكون للأكثرية الشيعية «دولتهم» ول«السنة» دولتهم فى الغرب والشمال، والكرد دولتهم فى الشمال (كردستان العراق).
كذلك فإن ثمة كلاما عن إعادة تقسيم اليمن إلى ثلاث دويلات: واحدة فى الشمال (وهى يمن الإمام أحمد وعلى عبدالله صالح) وثانية فى الجنوب هى ما كانت تدعى بجمهورية اليمن الديمقراطية بعاصمتها عدن، مع احتمال اقتطاع حضرموت ليكون لها نوع من الإدارة الذاتية وتقام لحكمها هيئة تشارك فيها السعودية، ضمنا، لإطلاله على بحر العرب (ومن ثم المحيط) بما يغنى هذه المملكة (ونفطها) عن المرور الإجبارى فى الخليج العربى الذى يمكن لإيران أن تتحكم بالملاحة فيه فى حالة احتدام الصراع..
***
المشاريع التى يجرى التداول فيها حاليا ترسم خرائط محتملة جديدة لمنطقة المشرق، يلمس فيها الغرض الإسرائيلى بتقطيع أوصال ما كان يسمى المشرق العربى وتفتيته فى كيانات عدة، لا يستطيع أى كيان منها أن يعيش إلا بالاستناد إلى قوة دولية أو إقليمية ترعاه وتؤمن له شروط الحياة. والدول المؤهلة لتوفير هذا السند هى: تركيا وإيران وإسرائيل، فى ظل موافقة دولية ضمنية تشارك فيها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع أدوار خاصة لبعض دول أوروبا وأبرزها بريطانيا وفرنسا وألمانيا...
عنوان المرحلة المقبلة، إذا ظل أصحاب الأرض غائبين أو مغيبين يتجاوز التقسيم الذى فرض على المنطقة فى أعقاب الحرب العالمية الأولى وتحت عنوان اتفاقية سايكس – بيكو مشفوعة بوعد بلفور الذى أعطى فلسطين لليهود كى يقيموا عليها دولة إسرائيل...
كان ذلك هو المطروح قبل إفشال الانقلاب على حكم أردوغان فى تركيا. ولقد تبدل موقف أنقرة، جذريا، من النظام السورى، وأساسا من العلاقة مع روسيا – بوتين فى الشهرين الماضيين، ونتيجة لهذا التبدل بات ممكنا عقد قمة فى موسكو تجمع بوتين مع أردوغان على قاعدة توافقات إستراتيجية، وأن ينضم إليها الرئيس السورى بشار الأسد على أرضية التبدل الجذرى من الحرب السورية الذى طرأ على الموقف التركى..
وبالتأكيد فإن هذا التبدل سيحبط الاندفاعة السعودية بطليعتها القطرية التى كانت تمول المعارضة السورية المسلحة وتدعمها بالسلاح الثقيل فى ظل تواطؤ تركى وتحت رعاية أمريكية.
ماذا ستفعل السعودية ؟!
إن تبديل موقفها من سوريا سيستتبع تبديلا فى موقفها من إيران التى تقاتل إلى جانب النظام السورى، كما ترعى الحوثيين وعلى عبدالله صالح وتمد قواتهما بالسلاح... وهى تفترض أن من حقها أن تعامل على أنها راعية «السنة» فى كل من اليمن وسوريا والعراق، ضمنا، إذا كانت مشاريع التسوية ستقوم وفق قواعد مذهبية، فتولج المملكة برعاية حقوق السنة فى اليمن والعراق فضلا عن سوريا، وتكون لها حصتها التى يُفترض أن تدافع عنها الإدارة الأمريكية ومعها الغرب، ولا ترفضها طهران ومعها موسكو وبكين.
واضح تماما أن إسرائيل ستكون المستفيد الأعظم من التحولات المختلفة التى يعمل على إنجازها فى المشرق...
***
إن إعادة صياغة الكيانات السياسية فى هذه المنطقة على قاعدة مذهبية (سنة x شيعة x علويون x زيود) أو عرقية (عرب x أكراد وأقليات أخرى) يقدم الجائزة الذهبية للكيان الإسرائيلى القائم أصلا على قاعدة دينية (يهودية) برغم أن الأهداف الفعلية لهذا الكيان تتقاطع مع المصالح الحيوية للدول العظمى أو الدول الإقليمية الكبرى: أمريكا مع روسيا الآن، بغير أن يهمل توزيع الحصص بريطانيا والصين وربما فرنسا، فضلا عن إيران وتركيا..
هذه تقديرات أولية.. لكن القمة الثلاثية التى ستنعقد فى موسكو فتجمع قادة روسيا وتركيا مع النظام السورى، وبمباركة أمريكية معلنة، ستكون المحطة الأولى على طريق إعادة صياغة الكيانات السياسية فى المشرق..
وربما كانت هذه القمة بداية توافقات دولية تحت الرعاية الأمريكية الروسية، ومن ثم التركية، فالإيرانية، فى وقت لاحق، للتفاهم على رسم الخريطة الجديدة للكيانات السياسية فى هذه المنطقة، وباستخدام العوامل الطائفية والمذهبية بديلا عن الهوية القومية التى كانت – حتى هذه اللحظة – تجمع الدول العربية فى المشرق العربى..
فى أى حال، وبغض النظر عن احتمال التوافق أو التعارض، فإن المستفيد الأول والأخطر من ابتداع هذه الدول، أو إعادة صياغتها على قواعد طائفية أو مذهبية، سيكون: العدو الإسرائيلى..
وواضح أن التركى والروسى حريصان على مصالح «الأمن القومى الإسرائيلى»، تماما مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الخرائط الجديدة ستأخذ بالاعتبار هذا العامل الإستراتيجى..
وإذا صحت هذه الافتراضات، وأنجزت هذه التوافقات، فإن فلسطين ستكون الضحية الأولى، إذ ستطوى صفحة نضال الشعب الفلسطينى من أجل دولة له على أرضه، أو حتى على بعض أرضه، طالما أن الدول – الأركان لهذا المشرق، أى سوريا والعراق، سيكونان «قيد البحث».
ومن محاسن الصدف أن هذه التطورات تتبلور، ولو جزئيا، فى هذه الأيام وعشية عيد الأضحى المبارك...
والأضاحى ستكون عربية..
... وكل عام وأنتم بخير!
رئيس تحرير جريدة «السفير»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.