يوم الثلاثاء الماضى تلقيت دعوة كريمة لحضور اجتماع المجلس الاستشارى لقسم «إدارة الإعلام» بكلية الإدارة والتكنولوجيا بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى بالإسكندرية. لم أكن أعرف بوجود هذا القسم إلا مؤخرًا، وعندما أطلعت على تفاصيله، دعوت الله أن يكون لدينا قريبًا خريجون حقيقيون يستطيعون إخراج الإعلام من أزمته الراهنة، حيث إن جزءًا مهمًا منها يتعلق بإدارة المؤسسات الإعلامية. كلية الإدارة بها حوالى 4000 طالب، وبها أقسام تقليدية مثل المحاسبة والتسويق ونظم المعلومات، وأقسام غير تقليدية مثل إدارة الإعلام وإدارة السياحة. فى الاجتماع الذى ضم عددًا كبيرًا من أعضاء هيئة التدريس بالقسم البالغ 115 عضو هيئة تدريس 90٪ منهم من السيدات قال العميد د. أشرف لبيب إن الميزة النسبية لهذه الكلية هو توافقها مع متطلبات السوق، وإنها تعدل مسارات الدراسة حتى تتلاءم مع هذه الاحتياجات، بل جددت المعادلة مع جامعات عالمية قبل حلولها بعامين حتى تقدم لطلابها أحدث المناهج العالمية فى الدراسة، وأرسلت 33 خريجًا للحصول على الدكتوراه من الجامعة الأوروبية. فى قسم إدارة الإعلام الآن حوالى 285 طالبًا، وتم تخريج ثلاث دفعات بمعدل 55 خريجًا سنويًا، وهدف القسم كما يقول د.لبيب هو تخريج شخص يكون قادرًا على إدارة مؤسسة إعلامية بأفضل شكل اقتصادى ممكن، فى إطار مؤسسى لا يرتبط بفرد حتى لو كانت المؤسسة فردية، والاستمرار يتطلب منافسة شريفة وعادلة مما يقود إلى الاستقرار وتحقيق الربح، والهدف الأساسى أن يكون هذا الخريج قادرًا على المنافسة فى السوق العالمية، وليس فقط المحلية أو الإقليمية. ويعتقد العميد أنه ينبغى البدء بسرعة الآن، حتى يكون لدينا بعد عشر أو 15 سنة جيل قادر بالفعل على إدارة المؤسسات الإعلامية. المناقشات التى جرت داخل الاجتماع كانت ثرية جدًا وضمت الأساتذة أسامة الشيخ وعمرو الكحكى وعمرو الليثى ومحمد سعيد محفوظ وجلاء جاب الله ونور الزينى والدكتورة ريهام عادل رئيسة القسم، وانضم إلى جزء منها لاحقًا الدكتور إسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية الذى استقبل المجلس الاستشارى، إضافة إلى أعضاء هيئة التدريس بالكلية والقسم. النقاش ركز على أن من سيلتحق بالكلية ويتخرج فيها لن يعمل بالإعلام صحفيًا أو مذيعًا، بل بإدارة هذا الإعلام، وبالتالى لابد أن يعرف كل شىء عن تفاصيل عملية الإدارة من إنتاج وتمويل وتصوير وفنيات دقيقة، وأن يكون تدريب الطلاب عمليًا طوال مدة الدراسة، خصوصًا أن قسم إدارة الإعلام بالكلية به استديوهات ومعامل على أحدث المستويات، لدرجة تتيح له التفكير كما حدث خلال الاجتماع فى إنتاج مواد إعلامية متنوعة، أو تطوير قناة على اليوتيوب. مرة أخرى أهمية مثل هذا النوع من الدراسة أنه قد يسد جزءًا من الثغرة الخطيرة التى يعانى منها الإعلام ليس فى مصر فقط بل فى المنطقة العربية، باعتبار أن الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى تتبع لجامعة الدول العربية. فى مصر صارت هناك كليات إعلام كثيرة جدًا وأقسام إعلام فى كليات الآداب، بل وكليات إعلام فى التعليم المفتوح لدرجة دفعت البعض للسخرية والقول بأن خريجى الإعلام فى مصر أكثر من قراء الصحف!، لكن المشكلة أن إدارة هذا الإعلام شبه غائبة ومفقودة. مشاكل الإعلام فى مصر كثيرة ومتنوعة، وربما فى المنطقة العربية. هناك مشاكل معروفة تتعلق بحريات التعبير التى تضيق يومًا بعد يوم، ومشكلة صعبة جدًا تتعلق بالتمويل، بسبب الأزمة الاقتصادية وتناقص حصة الإعلانات. لكن هناك جزءًا مهما يتعلق بالإدارة الإعلامية، لأنه عندما تكون لديك مشكلة فى التمويل والإعلانات، فإن الحاجة إلى إدارة إعلامية محترفة مهم للغاية، فربما تتغلب على جزء كبير من هذه الأزمة، عبر طرق مبتكرة للحصول على الموارد، وذلك حتى لا تتفاجأ مؤسسات إعلامية بأن البديل الوحيد المتاح الآن هو الإغلاق. كل التوفيق لقسم إدارة الإعلام فى الأكاديمية البحرية، وكل من يفكر بهذه العقلية فى الجامعات المصرية والعربية.. نحتاج خيالًا وإبداعًا للخروج من هذه الأزمة الصعبة.