• أبرزها البيروقراطية والتشدد والدعم الحكومى والزمن والإنفاق الهائل والصراعات الإقليمية وإيران • إسرائيل لم تعد موضوعًا مهمًا للعرب.. ولم تعد منشغلة بموضوع التطبيع • الدولة الرائدة ليست أغنية لعبدالحليم حافظ بل إمكانات ومشروع للمنطقة بأكملها • «القطان»: لدينا أفضل نسبة تعليم فى المنطقة ومنفتحون على العالم لكننا لن نسمح بفتح «بار» أو «ديسكو» • السيد ياسين: الحكومات العربية عاجزة عن استيعاب الشباب.. ولا يمكن فرض الرؤى من أعلى لأسفل • مصطفى الفقى: العرب أسقطوا «التابو الإسرائيلى».. وقرروا تحييد الصراع معه بعد أن دخلوا فى معارك شكلية كثيرة • مكرم محمد أحمد: لماذا تغيرت الدبلوماسية السعودية من الهدوء والغرف المغلقة إلى الصدام الخشن؟ والقطان يرد: انظر ماذا فعلت إيران
قال الدكتور عبدالمنعم سعيد المفكر المعروف ومدير المركز الإقليمى للدراسات السياسية والاستراتيجية إن هناك فارقًا كبيرًا بين ثلاثة مفاهيم هى التاريخ والرؤية والاستراتيجية. وتحدث الدكتور سعيد خلال ملتقى رياض النيل الشهرى فى منزل السفير السعودى بالقاهرة أحمد القطان مساء يوم الاثنين الماضى، قائلاً: إن التاريخ هو ملايين المتغيرات التى تتداخل معًا، أما الرؤية فهى توجه عام يشكل نقطة جوهرية فى وضع قائم، فى حين أن الاستراتيجية شىء محكم تمامًا باستخدام وسائط معينة لتحقيق أهداف معينة بجدول زمنى محدد وحشد للطاقات بعد حساب التكلفة والفرص والمخاطر.
أحمد قطان سفير السعودية فى مصر اللقاء بدأه السفير أحمد القطان قائلًا إن الملتقى يشرف بوجود هذه القامات الكبيرة، ويحظى بثقة صفوة الشعب المصرى، واصفًا العلاقات المصرية السعودية بأنها تعيش أزهى عصورها. كان مفترضًا أن يكون موضوع الحديث قاصرًا على مناقشة الدكتور عبدالمنعم سعيد للرؤية التى طرحتها المملكة العربية السعودية، عبر ولى ولى العهد الأمير محمد بن سلمان وسميت رؤية «2030» قبل شهور قليلة، لكن الحديث تشعب إلى نقاط كثيرة تناولت التحديات التى تواجه المملكة فى المستقبل والعلاقات المصرية السعودية ودور إسرائيل فى المنطقة والتهديد الإيرانى.
الدكتور عبدالمنعم سعيد وقال سعيد إن كثيرًا من المثقفين يطرحون تعبير رؤية من دون أن يكونوا قادرين على فهم معناه أحيانًا، ضاربًا المثل بالمستشار الألمانى الأسبق هملت شميت الذى قال «إن كل من يتحدث عن الرؤية عليه أن يذهب إلى طبيب عيون»!!، مضيفا أن قضية الرؤية ليست قاصرة فقط على السعودية، لكن هناك دول عديدة فى المنطقة طرحت نفس المسمى، بل ونفس التاريخ مستهدفة تغيير المجتمع وتقدمه. وقال سعيد إنه منذ استقلال البلدان العربية عن الاستعمار لم تقم أى دولة بالمنطقة بعمل قفزة كبيرة كما فعلت اليابان وسنغافورة وكوريا. الإمارات حاولت عبر تجربة دبى، لكن بقية التجارب فى المنطقة كانت اقتصادات ريعية، وانتهى الأمر إلى ما يشبه العقد الاجتماعى، حيث تقوم فيه الدولة بتقديم خدمات للمواطنين مقابل الولاء للسلطة السياسية. قال سعيد إنه سوف يسأل ثلاثة اسئلة أساسية فى هذا الصدد، الأول: لماذا تحتاج السعودية إلى رؤية للإصلاح؟، وثانيًا: ما هو محتوى هذه الرؤية؟، وثالثًا: ما هى العقبات والتحديات التى تواجه الرؤية السعودية؟!. أجاب سعيد عن أسئلته قائلًا إن الربيع العربى أحدث تغيرًا جوهريًا خصوصًا فى بدايته ووصل اقتناع للجميع بأن الأوضاع الحالية لا يمكنها الاستمرار كما هى لوجود عوار فى مناحٍ كثيرة، لكن تداعيات هذا الربيع أدت أيضًا إلى وجود عدد من الدول الفاشلة بالمنطقة مثل سوريا وليبيا واليمن وقبلهما العراق والسودان والصومال. إضافة إلى أن أحد تداعيات الربيع هو تولد حالة ثورية لفاشية دينية، جعلت الدين الإسلامى نفسه يتعرض للخطر، والنظرة الدولية للعالمين العربى والإسلامى أنه مسئول عن الإرهاب الذى يعيشه العالم بأكمله. وبعد الربيع حصل نوع من الفراغ فى المنطقة، وحاولت كل من إيران وتركيا ملء هذا الفراغ خصوصًا بعد الانسحاب الأمريكى من المنطقة، وبالتالى كان مهمًا مواجهة هذه الحالة. ومن هنا فإنه جرت محاولات عديدة لتحالفات فى المنطقة لتغيير موازين القوى، ليس فقط ضد الإرهاب ولكن ضد بعض الدول الإقليمية الراغبة فى الهيمنة. يضيف الدكتور عبدالمنعم سعيد فى اللقاء الذى حضره حوالى ستين من رؤساء التحرير وكبار الكتاب والإعلاميين وبعض نواب البرلمان أن كل ما سبق لم يكن كافيًا واحتاج الأمر إلى الإصلاح. وميز سعيد بين نوعين من الإصلاح، الأول: عدائى كما تم فى العراق وانتهى إلى تدمير الدولة، والثانى: إصلاح ودى هادئ يتصالح مع العصر، وهذا هو جوهر الرؤية السعودية، مضيفا أن من يعرف المجتمع السعودى جيدًا هذه الأيام، سيدرك أنه صار مجتمعًا حيويًا، وحقق قفزات كبيرة، لكن المعادلة هى كيف تخطو نحو المستقبل وتخلق مجتمعًا عصريًا فى ظل أن هذا المجتمع محافظ بطبيعته وله تقاليده الخاصة جدًا؟! يقول سعيد إن معظم هذه الرؤية تربط بين الواقع والمستقبل، وهناك تغيرات عميقة من قبيل أن المجتمع السعودى يتحدث للمرة الأولى عن الترفيه بالمعنى المعروف، وأن 6٪ من إنفاق الأسرة السعودية صار موجهًا للترفيه وكذلك ممارسة الرياضة. العمر المتوقع للمواطن السعودى هو 74 عامًا، والمفترض أن يقفز إلى 80 عامًا بنهاية الرؤية، علما بأنه فى مصر يبلغ 73 عامًا. يضيف سعيد أنه ينبغى على المجتمع السعودى أن يقوم بتطبيع علاقته مع العصر الذى يعيش فيه، فهو مجتمع يعتمد على النفط بنسبة 85٪ والمفترض أن يعتمد على مصادر أخرى، مثلما حدث مع تجربة ماليزيا المتميزة حينما كانت تعتمد على المطاط فقط ثم أخذت 30 عامًا لتنوع اقتصادها، فى حين أن السعودية تقول إنها ستحقق نفس الهدف ولكن خلال أقل من 15 سنة. الأداة الرئيسية التى ستساعد فى تحقيق هذه الرؤية هى صندوق الاستثمار العام بميزانية من 2 إلى 2.5 تريليون دولار. واستعرض د. سعيد بعض الأرقام ذات الدلالة فى المجتمع السعودى قائلًا إن نسبة النساء فى القوى العاملة بلغت 30٪ والمشروعات الصغيرة تصل إلى 35٪ من الناتج المحلى الإجمالى والمستهدف أن تنخفض البطالة من 11٪ إلى 7٪، علمًا بأن التنمية ستقوم على الخصخصة، بحيث يرتفع نصيب القطاع الخاص إلى حوالى 60٪. السعودية الآن فى المرتبة 19 عالميًا فى الناتج القومى الإجمالى وتريد عام 2030 أن تقفز إلى المرتبة رقم 15، وهى فى المرتبة رقم 36 فى الحكومات الإلكترونية الآن وتريد أن تكون فى المرتبة الخامسة. هى تسعى فى إطار هذه الرؤية إلى إقامة الجسر المصرى السعودى واستصلاح مليون فدان فى السودان ولن يتم ذلك إلا عبر إعادة هيكلة الحكومة بأكملها، مشيرًا إلى الدور الذى لعبته شركة ماكينزى العالمية فى إعداد هذه الرؤية. وعن التحديات التى تواجه الرؤية السعودية قال سعيد إن محمد بن سلمان هو نجم هذه الرؤية وهو يمثل جيلًا كاملًا تعامل مع العالم. وللمرة الأولى تتم مناقشة الأمور العسكرية فى هذه الرؤية، حيث تساءل محمد بن سلمان قائلًا إن هذا الحجم من الإنفاق العسكرى كان يفترض أن يقود إلى نتائج مختلفة فى قضايا حساسة. يضيف الدكتور سعيد أن الجيل الذى يفترض أن يقود الرؤية لم يظهر بعد بالشكل الكامل، وهذه الرؤى تحتاج إلى قوى دافعة كبرى والأمر يحتاج إلى مراتب أخرى. العقبة الثانية التى تواجه الرؤية السعودية هى البيروقراطية السلبية التى لا تقل عن نظيرتها المصرية. والعقبة الثالثة هى التشدد الموجود فى المجتمع السعودى والفكر السلفى ذى التأثير الكبير. والرؤية تسير على خيط رفيع والسؤال: كيف سيتصرف هذا الفكر مع قضايا مثل الترفيه والانفتاح والإعلام والنهضة الثقافية وإلى أى حد سيؤثر عليه؟! وكل تقدم أو تحديث فإن المؤسسة الدينية تعودت أن تقف فى مواجهته والسؤال غير المطروح داخل هذه الرؤية هو: تجديد الفكر الدينى. العقبة الرابعة أن المجتمع السعودى شأن غيره من المجتمعات النفطية أدمن الدعم حتى فى بناء المقابر وبالتالى ستكون هناك مقاومة. العقبة الخامسة هى أن الحكومة تعودت منح المواطنين أموالًا مقابل الولاء للسلطة، الآن الرؤية المقبلة تنسف هذه الفكرة لأنها يفترض أن تسلم الثروة للناس. فما الذى سيحدث فى هذه الحالة؟. هناك أكثر من طرف يخشى من وجود مخاطر سياسية وهى موجودة بطبيعة الحال، خصوصًا خطر الإرهاب. التحدى السابع يتعلق بالزمن، ففى دولة مساحتها 2 مليون كيلومتر مربع بعدد سكان يزيد على 32 مليون نسمة، كيف يمكن تحقيق وإنجاز هذه الرؤية فى هذا الزمن القليل؟. التحدى الثامن أن الرؤية تقوم على فكرة الإحلال الوطنى محل الواردات والسؤال أن أى اقتصاد يقوم على المزايا النسبية الخاصة به. وفكرة أو شعار «من الإبره للصاروخ» لم ينجح فى أى مكان. وتحدث عبدالمنعم سعيد عن التحديات الخارجية التى تواجه الرؤية السعودية وأولها الإنفاق خصوصًا على تمويل الجسر المصرى السعودى أو استصلاح مليون فدان فى السودان، كيف يمكن تدبير هذه المبالغ الكثيرة فى المرحلة الأولى فى ظل أسعار النفط المتذبذبة والمنخفضة، وستكون هناك مخاطر بشأن استخدام الأموال المخصصة للمستقبل. المخاطرة الأخرى تتعلق بالصراعات الإقليمية خصوصًا الدور الإيرانى، فطهران أرادت عمل حلقة أو كماشة حول السعودية تبدأ من سورياوالعراق واليمن إضافة إلى لبنان. السعودية لم تكن تستدرج بسهولة إلى المعارك العسكرية، باستثناء حرب تحرير الكويت. الآن هى تستخدم القوة العسكرية فى إطار إقليمى وليس فقط ضد ما يهدد أمنها القومى المباشر. عند هذه النقطة أنهى د. سعيد عرض رؤيته للرؤية السعودية وعلق السفير أحمد القطان بالقول إن العجلة بدأت فى الدوران فعلًا ونريد تحقيقها فى أسرع وقت ممكن، لكن بخطى ثابتة والرؤية لا تتعارض بالمرة مع العادات والتقاليد والدين الإسلامى، وقوى الدفع فى المجتمع تتجاوب مع هذه الرؤية، وندرك أنه إذا لم يكن المواطن السعودى شريكًا فى كل خطوة فى هذه الرؤية فسوف نواجه عقبات كثيرة، مشيرًا إلى أنه تم تعيين سيدة مسئولة عن كل النشاط الرياضى للسيدات هى الأميرة ريم بنت بندر بن سلطان وعمرها لا يزيد على 38 عامًا. تحدث الدكتور السيد يس فقال إنه لا يمكن تقييم أى رؤية من دون رسم خريطة للوضع الحالى خصوصًا المؤشرات الكمية والكيفية، فالرؤية المصرية المماثلة على سبيل المثال تتجاهل أن هناك نسبة أمية تبلغ 26٪ ومثلها نسبة فقر وحوالى 18 مليون مواطن فى العشوائيات، وبالتالى فالمطلوب أن نعرف توزيع الدخول فى السعودية والأهم التنمية الثقافية، وكذلك الفجوات الطبقية، إضافة إلى وجود فجوة جبلية كبرى فالنظم السياسية فى المنطقة تعجز عن استيعاب تمرد الشباب، الذين لا يجدون متنفسًا فى المجال العام ولذلك يذهبون إلى وسائل التواصل الاجتماعى. أشار السيد يس أيضًا إلى الفجوة الثقافية بين العائشين فى الماضى خصوصًا الحركة السلفية التى تريد قيادة المجتمع بتصوراتها وبين الحاضر، كما أنه لا يمكن فرض رؤى تنموية من أعلى بل لابد أن تبدأ من أسفل عبر حوارات حقيقية مع الناس تراعى احتياجاتهم. أضاف يس أن أولويات التنمية مختلفة، فإذا كان هناك إجماع على مشروع مثل قناة السويس فى مصر، فليس هناك إجماع مثلًا على مشروع العاصمة الإدارية وإنفاق 70 مليون دولار، وهل هناك أولوية منطقية لذلك أم لا؟! يضيف يس أننا نحتاج منهجًا مختلفًا وألا تقتصر الرؤية على الاقتصاد بل على الوعى العام واستيعاب الشباب وإدخالهم إلى عملية المشاركة الجادة فى صنع القرار. الدكتور والباحث السياسى معتز بالله عبدالفتاح
وتحدث الدكتور والباحث السياسى معتز بالله عبدالفتاح قائلًا إن عملية التحديث مركبة وقد تؤدى إلى نتائج مغايرة. متسائلًا: من أى شىء انطلقت الرؤية وما هو التحدى الذى انطلقت منه، وكيف ستؤدى هذه الرؤية لحل المشاكل التى تواجه السعودية وكيف سيتم نقل الاقتصاد السعودى من ريعى إلى تحويلى، وإلى أى مدى سيكون هناك نقاش فى المجتمع بشأن ما يمس الثوابت الدينية، إضافة إلى أنه عندما يتم فتح النوافذ فإنه يصعب إغلاقها، خصوصًا فى ظل فتح الأبواب أمام التجارب العالمية الناجحة. وتساءل الكاتب أحمد الجمال: هل صدرت فعلًا عن بعض القيادات السعودية أن مصر قوة صغيرة وكيف سيتم رأب الصدع فى قضية تيران وصنافير وما يتردد عن سيطرة رأس المال السعودى على الذوق العام المصرى عبر الدراما الفنية، وهل يتكامل البلدان أم يتصادمان، وأين فكرة العروبة الثقافية للرؤية، وما هو المحتوى الإقليمى لهذه الرؤية؟. الدكتور مصطفى الفقى
تحدث الدكتور مصطفى الفقى فقال إن كل محاولات العنصرية محكومة بالظروف، وما نشاهده الآن فى المنطقة أوراق تسقط وأخرى تبزغ. والتابو الإسرائيلى يسقط فى المنطقة. ويبدو أن معظم الدول العربية قررت تحييد الصراع مع إسرائيل من دون إعلان ومن دون أيضا إسقاط الصراع معها. أشار الفقى إلى حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أسيوط عن السلام الذى يمكن أن يكون دافئًا ثم إيفاد وزير الخارجية سامح شكرى إلى إسرائيل وما أعقبه عن توجه رئيس إسرائيل ورئيس وزرائها إلى حديقة السفارة المصرية فى تل أبيب فى تصرف غير مسبوق للاحتفال بثورة 23 يوليو وقالا ما لم يقولوه من قبل عن العلاقة بين البلدين. وأخيرًا زيارة المسئول السعودى السابق أنور عشقى لإسرائيل. ختم الفقى مداخلته بقوله: أهدرنا ثمانية عقود فى قضايا شكلية وتركنا قضية المواجهة الفعلية مع إسرائيل أى التقدم والتطور حتى نكون قادرين على المواجهة فعلًا. هنا عاد الدكتور عبدالمنعم سعيد للحديث مرة أخرى والرد على ما أثاره الحضور فقال إن إسرائيل لم تعد من الموضوعات المهمة لدى العرب. فعندما يموت 400 ألف فى سوريا و2 مليون مصاب و14 مليون لاجئ فنحن نتحدث عن نكبة تزيد كثيرًا عن نكبة الفلسطينيين. ولن أدخل فى تفاصيل كثيرة عن الموضوع الإسرائيلى فى هذه الأمنية لاعتبارات كثيرة. أضاف أننى أيضًا لن أتحدث بطريقة الدولة الرائدة أو غيرها، لأن تقارير التنمية البشرية والاقتصادية سوف تقول لك الحقائق المجردة، والحياة ليست أغنية لعبدالحليم حافظ فقط، والدولة الرائدة هى القادرة على التقدم والإنتاج وأن يكون لديها مشروع للمنطقة بأكملها، يضيف: «آن الأوان كى نضع قضايا وخلافات الستينيات جانبًا، لقد أضعنا ورقة التطبيع وحرقناها على الترابيزة، وللأسف فإن إسرائيل لم تعد مهتمة على وجه الإطلاق بالتطبيع مع العالم العربى والعكس هو الذى يحدث تقريبًا». وقال سعيد إنه يختلف مع السيد يس، لأنه لا توجد دولة تقدمت على أساس سؤال ماذا سوف أفعل مع الفقراء؟! فالتقدم والرؤى قامت على إدارة الثروة وليس إدارة الفقر. والعكس حصل فى مصر، متسائلا: لا أعرف كيف يستطيع الفقراء النهوض ببلد، الذى يفعل ذلك هم الطبقة الوسطى والعليا. العالم المتقدم فى الغرب والشرق أضاف 2 مليار مواطن إلى الطبقة الوسطى، فالنخبة هى التى تقود التقدم، متسائلًا: لو زرت صفط اللبن وسألت الناس فى أى شىء فإن الحوار سوف يكون عن الحاجات الأساسية للناس، هل هذا الذى سيشكل التقدم، والذى يعرف علوم الكمبيوتر ليسوا الفقراء. الدنيا تغيرت وثلثا سكان السعودية مثلًا صاروا من الشباب ونسبة تعليمهم صارت أعلى وعلى سبيل المثال فإن السعودية أرسلت مليون طالب للدراسة فى الخارج. ولكى يتقدم أى بلد فلابد أن يضاعف ناتجه القومى ثلاث مرات فى عقد من الزمن. فى مصر كانت لدينا العديد من الفرص وأهدرناها. واختلف سعيد مع السيد يس مرة أخرى بقوله إن معظم تجارب التنمية والفقرات تمت من أعلى وليس العكس خصوصًا تجربتى محمد على إلى جمال عبدالناصر، مرورًا بتجربة سعد زغلول وثورة 1919، والانكسار حدث لأن هناك قوى كانت تشدها دائمًا من الخلف. وقال سعيد: بالطبع هناك آثار ونتائج غير متوقعة لكن نأمل أن تتلافى السعودية هذه الآثار المتوقعة لأنه لا توجد فى علوم الاجتماع طريقة يتم على أساسها حساب كل الآثار الجانبية المتوقعة، والمبالغة فى الحسابات تؤدى إلى الشلل. وطالب القيادة السعودية بأن تتجنب كل ما يمكن أن يؤدى إلى رفض اجتماعى وألا تدخل فى معارك جانبية تستغلها قوى معارضة، وإذا تغير المجتمع فسوف تسقط أشياء كثيرة مثل حكاية قيادة المرأة للسيارات. وعن العلاقة السعودية المصرية طالب بوجود حوارات استراتيجية حقيقية عبر «مطحنة كلام» فى الغرف المغلقة تنتهى بالتوافق على الثوابت والرؤية السعودية تحتاج لعلاقات قوية مع مصر والتكامل ضرورى. تحدث الكاتب الصحفى مجدى الجلاد عن تجربته فى السعودية لمدة تسع سنوات وضرورة التطبيع مع الأجيال الشبابية. مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق
وتساءل مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق عن الدبلوماسية السعدوية التى كانت هادئة ثم صارت عدائية وأخشى أن تدخل المنطقة فى مشاكل كثيرة، وأن تقع فى نفس الخطأ الذى وقع فيه جمال عبدالناصر وصدام حسين وتحارب فى أكثر من جبهة فى نفس الوقت، مشيرًا إلى سوريا الحضارة والجمال التى سقطت واليمن الذى يختفى، متسائلًا: ما هى الضوابط التى لا تجعل من حرب السعودية فى اليمن وسوريا مصيدة، للمملكة من قبل قوى خارجية تريدها أن تشترى سلاحًا وتدمر سلاحًا آخر؟! ورد السفير أحمد القطان على مكرم محمد أحمد قائلًا: إن السعودية آخر دولة تسعى للحرب، لكن إذا لم نحمِ ظهورنا فسوف تجد من تعرفهم داخل أراضينا، وسبب طول الحرب فى اليمن أن إيران تدعم الحوثيين بكل الأسلحة المتطورة.