أكتب هذه الكلمات مساء ليلة الأربعاء، ولا أعرف كيف ستتصرف اجهزة الدولة مع نجم كرة القدم السابق ومدرب النادى المصرى الحالى حسام حسن، الذى قرر المستشار محمد العوضى رئيس النيابة الكلية بالإسماعيلية مساء الثلاثاء حبسه اربعة ايام ومعه اثنان من اداريى النادى المصرى هما حسن مصطفى ووليد بدر، على ذمة التحقيقات فى واقعة التعدى بالضرب على رضا عبدالمجيد رقيب الشرطة بإدارة الإعلام بمديرية امن الإسماعيلية. واقعة الضرب شاهدها الجميع على الهواء مباشرة عقب نهاية مباراة المصرى والمحلة فى استاد الإسماعيلى مساء الجمعة الماضى. حسام الذى يصفه البعض بأنه عميد لاعبى العالم جرى وراء المصور فى الملعب وأوقعه ارضا ثم انهال عليه ضربا وكسر كاميرا التصوير الخاصة به بحجة انه سبه بأمه. النيابة احتجزت حسام حسن فى معسكر الأمن المركزى فى الإسماعيلية لحين ورود التحريات، والمصور اشتكى علنا فى النيابة التى حبست حسام اربعة ايام. الى هنا والأمر يبدو عاديا فالنيابة تحبس الكثير من المتهمين يوميا، على ذمة قضايا متنوعة من اول سرقة الفراخ نهاية بالإرهاب وقلب نظام الحكم، بل وتجدد حبس الكثيرين لمدد مختلفة ومتتالية تصل احيانا إلى 45 يوما، لكن عندما تم حبس حسام حسن اربعة ايام فقط، وجدنا شخصيات عامة كثيرة تستنكر هذا الإجراء القانونى، وتضغط على النيابة معنويا للإفراج عن المدرب. المبررات التى يسوقها هؤلاء فكاهية من قبيل ان حسام «علمنا حب مصر» كما قال النجم احمد حسام «ميدو»، او ان حسام اخطأ لكن ليس لدرجة ان يتم حبسه، كما قال خالد الغندور. شخصيا احب حسام حسن مثل كثيرين ليس لأننى فقط زملكاوى، ولكن لأنه كان لاعبا جيدا وغيورا ولعب دورا مهما فى فوز الفرق التى لعب لها، وهى صفة لا تزال تلازمه كمدرب، لكنه فى المقابل لعب وشقيقه ابراهيم دورا سلبيا فى زرع روح الفتونة وتكريسها واخذ الحق واحيانا غير الحق بالدراع، وهو الأمر الذى ساهم فى افساد اجيال كانت ترى فى اللاعب قدوة كبيرة. حسام لم يعلمنا حب مصر لأن حب البلد يفترض انه سابق على ولادة اللاعب ولا حق له ولغيره. اما حكاية انه اخطأ ولكن ليس لدرجة الحبس فتلك مصيبة حتى لو قيلت بحسن نية. هناك من كانوا فى قمة المناصب السياسية والعسكرية ومن الشخصيات العامة وتعرضوا للحبس. لدينا الآن خلف القضبان رئيسان سابقان للجمهورية هما حسنى مبارك ومحمد مرسى، ولدينا ايضا مئات كبار المسئولين من عهدى مبارك والإخوان، ووزير زراعة من عهد السيسى وكبار رجال المال مثل طلعت مصطفى. فى الخارج نرى كل من يخطئ يدخل السجن. هناك حكم غير نهائى بحبس اشهر واهم لاعبى العالم على الإطلاق وهو ليونيل ميسى ووالده 21 شهرا بتهمة التهرب من الضرائب، وهناك ملاحقة قانونية بحق نجم منتخب فرنسا ومهاجم ريال مدريد كريم بنزيمة بتهم اخلاقية، وتم استبعاده من اللعب مع منتخب بلاده فى بطولة امم أوروبا. وهناك ملاحقة قانونية ايضا بحق رئيس الاتحاد العالمى السابق لكرة القدم سيب بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبى النجم الفرنسى ميشيل بلاتينى بتهمة الفساد والتربح. اذن المفروض انه لا احد فوق القانون، وبما ان حسام اخطأ فلابد ان يحاسب، حتى يكون عبرة لغيره. نردد دائما حديث «لو ان فاطمة بنت محمد قد سرقت لقطعت يدها»، لكن عندما يتعلق الأمر بمن نعرف او نحب ننسى كل ذلك. وتلك هى المأساة الكبرى حينما يطالب بعض الكبار بإطلاق سراح حسام، هؤلاء لا يعرفون انهم يهدرون ويسحقون القانون امام الأجيال الجديدة. اتعاطف مع ما حدث لحسام انسانيا، ولا اعرف سر واقعة الاستاد، ولماذا سب المصور اللاعب، لكن لو ان كل شخص قام بضرب من يسبه فسوف لا تتوقف الخناقات فى طول مصر وعرضها بعد ان صارت اخلاقنا وقيمنا فى الحضيض، للدرجة التى تجعل حسام يقول لفظا بذيئا فى التليفزيون ويمر الأمر مرور الكرام. اعرف ان اجهزة الدولة ومرافقها ستتعرض لضغوط معنوية لا حد لها لإطلاق سراح حسام حسن، لكن عليهم ايضا ان يدركوا انه اذا تمت الاستحابة للضغوط فإن الثمن سيكون فادحا وهو ضياع هيبة ما بقى من القانون. ووقتها على الجميع ألا يسأل لماذا تزيد البلطجة وتتراجع دولة القانون؟!!.