تحدثنا بالأمس عن طرق كسب المال، واليوم نتحدث عن إخراج الحقوق الشرعية لأصحابها خاصة أن هناك عددا من التساؤلات عن مستحقى الزكاة، ومنها القيام بالمشروعات التى لم تقم بها الدولة سواء عن قصد إهمال. فقال الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى فى الأزهر سابقا إن أول هذه الحقوق هو الحقوق المطلقة للوالدين إذا احتاجها، ثم شرائح المجتمع من الجيران خصوصا الأيتام الذين لا يجدون والمطلقات والأرامل، فهذه حقوق يجب على المسلم الوعى بها واليقظة لها ودوام الحرص عليها. ثم يأتى دور الزكاة المفروضة «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» ( التوبة 60). والفقير هو من لا يجد شيئا، أما المسكين فهو الذى يجد ويملك لكن لا يكفى ضروراته،والعاملون عليها هؤلاء القائمون على خدمات الزكاة جمعا وتوزيعا سواء كانوا محتاجين أو متفرغين لهذا العمل، أما المؤلفة قلوبهم فهم شرائح تحب المال ويخشى تورطها فى معصية بسبب المال أو جماعة من غير المسلمين يعينون المسلمين فى أعمالهم. فهذين الفريقين يجب تأليف قلوبهم واستمالتهم حرصا عليهم ويأتى دور (فى الرقاب) أى العبيد المستعبدين فلهم على الزكاة حق تحريرهم من عبودية البشر، ثم الغارمون وهم أولئك الذين تكفيهم دخولهم المعتادة ولكن نزلت بهم نازلة (مرض/ زواج) فيجب إعانتهم من الزكاة. أما مصرف «فى سبيل الله» فيسع لكل الخدمات العامة التى تعجز الدولة عنها من مرافق وجيش وحراسة ونظافة وتعليم ومشروعات لم تنفذ سواء كان ذلك بقصد أو إهمال منها، ولكن كما يقول الشيخ قطب يجب عدم تقديم الأموال مباشرة للقطاع المحتاج، ويجب التواصل مع الجهة المختصة، لتعد الخطط ويشرف المزكى بنفسه على صرف الأموال، وآخر المصارف هو ابن السبيل وهم هؤلاء الذين أصبحوا لا عائل لهم ولا مكان يأويهم إما لغربتهم أو لانقطاع الحال بهم. ومن بعد الزكاة يأتى دور نافلة أخرى وهى الصدقة، وهى ما يحتاجه المحتاجون بعد إخراج زكاتك المفروضة فإذا استطاعت نفسك سداد بعض الحاجات فهو على سبيل السنة أو النفل تزيد بها طاعتك قربة لله وشكرا له على رزقه إياك وعدم احتياجك. وفى مرحلة عليا من الصدقات قد يحدث أن تخرج زكاتك المفروضة وتتطوع ببعض الصدقات ثم تظهر حاجة ماسة لأحد الناس، وترى نفسك قد اقتنعت بأنك فعلت ما عليك.. ولكنك على استعداد أن تقرض أى إنسان تحبه وتثق فى قدرته على الرد والوفاء، وهنا يقول لك ربك قد احتجت إلى قرض منك تستر به عبدى المحتاج، وهذا القرض سرعان ما أرده إليك فى الدنيا حال حياتك أضعافا مضاعفة وقد جاء هذا التوجيه الإلهى مرات فى سور البقرة والمائدة والحديد والتغابن والمزمل فها هو الرزاق ينادى: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (البقرة 245). وغدا نكمل حديث الأموال.