سيظل مؤشر الاحتقان الطائفى بمصر فى ارتفاع.. وسوف تتكرر أحداث ميت دمسيس دقهلية فى أكثر من مكان وأكثر من مناسبة طالما بقيت الدولة رخوة إلى هذا الحد، والنظام هشا على هذا النحو البائس، وطالما بقيت الحكومة مثل طفل يلهو طوال الوقت بأعواد الثقاب. خذ عندك: محافظ الدقهلية سمير سلام هو أول من أعلن عن أن إقامة الموالد ممنوعة تطبيقا للقرار الحكومى، وهو أول من داس الضوابط والقرارات بقدميه، وشارك فى الاحتفال بمولد مارجرجس فى ميت دمسيس. وقبل المحافظ، كانت الحكومة عن بكرة أبيها متورطة فى التناقض ذاته، حيث بدت صارمة وحاسمة وقوية للغاية، وهى تمنع موالد السيدة زينب والسيد البدوى وإبراهيم الدسوقى، بزعم حماية الناس من إنفلونزا الخنازير، وهى ذاتها الحكومة الوديعة اللطيفة المتسامحة أمام الاحتفال بموالد الأخوة المسيحيين، والحجة أنها ليست موالد بل أعياد ميلاد، كما أعلن البابا شنودة فى مناسبات عديدة. ولعلك تتساءل الآن: هل لو غيرنا المسميات من مولد السيدة زينب إلى عيد ميلاد أم العواجز كانت الحكومة ستتسامح وتتساهل وتسمح بالاحتفال به؟ أغلب الظن أنها لم تكن لتفعل، ليس لأنها حكومة نبيهة وواعية وتدرك أن اللعب بالألفاظ والمسميات لن يغير من الأمر شيئا بل لأن عين الدولة طوال الوقت مصوبة على الخارج وليس الداخل، وتتعامل طوال الوقت، وكأن على رأسها بطحة أمام دول ومنظمات تنعق طوال الوقت بأن الأقباط مضطهدون فى مصر. وأستطيع أن أبصم بالعشرة على أن الأقباط فى مصر مضطهدون، ليس لأنهم أقباط بل لأن الشعب المصرى كله مضطهد داخل مصر، بمسلميه قبل مسيحييه فى ظل حالة من الانسداد والتصلب فى شرايين الحياة السياسية المصرية. فى حالة ميت دمسيس أجا دقهلية رفض المحافظ بكل إباء وشمم مطلب المسلمين بإقامة مولد محمد بن أبى بكر الصديق، بحجة أن الاحتفال بالموالد ممنوع بقرار حكومى خوفا على صحة الناس من إنفلونزا الخنازير، وبعدها بأقل من أسبوع كان المحافظ يحتفل مع الأخوة المسيحيين بمولد مارى جرجس، معلنا أنه يحب جو الموالد ولا يستطيع مقاومة سحرها. منتهى الوعى بالمسئولية والحس السياسى الرفيع يا سيادة المحافظ، وأمامك النتائج الفورية.. صعود مؤشر الاحتقان إلى الذروة وانفجار الأوضاع فى القرية مع أول احتكاك بين مسلم ومسيحى. وليس أخطر من أن نكيل بمكيالين فى أمور بهذه الحساسية، فإذا تقرر منع الموالد لابد أن يطبق القرار على الجميع، وبالدرجة ذاتها من الحسم والانضباط، أما أن تتحول المسألة إلى نوع من المواءمات والمجاملات أحيانا فهنا مستصغر الشرر، الذى سيتطور بالضرورة إلى معظم النار، وأزعم أن أحدا فى نظام سياسى مهترئ ومتداعى إلى هذا الحد لا يملك ترف السكوت أمام أحداث صغيرة تنذر بكوارث كبيرة. [email protected]