لم يكن موظف التليفزيون المصرى الذى مات منذ أيام بالسكتة القلبية وهو يدفع الفاتورة فى شركة كهرباء جنوبالقاهرة عندما علم أنها 255 جنيها الضحية الوحيد لفواتير الكهرباء المرتفعة.. مئات من الشكاوى تلقتها جمعيات حماية المستهلك وإدارة حماية المستهلك بجهاز تنظيم الكهرباء وشركات توزيع الكهرباء الفترة الأخيرة تؤكد ارتفاع فاتورة الكهرباء الشهر الماضى.. وليس أمامهم سوى الدفع وإلا قطع التيار عنهم فالحكومة أول من يطبق شعار «ادفع وبعدين اشتكى». «الحكومة زودت الكهرباء تانى فى السر»، قالها مدرس الابتدائى فى شكواه إلى الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك.. قال المدرس إنه كان يدفع شهريا قيمة استهلاك تتراوح بين 50 و60 جنيها وفوجئ الشهر الماضى أن الفاتورة قفزت إلى 170 جنيها! سأل المحصل: «هى الكهرباء زادت؟ رد لا أعرف وقال له: «أكيد الزيادة من كثرة استخدام التكييف فأجاب مدرس الابتدائى بمرارة: «ياريت.. أنا معنديش تكييف»!! شكوى أخرى تقول صاحبتها إن الفاتورة كانت فى شهر يوليو الفائت 187 جنيها و90 قرشا وفى أول أغسطس الجارى فوجئت بها 530 جنيها! وتعددت الشكاوى من مختلف الأحياء فقيرة كانت أم متوسطة الحال. الطرف الأضعف «تلقينا شكاوى كثيرة من فاتورة الكهرباء يؤكد أصحابها زيادة الأسعار، ولا نعرف الحقيقة فالحكومة تعتبر ذلك سرا من أسرارها العليا» هذا ما قالته سعاد الديب عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك ورئيس الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك، مشيرة إلى أن الخدمات التى تحتكرها الدولة مثل الكهرباء والمياه تتعامل مع المستهلك باعتباره الطرف الأضعف لذلك تقوم برفع الأسعار دون أن تهتم بإعلامه بذلك حتى بعد صدور قانون حماية المستهلك، الذى ينص على حق المستهلك فى معرفة كل شىء ليس عن السلعة التى يشتريها فقط ولكن عن الخدمة التى يحصل عليها، ولكن الحكومة ذاتها التى وضعت قانون حماية المستهلك هى أول من يخالفه!. الأكثر من ذلك بحسب سعاد الديب أن الحكومة قامت بإنشاء أجهزة تابعة لهذه الخدمات بدعوى جماية المستهلك ويراسها مسئولون تنفيذيون ولا نعرف كيف تكون الدولة خصما وحكما فى نفس الوقت، لكننا مضطرون للتعامل مع هذه الأجهزة لحل شكاوى المستهلكين خاصة أن جهاز حماية المستهلك لا يتصدى لمجال الخدمات بعد. تطالب «الديب» بضرورة إعلان أى قرار بزيادة أسعار المحاسبة وتبصير المستهلك بكيفية ترشيد استهلاك الكهرباء ووضع شرائح المحاسبة فى فاتورة الكهرباء أو الغاز حتى تكون الصورة واضحة أمام المستهلك الذى ربما يعمد إلى جعل استهلاكه فى إطار الشريحة الأقل. وكانت لجنة السياسات بمجلس الوزراء قد اتخذت قرارا قبل 5 سنوات بزيادة أسعار الكهرباء بنسبة 25% بواقع 5% كل عام وقد انتهت هذه الزيادة فى أكتوبر الماضى ورغم أن زيادة العام الأخير كانت مثل الأول 5% فإن المهندس حسن يونس وزير الكهرباء أعلن منذ أيام عن زيادة الكهرباء العام الماضى بواقع 9% وليس 5% وقد يكون ذلك أهم أسباب عدم ثقة المستهلك فيما تقوله الحكومة فيما يخص الأسعار لا سيما ما يتعلق بالخدمات الاحتكارية مثل المياه والكهرباء. سياسة النعامة يشير أحمد عبدالتواب، رئيس جمعية حماية المستهلك فى بنى سويف، إلى واقعة الموظف الذى راح ضحية الفاتورة التى نشرتها صحيفة «المصرى اليوم» منذ أيام باعتبارها نتيجة سياسة السرية التامة التى تتبعها الدولة حيال أسعار الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه ورغم أن هذه الزيادات مخططة وليست عشوائية فإنها تطبقها دون سابق إنذار، خوفا من ردود أفعال الناس و«سياسة النعامة» هذه بحسب عبدالتواب قد تسبب نتائج سلبية أكثر مما تسببه سياسة الإعلان والتهيئة والاقناع، ويؤكد على حق المستهلك فى معرفة الزيادات المقررة من جانب الحكومة والشرائح التى يخضع لها نظام المحاسبة، لافتا إلى أن الجمعية تتلقى العديد من الشكاوى حول ارتفاع الفاتورة وتحيلها إلى الشركات ويكون الرد غالبا أن شركات التوزيع منفصلة ماليا عن الوزارة وأن هناك تكلفة وأعباء كبيرة تتحملها الشركات. وبينما تؤكد د. سلوى شكرى، رئيس جمعية مصر الجديدة لحماية المستهلك، حق المستهلك الكامل فى معرفة أى زيادة على أسعار الكهرباء، تشدد بالمقابل على ضرورة ترشيد استخدام الكهرباء بجميع الوسائل فلا شك أن الترشيد سوف يقلل قيمة الفاتورة كما أنه يحافظ على مواردنا من الطاقة، مشيرة إلى أن الجمعية أعدت أدلة عن وسائل التوفير فى الكهرباء، وأهمها استخدام اللمبات الموفرة للطاقة. ويطالب رضا عيسى مقرر اللجنة الاقتصادية بحركة مواطنون ضد الغلاء ضد الغلاء بضرورة كتابة أسعار المحاسبة خلف فاتورة الكهرباء، وقال إذا كان من حق الشركات أن تقوم بزيادة أسعارها فمن حق المستهلك أن يعرف أسلوب المحاسبة، كما أن من حقه أن يطلع على ميزانيات شركات إنتاج وتوزيع الكهرباء ومعرفة حقيقة الدعم الذى يحصل عليه، فشركات الكهرباء بحسب عيسى لا تقوم بنشر ميزانياتها حتى الآن وكان يجب على الدولة التى أصدرت قانون حماية المستهلك أن تكون أول من يحترمه من خلال التمسك بحق المستهلك فى المعرفة. لا زيادة فى الأسعار «لم تحدث أى زيادة فى أسعار محاسبة الكهرباء للقطاع السكنى والتجارى منذ أكتوبر الماضى، حيث كانت آخر زيادة مقررة من جانب مجلس الوزراء خلال السنوات الخمس الأخيرة، «هذا ما يؤكده صلاح عبده رئيس الإدارة المركزية لحماية المستهلك بجهاز تنظيم الكهرباء، لافتا إلى أن أى زيادة فى أسعار الكهرباء لابد أن تعرض على مجلس الوزراء ولم يتم إخطار الجهاز بأى زيادة فى الأسعار خاصة بالمنازل والتجارى حتى الآن. وتبعا لصلاح عبده فإن هناك تناميا فى شكاوى فواتير الكهرباء التى يتلقاها الجهاز لتمثل ظاهرة حاليا، مشيرا إلى أن أسباب الشكاوى التى يسفر عنها الفحص تكون غالبا بسبب تراكمات العداد وعدم انتظام الكشاف فى القراءة الشهرية، فبدلا من أن يذهب للمستهلك كل شهر يذهب كل شهرين أو ثلاثة مما يؤدى إلى تراكم الاستهلاك وبالتالى زيادة قيمة الفاتورة وهذا سبب أغلب مشكلات الفاتورة لأنه لو أن كشافا واحدا يتابع 3 آلاف مشترك مثلا فعلى ذلك سوف يخلق هذا مشكلة لكل هذا العدد.. إلى جانب وجود أخطاء فى قراءة العداد فى بعض الأحيان. أو زيادة الأحمال نتيجة زيادة الاستهلاك فى فصل الصيف الذى يكثر فيه استخدام التكييفات. وبحسب صلاح عبده فإن الدولة تتجه حاليا إلى نظام شفافية 100% فيما يتعلق بإعلان أسعار الخدمات بعد أن كان التعتيم والغموض يسود هذه السياسات مؤكدا أن فوائد الإعلان عن سياسة التسعير أكبر بكثير من فوائد التعتيم إن وجدت، ولفت إلى أن موقع الجهاز يعلن أسعار المحاسبة على استهلاك الكهرباء، وفقا للشرائح المختلفة، وقال إن أسعار الكهرباء ظلت ثابتة منذ عام 1992 وحتى عام 2004، حيث شهدت الأسعار تحركا حتى العام الماضى، حيث كانت آخر زيادة بنسبة 5% وذلك فى إطار سياسة الدولة نحو التخلص التدريجى من الدعم فى هذا القطاع. قال عبده: إن الجهاز بصدد عمل خدمة صوتية من خلال التليفون للإعلان عن أسعار المحاسبة لمن لا يستطيع الدخول على موقع الجهاز على شبكة المعلومات ولفت إلى أهمية ترشيد استخدام الكهرباء وهناك وسائل كثيرة لذلك، فى مقدمتها استخدام اللمبات الموفرة للطاقة التى تتوفر بنصف ثمنها لدى شركات توزيع الكهرباء.