أصر الشاب الفلسطيني أحمد الهرش وهو من سكان بلدة جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة على تحدي حجم الدمار الذي خلفه العدوان العسكري الذي شنته إسرائيل على القطاع مؤخراً ، وكان قد طال شقة "الزواج" المقرر له هذه الأيام. واستعاض الهرش بخيمة حصل عليها كمئات المشردين الفلسطينيين ممن هدمت منازلهم في العملية الإسرائيلية ليقيم "عش الزوجية" , وهو يكثف تجهيزات إعدادها لإتمام حفل زفافه داخل الخيمة ودون انتظار إعادة الإعمار الذي قد يطول لشقته المدمرة. ويبدو لافتا إدخال الهرش تجهيزات مستلزمات زفافه لاسيما غرفة النوم الجديدة داخل الخيمة في مخيم المشردين الذي يحمل أسم "الريان" بانتظار أن يزف إلى عروسه إيمان عبد العال يوم الخميس وسط الخيام المتلاصقة وعلى مقربة من ركام المنازل المجاورة. ورأى الهرش أن في خطوة زفافه داخل خيمة الإيواء تحديا وانتصارا على الاحتلال ، مشيرا إلى أنه ظل طوال عامين يجهز شقته داخل منزل عائلته استعداداً ليوم زفافه على خطيبته. لكن هذا اليوم لم يأت بعد أن دمرت الطائرات الإسرائيلية منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق خلال قصفها المنزل المجاور للقيادي في حركة "حماس" نزار ريان في الأول من يناير الماضي. وشنت إسرائيل هجوماً مدمرا على قطاع غزة في الفترة من 27 ديسمبر حتى 18 يناير الماضي مخلفة أكثر من 1330 قتيلا فلسطينيا وأكثر من خمسة آلاف جريح. وخلال هذا الهجوم دمرت إسرائيل أكثر من 20 وحدة سكنية بشكل كامل , وبات أصحاب هذه المنازل مشردين في معسكرات خيام تكتظ بها مناطق قطاع غزة الحدودية بانتظار وعود إعادة اعمار ما دمر. وأوضح الهرش أنه متشائم من إمكانية إعادة إعمار منزله قريبا , فالحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر مستمر وجهود التهدئة التي قد تضمن ذلك متعثرة , لذلك قرر عدم الانتظار طويلاً فالخيمة ستكون رسالة تحد في وجه الدمار. ومؤخراً تعثرت جهود مصرية لإبرام تهدئة بين إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بما يضمن رفع الحصار وفتح معابر القطاع لإصرار تل أبيب على ربط الصفقة بالإفراج عن جنديها الأسير جلعاد شاليط , ويترك ذلك إحباطا حادا لدى الفلسطينيين المشردين بلا مأوى. ويرى الهرش أن مناسبة حفل زفافه وإن كانت في خيمة قد تكون فرصة نادرة لإخراج أهله وسكان مخيم الإيواء الذي بات يقطنه من أحزانهم ، مضيفا : "الناس هنا في كرب شديد , لكنهم شجعوني على الزفاف بينهم , فنحن نريد استمرار الحياة وتحدينا ظروفنا القاسية". وتابع قائلاً : "سأفرح وأتزوج وإن شاء الله سأنجب الأطفال داخل الخيمة نفسها ، ما المانع في ذلك؟" وأشار العريس الشاب إلى أنه لم يلق صعوبة كبيرة في إقناع خطيبته وأهلها في الزواج داخل الخيمة ، وقال بينما كان يدخل تجهيزات متواضعة داخل الخيمة التي لا تزيد مساحتها عن خمسة أمتار , وأضاف : "لا نجد في الواقع أي عيب في هذا الزفاف هنا سوى أنه رسالة بالصمود". ونقل الهرش عن عروسه قولها : "كل إنسان يحب أن يتزوج داخل منزل جميل , لكن نحن في غزة لنا أوضاعنا الخاصة , وتدمير بيوتنا لا يعني أن حياتنا قد انتهت , سنعيش داخل خيمة إلى أن يشاء الله وسنضيء وسط الظلام شمعة علها تنير حياتنا". وكانت منظمات حقوقية دولية حذرت من تفاقم أوضاع الفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم في الهجوم الإسرائيلي وطالبوا بسرعة التحرك الدولي لإعادة اعمار القطاع.