عجباً لأمر هؤلاء الذين لم يجدوا حرجاً أو يتواروا خجلاً حين يطلون عبر شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد لوضع خارطة طريق لإصلاح التحكيم ويتسابقون بجدية وعزيمة يحسدون عليهما فى تعديد سبل علاج جسد التحكيم المريض الذى عانى الأمرين على أيديهم - دون غيرهم – حين تولوا مسئوليته وكأن أصابهم انفصام في الشخصية المعروف طبياً بمرض "الشيزوفرينيا " ولكنهم لا يبالون بالخضوع للعلاج من هذا المرض النفسى استناداً إلى نعمة النسيان ونقمة التناسي اللتين تسيطرا على المناخ الكروى بمصر. التحكيم المصري عانى الكثير جراء هذا المرض اللعين الذي ربما كان أحد أهم الشروط التي لابد من توافرها في الذين يتولون قيادته، وتحول التحكيم بفضلهم إلى كيان هلامي لا تجد بين أركانه سوى الارتجالية والمؤامرات وتوزيع الغنائم يقوده ذات الشخوص التي تخرج للتغنى بالأخذ بالأسلوب العلمى واتباع السياسات الطموحة للارتقاء بالتحكيم عبر الميديا التي لا يستطيع مرضى الشيزوفرنيا مقاومة سحرها وبريقها . ودارت أساليبهم التي يلصقونها بالعلم ويصفونها بالسياسة الواضحة حول فلك أمور لا تمس التطوير الفعلى للتحكيم ولكنها ترتبط ب " البيزنس " وتجميل الصورة الباهتة كتغيير المسمى من لجنة إلى إدارة الحكام أو توقف صرف بدلات الحكام من الأندية بدعوى الحفاظ على الهيبة أو إبعاد الحكام الذين ينتمون - مثلاً - لقطاع البترول عن إدارة مباريات الفرق البترولية أو الإسراع بتعيين مدرب لياقة بدنية يتقاضى عشرة ألاف جنيه لا يراه حكام مصر إلا فى الاختبارات البدنية أو عقد جلسات نظرية صورية لمناقشة الأخطاء التحكيمية. وغضوا البصر – عمداً – عن فساد اللجان الفرعية والقضاء على اللوبي المسيطر على شئونها وإغفال الارتقاء بالنواحي البدنية من خلال برامج تدريبية مقننة وإطلاق العنان لأخرين التدخل فى شئون التحكيم وعدم الاهتمام بتثقيف الحكم وتنمية قدراته الفنية والذهنية عن طريق "ورش عمل " يشرف عليها المتخصصين الأكفاء الذين هم أبعد ما يكونوا عن هؤلاء الذين يدعى أغلبهم الخبرة والقدرة على التحليل والحنكة على شاشات الفضائيات . ذلك البريق الفضائى الذي يتاجر الكثيرون على مرآته بهموم وألام قضاة الملاعب ولم يستحوا من ارتداء عباءة الإصلاحيين الفاهميين رغم أنى أعرف أحدهم التزم الصمت ولم يحرك ساكناً طوال فترة عضويته بلجنة حكام سابقة تمسكاً بالمبلغ الذى يحصل عليه شهرياً . التحكيم المصري ليس قاصراً ولا عاجزاً عن خلق جيل جديد من الكوادر التي لديها القدرة على قيادة التحكيم بفكر احترافي نابعاً من تاريخهم وإطلاعهم وملامستهم للتطوير الفعلي الذي يحدث في بلاد الجوار بشرط رحيل هؤلاء الجاثمون على جثة التحكيم المصري رافضين ترك مقاعدهم سواء في لجنة الحكام أو أمام شاشات الفضائيات رغم أنهم من أهم أسباب التراجع .. لقد حان وقت الرحيل ..! *