علمنا في الصغر أن المستحيلات ثلاث.. العنقاء.. والغول.. والخل الوفي.. ولكن المستحيلات في مصر تتزايد يوماً وراء يوم من صنع أنفسنا.. لا من صنع الخيال. ومن ضمن تلك المستحيلات أن يكون لدى مصر منظمومتها الكروية واضحة المدخلات (عناصر اللعبة) والمخرجات (المكاسب) كما يعني مفهوم المنظومة تحت مظلة فلسفة كروية ذات أهداف تنموية مستديمة واستراتيجيات واضحة المعالم. فالمنظومة الكروية وعلى رأسها كابتن سمير زاهر -وأستثني الآن حسن صقر- لا تملك من الكفاءات من يستطعون النهوض بالكرة المصرية ووضعها في مكانها الصحيح.. وأبسط وأهم كفاءة يجب أن تتوافر بهم هي فن إدارة الأزمات وأترك لك عزيزي القارئ أن تحصي كم الأزمات التي فشل ذلك الاتحاد في معالجتها أو نجح بامتياز في صناعتها. وكما يقول المثل الشهير: "معظم النار من مستصغر الشرر". وكل ما فات من أزمات كان مستصغر شرر للنار التي أوقدها الاتحاد متمثلاً في تدخلاته السافره في أعمال لجان المسابقات والتحكيم منذ عودة المسابقة المحلية الأولى, عقب ثورة 25 يناير, فأشعل النار في قلوب الشباب الموتورين بحب أنديتهم وغير المدركين لخطورة أفعالهم تقليداً لتقليعات أوربية في التشجيع قد ولى عهدها هناك لتبدأ مرحلة جديدة مع مهووسي كرة القدم في دول العالم النامي. ولكن ما الشرارة الأخيرة للاتحاد التي يبدوا أنها ستحرق الجميع؟ حيرة في استكمال مسابقة الكأس.. والسبب معروف! حيرة في تطبيق لائحة العقوبات بجدية والسبب معروف! ثم تعديل لائحة العقوبات القاصرة وغير الفاعلة أصلاً أثناء الموسم الكروي، ولم لا وهو من تهاون في تطبيق بنودها العرجاء خلال عهده.. فجاء له الوقت لترقيعها، فعندما يرى جمهور الأهلي قصور عقوبات الاتحاد على جماهير الزمالك والإسماعيلي والمصري فماذا أنت منتظر منه؟ وماذا تنتظر من جمهور الزمالك عندما ترى قصورا في تطبيق العقوبات على منافسيه؟ وماذا تنتظر من جمهور الإسماعيلي عندما تراه مكبوتاً داخل شرنقة الاضطهاد وعدم المساواة مع ناديي القمة؟ بالقطع عزيزي القارئ إنها نار تستعر وستشتعل بها الرياضة المصرية. ماذا تنتظر من أندية صغيرة تعاني الأمرين من الاتحاد المصري، فبلدية المحلة عليه الدفع الفوري للاعبيه الشاكين في حقه ونقول له لا لقيد لاعبيه الجدد... أما الزمالك فنعطيه مهلة للرد وإعطائ فرصة لقيد لاعبيه الجدد بل نحارب من طالب بحقه سواء كان منصفاً أو عزيزاً أو غير مسعد! ماذا تنتظر من أندية فشلت إدراتها في توفير مصادر دخل (العيب على اللي اختاروهم طبعاً) وتطالب بحقوقها لدى الاتحاد الذي يماطل فتطالب بسداد حقوق لاعبيها من مستحقاتها لدى الاتحاد أو تطلب حكاماً أجانب كنوع من تخليص الحق؟! ماذا تنتظر من الحكام؟ فبتدخلاتك السافرة في عمل لجنتهم أفقدتهم الثقة بها... ولا أسوأ ولا أعجب مما حدث مع الجونة وحكام مباراته أمام الزمالك...وأقف احتراما للكابتن محمد فاروق إن صدق فيما قاله وأتمنى أن يفعلها الكابتن عامر حسين ومن ورائه الكابتن عصام صيام لكي يحافظوا على ما تبقى... هذا إن تبقى شيء! والحكام هم أهم عناصر اللعبة.. أين معسكرات الإعداد العملية؟ ولا تقل لي معسكر (اليومين).. أعطهم حقوقهم أولا بأول.. اعدل بينهم.. زد من عددهم.. أعطهم الثقة.. وفر لهم الحماية (أمنياً – وبالجزاءات الرادعة).. والرعاية الطبية.. ولا تتدخل في عملهم.. ولن ترى من يعترض على الفاروق أو العباس!!! كل هذا صب في بوتقة المغالاة و التعصب في التشجيع.. ونتج عنه كوراث في القاهرة.. والإسماعيلية.. وبورسعيد.. وأسيوط.. والإسكندرية! ولكن ما أتى به جمهور الزمالك والأهلي أخيراً هو قمة الانحدار الكروي المصري في التشجيع ولا مبرر لذلك، حتى ولو بغرض إدخال الرعب في قلوب المنافس والذي مورس كثيرا على لاعبينا في متاهات إفريقيا بل في القاهرة من جمهور الترجي الذي قلده جمهور الأهلي لينجح الأهلي في إحراز هدف تاهل به كما فعل الترجي من قلب القاهرة. ولن أدفن رأسي في الرمل كإيهاب صالح الذي أرجع اللوم في مشكلة الجونة التحكيمية للإعلان المبكر عن أسماء الحكام مما أعطى الفرصة للماكرين من الجانبين للاعتراض.. أو كالسيد عبد العزيز أمين الذي شهد عهد ولايته على الاستاد كل كوارثنا فيه (فلا تأمين ولا تخطيط ولا إدراة للأزمات ولا تصرف واحدا سليما رأينا منه).. ولا كالسيد عصام صيام الذي ورط نفسه مع لا نظام كروي تنخر فيه سوسة عدم الانضباط والتخطيط والإهمال وهو الرجل العسكري المنضبط والمخطط والحريص في عمله. يا سادة.. باعة الشماريخ وحملتها ومشعلوها ومهربوها داخل الاستادات معروفون.. وحملة الليزر معروفون.. ويسهل التعامل معهم إن أراد السيد اللواء مدير هيئة الاستاد، بل يسهل سن قانون بتجريمها لمحاربتها كالمخدرات.. أو الإعلان عن اعتبار الفريق الذي تشعل جماهيره شماريخ مهزوماً. يا سادة.. العيب فينا.. نحن من زرعنا التعصب وهذا حصاده.. نحن من لا يعي دروس الماضي أو الآخرين.. نحن من زرعنا الإعلام الفاسد المفسد وهذا حصاده.. نحن من تجاهلنا أو أبطلنا اللوائح وهذا هو العقاب.. ونحن من سيقتل الرياضة المصرية إن استمر على رأسها هذا اللانظام الكروي. نقطة أخيرة: أحمد الله أن فريق زيسكو فريق حديث العهد كروياً ونظيف التكوين.. لولا ذلك لسقط ثلاثة من لاعبيه أرضاً مدعين الاختناق من دخان الشماريخ لتلغى المباراة رسمياً، وتصبح نقطة عار في جبين الجماهير الأهلاوية والمصرية.. "ويبقى الدبة اللي قتلت صاحبها"! وأخيرا على رأي المثل: "اللي يحب الدح ما يقولش.....!!".. *