هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. كان الخبر الأهم عالمياً، يوم أمس، هو إعلان الرئيس الأمريكي نجاح القوات الأمريكية في اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن.. وعلى الرغم من نفي بعضهم في القاعدة وطالبان هذا الخبر والتشكيك في صحته.. إلا أن الأمريكيين أكدوا ما أعلنه رئيسهم وقاموا بتحليل الحامض النووي لجثة أسامة بن لادن للتأكد من هويته ووفاته.. وأنا لست من هؤلاء الذين يتحدثون كثيراً عن كرة القدم وقت الفراغ وهزل الحكايات وتسطيح الأفكار والمعاني.. فإن جاء أوان للجد أو الفكر والغضب.. إما يسكتون عن أي أحاديث للكرة خجلاً.. أو يمتلكون جرأة الجهل ليبقى حديثهم عن الكرة دائراً وصاخباً وكأن شيئا لم يحدث.. لهذا سأبقى أتحدث عن الكرة حتى والعالم كله الآن يتحدث عن أسامة بن لادن.. وليس عندي حكايات كثيرة أرويها ولكن يشغلني الآن سؤال مهم جداً.. فقد تابعت، منذ أمس، ردود أفعال قادة الميليشيات وحركات المجاهدين الصومالية، الذين كانوا الأكثر غضباً لمقتل بن لادن والأشد رغبة في الثأر له من قاتليه.. والسؤال هو: طالما أنهم يحبون بن لادن ويحترمونه ويقتدون به إلى هذا الحد.. فلماذا إذن كانت حربهم القاسية والمدمرة ضد كرة القدم ومن يحبها ويشاهد مبارياتها، إلى حد قتل كل من يتم ضبطه ولو داخل بيته متورطاً بمشاهدة مباراة للكرة؟.. كيف يكره هؤلاء الشباب الكرة إلى هذا الحد ويحاربونها بمثل هذه القسوة ويعتبرونها لعبة الشيطان التي يراها الإسلام حراماً؟! تماماً مثل كل رجال طالبان الذين كانوا حلفاء لبن لادن وشركاء له.. بينما تأتينا قبل سنوات كل تفاصيل ومشاهد غرام أسامة بن لادن بكرة القدم.. أي أن هؤلاء الشباب أكدوا طول الوقت تأثرهم بفكر بن لادن ومنهجه واعتبروا أنفسهم تلاميذه المخلصين، الذين ساروا وراءه وسيكملون طريقه ودعوته.. بينما لم يرفضوا عشق بن لادن للكرة.. ولم يدفعهم حتى هذا الغرام للعفو والسماح للصوماليين أو الأفغان البسطاء والفقراء بمجرد الفرجة على كرة القدم.. هل هو مجرد تناقض أم انتقاء وهوى؟! فمن المؤكد أن بن لادن كانت له حكايته مع الكرة.. وفي العام الماضي فوجئ العالم كله بكتاب جديد ألفه ناصر البحري، أحد الحراس الشخصيين السابقين لأسامة بن لادن، وفي ذلك الكتاب الذي حمل عنوان "في ظل بن لادن" قال ناصر إن أسامة كان عاشقاً لكرة القدم.. وإنه كان يلعبها حتى وهو مطارد والمطلوب رقم واحد من الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم كله.. قال ناصر أيضا إن أسامة كان يلعب الكرة رافضا أن يخلع عمامته ويصر على أن يلعب بها، لأن زعيم القاعدة كان يعتقد أن لعب الكرة مع أعضاء القاعدة ورجالها وجنودها لا ينتقص من قدره ومكانته أمامهم كزعيم لهم بعكس الحال لو رأوه بينهم دون عمامة.. ومن هذا الكتاب عرفنا أيضا أن بن لادن كان يفضل اللعب في خط الهجوم لأنه ليس مولعا بأدوار الدفاع.. وكانت محطة "سي. إن. إن" الأمريكية قد أذاعت قبل سنوات فيلما وثائقيا بعنوان "على خطى أسامة"، وجاء فيه أن بن لادن، قائد القاعدة، الذي كان يجد سعادته الحقيقية في ممارسة الكرة والفرجة عليها لم يكن يستهويه القيام بدور القائد في أي فريق لكرة القدم يلعب له أو معه.. بل كان يتحول إلى مجرد لاعب في الفريق يلتزم تماماً وبطاعة كاملة لقائد الفريق من داخل الملعب أو خارجه.. وحكى الحارس الشخصي لبن لادن في كتابه يوم تعرض أسامة للعرقلة بمنتهى الخشونة في إحدى المباريات.. فجرى الحارس نحو اللاعب الآخر يريد تعنيفه أو حتى الاعتداء عليه، فما كان من بن لادن إلا أن أوقفه قائلا له إنه أمر طبيعي جدا في مباريات كرة القدم.. فهل الكرة في رأي هؤلاء جميعهم حرام ولعبة الشيطان بالفعل ومن يحبها أو يمارسها يستحق الموت؟! ولو كانت كذلك.. فلماذا إذن الغضب على قتل أسامة بن لادن؟!