لم تكد تنتهي الزوبعة التي حدثت بعد ما تردد عن سعي مصلحة الضرائب العقارية للحجز على أرصدة العملاء المتهربين تهدأ، حتى هبت عاصفة أخرى آتية من جهة مصلحة الضرائب بتصريح رئيسها عماد سامي ل"رويترز" بوجود مقترح تعديل تشريعي على قانون الدخل يسمح لوزير المالية بالاطلاع على حسابات الأفراد والشركات للحد من التهرب الضريبي. تصريح رئيس مصلحة الضرائب الذي جاء صباح أمس، لم يمر مرور الكرام، حيث قام محافظ البنك المركزي، طارق عامر، بإرسال رسائل لكافة الصحف والمواقع الإلكترونية يؤكد فيها أنه لن يسمح بمثل هذه التعديلات، وأن البنك المركزي مستمر في الدفاع عن سرية حسابات العملاء . وزاد "عامر" على هذا الحديث قوله: "ننصح رئيس مصلحة الضرائب بالتريث فيما يقول… نحن أمناء حافظين لمدخرات المواطن، نحن لسنا الحكومة". وهذه هي المرة الثانية التي يؤكد فيها البنك المركزي خلال شهر حمايته سرية حسابات العملاء، ففي مطلع الشهر نفي جمال نجم، نائب المحافظ، ما تردد عن توجيه كتاب للبنوك للحجز على أرصدة العملاء المتهربين من سداد الضريبة العقارية. ويأتي هذا التضارب أو ما يمكن أن نطلق عليه "عدم تنسيق" بين القائمين على الأمر في الحكومة والبنك المركزي، في ظل مرحلة حرجة تمر بها الدولة وتسعى خلالها لكسب ثقة المستثمرين الأجانب في ظل اتخاذها إجراءات اقتصادية صعبة للخروج . يشار إلى أن مشروع قانون البنوك الجديد الذي يعمل عليه البنك المركزي حاليًا سيتضمن بابًا مخصصًا لحماية المستهلكين "العملاء". وبعد ساعات من تصريحات المركزي أصدر عماد سامي، رئيس مصلحة الضرائب، بيانًا تراجع فيه عن تصريحاته الأولى قائلا: إن ما نشر على لسانه في هذا الشأن تمت صياغته على خلاف المقصود من التصريح، وأن هذا اللغط من شأنه الإضرار بالحصيلة الضريبية، والمساس باستقرار القطاع المصرفي الذي يعد محركا رئيسيًا للاقتصاد القومي. وأكد سامي احترام المصلحة لقانون سرية الحسابات المصرفية، فهو ضمانة للمستثمرين والمتعاملين مع البنوك كافة، وهذا حق أصيل للبنك المركزي، وهناك إجراءات وآليات قانونية تمكن سلطات الضرائب من مواجهة عمليات التهرب الضريبي، وما يتعلق بها من الكشف عن الحسابات المصرفية. وأكد بيان مصلحة الضرائب المصرية اليوم، أن القانون رقم 91 لسنة 2005 ينظم عملية الكشف عن الحسابات المصرفية، وهذا القانون هو المعمول به والمطبق في هذا الشأن، وأن الأصل أن بيانات الممولين لدى مصلحة الضرائب سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها إلا بناء على موافقة الممول أو بنص خاص فى القانون، وكذلك حسابات العملاء في البنوك سرية ولا يجوز الاطلاع عليها، وهذه السرية مصونة ولا يجوز الاطلاع عليها إلا بناء على ما ورد بأحكام قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، وكذلك قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003. في سياق متصل قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، لجريدة "المال" إن البنوك تقوم بالفعل من خلال إدارات الالتزام بالبنوك بمتابعة أرصدة حسابات العملاء الشخصية، وفي حالة حدوث أي شبهة تعامل تجاري تشير إلى التهرب الضريبي يتم التعامل معها في الحال. ونفى أن يحدث تصريح رئيس مصلحة الجمارك أية بلبلة أو رد فعل عكسي من المودعين بالبنوك، مؤكدًا أن القطاع المصرفي يتمتع بشفافية وإفصاح كبيرين وعلاقة قوية مع العملاء، كما أن هناك وعيا من قبل العملاء بأن أموالهم مضمونة لدى البنوك . وفي ذات الوقت أشار إلى أن النظام الضريبي المحكم يصب في صالح الدولة، وأي تعديل تشريعي يسعى لمواجهة المتهربين يجب الترحيب به طالما لا يتعارض مع القوانين الموضوعة لحماية العملاء وسرية حساباتهم، مشيرًا إلى ما تقوم به الولاياتالمتحدة لملاحقة مواطنيها في خارج أراضيها للحفاظ على مواردها الضريبية.