بقلم الدكتور ميشيل كوربالس، مجلة علم النفس اليوم ترجمة محمد عبد الكريم يوسف بوابة شموس نيوز – خاص هل بدأ تأثير نعوم تشومسكي على علم النفس بالتراجع ؟ من يخشى نعوم تشومسكي ؟ أنا ! دعني أقارب الموضوع على أية حال . نعوم تشومسكي شخصية قطبية في الحياة الفكرية الحديثة. وهو معروف جدا بخطابة الشعبي الواسع وانتقاداته الراديكالية للسياسة الخارجية الأمريكية ، وقد كتب عدد الا يعد ولايحصى من الكتب الأكثر مبيعاً حول هذا الموضوع والمواضيع السياسية الأخرى ذات الصلة. وهو فيلسوف ولغوي رغم أنه معروف بفكره الرائع الذي دفع الكثيرين لاعتباره المفكر الأول في عصرنا الراهن وهي في يقف على قدم المساوة في الموضع الذي يقف فيه أرسطوطاليس أو ديكارت . كان له تأثير كبير على علم النفس. ولأكثر من نصف القرن العشرين،كانت السلوكية تهيمن على علم النفس حيث كانت تركز على ما يفعله الناس في المجتمع أكثر من التركيز على ما يجري في عقولهم . وفي عام 1957 نشر بي أف سكنر كتابا فريدا أسماه " السلوك اللفظي" وهو محاولة للوصول إلى قمة النفس وتفسير اللغة التي تعد الأكثر خداعا في الخصال الإنسانية . في نفس العام، نشر تشومسكي كتابا صغيرا أسماه التركيبات النحوية ،استند فيه إلى أطروحته لنيل درجة الدكتوراه،والتأكد فيها أن اللغة ليست مسألة سلوك مكتسب، ولكنها تعتمد على قواعد فطرية. وقد سميت هذه القواعد فيما بعدب "القواعد العالمية" ، وهي قواعد لغوية مشتركة بين جميع البشر ولكنها مُنكرة على جميع المخلوقات الأخرى. أعتقد أن كلا الكتابين غير قابلين للقراءة نوعا ما ،ولكنهما وضعا علامة فارقة على عام 1957 وجعلاه عامًا حافلاً في تاريخ العلوم النفسية، كما أنهما يضعان بصماتهما على الفلسفة واللغويات. وبعد مرور عامين، نشر تشومسكي مراجعة – وهو ما قد يقوله – عن كتاب سكينر. ثم تراج عت السلوكية نفسها بسرعة واستعيض عنها بما أصبح يسمى "الثورة المعرفية". وقد بعثرت الجرذان (والحمامات) من المختبرات النفسية كما لو أن نافخ البوق من هاميلين قد قادها بعيدا وحلم حلها طلاب المرحلة الجامعية الأولى . والعقل نفسه عاد إلى العمل . كما لعب صعود الكمبيوتر الرقمي دورًا – وهو اتجاه استمر في التطور بسرعة منذرة . وقد اختفى حتى البشر من المختبر وربما من مكانا لعمل واسْتُبْدلوا بآلاتذكية. ومع ذلك، ظل تشومسكي نفسه بمعزل عن الانجراف نحو العلوم المعرفية،واستمر مع محاولات غامضة في بعض الأحيان لشر حكي فية عملا لقواعد. في عام 1982 ،نشر العالم اللغو يجيمسد. مكاولي كتابًا بعنوان "ثلاثون مليون نظرية في القواعد النحوية ". وصار الأمر أكثر سوءا . محاولات مبهمة، أو ببساطة خلف ما يدركه فهم البشر؟ هل تعتمد سمعة تشومسكي الفكرية الهائلة على فرضية بسيطة مفادها أنه إذا لم تتمكن أنت من فهمها، فيجب أن تكون عميقة ؟إن إحساسي هو أنه إذا حاول المرء أن يتغلغل في عمق كتاب اتتشومسكي ،فإنه يبدو بشكل متزايد غير متناسب مع الواقع البيولوجي والنفسي الذي نعيشه . في البداية، هنا كقضية تدور حول 6000 لغة أو أكثر في العالم، وكل لغة فيها تبدو غير قابلة للاختراق من الآخرين . كيف يمكن أن يكون هناك "قواعد عالمية" تكمن وراءها جميعًا ؟يدفن تشومسكي هذه القضية من خلال افتراض أن القواعد العامة، أو ما يسميه أيضًا اللغة الداخلية، ليست مصممة للتواصل على الإطلاق . إنها نمط فكري بشري فريد ورمز ي وتكراري ومتغير بلاحدود. إن اللغة التواصلية – أو ما يطلق عليه بعض التشومسكيين لغة خارجية – تمثل ببساطة طرقا غير المجدية (بالنسبة إلىتشومسكي) يُخرج فيها الناس من أصحاب الثقافات المختلفة أفكارهم نحو العلن . وثانياً ، يؤكد تشومسكي أن لغة الفكر الداخلية هذه ظهرت في خطوة واحدة مهمة في إنسان واحد، يصفه تشومسكيب شكل غريب بأنه بروميثيوس خلال المائة ألف عام الماضية بعد أن ظهر جنسنا نفسه. هذا يبدو خارقًا يعتمد على المعجزات أكثر من اعتماده على العلم . كما أنه لا معنى له من حيث التطور إذ لا تحدث التغييرات الكبيرة في خطوة واحدة. وعلى المرء أن يتساءل كيف تعامل بروميثيوس مع المحيط ومسلكه في الحياة . مع من كان يتحدث؟وكيف كان يتكيف فيتواصلهأ وحتى تفكيره،عندما يكون هنا كفردا واحدا قادرا على ذلك؟ إن مسألة كيف تطورت اللغة البشرية والفكر هي احدى التحديات البيولوجية في عصرنا. كان لدىتشومسكي رؤى مبكرة مهمة حول طبيعة اللغة، لكننا تجاوزناها .