بوابة شموس نيوز – خاص مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ أعجب عبور مائى فى التاريخ بعد شهرين من انتصار الجيش الإسلامي بقيادة الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على جيش الفرس في موقعة القادسية أمره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بفتح «المدائن» عاصمة الفرس , وهى تتكون من سبع مدائن وهى درة الديار الفارسية ومستقر ملوكها ومركز قوتها . … ارسل سعد أجد رجاله للمدائن الغربية فنجح فى فتحها بينما توجه سعد قاصدا المدائن الشرقية فدخل بجيشه مدينة بهرسير ضاحية للمدائن على الضفة الغربية لدجلة، لا يفصلها عن المدائن سوى النهر، ولا تبعد عن بغداد بأكثر من عشرين ميلا إلى الجنوب …. وقف المسلمون على الضفة الشرقية من نهر دجلة المقابله للمدائن عاصمه كسرى حيث ايوانه الضخم الذى يتراوح ارتفاعه ما بين 28 إلى 29 متراً أو ما يعادل نحو عشرة طوابق وينتهى بقبة بيضاوية ضخمة ، تعلو فوق هذه الأشجار وقد أوقد الفرس حولها المصابيح، فظهر إيوان كسرى أبيض متلألئاً وسط الجهة الأخرى، فتمكن المسلمون من رؤيتها وهم على شاطئ دجلة …… احتار المسلمين في طريقة العبور بعد ان اخذ الفرس معهم كل السفن وأحرقوا الجسر بعد هروبهم من بهرسير نحو المدائن، وزاد الطين بلة ان النهر فاجأ المسلمين بفيضان عظيم ومد كبير، وظل سعد يراقب بقلق ذلك النهر الهائج الذى يقذف بالزبد من شدة جريانه، كما ان عمق هذا النهر لا يقل عن سته امتار ……….. .شكل سعد رضي الله عنه رأس حربة للعبور أساسها التطوع، فتطوع ستمائة من فرسان المسلمين فقام بتقسيم الجبش إلى عدة كتائب، وجعل على رأس كل منها قائدًا من أمهر رجاله: فكانت الكتيبة "كتيبة الأهوال" بقياده عاصم بن عمرو التمبمى الملقب بذي البأس، أما الكتيبة الثانية "كتيبة الخرساء" فقادها القعقاع بن عمرو ثم سار هو على بقية الجيش. …………………. أمر سعد باقي جيش المسلمين وهم 27,400 فارس بالعبور وقال لهم: ( قولوا نستيعن بالله ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ). . … تقدمت الكتيبتان في إيمان وشجاعة؛ فلا البحر يخيفهم ولا الفرسان المتربصون بهم على الشاطئ الآخر يرهبونهم.. وأسرع المسلمون يعبرون النهر بخيولهم حتى امتلأت صفحة النهر بالخيل والفرسان والدواب، بينما جمع الفرس عدد كبير من فرسانهم حول الشاطئ مدججين بالسلاح يترقبون وصول المسلمين ليرشقوهم بالسهام والرماح، ويقضوا عليهم قبل أن يصلوا إلى الشاطىء . …. ادرك عمرو بن عاصم قائد كتيبة الأهوال ما ينتظرهم، فأمر رجاله أن يشرعوا رماحهم، ويصوبوها إلى عيون خيل الفرس، لتعم الفوضى بينهم وتضطرب صفوفهم، ويفرون أمام المسلمين، وقد امتلأت نفوسهم رعبًا وفزعًا، ………… وفى يوم الثلاثاء (18 صفر / 16 ه ) اتم المسلمين عبورهم بعدما أذهلت مفاجأة العبور الخارقة الجند الذين كلفهم كسرى بالدفاع عن المدائن، فانهارت أعصابهم وفروا تاركين مواقعهم الحصينة خلفهم ونجوا بأنفسهم وتركوا كل التموينات والأسلحة التي اعطيت لهم لكي يدافعوا عن المدينة، كما ترك الامراء والقادة في خزائنهم من الملابس والذهب والجواهر ما يفوق الحصر ولا يدري ما قيمته إلا الله وخرجوا لا يلوون على شيء إلا على أنفسهم. ….. أفزعت هذه المفاجأة السريعة يزدجرد حتى انه خشى الخروج من باب قصره، إذ كانت واجهته شرقية حيث عبر المسلمون على بعد مئات قليلة من الامتار، والطريق مفتوح.. فدلاه قومه من الشرفات الخلفية لقصره في "صندوق وهكذا اصبحت المدائن خالية من المدافعين ومن الناس عدا البسطاء من العامة الذين لم يجدوا فرصة للهروب فدخل جيش سعد عاصمة كسرى دون قتال، وساروا في طرقات خالية وسكك خاوية وأشجار باسقة، حتى انتهى إلى إيوان كسرى . فدخله سعد وهو يقرأ قوله تعالى: "كم تركوا من جنات وعيون *وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قومًا آخرين" (الدخان: 25-28 ). ثم صلى فيه صلاة الفتح ثم بعث إلى عمر رضي الله عنه بخبر الفتح. ……. وهكذا سقطت المدائن عاصمة الفرس العريقة في أيدي المسلمين فكان سقوطها إيذانا بانهيار إمبراطورية الفرس كلها، وبداية صفحة جديدة من تاريخ فارس، بعد أن بادر كثير من أهالي تلك البلاد إلى الدخول في الإسلام؛ ولم يبقى بعد هذا الفتح العظيم للفرس في العراق موضع قدم ….. وهكذا سقطت مدائن كسرى في أيدي المسلمين . …………. أميمه حسين