سجل الآن، انطلاق اختبارات القدرات لطلاب الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    قبل انطلاق تنسيق المتفوقين 2025، قواعد قبول طلاب مدارس النيل الثانوية الدولية بالجامعات    ارتفاع البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    الدين والإيجار القديم    مجلة إسرائيلية تكشف عن وحدة سرية بالجيش لتبرير استهداف الصحفيين في غزة    هيئة البث الإسرائيلية: جيش الاحتلال يستعد لتقديم موعد الاجتياح البري ل غزة    ارتفاع حصيلة القتلى بسبب الأمطار الغزيرة في كشمير الهندية إلى 50 شخصا    تجدد الحرائق في غابات اللاذقية شمال غربي سوريا ونزوح عائلات    بيراميدز يستعد لمباراة المصري بالفوز وديا على دايموند    غلق كلي بكوبري الجلاء في الاتجاهين لمدة 3 ساعات غدا السبت    وزير الثقافة يفتتح فعاليات الدورة 33 من مهرجان القلعة    رئيس جامعة بنها يتفقد المستشفى الجامعي للاطمئنان على الخدمات المقدمة للمرضى    الرعاية الصحية وبنك أبوظبي يطلقان خدمات متطورة لخدمة المرضى    الاتحاد السكندري يعاقب المتخاذلين ويطوي صفحة فيوتشر استعدادًا ل «الدراويش» في الدوري    صحيفة تكشف تفاصيل إصابة فليك بتدريبات برشلونة    تشالهانوجلو يعود إلى اهتمامات النصر السعودي    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 فلكيًا في مصر (تفاصيل)    ب6 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    المنيا.. مصرع طفلة إثر صعق كهربائي داخل منزل جدتها بسمالوط    الرئاسة في أسبوع، السيسي يوجه بوضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام.. حماية تراث الإذاعة والتلفزيون.. ورسائل حاسمة بشأن أزمة سد النهضة وحرب غزة    فنانو مصر عن تصريحات «إسرائيل الكبرى»: «نصطف منذ اليوم جنودًا مدافعين عن شرف الوطن»    عمرو يوسف: تسعدني منافسة «درويش» مع أفلام الصيف.. وأتمنى أن تظل سائدة على السينما (فيديو)    رانيا فريد شوقي في مئوية هدى سلطان: رحيل ابنتها أثر عليها.. ولحقت بها بعد وفاتها بشهرين    وفاء النيل.. من قرابين الفراعنة إلى مواكب المماليك واحتفالات الخديوية حتى السد العالي    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة».. إمام المسجد الحرام: تأخير الصلاة عند شدة الحر مشروع    خطيب الجامع الأزهر: الإسلام يدعو للوحدة ويحذر من الفرقة والتشتت    «السلام عليكم دار قوم مؤمنين».. عالم بالأزهر: الدعاء عند قبور الصالحين مشروع    المتحدث العسكري ينشر فيديو عن جهود القوات المسلحة في إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة (تفاصيل)    بعد «الإحلال والتجديد».. افتتاح مسجد العبور بالمنيا    بحث تطوير المنظومة الطبية ورفع كفاءة المستشفيات بالمنيا    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    خدمات علاجية مجانية ل 1458 مواطنا في قافلة طبية مجانية بدمياط    الصفقة الخامسة.. ميلان يضم مدافع يونج بويز السويسري    ترامب يؤيد دخول الصحفيين إلى قطاع غزة    مديرية الزراعة بسوهاج تتلقى طلبات المباني على الأرض الزراعية بدائرة المحافظة    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.1% خلال الربع الثاني من 2025    السيسي يوافق على ربط موازنة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعام 2025-2026    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    117 مليون مشاهدة وتوب 7 على "يوتيوب"..نجاح كبير ل "ملكة جمال الكون"    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    الزمالك يمنح محمد السيد مهلة أخيرة لحسم ملف تجديد تعاقده    محافظ الدقهلية يتفقد عمل المخابز في المنصورة وشربين    محافظ أسيوط يتفقد محطة مياه البورة بعد أعمال الإحلال    البورصة: ارتفاع محدود ل 4 مؤشرات و 371.2 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتدال والعبقرية في مفردات العربية
نشر في شموس يوم 16 - 10 - 2017

من المَظاهِرِ اللافتةِ للنَّظرِ الدَّالَةِ على عبقريَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ ومنهجها العقلي أنَّ معظم كلماتها ثلاثية؛ أي أنَّ أصول كلماتها مبني على ثلاثةِ أحْرُف؛ يقول ابن جني:"إنَّ الأصول ثلاثة: ثلاثي ورباعي وخماسي، فأكثرها استعمالاً وأعدلها تركيبا الثلاثيُّ؛ وذلك لأنَّه حرف يُبتَدأ به، وحرف يُحشَى به، وحرف يُوقَف عليه… وتمكن الثلاثي لأنه إذا كان الثلاثي أخفَّ وأمكنَ من الثنائي -على قلة حروفه- فلا محالة أنَّهُ أخفُّ وأمكنُ من الرباعي؛ لكثرة حروفه. ثُمَّ لا شكَّ فيما بعد في ثقل الخماسي وقوة الكلفة به"، لما في ذلك من السهولة واليسر في النطق، وهذا لا يمنع وجود كلمات رباعية وخماسية؛ لكنَّها قليلةٌ جِدًّا لو قارناها بعدد الكلمات الثلاثية في بنيان اللغة العربية؛ لما في الكلمات الرباعية والخماسية من عسر وصعوبة في النطق، بيد أنها تأتي لتدل على معانٍ لا يمكننا التعبير عنها بالبنية الثلاثية.
ومن خصائص اللغة العربية ثبات الحروف الأصلية الثلاثة في كل مادة مهما يطرأ على الكلمة من تبدُّل في اشتقاقها وصيغتها كحروف (ع ل م) فإنَّ جميع الألفاظ التي اشتقت أو يمكن أن تشتق من هذه المادة ؛ كالعلم والعلوم والعلماء والاستعلام والمعلومات والمعالم والتعليم والإعلام، وغيرها من الألفاظ المشتقة من هذا الأصل تشتمل على جميع الحروف الثلاثة، ويقابل ثبات الحروف الثلاثة ثبات المعنى الأصلي والمفهوم المشترك بين الألفاظ، وهكذا تبدو خاصية ثبات الأصول في صورتها اللفظية ودلالتها المعنوية. وهذه الخاصية هي التي يتطلبها الإسلام لإمكان تثبيت المفاهيم التي يريد تثبيتها في مبادئه وأحكامه مع بقائها واستمرارها في اللغة الشائعة المستعملة عند أبنائها دون أن تحدث فجوة واسعة بين الأصل اللغوي المستعمل وما انتهى إليه في صورته ومعناه، وهكذا يبقى أبناء العربية على صلة وثيقة وفهم صحيح للنص القديم مهما يطل العهد به، أمَّا اللغات الأخرى فإنَّ الألفاظ فيها يعتريها التبديل والتحويل في صورتها حتى تتغير حروفها وأصواتها فلا تكاد تعرف أصلها ولا دلالتها المعنوية كذلك. ونلاحظ أنَّ الكلمات القصيرة في العربية ذوات الحرفين أو الثلاثة أو الأربعة تقابلها كلمات طويلة في اللغات الأوربية قد تصل إلى عشرة أحرف أو تزيد، ومن المعروف أنَّ أقصى ما تصل إليه الكلمات العربية بالزيادة سبعة أحرف في الأسماء كما في استخراج، واستعمار، وستة في الأفعال كما في استخرج واستعمر، في حين أنَّ الكلمات في اللغات الأوربية قد تصل إلى خمسة عشر حرفًا أو أكثر كما في internationalism بمعنى الدولية وincomprehensible بمعنى غامض في الإنجليزية، و enstschuldigung بمعنى معذرة في الألمانية.
إنَّ بناء الكلمة العربية أشبه بهيكل البناء المبني أو بالمعدن المصوغ بعد إذابته أو المصبوب في قالبٍ خاصٍّ. وتُسمَّى هذه التراكيب الصوتية للألفاظ في اللغة العربية أبنية وصيغًا وأوزانًا. ذلك أنَّها من جهة (بناء) لكونها تركيبًا خاصًّا للحروف، وهي (صيغة) باعتبار توزيع الحروف الأصلية والحركات والحروف الزائدة توزيعًا خاصًا يشبه إذابة المعدن وصياغته في قالبٍ مُعيَّنٍ أو صيغةٍ، وهي أخيرًا (وزن) لأنَّ جميع الكلمات التي تكون من صيغة واحدة لها وزن موسيقي واحد من الواجهة الصوتية، فالكلمات التي على صيغة فاعل مثل (صاحب وكاتب وشارك وعاتب وسافر) على وزن موسيقي واحد، وكذلك الكلمات التي على صيغة فعلان أو فعلول أو فاعول أو يفعل أو فعلت.. الخ، فلكل كلمة عربية مادة وصورة ومعنى، فالصورة هي التي تتجلَّى في شكلها والتي يمكننا أن نسميها كما سماها القدماء بنية أو بناء وصيغة أو وزنًا. ولذلك اتَّخذ علماء الصَّرْف لهم ميزانًا صرفيًّا مكونًا مِن ثلاثة أحرُف (فعل) لبيان الأحوال المختلِفة للكلمة المراد وزْنها، ولما كانتْ هناك كلمات رباعيَّة الأصول وخماسيتها؛ فقدْ زادوا على (فعل) لامًا ثانية، فأصبح (فعلل) للرُّباعي المجرَّد، ولامًا ثالثة، فأصبح الوزن (فَعْلَلَّ) أو(فَعْلِلل) للخُماسي المجرَّد، نحو: "جحمرش" للمرأة العَجوز.
إنَّ المعاجمَ العربيَّةَ تُقدِّمُ لنا مفرداتِ اللُّغةِ في مجموعاتٍ، تشتركُ أفرادُ كُلِّ مجموعة منها في حروف ثلاثة؛ تُعتبرُ المادة الأصلية لتلك المفردات، وفي معنى عامٍّ مُشتركٍ بينها، ثُمَّ تنفردُ كُلُّ واحدةٍ من مُفرداتِ المجموعة بصيغةٍ تُصاغُ فيها؛ تُكسبها معنى خاصًّا ضمن إطار المعنى المشترك، ويكون من بعد هذا لكُلِّ منها حياةٌ وتاريخٌ خاصٌّ يُكسبها شخصيتها وذاتيتها ومعناها المحدد الدقيق؛ مع ما يُحيطُ بها من هالاتٍ وظلالٍ، وما تبعثه في النفس من شعور خاص هو نتيجة ملابساتها وظروفها التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.