بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. من أسماء الله الحسنى: ( الستير) : أيها الأخوة الأكارم، مازلنا مع اسم الستير، وقد قيل الرب رب والعبد عبد، من شأن الرب أن يستر القبيح وأن يظهر الحسن، ومن شأن العبد غير المؤمن أن يظهر القبيح ويستر الحسن، أما المؤمن فمن شأنه أن يتخلق بكمالات الله عز وجل فيستر القبيح ويظهر الحسن، وهذا خلق كريم، وهذا رقي إنساني، أن تُظهر الحسن وأن تستر القبيح، بينما غير المؤمن يظهر القبيح ويستر الحسن، لذلك ورد في بعض الأحاديث أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (( لله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد )) [ أخرجه ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة ] ضيعت شيئاً ثميناً جداً وأنت في حيرة من أمرك ثم وجدته. (( لله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد )) [ أخرجه ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة ] بعد عشر سنوات جاءه الولد، بعد اليأس والإحباط، ومن الظمآن الوارد الذي كان على مشارف الهلاك. (( لله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد )) [ أخرجه ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة ] وإذا تاب العبد توبة نصوحة، هنا الشاهد، هنا اسم الستير. إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه. هذا شأن الستير، إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه. التائب من الذنب كمن لا ذنب له: لذلك: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) ﴾ (سورة النساء) وما أمرك أن تتوب إليه إلا ليتوب عليك، وما أمرك أن تستغفره إلا ليغفر لك، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك، لكن الإنسان غير المؤمن شأنه العكس هو يظهر القبيح ويستر المليح، لذلك ورد في بعض الأحاديث الشريفة: ((تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء، إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا أذاعه…)) [رواه البيهقي عن أبي هريرة] هناك إنسان أنا أسميه قناص، يتعامى عن كل الفضائل، فإذا ضبط تقصيراً أو مخالفة أو عيباً فضحها ونشرها وبالغ في الحديث عنها، هذه اسمه قناص، وهناك نماذج بشرية في كل المجتمعات، يتعامى عن كل الفضائل والخيرات ويظهر العيوب والنقائص. لذلك: (( تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء، إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا أذاعه، وتعوذوا بالله من زوجة سوء، إن دخلت عليها لسنتك، وإن غبت عنها خانتك، وتعوذوا بالله من إمام سوء، إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يغفر)) [رواه البيهقي عن أبي هريرة] هذه فواقر ثلاث. من ستر مؤمناً رضي الله عنه و قربه منه: صدق أيها الأخ الكريم، أنت حين تستر مسلماً وتدفن قصته تحت الأرض ولا تبوح بها إطلاقاً تشعر بقرب من الله كبير، وحدثتكم في اللقاء السابق عن هذه التي زلت قدمها فأصلحها زوجها وجعلها تتوب توبة نصوحاً حتى أن هناك بشارات تبشره برضوان الله عز وجل. القاضي شريح لقيه صديقة الفضيل فقال له: يا شريح كيف حالك في بيتك ؟ قال: منذ عشرين عاماً لم أجد من يعكر صفائي. أحياناً الإنسان يقول: ما نمت يوماً مرتاحاً معها، يقول: والله من عشرين عاماً ما وجدت من زوجتي ما يعكر صفائي، قال: وكيف ذلك يا شريح ؟ قال: خطبت امرأة من أسرة صالحة فلما كان يوم الزفاف وجدت صلاحاً وكمالاً، يقصد صلاحاً في دينها وكمالاً في خلقها، فصليت ركعتين شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة، فلما سلّمت من صلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي وتشكر بشكري، فلما خلا البيت من الأهل والأحباب دنوت منها، فقالت لي: على رسلك يا أبا أمية ( أي انتظر)، وقامت فخطبت، قوية في دينها كاملة في خلقها، قالت: أما بعد، يا أبا أمية إني امرأة غريبة لا أعرف ما تحب ولا ما تكره، فقل ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه، ويا أبا أمية قد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فاتقِ الله فيّ وامتثل قوله تعالى: ﴿ فإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ (229) ﴾ (سورة البقرة) ثم قعدت، قال: فألجأتني إلى أن أخطب، يعني اضطر أن يلقي خطبة أمامها، وقف وقال: أما بعد، فقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك زخراً وأجراً، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، أعطاها قائمتين. عندنا قاعدة: لا معصية قبل التكليف، تكلف، تبين، توضح ثم تحاسب، أزواج كثيرون لا ينطقون بكلمة فإذا أخطأت في ميزانه هو يقيم عليها الدنيا ولا يقعدها، ما بلغت، قال لها أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، شاهد القصة من اسم الستير: قال لها: ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها. صفة الستر أول صفة من صفات المرأة المؤمنة: لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة ليست فضاحة لا تفضح زوجها، الإنسان في البيت عليه ضغوط عمل، أحياناً يقل المال بين يديه، أحياناً يصبح سريع الاستثارة، فالمرأة الصالحة تقدر هذا الظرف، في متاعب في الحياة، أحياناً في التجارة في مشكلات كبيرة جداً، بالوظيفة في صعوبات بالغة، قال لها: ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها. لذلك تكاد صفة الستر تكون صفة أولى في المرأة المؤمنة، من هنا قال عليه الصلاة والسلام: إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها، لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه. شاهدنا في موضوع اسم الستير قوله لها: ما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدت من سيئة فاستريها. من أراد معاتبة من حوله عليه أن يبدأ بذكر إيجابياته لا سلبياته: إخواننا الكرام، الإنسان أحياناً يأخذ من كل جهة إيجابيتها ويبتعد عن سلبياتها، هناك أشخاص بالعكس: يأخذون من كل جهة سلبياتها ويبتعدون عن إيجابيتها، يعني أحياناً يكون لك صديق له إيجابيات كثيرة جداً وله سلبيات، يقتبس من سلبياته ومن سلبيات هذا وهذا فإذا هو كتلة من العيوب والنقائص، وفي إنسان آخر يأخذ من كل شيء إيجابياته، يجمع محاسن كل شيء، فعود نفسك أن ترى في الإنسان الجانب الإيجابي، لا يوجد إنسان كله شر ولا يوجد إنسان كله خير، أنت حينما توطن نفسك، أن ترى في كل إنسان النواحي الإيجابية، كيف ؟ النبي عليه الصلاة والسلام يؤم أصحابه في صلاة من صلوات الفرض، صحابي تأخر عن إدراك الركعة الأولى فدخل إلى المسجد وأسرع ليلحق مع النبي الركعة الأولى، أحدث جلبة وضجيجاً وشوش على الصحابة في صلاتهم، لما انتهت الصلاة ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام ؟ قال: زادك الله حرصاً ولا تعد. ابدأ بالإيجابيات، أنت كمدير مؤسسة، كمعلم، مدير مستشفى، مدير جامعة، مدير مدرسة، حولك موظفون لهم إيجابيات وسلبيات، إياك ثم إياك أن تبدأ بسلبياتهم، عندك موظف يتأخر ولكنه أمين إن أردت أن تعاتبه يجب أن تبدأ بالحديث عن أمانته، أنا معجب بأمانتك، وأنا ممتن من إخلاصك لكن هناك مأخذ طفيف لابد من تلافيه هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام. لذلك هناك عالم نفس أمريكي ألّف كتاباً، كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء ؟ الكتاب الطبعة الأولى كانت خمسة ملايين نسخة، جاء عالم (محمد الغزالي رحمه الله)، أخذ هذه القواعد وذكر ما يقابلها في القرآن والسنة، فإذا كنت مدير مدرسة، أو مدير مشروع، أو مدير جامعة، أو أب، أو معلم، وأردت أن تعاتب بعض من حولك، ابدأ بإيجابياتهم، فجاء بالحديث هذا: