كلمة «عيد» تعود إلى كثرة عوائد الله على عباده من غفران للذنوب، فعيد الفطر يأتى بعد صيام شهر رمضان المبارك وفيه ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر، وبذلك فالعيد يأتى بعد العبادة والغفران..وقداختلفت مظاهر الاحتفال بالعيد فى بر مصر المحروسه من عصر لاخر.. ففى العصر الفاطمى : أطلق الفاطميون على عيد الفطر المبارك اسم ( عيد الحلل ) حيث كانوا يتولون كساء الشعب.. وخصصوا لذلك 16 ألف دينار من اجل هذا الغرض , ويبدأالاحتفال بعيد الفطر بعد صلاة العشاء الأخيرة فى شهر رمضان حيث يحضر الوزير الافطار الأخير فى الشهر الفضيل مع الخليفة ثم يبدأ القراء والمبتهلون التوافد على قصر الخليفه لعمل ختمة قرآنية وابتهالات وتواشيح أما سيدات القصور فكن يرسلن أوانى الماء لتوضع أمام القراء لتشملها بركة ختم القرآن وبعد انتهاء التلاوة والتكبير يقوم الخليفة بنثر الدراهم والدنانير عليهم وتوزع عليهم أطباق القطائف وملابس العيد ومبالغ نقدية ثم تجرى بعض العروض العسكرية واستعراض الخيول والحلوى والآلات الموسيقية. وفى صباح يوم العيد يحرص المصريين على مشاهدة موكب الخليفة لصلاة العيد الذى يضم الوزراء والوجهاء وعلية القوم يتقدمهم الخليفة لينتظموا فى موكب رسمى يخرج من أحد ابواب قصر الخليفة يعرف باسم باب العيد لينطلق فى شوارع مصر بمجرد الإعلان عن أول أيام العيد، لاداء الصلاة وبعد الانتهاء منها يتم ذبح الجمال والخراف وتوزيع لحومها على الفقراء اضافة الى الموائد العامرة التى تقام طوال أيام العيد والمليئة بصنوف الطعام واللحوم ن يقام فى قاعة الذهب بالقصر الفاطمي الشرقي السماط الملكى حيث يتصدره الخليفة والذى يوضع علىه أوان رائعة من الذهب والفضة والصينى يتوسطها 21 طبقاً ضخماً فى كل واحد منها 21 خروفاً و350 من الدجاج ومثلها من الحمام فى أطباق من الخزف الفاخر إلى جانب كميات من اللحوم التى أعدت فى مطابخ القصر وكميات هائلة من الحلوى والكعك والشربات .. اعتنى الخلفاء بكعك العيد حتى أنهم جعلوا له إدارة حكومية خاصة عرفت (بدار الفطرة) تهتم بتجهيز الكميات اللازمة من الكعك وحلو كعب الغزال لتوزيعها ولإعداد مائدة العيد التى حيث يبدأ العمل فى إعداد هذه الكميات الهائلة من شهر رجب وحتى منتصف رمضان، وكان يرصد لإعداد هذه الكميات والأصناف ميزانية ضخمة بلغت فى بعض السنوات عشرين ألف دينار ذهبى (وزن الواحد 4.25 جرام) وذلك لشراء الدقيق وقناطير السكر واللوز والجوز والفستق والسيرج والسمسم والعسل وماء الورد والمسك والكافور ويوضع إنتاج (دار الفطرة) على مائدة عملاقة ليبدو كجبل عظيم أمام شباك القصر الفاطمى حيث يجلس الخليفة بعد الصلاة ليرى الناس وهى تأخذ الكعك لتأكله أو تهديه أو تبيعه فى الأسواق البعيدة فى القاهرة. اما فى العصر الايوبى : فعلى الرغم من محاولات صلاح الدين الأيوبى للقضاء على كل ما يمت بصلة للخلافة الفاطمية فإن كعك العيد ظل ظاهرة تستعصى على كل مسعى لوقفها حتى أن بعض أمراء البيت الأيوبى احتفظوا بالطباخات اللاتى عملن فى القصور الفاطمية لإنتاج كعك العيد ومن أشهرهن طباخة تعمل كعكاً شهياً عرف باسمها «كعك حافظة» .. أما فى عصر المماليك : فقد خصص البعض وقفيات الكعك ليصرف من ريعها على صناعة الكعك وتوزيعه على الفقراء واليتامى فى عيد الفطر ومن أشهر هذه الوقفيات (وقفية الأميرة تتر الحجازية) وتنص الوقفية على توزيع الكعك الناعم والخشن على المدرسين بمدرستها التى أنشأتها عام 748ه، كذلك التوزيع على الفقراء واليتامى. وأقام الأمراء والأعيان حفلات الاستقبال فى ميدان القلعة لتناول وتوزيع الكعك، ومن أشهر من صنعت لهم كعكات ضخمة السلطان المؤيد والسلطان قايتباى وتناولاها مع الحاضرين كدليل على مشاركتهما للمواطنين فرحة العيد وانتشرت عادة توزيع الكعك على نطاق واسع فى العصرين الملوكى والعثمانى فى التكايا والقصور والخانات والمدارس والمساجد والأسبلة.. كما اعتادوا تغطية الكعك بالمفارش والمناديل الحريرية والصور. … أما فى عصر الدولة العثمانية : : كان الاحتفال الرسمى للعيد يبدأ عقب أداء صلاة فجر أول أيام العيد حيث يصعد أمراء الدولة والقضاة فى موكب إلى القلعة ويتوجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة لأداء صلاة العيد، ثم يصطفون لتهنئة الباشا، وفى اليوم التالى كان الباشا ينزل للاحتفال الرسمى بالعيد فى (الجوسق) المعد له بميدان الرميلة (القلعة) والذى فرش بأفخر الوسائد ويتقدم لتهنئة الأمراء الصناجق (كبار البكوات المماليك) والاختيارية (كبار الضباط) وكتخدا الينكجرية (الانكشارية) وتقدم القهوة والحلوى والشربات وتطلق روائح المسك والبخور ثم يخلع الباشا على أرباب المناصب والأمراء، الرتب كما يأمر بالإفراج عن بعض المساجين.. ويسهر الناس ليلة العيد فى ابتهاج وسرور وقد أعدوا الكعك والحلوى لتقديمها للأهل والزوار ويأخذ رب الأسرة زينته ويصطحب أولاده إلى المسجد لأداء صلاة العيد وكان من المعتاد تناول السمك والفسيخ فى أول أيام العيد ومازالت هذه العادة شائعة كما اعتاد الناس زيارة المقابر للتصدق على أرواح موتاهم وإشعارهم بالأنس والمحبة ويحرص الشباب على الخروج فى جماعات للنزهة فى النيل كما يشهد خليج القاهرة وبركة الأزبكية وبركة الفيل وجزيرة الروضة ازدحاماً هائلاً وأن مدافع القلعة كانت تطلق طوال أيام العيد الثلاثة …… ويا محلى ليالى المحروسه فى كل وقت وأوان اميمه حسين