لكل شيء أصل وتاريخ, فكل احتفالات وطقوس العيد لم تكن وليدة اللحظة ولا حديثة العهد بل لها أصول قديمة وتمتد لعصور تاريخية عاشت في القرون الماضية , لنتوارثها بعد ذلك سواء احتفظنا بالأصل أو تم تطويره وتعديله بما يناسب زمننا الحالي.. لذلك نرصد الأصول والصور في السطور التالية.. تميز العصر الفاطمي بطقوس خاصة ومبتكرة لعيد الفطر حيث كان يتم توزيع الحلويات علي كل موظفي الدولة, بل تم إنشاء دار الفطرة وهي دار حكومية مخصصة لصناعة الحلوي وتحديدا الكحك ولم يكن يرد عنه أحد حتي ينفد تماما, علاوة علي موائد الرحمن التي تحوي كل الأكلات وتقدم مائدتين طوال اليوم في مساحات كبيرة بالقصر الشرقي الكبير وذلك في أيام رمضان والعيدين وفي المولد النبوي وخمسة موالد آخري منها مولد سيدنا الحسين والإمام علي, وقد أطلقوا علي عيد الفطر اسم عيد الحلل حيث كانوا يتولون كساء الشعب علاوة علي العيدية التي كانت توزع علي الرعية حيث كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من أعلي أحد أبواب قصر الخلافة كما يوزع بضعا من الدراهم الفضية علي الفقهاء وقراء القرآن الكريم. ورغم أن هناك اعتقادا أن ظهور عادة كحك العيد كانت في العصر الفاطمي إلا أن هناك بعض الأدلة التاريخية التي يسوقها البعض لتأكيد وجود الكحك نفسه دون ارتباطه بالعيد منذ أيام الفراعنة وأنهم أول من عرفوا صناعة الكحك حيث كانوا يصنعونه بأشكال مختلفة تصل إلي100 شكل لتقديم الكحك المصنوع علي هيئة قرص الشمس للكهنة وكذلك وضعه في المقابر كقرابين للموتي, في حين يري آخرون أن أصل الكحك يعود للطولونيين الذين كانوا يصنعونه في قوالب مكتوب عليها كل واشكر وتطورت صناعته في عصر الإخشيديين حتي أصبح من أهم مظاهر وطقوس عيد الفطر. في حين يرجع البعض عادة عمل كحك العيد إلي العصر العباسي عام135 ه وتحديدا إلي الليث بن سعد إمام مصر الذي أهدي للإمام مالك بن أنس في المدينةالمنورة صينية كحك محشو بالذهب وكان يوزع الكعك والهريسة حتي أنهم أطلقوا عليها هريسة الليث. وفي العصر المملوكي كانت للحكام طقوس مميزة تبدأ في شهر رمضان حيث كانوا يقومون بصرف رواتب إضافية لموظفي الدولة وحملة العلم والفقراء والأيتام, علاوة علي صرف كميات كبيرة من السكر نظرا لزيادة معدل استهلاكه خلال الشهر الكريم, ومد موائد الرحمن التي لم تكن حكرا علي شهر الصيام بل كان يتم توسعتها ووضع كميات كبيرة من الكحك والتمر والعسل واللحم والأرز في يوم العيد لتوزيعها علي الفقراء, كما خصص البعض وقفيات ليصرف من ريعها علي صناعة الكحك ومن أشهر هذه الوقفيات( وقفية الأميرة تتر الحجازية) وتنص الوقفية علي توزيع الكعك الناعم والخشن علي الفقراء واليتامي وكذلك المدرسين بمدرستها التي أنشأتها عام748 ه, أما عن العيدية أو الجامكية كما أطلقوا عليها فقد أخذت طابعا رسميا حيث يأخذها الأمراء وكبار رجال الجيش وتقدر حسب الرتبة التي تقدم لها وكانت عبارة عن طبق تتوسطه الدنانير الذهبية ويحيط به الكحك والحلوي. وفي عصر الدولة العثمانية كان يبدأ الاحتفال بالعيد بعد أداء صلاة الفجر حيث يتوجه أمراء الدولة في موكب إلي القلعة لأداء صلاة العيد في جامع الناصر محمد بن قلاوون, وكان الباشا يحضر الاحتفال الرسمي بالعيد في القلعة ويتقدم للتهنئة الأمراء وكبار البكوات والمماليك وكبار الضباط, وتقدم لهم الحلوي والشربات, ليبدأ الباشا في مراسم الاحتفال ويأمر بالإفراج عن بعض المساجين, الأمر الذي ينتظره عامة الشعب لقضاء العيد في سرور ويعدون الكحك والحلوي ويتنزهون في بركة الأزبكية وجزيرة الروضة وكان يتم إطلاق مدافع القلعة طوال أيام العيد الثلاثة في أوقات الصلاة.