شيخ الطريقة العزمية فى هذا الكتاب : ************* يوضح الإمام أبو العزائم لم كان الإسراء والمعراج في شهر رجب ، ومعنى كلمة رجب ، وعجائب شهر رجب ، والواجب علينا في رجب، ويفصل الأحداث التى كانت فى الإسراء والمعراج وبعض ما ورد فيها فى الكتاب والسنة . ويضع الإمام تفسيرا جديدا لحكمة الإسراء والمعراج ، وهي أنها لم تكن تسرية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان لتعم رحمته عمار السموات كما عمت رحمته عمار الأرض ، تصديقا لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾. ويبين أن معجزة الإسراء والمعراج ليست مخالفة للعقل، وأنها بالروح والجسم معا، ويرد على منكري علوم الصوفية ، من زيارة أضرحة الأنبياء والأولياء والتوسل بهم، والصلاة عند مشاهدهم ، وأنهم أحياء في قبورهم. وكذلك إثبات رؤية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمولى سبحانه وتعالى بلا تكييف ولا تشبيه ولا تجسيم، لا كما يقول أدعياء السلفية من شذاذ الحنابلة. معجزة الإسراء والمعراج : *********************** لقد أسرى الله بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من بيت المقدس إلى السماء السابعة إلى سدرة المنتهى في جزء من ليلة واحدة ، فسبحان من لا يعجزه شيء وهو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير . وقد أراد الكثير من السادة العلماء أن يضعوا تبريرا لآية الإسراء والمعراج على حد فهمهم فقالوا : إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعرض فى العام العاشر من البعثة لمحن كثيرة منها : وفاة زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها ، ومنها وفاة عمه أبى طالب الذين كانا عونا له وحماية بمالهما وجاههما ، فأراد المولى سبحانه وتعالى أن يسرى عنه بهذه الرحلة . ولكن الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبى العزائم يعطى لهذه الآية تبريرا أعلى وأسمى فيقول عنه : إن معجزة الإسراء والمعراج كانت تأكيدا لقوله تعالى :(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةَّ لَّلْعَالَمِينَ) فشمول رحمته يقتضى أن يكون لعمار السموات نصيب من هذه الرحمة بمشاهدته صلى الله عليه وآله وسلم وذلك عن طريق المعراج . وما كان استفتاح جبريل له صلى الله عليه وآله وسلم لكل سماء إلا ليحظى عمار كل سماء بشهود أنوار المجلى فى هيكله المحمدى ، كما أخذ عمار الأرض نصيبهم من هذه الرحمة . وفى هذا المعنى يقول الإمام أبو العزائم: وما كان رب العرش فوق سمائه ******** تنزه عن كيف وعن برهان ولكن إسراء الحبيب إغاثة ************ لعالمه الأعلى برحمة حنان منكرى الإسراء والمعراج : *********************** اختلف الناس جميعا فى معجزة الإسراء والمعراج ، ففريق أنكر هذه المعجزة كلية وعارض فى صحة وقوعها وشهر بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أخبر الناس بها ، وهؤلاء هم المشركون فى عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس ذلك بدعا منهم فنشأتهم المكابرة وديدنهم الحقد والإثرة ، يحبون ألا يفضلهم أحد وما يعيننا من أمرهم شىء فتلك سنة الله فيهم. وفريق آخر صدق المعجزة وآمن بوقوعها ولكنهم اختلفوا فى تصور حقيقتها ، والحال التى وقع فيها . فمنهم من يرى أن الإسراء والمعراج كانا بروح سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا بجسمه فهى عندهم رؤيا منامية . ومنهم من يرى أن الإسراء كان بالروح والجسد معا وان المعراج كان بالروح فقط . ومنهم من يرى أن الإسراء والمعراج كانا بالجسم والروح معا يقظة لا مناما . وعليه فإننا نرى فى الإسراء والمعراج أنهما معجزة لا تخضع لنواميس الطبيعة ولا تجرى عليها قوانين الأحداث الجارية بين الناس من أسباب ومسببات ، وليس فى مقدور بشر الإتيان بمثلها بل هى نسيج قدرة الله وإرادته ، فقدرة الله وإرادته لا يحدان بحد ولا يقيدان بقيد ، (إنَمَا قَوّلُنَا لِشَىءٍ إذَا أرَدْنَاهُ أنْ نَّقُولَ لّهُ كَن فَيَكُونُ) وعلى ذلك فالخلاف في أن الإسراء والمعراج كان بالروح والجسد أو الروح دون الجسد فهو أتفه من أن يؤبه له أو يثار للغط حوله فإن مشيئة الله وقدرته فوق الشك والتردد. وفى كتاب« السراج الوهاج فى الإسراء والمعراج » يذكرنا الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم فى ص 66 بعض كلام أهل الإشارات على لسان العرش ردا على هؤلاء المجسمة من شذاذ الحنابلة كابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب فيقول : "يا محمد: أنت المرسل رحمة للعالمين ولابد لى من نصيب من هذه الرحمة ، ونصيبى ياحبيبى أن تشهد لى بالبراءة مما نسبه أهل الزور إلى وتقوله أهل الغرور على ، زعموا أنى أسع من لا مثيل له ، وأحيط بمن لا كيفية له ، يا محمد : من لا حد لذاته ولا عد لصفاته كيف يكون مفتقرا إلى أو محمولا على ؟!! إذا كان الرحمن اسمه ، والاستواء صفته ، وصفته متصلة بذاته ، فكيف يتصل بى أو ينفصل عنى ؟!! يا محمد : وعزته لست بالقريب منه وصلا ، ولا بالبعيد عنه فصلا ، ولا بالمطبق له حملا ، أوجدنى منه رحمة وفضلا ، ولو محقنى لكان حقا منه وعدلا ، يا محمد : انا محمول قدرته ، ومعمول حكمته" . والخلاصة أن جمهور الأمة الإسلامية أجمعوا على أن الله تبارك وتعالى تنزه عن الجهة والجسمية والحد والمكان ومشابهة مخلوقاته. ************************************** اللَّهُمَّ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا كَانَ، أَسأَلُكَ بِغُيُوبٍ عَلِيَّةٍ، وَأَسرَارٍ مُنَزَّهَةٍ، وَمَكَانَةٍ عَظَمُوتِيَّةٍ، أَن تَتَجَلَّى لِي وَلِأَهلِي وَإِخوَانِي بِجَمَالِ وِدَادِكَ، وَحِفظِ إِحسَانِكَ وَوَاسِعِ حَنَانِكَ، وَجَمِيلِ مِنَنِكَ وَعَمِيمِ كَرَمِكَ، وَسَرِيعِ إِغَاثَتِكَ، وَأَجمَلِ رَحمَتِكَ يَا وَاسِعُ يَا عَلِيمُ، وَأَن تُجَمِّلَنِي وَتُجَمِّلَهُم بِحُلَلِ المَحَبَّةِ وَالشَّوقِ لِذَاتِكَ العَلِيَّةِ، وَالإِخلَاصِ وَالصِّدقِ فِي مُعَامَلَتِكَ يَارَبَّ العَالَمِينَ . إِلَهِي إِلَهِي أَنتَ الَّذِي تَفَضَّلتَ عَلَيَّ بِأَجمَلِ صُورَةٍ صَوَّرتَنِي، وَمِنَ العَدَمِ أَنشَأتَنِي، وَبِلُطفِكَ وَكَرَمِكَ وَجُودِكَ أَمدَدتَنِي، وَبِحَنَانِكَ وَفَضلِكَ وَالَيتَنِي، وَبِتَنَزُّلَاتِكَ الجَمِيلَةِ وَجَهتَنِي، وَعَلَى أَحسَنِ تَقوِيمٍ خَلَقتَنِي، فَأَسأَلُكَ يَأَللهُ يَأَللهُ يَأَللهُ، أَلَاَّ تَرُدَّنِي إِلَى أَسفَلِ سَافِلِينَ احتِجَابِي بِحِسِّي وَلَونِي عَن مُشَاهَدَةِ أَنوَارِكَ، بَلِ ارفَعنِي كَمَا أَنشَأتَنِي النَّشَأَةَ الأُولَى إِلَى فَضَاءِ وُسعَتِكَ، حَتَّى لَا أَشهَدَ إِلَّا جَمَالَكَ ظَاهِراً، وَلَا أُحِسَّ إِلَّا بِآيَاتِكَ مُتَجَلِّيَةٍ لِعَينِ رَأَسِي وَقَلبِي، وَاعصَمَنِي يَا إِلَهِي مِنَ النَّاسِ، وَأَعِذنِي يَا إِلَهِي مِنَ الفِتَنِ المُضِلَّةِ، وَمِنَ البِدَعِ وَالمُخَالَفَةِ لِهَديِ نَبِّيِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَجَدِّد بِي وَبِإخوانِي مَنهَجَهُ وَسَبِيلَهُ، وَأَعلِ بِي وَبِهِمِ كَلِمَتَهُ يارَبَّ العَالَمِينَ . ( لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاستَجَبنَا لَهُ وَنَجَّينَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤمِنِينَ « وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَسَلَّمَ آمِينَ يَارَبَّ العَالَمِينَ .