القاهرة – من داليا جمال طاهر افتتح معالي الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق يرافقه الفنان الكبير الدكتور أحمد نوار و السيد هشام قنديل رئيس مجلس إدارة أتيليه العرب للثقافة و الفنون مساء السبت الماضي بقاعة ضي بالمهندسين معرضين مهمين لكل من النحات الكبير السيد عبده سليم و الفنان المبدع د رضا عبدالرحمن وسط حضور جماهيري كثيف من الفنانين و النقاد و الصحفيين كما نظم الجاليري علي هامش المعرض مؤتمرا صحفيا للاعلان عن جائزة الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر واعلن فيها هشام قنديل رئيس مجلس ادارة اتيليه العرب للثقافة والفنون عن تخصيص مائة الف جنيه كجوائز للمسابقة ,كما شهد الجاليري ندوة تشكيلية حول أعمال الفنانين بمشاركة نخبة من الفنانين والنقاد كما تم عرض فلم بدلة برونز للفنان السيد عبده الذي أخرجه السيد علي عفيفي و الذي نال إعجاب الحضور. وعن تجربة الفنان الكبير السيد عبده سليم يقول الدكتور أحمد نوار أنه كان لنشأة الفنان المثّال السيد عبده سليم المكون الرئيس لرؤيته الفنية التي تميز بها بين أقرانه من المثالين.. إبشان القرية الواقعة في قلب الدلتا، والتي أمدته بإرادة الإبداع الفني، والطاقة المكنونة وسط وعمق المشاعر الإنسانية، التي تتميز بها قرى الدلتا، الغنية بالحركة والنشاط الحياتي لسكانها الذين يذهبون للحقل للزراعة وجني الثمار.. فحياة الناس في القرية ملحمة تنبض بالأمل والعمل الجاد في آن.. ملحمة العطاء منذ شروق الشمس حتى غروبها.. عاش الفنان السيد عبده سليم بل انصهر في أرض النماء واندمج مع عادات وتقاليد الناس، وغرسوا في وجدانه وعقله حالة من السمو والإبهار، من خلال صمتهم وابتساماتهم وعرقهم وفرحتهم في لحظات فارقة.. تجلت هذه الطاقة الشعورية والشحنات المتفاوتة والمتواترة في فضاء يكسوه معنى عميق بالحياة.. وحياة الفنان عبده سليم التي لمستُ جزءا منها وقت زيارتي له في مرسمه بهذه القرية، التي ولد ونشأ في أحضانها.. لمستُ القدرة على الالتحام والتوحد مع هذه البيئة المليئة بالمعاني، والدلالات التي تحمل في عمقها أسطورة المكان.. التي انعكست على إبداعه الفني، ومدته بالأفكار غير التقليدية في معظم منحوتاته، التي يستدعي فيها ذاته، وعمق وجدانه، بروح الجسور لاختراق حاجز المألوف، متجاوزا الحدود العليا للنحت التقليدي المتعارف عليه.. فإذا كانت الحياة والنشأة بالقرية قد أمدته بجذور الأصالة والعمق الإنساني، متمثلا في معزوفة الحياة اليومية والبحث عما وراءها من إرادة قوية وإصرار على تحقيق أمل جديد مع كل طلعة شمس.. فقد امتلك المثّال نواحي وأركان الإبداع الفني. أما عن تجربة الفنان المبدع رضا عبدالرحمن فيري الناقد والفنان ياسر منجي : أن "رضا عبد الرحمن"، يطالعنا من خلال عرضِه الراهن ب"جاليري ضَيّ"، بمجموعةٍ منتَخَبة من أعماله، التي تمثل شريحةً تلخِّص خريطة المسارات التحولية الرئيسية في تجربته الفنية. غير أن ما يميز هذه الشريحة التلخيصية، على وجه التحديد، إنما يكمن في تَضمينِها عدداً من الأعمال، التي برغم أنها عُرِضَت في مناسباتٍ سابقة، إلا أنها كانت مناسبات ضِمن فاعلياتٍ وعروضٍ خارجية، ولم يسبِق عرضُها داخل مصر قبل ذلك، فهي أقرب ما تكون إلى جُمَلٍ تركيبية شاردة، يُعادُ استحضارُها وتوليفُها في صُلب النَصّ البصري العام لتجربة "رضا عبد الرحمن". اختار "رضا" لهذه النخبة من أعماله عنواناً إطارياً دالّاً، هو "حنين"؛ مُعَبّراً من خلالِه عما بات يُصَرّح به في مناسباتٍ عِدّة، مما يصفه هو نفسه ب"الحنين الجارف لمصر… المنشأ والعشق"، وهو ما يندغم في عمق إحساسه بقلقٍ وجوديٍّ من نوعٍ آخر، يتعلق بتجربته الفنية ذاتها، نتيجة قرار الارتحال للولايات المتحدةالأمريكية، الذي يصفه بأنه شَطَرَه "فنياً ووجدانياً". وبهذا المفهوم، يمثِّل هذا العرض حالةً دفاعية في المقام الأول، على المستوى الوجداني؛ يحاول "رضا" من خلالها التشَبُّث بمرجعية النشأة الأولى، والتَحَصُّن خلف أسوارها – ولو من خلال تجربة فنية موقوتةٍ بزمن عرضِها – لدَرءِ تبِعات الحنين وهواجس الافتقاد القاسي. هو إذن سَعيٌ لاستقطار جذور الذاكرة الساكنة في أرض الميلاد والنشأة والتحَقُّق الأول، وجَهدٌ لمَدّ جسورٍ بينها وبين بقاع الترحال وأصقاع الاغتراب. ومن زاويةٍ أخرى، يُعَدُّ المعرض فرصةً لتأمل ملامح ذلك الخط الأسلوبي، الذي دأب "رضا" على انتهاجِه، ومُوالاةِ تطويره، والاسترسال في مغامرة استكشاف أبعاده، الجمالية والفكرية، خلال السنوات الخمس الماضيات، مستحضِراً في صميمِه وفحواه مرجعية الفن المصري القديم، بوَصفها مَعيناً لا ينضب لتخصيب جدلية الصورة/ التاريخ.