(انسيابية الحرف وجمالية التجديد) بقلم الدكتور (قاسم الحسيني – العراق ) إن الفنان التشكيلي الذي يمتلك موهبة وطاقة تعبيرية ورؤية إخراجية جديدة للعمل الفني ، إنما يمنح إبداعاً وفق معالجة تكنيكية تخرج عن الطور التقليدي والأسلوب الكلاسيكي المتداول ، والفنان (حسين يونس) الخطاط الذي مزج الحرف بالتشكيل من خلال رؤيته الذاتية المتفردة تلاعب بالحرف وشكلانيته ليخرج من مظهريته ويلبس ثوب اللعب الحر ليبدو شكلا أخراً متناغما مع موسيقى اللون التي توشحت مظهريته .. والفنان هنا اخذ يجسد حركات للحرف تتمايل هنا وهناك ضمن السطح التصويري ، حيث أطلق العنان لفرشاته دون تردد بأن تأخذ حريتها لتصمم نصاً تشكيلياً يحمل استطيقا الروح والوجدان ، الامر الذي يجعل عناصر النص البصري تسبح في فضاء السطح التصويري .. إنها رؤية فردية تجسدت بفعل ممارسات حدسية وتخيلية ، والفنان يونس في نصوصه البصرية لم يتحدد بقوالب الخط العربي وقواعده ، إنما خرج عنها وفق فعل تخيلي خلاق ليعطي تشكيلات بصرية تحمل خطابات جمالية يتفاعل معها المتلقي ويجذب بصره .. إن الرؤية التشكيلية للفنان تداخلت بين الإدراك الحسي من جهة والممارسات الروحية من جهة اخرى ، والأول يمثل عنق الزجاجة لكل ما هو ابستمولوجي ؛ باعتباره يمثل حصيلة خبراتية للفنان تكوّنت عبر الخزين المعرفي السابق ، وإن العمل الفني الناتج يعد خطاباً بصرياً لا يمكن الوصول إليه وتلقيه دون إدراكه حسياً .. اما الثاني المتمثل بالممارسات الروحية يتجسد من خلال رؤية الماهية المتشكلة وراء الحسي .. والفنان استطاع أن يبث رؤيته الجمالية في تشكيلاته البصرية ليعلن عن وجود مظاهر حروفية بمعطى روحي يغاير المتداول والمألوف .. تلك الرؤية التي تسمح للمتلقي أن يتماهى مع تكوينات تشكيلية ومعالجات لونية تسر الرؤية الإدراكية للبصر ومن خلال الانسيابية للحروف التي تشبه الإيقاع النغمي في صعوده ليتعالى عن مقومات الحس المحدود .. إن الفنان قدّم لنا أعمال تشكيلية ذات متعة ولذة بصرية وروحية ..إنها الإبداعات البصرية التي تنتمي لعالم الحداثة المتجدد ؛ باعتبار أن التشكيل المعاصر يتجه نحو التجديد والتغريب واللامألوف ..