لا يا سيدي لن تهزني رعشات الشوق إن غادرت عالمي ولن تبددني رياح الآسى إن لم تتمدّد بنفسجاً في دمي لكن .. ! إن تواطأت مع الصمت ضدي وسرقت جوهر إلهامي سأمضغ لواعجي أبتلع علقمًا يطفىء جمر أنفاسي وأنام مكسورة القوافي من فجيعتي وأصحو مع حزن الفجر قصيدة خرساء ……! 2- التعليق : -1- رائع..!هكذا يولد الشعر والإلهام… والوحي والمطر من الغمام… لا مطر بلا رعد ولا برق…. من رحم الألم والمعاناة يتولد الشعر…الحضور والغياب .والمكوث والمغادرة ، مسالة اختيار…وليست قضية أقدار… والمغادرة الطوعية رهينة بالأسباب ، وإن كانت إرادية ، فهذا لا يعني أنها اعتباطية/عشوائية… وإلا كان لها جملة شرط وجواب شرط.وجزاء.. فإن غادر الدار ورحل ، و بلا استئذان ، فغير مأسوف عليه و إلى الجحيم…! وإلى غير رجعة…! والجميل في نص شاعرتنا ، أنها وضعت شرطا للرجوع ،ومساحة لمراجعة الحسابات … ومحاسبةالذات ، وذلك بأسلوب حضاري ، باستدراك.".ولكن…" إذا تحقق الشرط ،فما عند مريضنا بأس… فليتتمدد بنفسجا في دمها… ويا له من شرط وردي عطر..! لو أتيحت، مثل هذه الفرصة الذهبية ، لأحمق رائع ،لتمدد عنبرا ومسكا في دمها… وكيف لا ؟!.. وإلهامها مطر ، يسري في عروق، من أحب المطر ،وهام بزخات المطر!!.. صور شعرية تتلاحق في تدفق وانسياب… وإيقاع سريع..التواطؤ مع الصمت/سرقة جوهر الإلهام/علقم يطفئ جمر القصائد… القصيدة الخرساء … …………………………………………………………….. الشاعرة فلورا قازان تكتب الشعر بنكهة خاصة ، وتشتغل على الصورة واللغة بحس جمالي مرهف. أرخبيل جزره مستقلة…يجري بينها ماء ازرق صاف … ماء الأبداع والإيقاع…والسحر والجمال والفن والخيال ……………………………………………………………….. أما عن الأبعاد الدلالية للمقطوعة… فالمسالة وما فيها ، أن الفراق هو مسالة وفاق وتراض… متى استحال العيش والتعايش… وينبغي دائما ألا نكسر ، نعم نلوم و نعاتب ، ونحاسب برفق ،وبالتي هي أحسن ، حتى في حالة طلاق البث بالثلاث ، أو الرجعي ، وألا يكون الفصال، بفظاظة وطرد وزعل… المهم إذا كسرنا كؤوس الحب وبلور القلب، فلا يجوز لأي من الطرفين البكاء عليها ! .فكيف نبكي على كأس كسرناه!.. أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يصبح بغيضك يوما ما… وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يصبح حبيبك يوما ما…أما الإهانة والنفض والإذلال ، كنفض الذبابة عن العارضين ، باحتدام وصلف وتكبر وعجرفة ، فأمر غير مقبول، وأسلوب همجي…وما كان من أخلاق الشعراء ، ولامن عادة الأدباء، ولا من شيم المطر ، أن يستثني أرضا أو شجرا ، أو قلبا عاشقا او حتى حجرا.. التعليق-2- مقطوعة ،"لا…ياسيدي"،تتمفصل عبر محورين أساسيين: أولا: *-الحياد ونفي الموجود لامتناع الوجود ؛ *-هزة الشوق والحنين المعلقة ، *-التواطؤ مع الصمت وسرقة الإلهام. ثانيا: *-إطفاء جمر القصائد وإخماذ توهجها وألقها ؛ *-كسر الخاطروالقوافي ، *-عودة الروح والصحو قصيدة خرساء. وتجاوزا لهذه المأساء وإرجاعا للمياه إلى مجاريها ، هناك اقتراح يتيم صريح…ألا وهو: الشرط الواجب الخضوع له :التمدد بنفسجا في الشرايين والدم … ……………………………………….. إذا قرانا النص هكذا،وعكسنا الآية،نخرج بما يلي: -إن تمددت بنفسجا في دمي ، جملة الشرط. -لن تهزني رعشات الشوق، ولو غادرت عالمي ، جواب الشرط وجزاؤه… -وبهذا لن تبددني رياح الأسى. -ثم يأتي الاستدراك….لكن.: -إن فعلت ، ياسيدي، وصدرت منك التصرفات التالية: *تواطؤ مع الصمت -لا كان-ولا قدر ، *سرقة لب إلهامي ونبع شعري. النتيجة ورد الفعل،سيكون غير محسوب العواقب. وبالتالي: *سيتم فضح اللواعج ،وهي فضيحة ، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا فضح ،وبس !… فأنا بركاني في قمة هيجانه ! ألا ترى الحمم نيرانا تطاول السماء؟! لا ماء ، ولا مطر، ولا بحار، تستطيع إخمادها. *الحنظل وحده الكفيل ،بمرارته، التحول إلى سائل سحري أطفئ به جمر قصائدي. *وأخيرا،بعد عملية الإطفاء ، وسكون العاصفة،وعودة التوازن العاطفي،ا سأنام ،رغم حجم المعاناة،وتضاعف المأساة. أذهب مسافرة في سبات عميق، مهزومة،مكسورة القوافي من بقايا الحريق. وسأصحو على حزن الخنساء ، في فجر كئيب ، قصيدة خرساء بلعت لسانها ، وأضاعت بيانها وبلاغتها… وما كان الفجر حزينا في يوم من الأيام.! فالحزن والجمال ينبعان من النفس ، وجمال الوجود ينبعث من الروح الجميلة…والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا.!هكذا الليل …ليل ، والأصيل أصيل ، والطبيعة طبيعة جميلة خلابة ، ولا يراها بعين سوداء إلا المتشائم، أما المتفائل ، فينظر دائما إلى الجزء المملوء ، عسلا من الكاس. -وإن رآه المتشائم ،عتبره أسلا علقما ، ولو ذاقه حلاوته.فمن يك ذا فم مر يجد مرا، به الماء الزلالا. -المتنبي- ……………………. الحياة ثنائية القطبية: خير/شر…حرب /سلام…نقطة دمع/بسمة ثغر. طلوع /نزول..شروق وأفول…جنة/نار. خب /مقت…عسل/أس. هي الحياة هذه… من الناس من يبتسم لشروق الشمس… وهناك من يبكي أفولها… وما دامت هناك حياة… فهناك صراع بين الأضداد… وحذار ان تجعل الأضغان من أحمالها…!ولا ترين الناس إلا تجملا نبا بك دهر ام جفاك خليل. وأتجلد للشامتين أريهم، أني لريب الزمان ،لا أتزعزع …………………………………………………….. إنه -على ما يبدو لي- كلمة عتاب… ويا له من عتاب ! عتاب مغلف بالأسى،من قلب أنثى تستشعر، بحاساتها السادسة،وحدسها الذي لا يخطئ،وجود مناورة،او رائحة غدر،أو عزم على مغادرة ساحتها ، وهي أعلم بمن نادته:"لا يا سيدي…" فأهل مكة أدرى بشعابها،وبنخيل واحاتها.. .والشعراء يقولون. وعلى النقاد البيان والتبيين. قد يقولون ما لا يفعلون ، ولكن لا يقولون ما لا يعلمون. إلا إن كانت رموزا هيروغليفية ، موغلة في استلهام الأساطير والخرافات ، ولا بد من فهمها ، بعد فك شفرات طلاسيمها…وعندما تستأنس بشعر فلورا ؛ وتتوصل إلى فك شفرة ثيمة المطر والماء ؛ التي تشتغل عليها ؛ في أغلب نصوصها؛ وفهم هوسها بالارتباط والانتماء للوطن ؛ وتطلع على المؤثرات العامة في حياتها ؛ منذ نعومة أظافرها ، ستعلم أن مطرها عصارة معاناتها ، وانعكاس لمشاعر جياشة ، ومواقف إنسانية مؤلمة وسارة ، حزينة ومفرحة ،مرت بها ، وتركت بصمات على صفحة حياتها، آنذاك سيزول الستار … وتسبر أغوار هذه الشاعرة الرقيقة المبدعة ، شكلا ومضمونا،قلبا وقالبا… …………………………………. وهي تتحداه بكل صمود وكبرياء، وعزة نفس… لن أرتعد شوقا لنية مغادرتك لساحتي.. ولن أتوسل إليك بالبقاء.. .فارحل غير مأسوف على زمن جميل جمعنا، ولا على حب كبير لا زال موشوما في أناملنا.. فأنا آسفة..! ولكن لست آسفة عليك ، ولكن ،على قلبي الوفي الذي لم تعرف. وإن تركتني على جسر الدموع والأسى ، وعلى لظى نار الشوق…أحترق…أحترق.. فأنت لم تصن ودادي … وهذه الصفعة بتلك والبادئ أظلم..!. غادر وتواطأ مع الصمت.. وحاول سرقة حقائب وحيي وإلهامي، وسترى النتيجة الوخيمة والعقاب الصارم..!… سأجعلها عليك سنين ،كسنين يوسف… يأكلن ما قدمناه لهن من سنابل حنطة خضر ، ومن ساعات وصال وتواصل وحب… سأكسر المرايا وزجاحات العطر والأواني.. سأحطم الجسور على رأسك ،وأدك المباني…سأبلع ماء الوديان والسواقي.. والبحار السبعة البواقي…. وسأحبس مطر سحاباتي في السماء…!ومن سيأتيكم ،من بعدي ، بماء معين من شعري؟!.. ومن سيحيي العظام وهي رميم.؟ من غير شعري ومطري وقصيدي؟ بدون مطري … ستصبح الحياة لا طعم لها.. وتصبح الأشكال لا شكل لها.. وتصبح الألوان لا لون لها… ويصبح الربيع مستحيلا.. والعمر مستحيلا …أنت لون الطيف…وشكل الأشكال . والشعر يعتبر شكل الأشكال"La forme des formes,les plus Artistiques et Esthétiques.."عد يا مطر…نتوسل إليك ! وأعد الحياة للشجر…للبشر…للزهر.. وإن لم تفعل ،فستكون ردة فعلي عكس ما تتصور…فحذار من ثورة بركاني ومن غضب عاصفتي..!!.. سأفضح لواعجي ومكنوناتي.. وسأفجرها قنبلة موقوتة من دواخلي… ولا يستطيع نشر غسيل الثياب الداخلية…وأسرار المطبخ…إلا من طفح به الكيل ..وكان حجم غضبه بحجم حبه وتعلقه بإلفه المهاجر.. !!..ماأسعد من يجد امراة تحبه بهذا العنفوان…!!! وتتمسك به بهذا القدر من الجنون والحنان… وسأجتر حنظلا مرا…واسقيه جمر قصائدي… ولهيب معاناتي ولوعة فجيعتي… أتوسد قصائدي المكسورة الجناح… ولن أصحو إلا على وقع قصيدة خرساء… مقطوعة اللسان.. تتحرك بداخلي، مع الفجر الضحوك… لكل العشاق …إلا لنا… وسأولد أنثى أخرى لا تشبهني.. لاتعرفك…لا تحبك …. ولكن ما عليك… تحمل مسؤولياتك. وليكن لسانك على قدر فعلك..! لا ان يكون لسانك ماضيا، وجهدك عليلا فانيا… كن حذرا وأنت ،على هذه الحال، تعبر أجواء عالمي محلقا ،مستعدا لمغادرة فضاء دولة العشق التي أسسناها معا… مقطوعة …لا يا سيدي… عبارة عن كلمة عتاب،ورغبة دفينة في الاتصال والتواصل… فمن خلال بنيتها السطحية ،تبدو ملامح العتاب واللوم جلية واضحة معلنة صريحة وصارخة: "غادر.!..لن تهزني رعشات الشوق…لن تبددني رياح الأسى…" ولكن إذا تأملنا بنيتها العميقة ،نلاحظ أن هناك رغبة دفينة،وسعيا لربط الجسور ،جسور التواصل ، مغلقة في غشاء من عتاب لين ،من حرير شامي، لبناني،مطرز بأنامل امراة … ليست كنساء العالمين…إنها قلب ينبع منه ، المطر / الحياة ، وشلالات شعر / الفن ، قلب مفعم بالود مجبول على الوفاء والإخلاص… وهي تسعى جاهدة لصون ماء وجهها ، والمحافظة على كرامتها كأنثى ثكلى، تستشعر الخطر القادم ، وتستبق الأحداث ، طالبة المغادرة والرحيل. وليس في نيتها ذلك ، ولا الإقدام عليه،وإن طلبته. فالمرأة إذا أحبت بصدق ، تحب بعمق… ولا تكره…ولا تغادر ولا تهاجر… ولا تهجر مليا… بل تملك بين جوانحها ، قلبا حنونا كبيرا متسامحا . يتراجع ويسامح….سامحته وسألت عن أخباره وبكيت ساعات على كتفيه. ………….. خبات راسي عنده وكأنني طفل أعادوه إلى أبويه. وبدون أن أدري تركت له يدي لتنام كالعصفور بين يديه.. حمل الزهور إلي.كيف أرده ؟! وصباي مرسوم على شفتيه.. كم قلت إني غير عائدة له ، ورجعت .ما أحلى الرجوع إليه.!ارجع كما أنت ؟ صحوا كنت أم مطرا؟ !…. فما حياتي أنا ، إن لم تكن فيها..؟!!.. انزع ،حبيبي ،معطف السفر؟ وابق معي حتى نهايات العمر. فما انا محنونة … كي أوقف القضاء والقدر… وما انا مجنونة كي أطفئ القمر… لا تكقرت بكل ما أقول ، يا حبيبي ، في زمن الوحدة أو وقت الضجر.وابق معي ..؟ ابق معي إذا انا سالتك الرحيلا… ابق معي..!…ابق معي؟!…ابق معي…هذا ما طلبته أخيرا ، أما في مقطع قبل هذا ، فقد خاطبت حبيبها ،قائلة :لنفترق أحبابا. فالطير كل موسم تفارق الهضابا. والشمس ، يا حبيبي ، تكون أحلى،عندما تحاول الغيابا.ابق معي كي يهطل المطر. ابق معي كي يورق الشجر . ابق معي كي، تطلع الوردة من قلب الحجر…- نزار- ………………………………………………….. مفتاح المقطوعة وبيت القصيد :-"إن لم تتمدد بنفسجا في دمي" هذا هو الشرط الوحيد والوحيد والأوحد .. وبالتالي هو موحد القلبين ،وبلسم للجراح ، يعيد الدفء للعلاقة..والمياه إلى مجاريها..ها أنا ذا أسيح بحر بنفسج في شرايين دمك، يا سيدتي وياحبيبتي… أتصفحين؟! معذرة يا لائمتي … اعتذر بلطف…وبلباقة…احمل إليها وردا أحمر… استعطف.! توسل! كسر جذار الصمت! اطلب الغفران…فلا عيب في ذلك… بالعكس لا كبرياء ينفع في الحب والغرام .. فتمدد وانبطح بنفسجا وورودا وياسمينا.. وفلا وزعترا وشيحا وريحانا ؟! .. أو فافعل ما بدا لك..؟!!!! نصيحتي :إن العتاب والحب ؛ والغيرة المعتدلة ؛ والصفح الجميل ؛ والقلب الكبير، متاعك…ملكك… فلا تمنحهما أبدا لمن لا يستحق، ولا تعطيهما لجاحد نعمة… وناكر الرغيف والملح ……………………………………………………… مقطوعة : "لا يا سيدي" كلمة عتاب رقيقة، من قلب أنثى لا تسعى إلى هدم الصرح…بل إلى تقوية أسس البنيان والعمران…إن شعر فلورا قازان /الشاعرة يعد ،في نظري،حقا صرحا شامخا….تشيده بعناد وإصرار….شاعرة عنيدة،متألقة تصول جولات في فضاء الشعرية العربية الحديثةو المعاصرة،حضور قوي بصورها الشعرية الفريدة واستعاراتها البلاغية الرائعة .. وكذا الإيقاع الداخلي ،والألحان الشجية التي تحرك أذن المتلقي، وتطرب السامع…وتسرح به في عوالم من الجمال والقدسية.. وهي صوت زخات المطر… ووقع همس الريح في خدود الروابي.. تساقط أنغاما من عنان السماء…مطرا… لتوقع لحنا على أوراق الشجر ؛ وعلى خدود الورد والزهر ؛ والياسمين والجلنار والريحان ، ناهيك حتى الحجر…