الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: عدد سكان مصر يبلغ 108 ملايين نسمة    رد ساخر من البيت الأبيض بعد تقارير عن العثور على وثائق حساسة تخص قمة ألاسكا    محمد مهران بنضم لأبطال مسلسل "بنج كلي"    وكيل صحه الأقصر يتفقد وحدة الكرنك القديم الصحية لمتابعة سير العمل    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    رئيس شئون القران بالأوقاف: مسابقة دولة التلاوة رحلة لاكتشاف جيل جديد من القراء    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني: إدخال الخيام في هذا التوقيت مؤامرة ومقدمة للتهجير وغزة تواجه نكبات متتالية    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    الأمم المتحدة: مقتل 1760 من الباحثين عن المساعدات    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    ميدو: الزمالك أفضل دفاعياً من الأهلي وبيراميدز    على خطى بالمر.. هل يندم مانشستر سيتي وجوارديولا على رحيل جيمس ماكاتي؟    أزمة الراتب.. سر توقف صفقة انتقال سانشو لصفوف روما    رئيس هيئة قناة السويس يوجه بصرف مليون جنيه دعما عاجلا لنادى الإسماعيلى    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    مصرع وإصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بطريق بنها – كفر شكر    انخفاض طفيف فى درجات الحرارة بكفر الشيخ اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    أمن قنا يكثف جهوده لضبط مطلقي النيران داخل سوق أبودياب    وزيرة التخطيط تناقش تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين مصر وهيئة «جايكا»    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    انطلاق العرض المسرحي «هاملت» على مسرح 23 يوليو بالمحلة    25 باحثا يتناولون تجربة نادي حافظ الشعرية بالدراسة والتحليل في مؤتمر أدبي بالفيوم    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    التعليم العالي: انطلاق أولى فعاليات التدريب لطلاب مبادرة كن مستعدا بجامعات مصر    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    محافظ كفر الشيخ يدشن مبادرة لزراعة الأشجار المثمرة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة    «يوم أو 2».. هل الشعور بألم العضلات بعد التمرين دليل على شيء مفرح؟    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    إعلام فلسطيني: مستوطنون إسرائيليون يقتحمون بلدة أم صفا شمال غربي رام الله    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع الإمارات ويتابع تنفيذ فرع جامعة الإسكندرية بأبوظبي    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    إصلاح الإعلام    ما الذى فقدناه برحيل «صنع الله»؟!    7 بطاركة واجهوا بطش الرومان وقادوا الكنيسة المصرية ضد تيار الوثنية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    «ميلعبش أساسي».. خالد الغندور يهاجم نجم الزمالك    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    راحة للاعبي الزمالك بعد التعادل مع المقاولون واستئناف التدريبات الاثنين    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    الأونروا: معظم أطفال غزة معرضون للموت إذا لم يتلقوا العلاج فورًا    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    أخبار 24 ساعة.. إطلاق البرنامج المجانى لتدريب وتأهيل سائقى الشاحنات والأتوبيسات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصة النسوية / سناء الشعلان وقصة قافلة العطش أنموذجاً
نشر في شموس يوم 07 - 11 - 2016


** دراسة لقصة ( قافلة العطش) :
تنفتح قصة "قافلة العطش" على مجموعة من المعطيات الفكرية والحضارية والاجتماعية لمجتمعنا العربي؛ فهو نص على قدرعالٍ من المرونة، يتعاطاه المتلقي من أي زاوية يشاء. فالقاصة ابنة هذه البيئة التي أجحفت حقوق المرأة عقودا من الزمن، ثم ظهرت تلك الأصوات المنددة على محدوديتها بهذا الظلم، والساعية لأن تعيد للمرأة ما سُلب منها بقصد أو بغير قصد. لتكون هذه القصة واحدة من تلك الصرخات المتشوقة لإعطاء المرأة قيمتها الحقيقية في عالمنا العربي.
*ملخص أحداث القصة:
تعرض قصة من الصحراء،تقوم فيها إحدى القبائل الغازية بهزيمة قبيلة أخرى وتأسر نساءها.ليقع بعد ذلك زعيم القبيلة المنتصرة في عشق إحدى الأسيرات،والتي تبدو أنها أبنة زعيم القبيلة،ليرفض بعد ذلك عرض القبيلة المهزومة بفداء النساء بالمال، بل وإكراما لتلك الفتاة التي عشقها أنعم عليهن بالحرية، وقدَّم للقبيلة الطعام والشراب. لتصل القصة إلى ذروتها عندما ترفض تلك الفتاة الجميلة المختلفة المعشوقة أن تنفك من آسرها،وتفضل البقاء معه على الرجوع مع قبيلتها لتأتي بذلك ببدعة ما سمعت بها العرب من قبل، متحدية بذلك كل الصعوبات والعقبات التي واجهتها لتحقيق حريتها الأنثوية.ثم صورت القاصة تلك القافلة التي عادت محملة بالعار كما تعتقد،بسبب فتاتها الجميلة التي آثرت حريتها وإيجاد ذاتها على العودة لما كانت عليه مع القبيلة.كما تصور رجال القبيلة أثناء عودتهم وقد قاموا بقتل نسائهم لما شاهدوه في عيونهن من عطش،وقاموا أيضا بوأد البنات الصغيرات خوفا من أن يجلبن العار عندما يكبرن ويكررن فعل البطلة في النص.
*الثيمة الأساسية التي قامت عليها القصة:
القصة تقوم في بنيتها الأساسية على تيارين فكريين متضادين:
– تيار مساند وداعم للمرأة في مطالبها المشروعة، وهو من يسعى لتخليصها من بعض المعتقدات والأفكار السلبية التي تعيدها للوراء أدراجا بائدة عتيقة. ويمثل هذا التيار (البدوي الأسمر).
– وتيار مندد بكل المساعي الجادة لتخليص المرأة من قسوة الأعراف والتقاليد السائدة، والمعوق لأي تطور يسعى للنهوض بالمرأة أينما كانت. ويمثل هذا الاتجاه رجال قافلة العطش.
حيث تسهم هذه البنية في الكشف عن المغزى الذي ترمي القاصة لإبرازه..
*دلالة العنوان (قافلة العطش) :
يعد العنوان ركنا أساسيا في العمل الأدبي، ذلك أنه يشكل المفتاح الإجرائي الذي تتجمع فيه الأنساق المكونة للعمل الإبداعي، التي تصب في البؤرة ذات الحالة التكثيفية لمجريات الحدث داخل البنية النصية، ومن خلال هذه البؤرة تتشظى رؤى القارئ التي يكشف من خلالها عن جمالية الترابط بين عنوان العمل الأدبي وبين تلاحق الأنساق في الأحداث المتبلورة في بؤرة العمل".(1)
هذا بالإضافة إلى كون العنوان يكشف للمتلقي عن تلك المعطيات الثقافية والاجتماعية والفكرية والنفسية التي قامت عليها بنية القصة أساسا.
(1)- فضاءات التخييل مقاربات في التشكيل والرؤى والدلالة، ص15.
فالقافلة كما عُرف عنها أنَّ أهم ما تحمله في الصحراء هو"الماء"، ثم تظهر المفارقة للمتلقي عند إضافة كلمة العطش للقافلة.ليتسأل القارئ: ما الذي أرادته القاصة بهذه المفارقة؟، فالأكيد أنها عمدت إليها،ولم تأتي عفو الخاطر، وقصدت من ورائها إلى الكثير.ليتبين للباحثة مباشرة أن هذه القصة تقوم في بنيتها الأساسية على فكرين متضادين، وهذه الفكرة سيطرت على القصة من عنوانها حتى خاتمتها، ليتم بذلك التئام بؤرها النصية كاملة.
فهي قافلة من الأماني والأحلام والطموحات والآمال التي تسكن ركاب القافلة بشكل عام والنساء بشكل خاص، لكنهم لا يحصلون عليها ولا يحققونها بسبب الممنوع والعيب الذي يجعلهم في عطش دائم. " ورحلت قافلة العطش، كانت قافلة عطشى إلى الحب، ومطعونة في كرامتها على يدي مهرتها الجميلة…….. شعرت القافلة بأنها محملة دون إرادتها بالعطش، العطش إلى الحب والعشق، لكن أحدا لم يجرؤ على أن يصرح بعطشه"(1).
*دلالة "العطش" التي تشكل دلالة المغزى :
هو توق المرأة وتعطشها لمجموعة حقوقها وطموحاتها وآمالها المسلوبة من مجتمع لم يعرف في المرأة إلا كونها أداة لتفريغ عواطف الرجل وأداة للإنجاب، ولم يعرفها على أنها نصف المجتمع وهي من تنجب نصفه الآخر. لنصل بذلك إلى أن حاجة المرأة لحقوقها التي تعد قوام حياتها وأساس وجودها، هو كحاجة الإنسان الظمآن للماء، الذي يعد عصب الحياة بالنسبة للبشرية كافة. فالقصة نقد واقعي اجتماعي فكري لأسلوب التعامل مع حقوق المرأة في عالمنا العربي.
**البؤر الترميزية في القصة :
– البدوي الأسمر من وجهة نظر التيار السلبي هو الآسر الذي سلب النساء حريتهن وكرامتهن.
لكنه من وجهة نظر النساء الجادات في التغيير، هو المحرر والمخلص، ويتمثل لهن بتلك القشة التي يتعلق بها الغريق ليصل إلى برِّ الأمان.
– النساء اللواتي صعدن القافلة العطشى التي جاءت لافتدائهن كما يعتقدن؛هنَّ النساء اللواتي يرفضن كل ما من شأنه رسم صورة جديدة للمرأة، ويفضلن البقاء والعودة لما كنَّ عليه خوفا من القادم المجهول. فهن يمثلن التيار النسوي القابع خلف أسوار الخوف والجهل وقلة الحيلة.
– المرأة الجميلة المعشوقة التي فضلت البقاء مع آسرها، هي المعادل الرمزي للتيار النسوي المطالب بحقوقه، والساعي لخلق واقع جديد للمرأة العربية بكل ما فيه، ذلك التيار الذي يمثل المرأة في أجمل حللها؛ فهي الجامحة والجميلة والرافضة والآسرة في الوقت ذاته. حيث شكلت هذه المتناقضات للمرأة وجودا فعالا ومغايرا عما كانت عليه في مجتمع لم يعرف للمرأة إلا صورة واحدة،لم تخرج بأبعادها المختلفة عن أفق توقع التيار السلبي.
– والملاحظ في هذه القصة تغليب القاصة لقيم الفرد مقابل قيم الجماعة؛ فالبدوي الأسمر (الآسر) يمثل تيارا مناقضا لمجموعة الرجال الذين جاؤوا لاستعادة النساء. والمرأة الجميلة (المأسورة) تمثل تيارا مناقضا لمجموعة النساء اللواتي صعدن القافلة العطشى للعودة إلى ما كن عليه سابقا. وإن دلَّ ذلك على شيء فهو يدل على أننا كمجتمع عربي لا زلنا في بداية الطريق الذي يتقبل رسم صورة أو واقع جديد للمرأة العربية. فالواحد الإيجابي مقابل المجموع السلبي يدل على أن الغالبية العظمى لا تزال رافضة وغير قادرة تماما على استيعاب متطلبات التغيير كاملة.
(1)-الشعلان، سناء ،مجموعة قافلة العطش القصصية ، دار الوراق للنشر والتوزيع/الأردن، ط1، 2006م، ص13.
أولاً: الشخصيات:
أ‌- الشخصيات الرئيسية: تدور أحداث القصة حول شخصيتين محوريتين هما :البدوي الأسمر والفتاة الجميلة المأسورة.
– البدوي الأسمر: شخصية قوية شجاعة،قادرة على الدفاع عن أفكارها، ترى في الجديد القادم مستقبلا أفضل، ترفض ظلم المرأة وكبت حريتها. وقد مثلت هذه الشخصية التيار الذكوري المساند للمرأة ، والذي تبنى فكرة الدفاع عنها ورد اعتبارها ،وهذا التيار من تفضله المرأة.
– الفتاة الجميلة: شخصية محورية متمردة على واقع المرأة المعيش في الوطن العربي، رافضة له، جامحة، وطامحة لتحقيق الأفضل في عالمها الأنثوي الذي سُلب منه الكثير منذُ الأزل، دفعت الأحداث لتنمو نحو اللامتوقع الغرائبي ،فسعت لفرض واقع جديد يحمل بين طياته رؤية أفضل ونظرة أعمق، قوامها تكاملية الرجل والمرأة في مجتمعاتنا العربية.
ب‌- الشخصيات الثانوية:
– شيخ القبيلة: شخصية ثابتة في أفكارها ومعتقداتها، لا تميل إلى التغيير والتجديد. تفضل أن تقبع تحت ظل التقاليد والأعراف القاسية المجحفة، ترفض إعطاء المرأة أي قيمة أو اعتبار. ينظر إلى المرأة على أنها مسلوبة الإرادة وأن أمرها بيد الرجل دائما، ليفاجئ في لحظة، من تلك المرأة (ابنته) التي كسرت أفق توقعه وقبيلته،بإصرارها على اعتلاء قمة الحرية الأنثوية الإنسانية، وتكوين ذاتها وعالمها.
– رجال القبيلة: هم من يمثلون النظرة الجاهلية للمرأة، بوأدهم لطفلاتهم الصغيرات أثناء عودة القافلة؛ في إشارة إلى قتل تلك الأماني والآمال قبل إيناعها.
– الطفلات الصغيرات: شخصيات ثابتة مظلومة، لا ذنب لها إلا أنها إناث ستكبر يوما وتحلم بامتلاك عالمها المسلوب.
ثانيا: المكان :
اختارت القاصة الصحراء في هذه القصة مكانا لدوران الأحداث، حيث لا يكون اختيار المكان عشوائيا أو عبثيا، بل لاختيار مكان بعينه دلالة عميقة تدخل في بنية النص القصصي. فالصحراء مكان الحرمان والضياع والسلب، إذ لا قيمة للمرأة في هذا المحيط.
ويأتي اختيار القاصة لهذا المكان بشكل متعمد ومنسجم مع ما ترمي إليه القصة لسببين؛ يتمثل السبب الأول من كون الصحراء قاسية جافة تشبه في ذلك قساوة الأعراف والتقاليد العربية، وإجحافها لحقوق المرأة. أما السبب الثاني يتمثل في كون الصحراء الموطن الأصلي للعرب، وكأن القاصة أرادت أن تقول: أن هذه هي نظرة العرب للمرأة منذ الأزل. فلا زال العرب يتمسكون بتقاليدهم التي اكتسبوها منذ أيام القبيلة.
ثالثا: الزمن :
الزمن في قافلة العطش مختزل في ذلك اليوم الذي قدمت به القافلة العطشى لاسترداد أسيراتها، وما تخلل ذلك اليوم من مفاجآت على الصعيدين: الفكري والحضاري لرجال القبيلة، لينتهي بالبكائية الحزينة التي أنشدها رجال القبيلة العطشى في مساء ذلك اليوم. والزمن بشكل عام في القصة يحيلنا إلى زمن الجاهلية، حيث وأد البنات الذي صار "طقسا قاسيا من طقوسها الدامية"(1)، ليتحد بذلك الزمن مع الثيمة الأساسية؛ حيث يشير هذا الزمن إلى انعدام قيمة المرأة فيه، وإلى تلك المعاملة المجحفة التي تلقتها منذ القدم.
(1)- قافلة العطش ، ص13.
رابعا: الحوار :
كشف الحوار عن طبيعة الموقف الفكري لكل شخصية في القصة؛ فالحوار الذي دار بين زعيم القبيلة والشاب البدوي الأسمر، يكشف عن الضدية الفكرية القائم عليها موقف كل منهما. كما كشف الحوار بين البدوي الأسمر والجميلة عن طبيعة الموقف والتيار المعرفي الذي تفضله المرأة. ليتحد بهذا الحوار مع الثيمة الأساسية للقصة، ويبرزها بطريقة أوضح، ليستطيع بعدها إقناع المتلقي.
خامسا: الراوي :
يبدو بشكل واضح أن القاصة هنا تتقمص دور الراوي العليم بالأحداث من بدايتها إلى نهايتها ، والساردة في القصة كشفت عن انحيازها لقيم الفرد مقابل الجماعة، ليظهر من بداية القصة أنها تدين القبيلة وترفض مفاهيمها واعتقاداتها. " فالسارد داخل النص يكشف عن انحيازه لقيم الفرد في مواجهة قيم القبيلة باستخدام ما يمكن أن نسميه المتن والحاشية، فالمتن يتمثل في توصيف الحدث الأساس بالقصة…. والحاشية تتمثل في تدخل الساردة بالتعليق الذي لا يخلو من دلالات واضحة، فالساردة من البداية تستهل القصة بتعليق يبين إدانتها المسبقة للقبيلة"(1) فتقول: " كانوا قافلة قد لوحتها الشمس، وأضنتها المهمة، واستفزها العطش، جاءوا يدثرون الرمال وحكاياها التي لا تنتهي بعباءات سوداء تشبه أحقادهم وغضبهم وشكوكهم"(2).
سادسا: الحبكة :
ظهرت الحبكة جلية واضحة عند رفض الفتاة العودة مع أهلها وقبيلتها وتفضيلها الآسر عليهم، لتكسر بذلك أفق توقع والدها وقبيلتها والقارئ. إلا أن الحبكة بهذا الشكل أعطت للقصة جماليتها، فلو عادت الفتاة مع الأهل والعشيرة، لكان الأمر طبيعيا مألوفا، ولما خرجت عن إطار القصة العادية.
سابعا: اللغة والأسلوب:
امتازت لغة القاصة هنا باستخدامها للغة العربية الفصيحة، الخالية من العامية. بالإضافة لقدرة التعابير المستخدمة على حمل ما تعنيه الرموز من دلائل دون الانزلاق إلى المعنى المباشر، فهي لغة مختزلة مكثفة شعرية؛ حملت مجموعة من الصور الفنية التي تخدم الهدف. كما نلاحظ توظيف القاصة للموروث العربي، عندما تحدثت عن وأد البنات، هذا التوظيف الذي أعطى بعدا جماليا ودلاليا ومعرفيا للنص.
فقد " التزمت القاصة باللغة العربية الفصيحة والأدبية المنقية من العامية، التي امتزجت باللغة الشعرية، مما مكنها من معالجة النصوص بطريقة سردية حافظت على المظهر الأدبي، حتى تتجنب السقوط في حفرة الحكاية".(3)
أما من ناحية الأسلوب، فنلاحظ المد السردي مقابل التقليص الحواري، وتحيلنا هذه الملاحظة إلى وجود خلل في العلاقات الإنسانية في هذا المكان/الصحراء. فتقليص الحوار يشير إلى عدم القدرة على التواصل بين الجنسين، حيث يفرض الذكر ما يراه مناسبا من جانبه، بينما على الأنثى أن تنفذ ما يمليه عليها دون نقاش . وقد خدمت هذه التقنية الأسلوبية أيضا الهدف الأساس للقصة.فالقاصة تسقط القمع والسلب والحرمان على الأسلوب.
(1)- فضاءات التخييل ، رأي أحمد طوسون في بحثه الموسوم ب(استلاب الذات وقهر العشيرة/قراءة في مجموعة قافلة العطش)، ص243.
(2)- قافلة العطش ، ص9.
(3)- فضاءات التخييل، ص 69.
**قائمة المصادر والمراجع:
– المصادر:
1- الشعلان ،سناء ،مجموعة قافلة العطش القصصية ، دار الوراق للنشر والتوزيع/الأردن، ط1، 2006م.
– المراجع:
1- خضر، محمد غنام ،ومجموعة من النقاد ، فضاءات التخييل مقاربات في التشكيل والرؤى والدلالة في إبداع سناء الشعلان ، دار الوراق/الأردن ،ط1، 2012م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.