اما القصيدة الثانية فهي للشاعر( عبد الله محمد محمد) بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار والمتوفي سنة\ 658 هجرية – 1260ميلادية وهو مؤرخ وشاعر أندلسي وكان عالما ً في الفقه والحديث, بصيراً بالرجال والتاريخ, مُِجيداً في البلاغة والإنشاء, عمل في دوواوين الكتابة لبعض ولاة الموحدين, ولد ب(بلنسية )بالأندلس دخل في خدمة بني( عبد المؤمن) ، وفي سنة \ 635 هجرية أوفده( زيان بن مردنيش) إلى( أبي زكريا الحفصي) سلطان (تونس) الذي دخل في خدمته فيما بعد . رحل عن( بلنسية ) عندما احتلها (الإفرنج ) واستقر ب(تونس ) ودخل في خدمة( أبي زكريا ) و عندما مات ( أبو زكريا ) خلفه ابنه ( المستنصر) فرفع مكانته الا ان حساده كثروا وقيل انهم نظموا بياتا من الشعر باسم (ابن الابار) يعيب فيها الخليفة( المستنصر)ويهجوه فامر بقتله . وفي هذه القصيدة يرثي الاندلس التي ضاعت بشعر تتفطر فيه الاكباد ويتدى له الجبين ومنها هذه الابيات : أدركْ بخيلك خيل الله أندلسا إن السبيل إلى منجاتها دَرَسَا وهب لها من عزيز النصر ما التمست فلم يزل منك عز النصر ملتمَسا وحاشِ مما تعانيه حُشاشتها فطالما ذاقت البلوى صباح مسا يا للجزيرة أضحى أهلها جزرا ً للحادثات وأمسى جدها تعسا في كل شارقة إلمام بائقة يعود مأتمها عند العدى عُرُسا وكل غاربة إجحاف نائبة تثني الأمان حِذاراً والسرور أسى تقاسم الروم لا نالت مقاسِمُهمإ لا عقائلها المحجوبة الأنسا وفي بلنسيةٍ منها وقرطبةٍ ما ينسف النفْس أو ما ينزف النَّفَسا مدائنٌ حلها الإشراك مبتسماً جذلان وارتحل الإيمان مبتئسا وصيّرتها العوادي العابثات بها يستوحش الطرف منها ضعف ما أنسا فمن دساكر كانت دونها حرسا ومن كنائس كانت قبلها كنسا يا للمساجد عادت للعدى بيعا ً وللنداء غدا أثناءها جَرَسا لهفي عليها إلى استرجاع فائتها مدارساً للمثاني أصبحت دُرُسا وأربُعٍ نمنمت يمنى الربيع لها ما شئت من خِلَعٍ مَوْشيّة وكُسَا كانت حدائق للأحداق مونقة فصَوَّحَ النضرُ من أدواحها وعسا وحال ما حولها من منظر عجب يستجلس الركب أو يستركب الجُلُسا سرعان ما عاث جيش الكفر وا حربا عيث الدَّبَى في مغانيها التي كبسا وابتز بزتها مما تحيَّفها تحيُّف الأسد الضاري لما افترسا فأين عيشٌ جنيناه بها خضراً؟! وأين غصن جنيناه بها سلسا؟! محا محاسنَها طاغٍ أتيح لها ما نام عن هضمها يوماً ولا نعسا اما القصيدة الثالثة فهي نونية ( أبي البقاء صالح) بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي المتوفي سنة \684 ه – 1285 م) و هو من أبناء مدينة (رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وإليها نسبته. وقيل انه من حفظة الحديث الشريف و من الفقهاء ايضا وقد كان بارعا في نظم الكلام شعرا ونثرا . وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من (المرينيين) عندما أخذ (ابن الأحمر محمد بن يوسف) أول سلاطين (غرناطة ) في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم لعلهم يبقونه في حكمه غير المستقر في (غرناطة ) وتعرف قصيدته ب(مرثية الأندلس) … فهي واسطة العقد في شعر رثاء المدن وأكثر نصوصه شهرة وأشدها تعبيرا عن الواقع. فهي ترثي الأندلس . وفيها تصوير لما حلّ بالأندلس من خطوب جليلة لا عزاء فيها ولا تأسٍ دونها وكيف ضاعت ( قرطبة ) دار العلوم،والادب ( وإشبيليا ) معهد الفن، و(حمص ) مهبط الجمال،وكيف سقطت أركان الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكيف أَقفرت الديار من الإسلام فصارت المساجد كنائس وتغير فيها صوت الأذان الى صوت ناقوس!، ثم يهيب (أبو البقاء الرندي ) بفرسان المسلمين وقادتهم عبر عدوة البحر إلى المسارعة لنجدة الأندلس والمسلمين. ومن قصيدته هذه الابيات : لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ وهذه الدار لا تُبقي على أحد ولا يدوم على حالٍ لها شان يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟ وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟ وأين ما حازه قارون من ذهب وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟ أتى على الكُل أمر لا مَرد له حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ وللحوادث سُلوان يسهلها وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ فاسأل(بلنسيةً) ما شأنُ(مُرسيةً) وأينَ(شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ) وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم من عالمٍ قد سما فيها له شانُ وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ اميرالبيان العربي دفالح نصيف الحجية الكيلاني العراق – ديالى – بلدروز