مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    الاَن رابط نتيجة الصف الثاني الابتدائي بالقاهرة 2025.. استعلم عنها فور ظهورها رسمياً    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين في خلية "داعش العمرانية الثانية"    محاكمة أكبر متهم بتزوير الشهادات الجامعية والمهنية بوادي النطرون    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين فى واقعة انفجار خط غاز الواحات    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    أغرب حكايات اضطراب النوم من داخل معمل «السلطان»    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 24 مايو 2025    122 ألفا و572 طالبا بالصف الثاني الإعدادي بالدقهلية يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية والهندسة    نبيلة مكرم عن شيخ الأزهر:" ما بقلوش غير أبويا وما استحملش عليه كلمة"    عيد الأضحى 2025.. أسعار الخراف والماعز في أسواق الشرقية    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    «ترانس جاس» تنفي شائعة تسرب الغاز بكفر الشيخ    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    "تاس": طائرة تقل 270 جندياً روسياً أُعيدوا من الأسر الأوكراني هبطت فى موسكو    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    هزة أرضية بقوة 3 ريختر تضرب جزيرة كريت في اليونان    «مش شبه الأهلي».. رئيس وادي دجلة يكشف رأيه في إمام عاشور    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    حملات أمنية لردع الخارجين عن القانون في العبور| صور    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50%    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    الحالية أكثر| 77 عامًا على النكبة.. وفرصة أخيرة لحل الدولتين    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    الضرائب: أي موظف يستطيع معرفة مفردات المرتب بالرقم القومي عبر المنظومة الإلكترونية    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    بن شريفة: بنتايج من أفضل لاعب في مركزه.. ومصدق مستقبل الدفاع المغربي    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    صور عودة 71 مصريا من ليبيا تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    سعر الذهب اليوم السبت 24 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية وسائد بالية
نشر في شموس يوم 19 - 05 - 2016


الفصل الأول – ليالى الشتاء
فى إحدى ليالى الشتاء الباردة , كان المطر ينهمر بغزارة من السماء كحبات اللؤلؤ, فإغتسلت الشوارع والبيوت والسيارات ونفضت عنها الغبار والأتربة الذى عشش على أسطحها ومخابئها خلال فصل الصيف,وأصبحت الشوارع والحوارى والأزقة كالعروس التى تتهيىء ليوم زفافها , فتتحمم وتتزين وتتعطر بأغلى العطور وترتدى أثمن الملابس وأطهرها من أجل لقاء الحبيب.
كان إرتطام قطرات المطر بسطح الأرض وجدران المنازل وزجاج النوافذ يصدر أنغاماً وكأنها أوتار كمان ,تملأ الكون بالحانه الساحرة , وتتراقص على ألحانها أوراق الشجر وتتمايل لها الزهور مبتهجة .
كل قطرة كانت تلامس سطح الأرض كانت كأنها بلسم شافىٍ , ترياق يزيل هموم ساكنى هذا الكون ,ويمنحهم الأمل فى غدٍ أفضل,غدٍ بلا وجع بلا هموم,غدٍ كله فرح ,كله أمانى.
كم جميلً أن تجمعنا ليالى الشتاء ,فنتسامر ونتحاور حتى يغلبنا النعاس ,كم جميلً أن نراقب جمال المطر وعلى شفاهنا إبتسامة تحيى بداخلنا الذكريات ,كم جميلا أن يتساقط المطر فيغسل أحقاد الصدور وسواد القلوب فتصبح صافية كصفاء السماء .
وهاهى الساعة قد إقتربت من الحادية عشر ليلاً , وكل من بحى الزيتون – وهو أحد أحياء القاهرة الشعبية – قد أطفأ أنوار منازلهم , منهم من إستسلم للنوم والدفىء تحت الأغطية الصوفية , ومنهم من إلتف حول شاشة التليفزيون مع أسرته ,مع أناس يحبهم ويحبونه ,ليتلمس نوعا آخر من الدفىء الأسرى,ومنهم من جافاه النوم وتلاعبت به الذكريات .
وعلى غير المعتاد كان الحى الذى لاتنطفىء أنواره ابداً ,بدا خاليا تقريبا من البشر, لغزارة هطول المطر ,فارتبكت الشوارع ,واقفلت المتاجر ,والكل يجرى مسرعاً باحثاً عما يحميه من ماء المطر, فلا نكاد نرى سوى شابان يهرولان هرباً من المطر, يغطيان رؤسهما بملابسهما ,يمازحان بعضهما البعض, فتتعالى أصواتهما بالضحكات ,وطفل صغير بيده كيس من البلاستيك الاصفر به خبز أفرنجى يسرع بخطاه ليحتمى من المطر تحت شرفات المنازل ,وبيده قطعة من الخبز الطازج يأكلها, وكهل يختبىء تحت مظلته المتهالكة وهو يعبر الشارع ليصل الى بيته,وإمرأة عجوز تقف فى إحدى الشرفات تحاول لملمة الملابس المنشورة خوفا من أن يبللها المطر,وآخرى تسرع بإغلاق نوافذ منزلها حتى لاتتسرب مياة المطر لداخل المنزل فتبلل الستائر والمفروشات .
أنه لمشهد فى غاية الروعة لم يكن يتابعه احد فكل النوافذ أغلقت سوى نافذة واحدة صغيرة هى من ظلت مفتوحة على مصراعيها , يتسلل من خلالها شعاعاً خافتاً من الضوء, وأمامه ستارة من الحرير الأبيض تتراقص على صوت زخات المطر وأنغام الفنانة فيروز وهى تشدو :
رجعت الشتوية .. ضل إفتكر فيى.. ياحبيبى الهوى مشاوير.. وقصص الهوى مثل العصافير..ياحبيبى الهوى غلاب .. عجل وتعى السنة ورا الباب.. شتوية وضجر وليل .. وأنا عم بنطر على الباب.
وكان خلف تلك النافذة منضدة خشبية عليها فنجان من الشاى الساخن , ينبعث منه خيوطا متصلة من الدخان وكأنها حمم بركانية من شدة حرارته , وبأسفل الفنجان كتابا مغلقا على سطحة ذرات من التراب وكأنه على هذا الوضع منذ أعوام كثيرة لم يتحرك من مكانه , وكلاهما فى غرفة جلوس صغيرة ذات إضاءة خافتة ضعيفة , تحتوى على جهاز تليفزيون صغير , وأريكة وأربع كراسى متوسطة الحجم , وكرسى هزاز خشبى ,ومكتبه صغيرة تحتوى على بعض القصص الخيالية والرومانسية.
وفى لحظة .. وبهدوء شديد .. تمتد يد بشرية ترتعش من برودة الجو , لتلتقط فنجان الشاى , فتحتضنه بكلتا يديها , وتدنو به من شفتيها بهدوء شديد لترتشف منه أول رشفة , ليختلط الدخان الصادر من الفنجان بأنفاسها , وتخترق حرارته جبال الجليد التى إستوطنت هذا الجسد النحيل المتجمد لتعيد له حيويته ورونقه.
ووسط هذا السكون الرهيب يأتى وميض البرق ليكشف الستار عن ملامح صاحبة اليد الباردة, فإذا هى أنثى فى الثلاثينيات من عمرها إسمها ليلى ,خارقة الجمال , ناعمة , كلها أنوثة , تفوق فى جمالها وحسنها روعة الملائكة , بيضاء اللون كبياض الثلج , وجهها جميل مستدير كأنه قمر مستنير , خدان مكتنزان كأنهما تفاحتان بلون شقائق النعمان، أنفٌ أقنى كأنه مرجان، اسنان لؤلؤ كثيرة اللمعان، شفتان من الكرز مخضَّبتان ، ابتسامة كالوردة تزهو، وعيون تحاكي عيون الغزلان،وحاجبين كالهلال , شعرها اسود حالك كالليل، وعنقها طويل فيه قلائد جمان وجمال يرافقه جمال العينان فيهما نظرات تعب وعتب ,نظرات تائهة حائرة تكفف الدمع قبل ان يسقط ويهزم كل هذه الهيبة والقوة ويهزم كل هذا الجمال، تتألم بصمت وتختبئ خلف اسوار ألابتسامة .
أما الجسد فهو كقصيدة شعر رومانسية حزينة ناعمة , لحن جميل تستجيب لروعته كل حواس الرجال , صوت ناى لم يتوقف عن العزف منذ ملايين السنين , لوحة فنية نادرة يحتار أعظم الفنانيين فى رسم مواطن جمالها , فالذراعان طويلتان ناعمتان منسابتان برقة , وأصابعها طويلة رقيقة وكفيها صغيرة , ذات قوام ممشوق رشيق وخصر نحيل, ونهدين متوسطين جميلين متناسقين ,وبطن مسطح مشدود,واراداف
يالها من أنثى .. كيف لهذا الجمال أن يكون وحيدا فى ليلة كهذه .. وكيف لايشاركها أحد تلك اللحظات الرمانسية الهادئة.. من تكون تلك الأنثى ؟؟ أهى من عالمنا أم من عالم آخر ؟؟ فجمالها يثير بداخل كل من يراها تساؤلات كثيرة ,فإنها رغم روعتها وحسنها غامضة كاللغز .. كالمستحيل .. رائعة كالحلم الوردى الجميل .. أنثى ناعمة لاتؤثر برودة الطقس على جمالها وأنوثتها فمن خلال الضوء الخافت فى غرفتها ظهرت بقميصها الأزرق وهى تضع على كتفها شالاً صوفياً منقوشاً بالورود الصفراء والبيضاء والحمراء , شعرها منسدل على ظهرها كخيوط الحرير وكأنها حورية من السماء .
تلك الأنثى قد إعتادت متابعة هطول المطر فقد كانت تلك العادة تستهويها منذ أن كانت طفلة صغيرة وهى فى منزل اسرتها , فتلك اللوحة الفنية الرباينة التى ترسمها قطرات المطر على زجاج نافذتها كانت تأخذها الى عالم آخر , عالم تغمره المشاعر والاحاسيس , عالم يسكنه الهدوء والسكينة , عالم من الرومانسية التى افتقدتها فى حياتها ولطالما راودتها فى احلامها , فدائما كانت تشعر بأنها تفقتد لشىء ما لاتعلمه ,وأن فقدانه يفسد عليها إحساسها بجمال الحياة, وكانت تدرك أن الواقع الذى تعيشه لم يكن هو الواقع الذى تمنته, وأنها كانت تستحق الأفضل , لكنها لم تكن تعلم ماهو الشىء الذى ينقصها , وكانت دائما تتحدث الى نفسها وتحاول إقناعها بأنها خلقت لرسالة ما , وهى تربية أولادها وخدمة زوجها , وان سعادتهم هى سعادتها , ونجاحهم هو نجاحها وان عليها الاستمرار والرضا بالمكتوب .
ورغم واقعيتها وحرصها على إستقرار بيتها وأولادها لم تستطع أن تمنع نفسها من التفكير فى حلمها الرومانسى وفارس أحلامها الذى يأتى على حصانه الأبيض ليختطفها ويأخذها الى عالمه الرائع فيبحر بها فى بحار العشق ويٌشبع حاجتها للحنان ويعزز قيمتها بالإعجاب والتقدير .
لم يكن زوجها هو فارس أحلامها الذى تمنته ورسمت صورته فى خيالها,فهو يختلف عنها كلياً ,فهى انثى حساسة خيالية رومانسية تحركها الكلمة الرقيقة واللمسة الحانية,وهو رجل واقعى لم يدرك مدى إحتياجها القاتل لأن تشعر انها أنثى, فهو قليل الكلام خشناً قاسياً فى التعامل ,لايدرى كيف يجذب زوجته اليه او يدغدغ مشاعرها , الحب عنده هو توفير طلبات البيت والزوجة , ولحظات الدفىء عنده فقط عندما تنطفىء الأنوار ويصيران جسداً واحداً بلا شىء يفصلهما ,أما الحب عندها فهو شىء آخر , فالحب كما تراه هى .. هو اصل العشق والغرام,هو الهوى والهيام ,هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول بداخلنا باحثاً عن فرصته ليداعب الإحساس ويسحر العيون,ويسيطر على كيان الإنسان, هو الوباء اللذيذ المعدى ,هو مغناطيس يجذب الكائنات وبدونه لن تستمر الحياة,هو الكلمات التى تدغدع المشاعر وتدفىء القلب ,هو اللمسات الحانية التى تشعرها بأنها أنثى مرغوبة كالطفلة المدللة كل رغباتها وطلباتها مجابة , هو النار التى تجعل للحياة لون ومعنى , هو العشق المجنون الذى لاتنطفىء شموعه الا ببركان من القبلات والاحضان الدافئة وحالات الجنون التى تفقدها إحساسها بالزمان والمكان , تجعلها فى غيبوبة لاتشعر فيها سوى بالنشوة بالمتعة ,تشعرها بأنها ملكة وبيدها الصولجان.
وللرواية بقية,,


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.