المفكر العربي الأستاذ أحمد كرفاح يكتب للجيل العربي الجديد – الجزائر إن الأميريكون اليوم يرفضون فكرة أن الولاياتالمتحدة الأميريكية هي مجتمع المهاجرين وكذا المتعدد الأعراق والثقافات0 مع أن الأميريكون الذين أعلنوا الإستقلال عن الإستعمار البريطاني في أواخر القرن الثامن عشر هم في الحقيقة عبارة عن مجموعة متجانسة من المستوطنين البريطانيين الذين توافدوا على العالم الجديد من القارة العجوز لكي يستقروا ويعمروا هي المنطقة من الكرة الأرضية للأبد0 كما نهم في الحقيقة قد وضعوا بذور المجتمع الأميريكي إنطلاقا من مبادئهم وثقافاتهم 0 كما أنه في الحقيقة عند قراءة تاريخ الولاياتالمتحدة الأميريكية منذ تأسيسها طبعا نجد بأن الدين هو الأساس الذي أقيم عليه العالم الجديد0 فالأميريكيون الأوائل هم طبعا من جماعة البروتستانت التي أنشأت أنجلترا الحديثة من قبل ثم بعد ذلك بدأت جماعة كبيرة من هؤلاء البريطانيين تهاجر إلى العالم الجديد حاملين معهم تراثهم الديني المستمد من العهد القديم0 طبعا فكانت هجرتهم إلى العالم الجديد تشبه هجرة اليهود إلى فلسطين0 كما حرص هؤلاء المهاجرين وبشكل جاد على إستخدام كل منظماتهم السياسية في صياغة رؤيتهم للمجتمع الجديد على أساس معتقداتهم الدينية 0 وهذا طبعا مما جعل الدين يلعب دورا مركزيا في حياة الأميريكين منذ السنوات 0 فأميريكا هي الأمة الوحيدة في العالم التي شيدت على أساس الإيمان0 وهذا مما جعل الأميريكيين اليوم يعتقدون بأن دولتهم هي دولة تتميز عن بقية دول العالم بأن مكلفة بمهمة خاصة وعليها أن تكون في مستوى هذا التكليف الخاص ومثالا يحتذى به في العالم أجمع0 وأن يكون الدين هو المؤسسة السياسة الأولى في بلدهم0هذا طبعا وقد كان وسيظل للدين قوة فعالة في العملية السياسية وفي الحياة العملية حتى في أكبر بلد صناعي متقدم كالولاياتالمتحدة الأميريكية في القرن الواحد والعشرين0 فقادة المجتمع الأميريكي السياسيين يتخذوا مواقفهم منذ نشأة جمهوريتهم وحتى الآن على قمة متاحة من الأرضية الأخلاقية العالية مستمدين وبإستمرار السند المبرر لكل تصرف أميريكي في أمريكا وفي العالم من الدين ومن الأخلاقيات العليا ومن المصطلحات ذات المعنى آلأخلاقي في القوى كحقوق الإنسان والقانون الدولي والحضارة متبنين فكرة الإضطلاع بعبء رسالة تحمل في طياتها صلاح البشرية0 هذا ويبقى التحيز الأميريكي لإسرائيل هو تحيز ديني وهذا دليل على ضخامة الدور الذي يلعبه الدين في رسم سياسة وتوجيه أكبر دولة في العالم تجاه المنطقة العربية والعالم الإسلامي فالدين هو المحرك الأساسي لكافة الأعمال الأميريكية اليوم 0 وهذا مما يدل على أن الحضارة الغربية هي حضارة دينية حيث بعد أحداث 11 سبتمبر مباشرة قد تم توجيه التهمة للعرب والمسلمين بدون وجود أي دليل على علاقة المسلمين بهذه الأحداث0 ولقد كان للدين دورا في نشأة النظام الرأسمالي السائد في كل من إبريطانيا والولاياتالمتحدة الأميريكية 0 وهذا طبعا مما يوضح دور الدين في رسم السياسة في الولاياتالمتحدة الأميريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي والعالم الإسلامي0كما أن للدين دور في الحياة الأميريكية وفي تشكيل الثقافة الأميريكية ومنظومة القيم التي يؤمن بها الأميريكيون0 هذا وتبقى هذه النظرة الشاملة لطرق تفاعل الدين والسياسة في أمريكا منذ التاريخ المبكر للهجرة إلى القارة الأميريكية وبناء المستعمرات وحتى الآن نجد بأننا لا نستطيع فهم جدلية العلاقة بين الدين والسياسة التي تعد المنظور الكامل للتاريخ الأميريكي والثقافة الأميريكية0 وتعد طبعا العلاقة بين الدين والسياسة أحد أهم المؤثرات فيهما والمحرك لهما0 كما أن الصراع الذي كان سائدا بين كل من المملكة البريطانية والجمهورية الفرنسية والذي إنتهى بإنتصار المملكة البريطانية قد ساعد علي إيجاد سماء جديد وأرض جديدة 0 حيث قد كان إنتصارعام 1763 الذي قيل عنه بأنه لم يجلب عنصرا جديدا مهيبا0 لكنه في الحقيقة إعاد تنظيم الإمبراطورية البريطانية0 هذا طبعا في وقت قد قيل فيه بأن المملكة البريطانية تمتلك القوة التي تمكنها من إعادة بناء العالم0 لكن هذا لم يحدث في الحقيقة حتى جاء بوش لرئاسة الولاياتالمتحدة الأميريكية بعد خمسين عاما تقريبا ليعلن في الكونغرس عن نظامه العالمي الجديد 0مع أن هتلر كان قد سبق بوش الأب في إستخدام نفس اللغة وهذا طبعا كان عام 1941 حيث قال عنه يومها هتلتر بأن عام 1941 قد يكون عاما حاسما في فتح الطريق أمام نظام عالمي جديد في أوروبا وستكون أبواب العالم مفتوحة ومشرعة للجميع0 وهذا مما يوفر الأساس اللازم للتفاهم الحقيقي بين شعوب الأرض وبما يضمن المصالحة بين كافة الشعوب والأمم0 فهتلر طبعا كان يرى بأنه باسم النازية سيعيد تجديد العالم وبواسطة نقاء الشعب الألماني المختار الجديد إلا أن هذه التطلعات لم تجلب سوى الدمار والدماء لأوروبا وللعالم0 وانهارت أحلامه في بناء أمبراطورية عالمية0 إلا أن هذا لم يمنع وجود نفس الأفكار والتطلعات على الطرف الأميريكي حتى لو كان هذا النظام العالمي الجديد سيتحقق على أشلاء ملايين البشر وانقراض حضارات عريقة 0 كما أنه نتيجة للحرب العالمية الأولى والثانية قد تم رسم الحدود الإقتصادية للنظام العالمي الجديد الذي يجب أن يكون خاضعا لحاجات ومتطلبات الإقتصاد الأميريكي وتطلعات الشعب الأميريكي وقابلا للتحكم والضبط السياسي الأمريكي قدر المستطاع0 ولذا فقد عملت الولاياتالمتحدة الإأميريكية على تفكيك الإمبراطورية البريطانية من جهة وتوسيع الترتيبات الإقليمية الخاصة بها من جهة ثانية0 طبعا في كل من أميريكا اللاتينية والمحيط الهادي وفق مبدأ ما يلائم الولاياتالمتحدة الأميريكية لأنها الولايات ترى اليوم أن ما يلائمها يلائم العالم حسب زعمها 0 لأن الشعب الأميريكي يؤمن بأن بلده يذرمز إلى شيئ العالم يبقى دائما في حاجة إليه ويبقى دائما يحتاجه0 هذا طبعا ويبقى التخطيط الأميريكي للعالم قد أقام إعادة بناء العالم الصناعي على نهج كفيل بتلبية إحتياجات ومصالح قطاع المال والأعمال الذي يمسك بخيوط السياسات حيث الأولوية لإستعاب فائض الصناعات الأميريكية وسد فجوة الدولارية وخلق فرص الإستثمار0 فخطة مارشال قد وضعت الأسس للشركات المتعددة الجنسية والإستثمارات والصناعات الأميريكية ليمتد إلى ما وراء البحار محمية بمظلة القوة الأميريكية0 حيث تم التقسيم كما يلى جنوب وشرقي آسيا للولايات المتحدة الأميريكية وهذا طبعا مما جعل الشرق الأوسط من نصيب الولاياتالمتحدة الأميريكية خاصة وأن المملكة العربية السعودية تمثل طبعا ينوع قوة إستراتيجية في العالم0 كماوصفت شرق آسيا بأنها ثورة التجارة العالمية والتجديد التكنولوجي 0 وإعطاء اليابانجنوب آسيا0 أما القارة السمراء إفريقيا فقد كانت من نصيب القارة العجور أوروبا كي يستغلها الأوروبيون في إعادة إعمار وبناء بلدانهم0 كما أن الولاياتالمتحدة قد أصبحت لاعبا كونيا للمرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية وهذا مما جعلها طبعا تعمل على إزاحة أصدقائها الأوروبيين لتحل محلهم0 حيث إستخدمت قدراتها وثرواتها من أجل ترتيب النظام الدولي بعناية ومهارة 0 فبعد ما قضت على المعسكر الشرقى بدأ يقترب حملها من تحقيق النظام العالمي الجديد وتحقيق الإمبراطورية الأميريكية العالمية 0