أكد الداعية الدكتور أنس عطية الفقي أن المؤمن يحمد الله في جميع أحواله، يحمده على العطاء وعلى المنع، لأن المنع قد نراه منعاً وهو في حقيقة الأمر عطاء. وقال في الخطبة التي ألقاها اليوم من فوق منبر مسجد طارق بن زياد بمدينة السادس من أكتوبر إن نعمة النسل والذرية ما هي إلا تذكير للبشرية أنه لا بد من الخليفة الذي يستعمره الله في الأرض بالإصلاح لا بالإفساد.. بتكوين الأسر لا باتخاذ الأخدان والخليلات.. بالإنتاج لا بالإستهلاك.. بالبناء لا بالتخريب.. بالإيمان لا بالكفر.. بالعمل لا بالبطالة، قال تعالى في سورة هود: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب". والولد في اللغة يطلق على الإبن والإبنة، قال تعالى في سورة النساء: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين". هذا في الميراث لكن في الهبة والعطية حال الحياة فالبنت تأخذ مثل الإبن، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" أخرجه الشيخان. وللطفولة حقوق في الإسلام لا ينبغي الاستهانة بها، ومنها أن الشريعة حرمت قتل الأبناء وحرمت إجهاض الأجنة في بطون أمهاتها بعد نفخ الروح فيها، قال تعالى: "ولا تقتلوا أبناءكم"، كما حضت الشريعة أتباعها على نسبة الأبناء لآبائهم لا لغيرهم، وقامت بتشريع تسميته يوم السابع من مولده باسم حسن وصنع العقيقة له وإرضاعه رضاعة طبيعية حولين كاملين لمن أراد أن يتمها، وهذا يعني أن يكون له عائلة ترعاه وتعطف عليه وتربيه وتعلمه وتُطببه وتزوجه. ومن أجل ذلك، ولأجل ذلك، رغبت الشريعة في طلب الولد (ذكراً وأنثى) وحثت على الاهتمام بهم أطفالاً لأنهم شباب الغد وقادة المستقبل، فهم لبنات المجتمع وخيرهم أو شرهم يعود إليه. كان سيدنا الحسن رضي الله عنه يقول: قدموا إلينا أحداثكم فإنهم أفرغ قلوباً وأحفظ لما سمعوا. وقبل مجيئه إلى الحياة رغبت الشريعة في حسن اختيار الوالد والوالدة أو الزوج والزوجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه"، وفي حديث آخر قال: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". وللوالدين دور كبير في رعاية أطفالها ولعل من أجل دورهما الجليل والقيام به حق القيام أكرمهما القرآن بأن أوصى بهما في أكثر من سورة من سوره، فقال تعالى في سورة الإسراء: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا". ويأخذ الإشارة شاعر مسلم فيخاطب الأمهات قائلاً: الله أعطاكن خير أمانة تعطى وأعطى الرجال الباقي إن كان للرجل القوامة والقوة في جسمه والسعي في الأرزاق فلكن تربية الرجال بأسرهم وجميلكن أحاط بالأعناق قد قال شاعرنا الحكيم مقولة صارت كضوء الشمس في الآفاق الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق. هذه هي حقوق الأولاد.. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حق الولد على والده أن يحسن اسمه ، ويعلمه الكتاب ، ويزوجه إن أدرك ". وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الولد وابنه وأنّبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر : أن ينتقي أمه، ويحسن أسمه، ويعلمه الكتاب ( أي القرآن )، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلاً ( أي خنفساء )، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إلي تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك".