أعلن عالمان مصريان الثلاثاء الماضي تعرفهما مما ورد في كتب المزارات على قبر الحسن بن الهيثم أول عالم وفيلسوف علم في التاريخ. وقال د. أحمد فؤاد باشا أستاذ الفيزياء ورائد تاريخ العلوم في الوطن العربي في محاضرته التي ألقاها ظهر الثلاثاء 8 ديسمبر الجاري في مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بمدينة السادس من أكتوبر بمناسبة اختيار اسم الحسن بن الهيثم على شرف العام الدولي للضوء 2015م إنه علم مؤخراً، بالاتصال الشخصي من الدكتور محمد حمزة الحداد أستاذ الآثار والحضارة الإسلامية، أنه تعرف مما ورد في كتب المزارات على قبر الحسن بن الهيثم في حوش حديث بالقرافة الصغرى بجوار قبر الصحابي الجليل عقبة بن عامر، جنوبي قبة الإمام الشافعي بمصر القديمة. وتابع د. باشا: رأيت من واجبي أن أسجل هذه المعلومة المهمة، عسى أن تكون دافعاً وحافزاً للمعنيين بقضايا الآثار والسياحة وتحقيق التراث على أن ينفضوا الغبار عن قبر الحسن بن الهيثم، الذي ظل مجهولاً طوال ما يقرب من ألف عام حتى كاد يطويه النسيان. إذا فعلنا، نستطيع أن نرد الجميل لليونسكو التي تعرفنا بأهلنا وأجدادنا ونعلن للعالم أجمع اكتشاف مقبرة الحسن بن الهيثم الذي لم يكن عالماً عادياً وكأنه كان منذوراً للاكتشافات الكبرى التي نفعت الإنسانية. والعلامة الفيلسوف أبي علي الحسن بن الحسن بن الهيثم البصري أطلق اسمه على فوهة بركان تقع في الجانب الشرقي المرئي للقمر من الأرض، وفي المقابل أطلق اسم أينشتين على فوهة أخرى تقع في الجانب الغربي، وذلك إشارة ذكية إلى الموطن الأصلي لأشهر عالمين في الشرق والغرب. وابن الهيثم هو من وضع الأساس التجريبي للفيزياء في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، وأينشتين هو الذي أسهم في تأسيس الفيزياء الحديثة مع بدايات القرن العشرين، ومعجزة الضوء كانت الموضوع المحوري لأبحاث الإثنين. وفي عام 2006م ظهر كتاب بعنوان "ابن الهيثم العالم الأول" من تأليف "برادلي ستيفنز"، وفيه يترجم لابن الهيثم باعتباره أول عالم حقيقي في تاريخ الحضارة الإنسانية، لأنه أسس وطبق المنهج التجريبي الاستقرائي الذي يعول عليه في الاستدلال على الحقائق العلمية، واستخلاص أي نتائج مرجعية. وظهور كتاب "المناظر" الذي تحتفل اليونسكو بمرور ألف عام على تأليف ابن الهيثم له ونشره، كان في مرحلة الشيخوخة المتأخرة للحسن بن الهيثم بعد عام 1029م. هذا العمل الموسوعي الضخم، كتاب "المناظر" وأجزائه السبع، قد احتاج من مؤلفه وقتاً ليس بالقصير، كانت فيه فسحة لتصميم آلات، وإجراء تجارب، وإعداد براهين هندسية على المسائل الكثيرة التي عرض لها المؤلف في كتابه. أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم (354 ه/965م–430 ه/1040م) عالم موسوعي مسلم قدم إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصرياتوالفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة العلمية والإدراك البصري والعلوم بصفة عامة بتجاربه التي أجراها مستخدمًا المنهج العلمي، وله العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث. صحح ابن الهيثم بعض المفاهيم السائدة في ذلك الوقت اعتمادًا على نظريات أرسطو وبطليموس وإقليدس، فأثبت ابن الهيثم حقيقة أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين، وليس العكس كما كان يعتقد في تلك الفترة، وإليه ينسب مبادئ اختراع الكاميرا، وهو أول من شرّح العين تشريحًا كاملاً ووضح وظائف أعضائها، وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار. كما أورد كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ما زالت تعرف باسم "مسألة ابن الهيثم". أهميةبن الهيثم في تطوير علم البصريات يعترف المؤرخون الغربيون بأهمية ابن الهيثم في تطوير علم البصريات، فأرنولد في كتاب " تراث الإسلام"، قال إن علم البصريات وصل إلى الأوج بظهور ابن الهيثم، أما سارطون فقال : إن ابن الهيثم أعظم عالم ظهر عند المسلمين في علم الطبيعة، بل أعظم علماء الطبيعة في القرون الوسطى، ومن أعظم علماء البصريات القليلين المشهورين في كل زمن، وأنه كان أيضاً فلكياً، ورياضياً، وطبيباً. أما دائرة المعارف البريطانية، فقد وصفته بأنه رائد علم البصريات بعد بطليموس. وابن الهيثم هو أول من قال بأن العدسة المحدبة ترى الأشياء أكبر مما هي عليه. وأول من شرح تركيب العين ووضح أجزاءها بالرسوم وأعطاها أسماء أخذها عنه الغربيون وترجموها إلى لغاتهم، ما زالت مستعملة حتى الآن. ومن ذلك مثلاً الشبكية Retina، والقرنية (Cornea)، والسائل الزجاجي (Viteous Humour، والسائل المائي( (Aqueous Humour). كما أنه ترك بحوثاً في تكبير العدسات مهدت لاستعمال العدسات في إصلاح عيوب العين. وتوصل ابن الهيثم إلى أن الرؤية تنشأ من انبعاث الأشعة من الجسم إلى العين التي تخترقها الأشعة، فترسم على الشبكية وينتقل الأثر من الشبكية إلى الدماغ بواسطة عصب الرؤية، فتتكون الصورة المرئية للجسم. وبذلك أبطل ابن الهيثم النظرية اليونانية لكل من أقليدس وبطليموس، التي كانت تقول بأن الرؤية تحصل من انبعاث شعاع ضوئي من العين إلى الجسم المرئي. كما بحث في الضوء والألوان والانعكاسات الضوئية على بعض التجارب في قياس الزوايا المحدثة والانعكاسية. ويعدّه بعض الباحثين رائد علم الضوء. إسهاماته في الرياضيات كان ابن الهيثم رياضياً بارعاً، فقد طبق الهندسة والمعادلات والأرقام في حل المسائل الفلكية. كما حل معادلات تكعيبية وأعطى قوانين صحيحة لمساحات الكرة، والهرم، والأسطوانة المائلة، والقطاع الدائر، والقطعة الدائرية. ابن الهيثم وضع نظرية عن تحركات الكواكب اهتم ابن الهيثم بالفلك، وكتب فيه عدداً من الكتب وقام بعدد من الأرصاد. ومن أهم إسهاماته في علم الفلك : توصله إلى طريقة جديدة لتحديد ارتفاع القطب، فقد وضع نظرية عن تحركات الكواكب ؛ ولايزال أثر هذه النظرية قائماً حتى الآن، حيث توجد في ضواحي فينا بالنمسا طاولة صنعت بألمانيا سنة 1428 وعليها رسم لحركات كواكب سيارة حسب نظرية ابن الهيثم. واكتشف ابن الهيثم أن كل الأجسام السماوية، بما فيها النجوم الثابتة، لها أشعة خاصة ترسلها، ما عدا القمر الذي يأخذ نوره من الشمس. مؤلفات الحسن بن الهيثم : ترك ابن الهيثم تراثاً علميا غنياً في مختلف العلوم، ومن أهم ما ألفه : "كتاب المناظر" : يشتمل الكتاب على بحوث في الضوء، وتشريح العين، والرؤية. وقد أحدث الكتاب انقلاباً في علم البصريات، وكان له أثر كبير في معارف الغربيين (روجر بيكون و كيبلر)، وظلوا يعتمدون عليه لعدة قرون، إذ تمت ترجمته إلى اللاتينية مرات عديدة في القرون الوسطى. ويشتمل الكتاب على سبع مقالات، حقق منها عبد الحميد صبرة المقالة الأولى والثالثة ونشرهما في كتاب سنة 1983 بالكويت. كما أن الدكتور رشدي راشد حقق المقالة السابعة في كتابه "علم الهندسة والمناظر في القرن الرابع الهجري"، المطبوع في بيروت سنة 1996. وتوجد مخطوطات كاملة من الكتاب أو لبعض مقالاته، في العديد من المكتبات، خاصة باستانبول بتركيا. "حل شكوك أقليدس" "مقالة الشكوك على بطليموس" "كتاب شرح أصول إقليدس في الهندسة والعدد" "كتاب الجامع في أصول الحساب" "كتاب في تحليل المسائل الهندسية". ويذكر أن ابن الهيثم صنَّف ثمانين كتاباً ورسالة في الفلك شرح فيها سير الكواكب، والقمر، والأجرام السماوية، وأبعادها. وقد كان لترجمة بعض كتب ابن الهيثم إلى اللاتينية، تأثير كبير على علماء الغرب من أمثال كبلر، وفرنسيس بيكون. ويؤكد مصطفى نظيف أن ابن الهيثم سبق"فرنسيس بيكون" في وضع المنهج التجريبي القائم على المشاهدة والتجربة والاستقراء. كما يقول عباس محمود العقاد في كتابه "أثر العرب في الحضارة الأوربية" إن ترجمة كتب ابن الهيثم كان عليها معول الأوربيين اللاحقين جميعاً في البصريات.