النمو يفترض عوامله .. من هناك حيث الجرف الرملي تكونين أنتِ .. علامة تشهد بزوغ نسغ من جلالة وجه يحاكي الفضاء .. النهر الممتد بأتجاه الجنوب يرسم التواء في تربة تعودت على ملامح الطين .. ا لبارحة أكتشفت أن لقاءنا عبّارة نحو ألإفق نرجوه في حين تلفنا الملمات .. أتذكرين حينما كنا نسير عبر أزقة المدينة .. وأصابعنا متشابكة .. الشرطي الذي رصدنا حاول أن يغلق عينيه .. ليشعرنا أنه يغض الطرف .. ماذا كنا نفعل ..؟ عاشقين أردنا البوح عن محبتنا .. كنت تحدثيني : عن جاركم الذي ذهب الى غرب البلاد متطوعا لأجل أن يحارب وحوشا ضارية .. كنتم تودعونه بصمت مهيب وزغاريد مكتومة لئلا يجرح فسيلة النخلة التي زرعها في حديقة بيتهم .. نظراته لم تفارقك .. يبدو أنه يزرعها لأجلك .. أمه تقف جواره تتمناك زوجة له .. و أبوه صامت بلا تعابير محددة .. حينما ألقى المجرفة .. وقد علت قسمات وجهه قطرات العرق .. كان قد حلّ وقت الغروب .. أوقدتٍ لهم مصابيح الدار .. فبدا المساء زاهيا بحضورك .. لم أنس أنك قلت لي أيضا : أنه حاول الانفراد بك .. ليبث لك ما تعتلج به نفسه .. هو غدا سيذهب الى سوح القتال وتبقين أنت تنتظرين أن أتصل بك .. هل اتصلت بك يومها .. لا أظن .. كانت الخدمة الهاتفية رديئة بسبب أرتفاع درجات الحرارة .. في مدينتنا التي ادمنت السخونة صارت الخدمات تتقلص لاجل أن يستفاد الافاقون الذين أنتخبناهم ظنا منا أنهم سيصلحون حالنا .. لم نكن نعلم أنهم مراؤون ولايقولون الحقيقة .. كانوا يبيعون الكلام علينا بطريقة منمقة .. تجعلنا نصدقهم .. بدون أدنى شك .. هل أناديك بكلمة حبيبتي .. أم أنك مازلت تفكرين بجارك .. أبحث عن أي مبرر يقودني أليك .. أعرف ان الامور ليست على ما يرام لكنها ستتحسن ..من يعتني الان بالفسيلة التي زرعها .. حتما ستقولين انك من يفعل ذلك .. لا ادري هل المودة ان تعيشين في الذاكرة فقط ؟ البقاء في الذاكرة احيانا انهمارً للذكريات .. وبينهما ارادة متوقفة تبحث عن الرغبة في الوصول .. أحلم بك محطة تأوي تشردي العاطفي .. ربما نخلة تهز رطبها الجني .. أو أحتمال لأمر لم أحسبه .. تصفحت البارحة جينات المودة .. كشفت لي عن عناق لم يدم طويلا لكنه كان حاجة مطلوبة بشدة لايمكن ردَّها .. لانها ضمن مسارات كل خميس أطمح فيه سماع صوتك المنساب جذلا في الاثير البعيد .. في تلك الطبقات التي لانراها وتتكدس فوق لواعج رغبتنا الصامتة .. لذا سأنهي الدردشة وفق مقاييس تتقمص دور العشاق أو تأخذ منحى المريدين .. حين يصير البوح كتمانا للأشياء .. 2 سامية خليفة ** لبنان أعدتني إلى الوراء إلى زمنٍ توقفت فيه عقارب السّاعة وبقيت صورٌ في ذاكرتي لا تبرح خيالي عن آخر لقاءٍ جمعنا هو زمن بعيد فرّقنا إلّا أنّ روحي ظلّت متشابكة مع روحك كما تشابكت أصابعنا في ذلك اليوم ونحن نعبر الأزقّة … لا تبرّر انقطاعك عنّي بتهيؤاتك الواهية فالغيرة أعمت إدراكك حتّى تملّكك الشّكّ ولنيران الشّكّ دخانٌ ما زالت أياديه تلفّ عنقي ،فسيلة النخلة أنا من اعتنيت بها جارنا استشهد بعد يومين من ذهابه إلى ساحة القتال بكيته ورويت الفسيلة بدموعي ،وبكيت لامبالاتك فرويت كل أشجار الحديقة. تريدني محطّة تأوي تشرّدك أتراني سأكون لك المحطّة الأخيرة؟ ألم يشدّك الحنين إلى تلك الأرض الطّيّبة التي غرست فيها طفولتك وشبابك ثمّ في ليلةٍ ظلماء انتزعتَ جذورك وتنكّرتَ لتربةٍ جعلتك يوماً متماسكاً صلباً ، وطنك منحك هويّة وكياناً فضننت عليه بالتفاتةٍ واحدة إلى الوراء… الأرضُ كالأم تحضن وليدها ولكنّها بعد فطامه تنتظر منه نظرة عطفٍ وانحناءة،الأرض اغتربت بغربتك وكلّ ذلك من أجل أمّ تمنّتني امرأةً لابنها الماضي بقدميه نحو التّهلكة … الكلّ لمح في عينيها تلك الأمنية ، والكلّ تمنّى لو تتحقّق أمنيتها ، أتدري لماذا؟ لأنّ ذلك يمدّهم بالأمل وبأنّ هناك استمرار وحياة لمن يسير نحو المجهول. أجد في كلماتك صدقاً لعاطفة جيّاشة أين سأهرب من جموحها وأنا لا زلت أحبّك ،حبّك نما في قلبي ونافس النّخلة في نموّها حتى لامس خدّ السّماء . مضت سنون وأنا في انتظارك ، لم تسألني إلا عن ذلك الجار وعمّا إذا كنت لا أزال أفكّر به ، لماذا اخترت السّفر إلى جهةٍ مجهولة حتى أنّك لم تترك عنواناً ، اخترت الرّحيل منهزماً وكأنّ جاري أصبح بين ليلة وضحاها زوجي ؟ كم أخطأت إذ اخترت البعاد خنجراً مسموماً طعنت به أجمل قصّة حب .