ها هي تودعني سرّها .. بعد أنْ عقدتْ ضفائرها بوهج المغيب , وبعد أن تكحّلت بمرودٍ غمّستْهُ بين ضلوع الموج , كي تعود فجرا مع أهازيج الورد والعشب والزهر الذي يبرعم النبض بين وريقاته لينمو .. وينضج تحت تلاويح الدفء وتلاوين النور … يا ابنة الشفق : يا فلذة السماء .. ويا نجوى البحر .. يا بهية الوجه .. يا غزالةً تلهو بأراجيح خيوطها المذهبة .. ,, تلاعب الريح .. وتهامس البدر .. المتكئ على صدر الليل ترشُقُهُ ببعضٍ من نورها , فيبتسمُ هلالاً يتوشح بالأمل , في كل همس وفي كل غروب , ليكبر ويتّسع قلبه بدراً يضاهي بسحره كل الكواكب … يخبئ الهمس بين أهدابه المترامية على حدود الليل .. يا ابنة الشفق.. وأنا الجالسةُ على شاطئ الانتظار .. على صخرةٍ رَقّتْ لحزني … أحسسْتُ بأنفاسها تعبر حيرتي … تراقبُ نظرتي وشرودي … تلهثُ خلف حفيف المدِّ والجزر , وتعود اليَّ بنسيم باردٍ يلامس وجهي .. ويبلسم غربتي .. يتغلغل بين مسامات حنيني .. ويحتويني كحوريةٍ لوَّحتْ طفولَتها ملوحةُ الأعماقِ .. فأشعلتها صبا لؤلؤة تتهادى بين حقول المرجان. هتاف