أكد النائب جيل بارنيو نائب رئيس لجنة المشرق بالبرلمان الأوروبي أن نشر مفهوم "صراع الحضارات" الذي دعا إليه ونظر له "صموئيل هنتجتون" ساعد في انتشار ونمو ظاهرة التطرف والارهاب والحروب بالمنطقة باسم الدين، بينما المشترك الإنساني الحضاري بما يتضمنه من تراث ثقافي وفني وحضاري هو ما يجمع البشرية على مائدة واحدة بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين أو المكان أو الزمان. جاء ذلك في جلسة افتتاح المؤتمر الدولى الأول للجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية، تحت عنوان "التراث الثقافى والحضارى بين الإصالة والمعاصرة"، الذي عقد فى الفترة من 24:22 أكتوبر 2015 بمدينة شرم الشيخ. وأضاف: بالنيابة عن نفسي وعن كل العقلاء الأوروبيين نشكر القائمين على المؤتمر، خاصة السيد رئيس المؤتمر الدكتور محمد زينهم، على اختيارهم للمشترك الإنساني الحضاري ليكون عنوانا رئيسيا رائعا يجمع هذه الوفود التي جاءت من أقصى الأرض، ليتدارسوا هذا التراث الثقافى الحضارى الأصيل الذي يمكنه أن يجمع البشرية على مائدة واحدة بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين أو المكان أو الزمان. لقد تشرفنا بالوقوف أمامكم.. أنتم أهل العلم والحضارة والفن، في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ البشرية حيث تعاني العديد من البلدان ظروفا تاريخيا لم يسبق أن شهدها العالم من قبل، ففي الوقت الذي ينعقد فيه هذا المؤتمر في هذا البلد الحضاري الذي يضم بين دفتيه ثلثي آثار العالم، وشكلت حضارته واحدة من أعظم الحضارات في العالم، نجد أن هناك أماكن أخرى تضيع فيها وتزال ملامح التراث الحضاري والإنساني.. إن انعقاد هذا المؤتمر في هذه الظروف الزمانية والمكانية ضرورة حتمية للحفاظ على الحضارة الإنسانية الحديثة التي لم يسبق للإنسان أن وصل إليها، وبيان أن التراث الثقافي الإنساني عنصرا هاما في التواصل بين الأمم في كوكبنا المدهش والرائع.. إننا نبحث من خلال هذا المؤتمر كافة الموضوعات التي تساعدنا إلى التوصل لكافة المشتركات التي تجمع بين الأمم والتي يأتي على رأسها الحضارة التي تمثلها كل أمة من أمم الأرض، وتراثها الإنساني المتمثل في الفنون والعمارة وغيرهما من الأدوات الحضارية الراقية.. وهو اختيار موفق.. بدلا من البحث عن أفق وأطر تضيع الوقت والجهد تحت مفاهيم أخرى مثل "صراع الحضارات" التي قال بها "صموئيل هنتجتون" ونتج عنها نمو ظاهرة تأجيج الصراع الحضاري فلسفيا وسياسيا خصوصا بعد أحداث 11/09/2001، وساعد في انتشار ونمو ظاهرة التطرف والارهاب والحروب بالمنطقة باسم الدين. وأشار النائب جيل بارنيو إلى أننا بحاجة ماسة إلى إحياء المشاريع الحضارية وخاصة ما يتعلق ب"الحوار والتواصل الحضاري بين الأمم المختلفة"، فهي السبيل لحوار راقي متقدم ينطلق من مفردات العمل الإنساني المشترك، والتي ترسي مبدأ التعايش السلمي بين الشعوب، والاحترام المتبادل وحق كافة الشعوب في العدل والمساوة والحرية واتخاذ مبادئ حقوق الإنسان كمنطلق للعلاقات الدولية مما يساعد على تحقيق الآمال والطموحات لمستقبل واعد مشرق. وقال إن الثقافات هي أحد العوامل المهمة والأدوات الفعالية في منظومة التواصل الحضاري، وللثقافة الإسلامية والعربية مقومات جاذبة عبر ما قدمته للإنسانية من حضارة وفنون لها مازالت شواهدها حاضرة كواحدة من أعظم الحضارات البشرية. لذا علينا الوقوف بحزم بما نملكه من أدوات ووسائل حضارية لصد محاولات ضرب مقومات المشروع العربي النهضوي، لتحقيق وتعزيز الاستقرار في المنطقة. وأوضح أن العمارة الإسلامية فرضت على عناصر العمارة المسيحية العديد من الظواهر مثل: النوافذ المزدوجة، والعقود المنسوخة، والعقود الثلاثية الفتحات، والشرفات والكوابيل والأبراج، والقباب المضلعة، والزخارف والمنحوتات الغائرة المتعددة الألوان، وغير ذلك من الأشكال والعناصر، وكانت الفكرة الزخرفية هي وحدها التي أوحت للفنان الأوروبي منذ القرن الرابع الهجري فكرة الاقتباس من حروف العربية وتسجيلها بالحفر على تيجان الأعمدة. ومن هذا المنطلق صدرت توصيات وقرارات المجلس الأوروبي وخاصة ما يتعلق منها بأثر الحضارة الاسلامية على الحضارة الغربية -قرارات 1991م-. كذلك التوصيات والقرارات الصادرة عن المجلس الأوروبي التي تؤكد أن الإسلام والمسلمون جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والديني والفلسفي.. لذا ألزمت الجامعات الأوروبية إبراز الدور الحضاري والتاريخي للإسلام في بناء الحضارة الغربية – قرار 23/07/2010 – وانطلاقا من الرغبة المتزايدة للحكومات الأوروبية في تحقيق التواصل الحضاري فقد عملت على دمج وتطوير تعلم اللغة العربية في منظوماتها التربوية وفق الإطار المرجعي و ذلك تنفيذا لقرار CEE /486/77 للجنة الأوربية بتاريخ (25 نونبر 1977) القاضي بإقرار برنامج اللغة العربية والثقافة الأصلية كحق لأبناء العمال المهاجرين. ودعا جيل بارنيو في ختام كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور محمد بشاري أمين عام الموتمر الاسلامي الاوروبي رئيس معهد ابن سينا للعلوم الانسانية، إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرتنا الحضارية الإنسانية التي نطلقها تحت مسمى "التعايش السلمي بين أتباع الحضارات.. سبيلنا للتقدم والازدهار"، وذلك من خلال الاعتراف بسنة التدافع، والتكامل الإنساني، وخلق فضاء انساني عالمي للعيش السعيد.