الدرس الحادي والثلاثون معاني (كان) وأخواتها: 1- ظل: ومعنى ظل اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا. 2- بات: ومعنى بات اتصافه به ليلا. 3- أضحى: اتصافه به في الضحى. 4- وأصبح: اتصافه به في الصباح. 5- وأمسى اتصافه به في المساء. 6- ومعنى صار التحول من صفة إلى صفة أخرى. 7- ومعنى ليس: النفي، وهي عند الإطلاق لنفي الحال نحو (ليس زيدٌ قائمًا)؛ أي: الآن، وعند التقييد بزمن على حسبه نحو (ليس زيد قائمًا غدا). 8- ومعنى زال وأخواتها: ملازمة الخبر المخبر عنه على حسب ما يقتضيه الحال نحو (ما زال زيد ضاحكًا)(وما زال عمرو أزرق العينين). 9- ومعنى دام: بقي واستمر. أقسام (كان وأخواتها) من حيث التصرف والجمود يقول ابن مالك: وغير ماض مثله قد عملا … إن كان غير الماض منه استعملا هذه الأفعال على قسمين: أحدهما ما يتصرف( وهو ما عدا ليس ودام) والثاني: ما لا يتصرف وهو (ليس ودام)، القسم الأول: الأفعال المتصرفة: فنبَّه المصنف بهذا البيت على أن ما يتصرف من هذه الأفعال يعمل غير الماضي منه عمل الماضي، وذلك هو: – المضارع نحو (يكون زيدٌ قائمًا)، قال الله تعالى (ويكون الرسول عليكم شهيدًا). – والأمر نحو (كونوا قوامين بالقسط)، وقال الله تعالى (قُلْ كونوا حجارة أو حديدًا)، -واسم الفاعل نحو (زيدٌ كائنٌ أخاك)، وقال الشاعر: وما كُلُّ مَنْ يبدي البشاشة كائنًا … أخاك إذا لم تلفه لك مُنجدًا – والمصدر كذلك. واختلف الناس في (كان الناقصة) هل لها مصدر أم لا ، والصحيح أنَّ لها مصدرًا، ومنه قوله: ببذل وحلم ساد في قومه الفتى… وكونك إياه عليك يسير القسم الثاني: وما لا يتصرف منها: وهو (دام وليس) وما كان النفي أو شبهه شرطًا فيه، وهو (زال وأخواتها) لا يستعمل منه أمرٌ ولا مصدرٌ. الدرس الثاني والعشرون عامل الرفع في المبتدأ والخبر : يقول ابن مالك : ورفعوا مبتدأ بالابتدا كذاك رفع خبر بالمبتدا 1 مذهب سيبويه وجمهور البصريين أن المبتدأ مرفوع بالابتداء ، وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ . فالعامل في المبتدأ معنوي ، وهو كون الاسم مجردًا عن العوامل اللفظية غير الزائدة وما أشبهها . واحترز بغير الزائدة من مثل (بحسبك درهم) فبحسبك مبتدأ وهو مجرد عن العومل اللفظية غير الزائدة ولم يتجرد عن الزائدة ؛ فإن الباء الداخلة عليه زائدة ، واحترز بشبهها من مثل (ربَّ رجل قائمٌ) فرجل مبتدأ وقائم خبره ويدل على ذلك رفع المعطوف عليه نحو (رب رجل قائمٌ وامرأةٌ). والعامل في الخبر لفظي وهو المبتدأ وهذا هو مذهب سيبويه . وذهب قوم إلى أن العامل في المبتدأ والخبر الابتداء ، فالعامل فيهما معنوي وقيل : المبتدأ مرفوع بالابتداء ، والخبر مرفوع بالابتداء والمبتدأ . وقيل: ترافعا ، ومعناه أن الخبر رفع المبتدأ ، وأن المبتدأ رفع الخبر . وأعدل هذه المذاهب مذهب سيبويه وهو الأول وهذا الخلاف مما لا طائل فيه. ثانيًا : الخبر : يقول عنه ابن مالك : والخبر الجزء المتم الفائده كالله بر والأيادي شاهده عرف المصنف الخبر بأنه (الجزء المكمل للفائدة) ، ويرد عليه الفاعل نحو( قام زيد) فإنه يصدق على زيد أنه الجزء المتم للفائدة وقيل في تعريفه (إنه الجزء المنتظم منه مع المبتدأ جملة) ولا يرد الفاعل على هذا التعريف لأنه لا ينتظم منه مع المبتدأ جملة ، بل ينتظم منه مع الفعل جملة .وخلاصة هذا أنه عرف الخبر بما يوجد فيه وفي غيره والتعريف ينبغي أن يكون مختصا بالمعرف دون غيره . أنواع الخبر : يقول عنها ابن مالك : ومفردًا يأتي ويأتي جمله حاوية معنى الذي سيقت له وإن تكن إياه معنى اكتفى بها كنطقي الله حسبي وكفى ينقسم الخبر إلى : ( مفرد وجملة وشبه جملة ). أولاً : الخبر المفرد : (1) الخَبرُ المُفرَدُ: الخبرُ المفردُ ما كانَ غيرَ جملةٍ، وإن كان مُثنَّى أو مجموعاً، نحو "المجتهد محمودٌ، والمجتهدان محمودانِ، والمجتهدون محمودون". وهو : ( إما جامدٌ، وإما مُشتقٌّ). يقول ابن مالك : والمفرد الجامد فارغ وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن والمرادُ بالجامدِ : ما ليس فيه معنى الوصفِ، نحو "هذا حجرٌ". وهو لا يتَضمنُ ضميراً يعودُ إلى المبتدأ، إلا إذا كان في معنى المشتق، فيتضمَّنه، نحو "عليٌّ أسدٌ".(فأسد هنا بمعنى شجاع، فهو مثله يحمل ضميراً مستتراً تقديره (هو) يعود إلى (علي)، وهو ضمير الفاعل. وذهب الكوفيون إلى أن خبر الجامد يحتمل ضميراً يعود إلي المبتدأ، وإن لم يكن في معنى المشتق. فإن قلت (هذا حجر)، فحجر يحمل ضميراً يعود إلى اسم الإشارة (تقديره هو)، أَي (هذا حجر هو)، وما قولهم ببعيد من الصواب. لأنه لا بد من رابط يربط المبتدأ بالخبر، وهذا الرابط معتبر في غير العربية من اللغات أيضاً). والمراد بالمشتق: ما فيه معنى الوَصفِ، نحو "زُهيرٌ مجتهد". وهو يتحمَّلُ ضميراً يعود إلى المبتدأ، إلا إذا رفعَ الظاهرَ، فلا يتحمَّلهُ، نحو "زُهيرٌ مجتهدٌ أخواه".(فمجتهد، في المثال الأول، فيه ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى زهير، وهو ضمير الفاعل. أما في المثال الثاني فقد رفع (أخواه) على الفاعلية فلم يتحمل ضمير المبتدأ. ومتى تحمَّلَ الخبرُ ضميرَ المبتدأ لزمتْ مُطابقتُهُ له إفراداً وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً، نحو "عليٌّ مجتهد، وفاطمةُ مجتهدةٌ، والتلميذان مجتهدان، والتلميذتانِ مجتهدتانِ، والتلاميذ مجتهدونَ، والتلميذاتُ مجتهدات". فإن لم يتضمَّن ضميراً يعودُ إلى المبتدأ، فيجوزُ أن يُطابقهُ، نحو "الشمسُ والقمرُ آيتانِ من آيات اللهِ"، ويجوز أن لا يطابقه ، نحو "الناس قسمانِ عالمٌ ومتعلمٌ ولا خيرَ فيما بينهما". ويشرح ابن عقيل هذا النوع من الخبر فيقول : وأمًا المفرد فإمًّا أن يكون جامدًا أو مشتقًا ، فإن كان جامدًا فذكر المصنف أنه يكون فارغًا من الضمير نحو (زيد أخوك) ، وذهب الكسائي والرماني وجماعة إلى أنه يتحمل الضمير والتقدير عندهم (زيد أخوك هو) . وأمَّا البصريون فقالوا: إمَّا أن يكون الجامد متضمنًا معنى المشتق أولا ، فإن تضمن معناه نحو (زيد أسد) ؛ أي : شجاع . تحمل الضمير ، وإن لم يتضمن معناه لم يتحمل الضمير كما مثل . وإن كان مشتقا فذكر المصنف أنه يتحمل الضمير نحو (زيد قائم) ؛ أي: هو هذا إذا لم يرفع ظاهرًا . وهذا الحكم إنما هو للمشتق الجاري مجرى الفعل (كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل) . فأمَّا ما ليس جاريًا مجرى الفعل من المشتقات فلا يتحمَّل ضميرًا ؛ وذلك كأسماء الآلة نحو (مفتاح) فإنه مشتق من الفتح ولا يتحمل ضميرًا، فإذا قلت (هذا مفتاح) لم يكن فيه ضمير ، وكذلك ما كان على صيغة مفعل وقصد به الزمان أو المكان ك(مرمى) فإنه مشتق من الرمي ولا يتحمل ضميرًا ، فإذا قلت (هذا مرمى زيد) تريد مكان رميه أو زمان رميه كان الخبر مشتقًا ولا ضمير فيه . وإنَّما يتحمَّل المشتق الجاري مجرى الفعل الضمير إذا لم يرفع ظاهرًا ، فإن رفعه لم يتحمل ضميرًا وذلك نحو (زيد قائم غلاماه) فغلاماه مرفوع بقائم فلا يتحمل ضميرًا. وحاصل ما ذكر أن الجامد يتحمل الضمير مطلقًا عند الكوفيين ولا يتحمل ضميرًا عند البصريين إلا إن أول بمشتق ، وأن المشتق إنما يتحمل الضمير إذا لم يرفع ظاهرًا وكان جاريًا مجرى الفعل نحو (زيد منطلق) أي (هو) ، فإن لم يكن جاريًا مجرى الفعل لم يتحمل شيئًا نحو (هذا مفتاح) و(هذا مرمى زيد) . إذا جرى الخبر المشتق على من هو له استتر الضمير فيه نحو (زيد قائم ) أي (هو) فلو أتيت بعد المشتق بهو ونحوه وأبرزته فقلت زيد قائم هو فقد جوز سيبويه فيه وجهين: أحدهما: أن يكون هو تأكيدا للضمير المستتر في قائم . والثاني: أن يكون فاعلاً بقائم هذا إذا جرى على من هو له . فإن جرى على غير من هو له وجب إبراز الضمير سواء أمن اللبس أو لم يؤمن ، فمثال ما أمن فيه اللبس (زيد هند ضاربها هو) ومثال ما لم يؤمن فيه اللبس لولا الضمير (زيد عمرو ضاربه هو) ، فيجب إبراز الضمير في الموضعين عند البصريين ، وهذا معنى قوله (وأبرزنه مطلقًا) ؛ أي : سواء أمن اللبس أو لم يؤمن . وأما الكوفيون فقالوا: إن أمن اللبس جاز الأمران كالمثال الأول وهو (زيد هند ضاربها هو) ، فإن شئت أتيت ب(هو) ، وإن شئت لم تأت به ، وإن خيف اللبس وجب الإبراز كالمثال الثاني ، فإنك لو لم تأت بالضمير فقلت (زيد عمرو ضاربه) لاحتمل أن يكون فاعل الضرب (زيدًا) وأن يكون (عمرًا) ، فلمَّا أتيت بالضمير فقلت (زيد عمرو ضاربه هو) تعيَّن أن يكون زيد هو الفاعل ، واختار المصنف في هذا الكتاب مذهب البصريين ، ولهذا قال (وأبرزنه مطلقًا) ؛ يعني: سواء خيف اللبس أو لم يخف . واختار في غير هذا الكتاب مذهب الكوفيين، وقد ورد السماع بمذهبهم فمن هذا قول الشاعر: قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت بكنه ذلك عدنان وقحطان التقدير (بانوها هم) ، فحذف الضمير لأمن اللبس . الدرس الثالث والعشرون (2) الخبرُ الجملة : الخبرُ الجملةُ ما كان جملةً فعليّة، أو جملةً اسميّةً، فالأول نحو "الخُلُقُ الحسَنُ يُعلي قدرَ صاحبهِ"، والثاني نحو "العاملُ خُلقُهُ حسنٌ". ويُشترطُ في الجملة الواقعة خبراً : (1) أن تكونَ مُشتملةً على رابطٍ يربطُها بالمبتدأ. والرابطُ : إما الضميرُ بازارًا، نحو "الظُّلمُ مَرتعه وخيمٌ"، زيد قام أبوه . أو مستتراً يعودُ إلى المبتدأ، نحو "الحقُّ يعلو". أو مُقدَّراً، نحو "الفِضةُ، الدرْهم بقرشٍ"، أي: الدرهم منها. والسمن منوان بدرهم ، والتقدير : منوان منه بدرهم . (2) وإما إشارةٌ إلى المبتدأ، نحو {ولِباس التقوى ذلك خيرٌ}. (3) وإما إِعادةُ المبتدأ بلفظهِ، نحو {الحاقَّةُ، ما الحاقةُ؟}، وتكرار المبتدأ بلفظه وأكثر ما يكون في مواضع التفخيم كقوله تعالى (الحاقة ما الحاقة) و(القارعة ما القارعة) ، وقد يستعمل في غيرها كقولك (زيد ما زيد) . (4) أو إعادة المبتدأ بلفظٍ أعمَّ منه، نحو "سعيد نِعمَ الرجلُ". (فالرجل يعم سعيداً وغيره، فسعيد داخل في عموم الرجل والعموم مستفاد من (ال) الدالة على الجنس). وقد تكون الجملةُ الواقعةُ خبراً نفسَ المبتدأ في المعنى، فلا نحتاج إلى رابطٍ، لأنها ليست أجنبيةً عنه فتحتاجَ إلى ما يربطها به، نحو {قُلْ هُوَ اللهُ أحدٌ}، ونحو "نُطقي اللهُ حسبي". (فهو ضمير الشأن. والجملة بعده هي عينه، كما تقول (هو علي مجتهد) وكذلك قولك (نطقي الله حسبي) فالمنطوق به، (وهو الله حسبي) هو عين المبتدأ. وهو (نطقي) وأما فيما سبق فإنما احتيج إلى الربط لأن الخبر أجنبي عن المبتدأ، فلا بد له من رابط يربطه به). وكذلك (قولي لا إله إلا الله ) .