الكاتب خالد أبو العيمة مبدع من طراز فريد، يتمتع بطاقة وحيوية الشباب، وحكمة المخضرمين، ونبل وأحلام الفرسان. من الصعب أن تضبطه غاضبا حينما يحتد وطيس المناقشة. قادر على احتواء الآخر بأدبه الجم، وسعة صدرة، وقدرته غير المحدودة على ضبط انفعالاته واستجاباته. يتمتع بخصال أو قل مهارات اجتماعية هائلة في الاتصال والتواصل مع الآخرين، دائما يكون المفتاح والدينامو المشغل لأي محفل ثقافي سواء كان صالون أدبي أو تدوة شعرية وأدبية، أو احتفالية تقليدية، يمكن اعتباره ضابط الايقاع القادر على تحقيق الهدف من الاحتفالية على الرغم من ضخب النقاش، وقوة النزاع بين الشركاء المثقفين. سلاحه الى جانب خصاله الشخصية حيث يتميز بالهدوء، والصبر، وعمق النظرة وتلك المساحة الهائلة التي يتمتع بها من النضج النفسي، ذلك الرصيد الكبير من المعرفة والثقافة الموسوعية، وتجد لديه الجديد دائما سواء في كتابات الادباء أو شعر الشعراء. وبالطبع كل هذه الخصال الشخصية كان لا بد ان تنعكس في كتابات الكاتب خالد أبو العيمة وفي طريقته في التفكير أيضا. وكانت مدونته سور الازبكية التي سطعت في الفضاء الاليكتروني منذ سنوات انعكاسا طبيعيا لتلك الحالة من الابداع الناضج غير المتعجل ولا المتهور. كتب في كل الموضوعات المطروحة على الساحة الثقافية برؤية فريدة، متصالحة، تطرح حلولا لا تصارعات، وأفكارا نبيلة تجنح للمثالية والرومانسية الهادئة في زمن أصبح فيه الابداع مرتبطا بارتفاع الصوت سواء في المقالات أو المناقشات في الصالونات الادبية. اجتذبت طريقته في التدوين وأفكاره الجديدة الهادئة الآف القراء في مصر والوطن العربي. أصبح على تواصل جيد مع القراء والمبدعين العرب في الاقطار العربية المختلفة، وكان كتابه الساخر في معجم المرأة أحد انجازاته التي نشرها في مدونته سور الازبكية، ويذكر من غير مواربة أن فكرة العنوان جاءت من اقتراح احدى القارئات الجزائريات حينما كان يتابع نشر أجزاء الكتاب على مراحل في مدونته. والأكثر من ذلك أن مدونته ذاتها سور الازبكية استلفتت اهتمام القائمين على متابعة التدوين الاليكروني داخل الهيئة العامة للكتاب، وقرروا اصدار كتاب عنها بعنوان مختارات من مدونة سور الازبكية. كما سبق للكاتب اصدار كتاب تحت عنوان صورة الواقع واستشراف المستقبل عن دار الناشر. ولا يزال ابداعه ومتابعاته للحركة الابداعية والثقافية في عمومها يتدفق بغزارة، ولا تزال بحوثه في النشر الاليكتروني تتوالى سواء من خلال مدونته سور الازبكية، أو المواقع الاليكترونية المهتمة بالثقافة والفكر والأدب تثري الواقع الثقافي والادبي بالافكار الجديدة، وتطرح مشكلات واشكاليات معضلة في الواقع الاجتماعي والثقافي والفكري، واطروحاته لحل تلك المعضلات بالتسامح، وتقبل الآخر، والابتعاد عن نشيج التعصب والتطرف. أيضا للكاتب مجموعة قصصية ما تزال تحت الطبع تسمى مونوفوبيا. ولا يزال الكاتب في حالة من التواصل مع قلمه وجمهوره واصدقائه المبدعين، يقدم الكلمة، والفكرة الراقية، وينظم الندوة، ويديرها، ويجمع شتات الادباء والمثقفين بحضوره الراقي المتميز، وشخصيته الهادئة المتصالحة، وثقافته وفكره حيث يعتبره الجميع. والكتاب الحالي الساخر في معجم المرأة أحد تجليات تلك الحالة التي استفضنا في وصفها سابقا، ويتكون من عدد 144 صفحة من القطع المتوسط ويتضمن في ذلك الاهداء والمقدمة والفهرس وسطور تعريفية باعمال الكاتب، بخلاف الغلاف الذي أعتقد في عدم مناسبته تماما لموضوع الكتاب، حيث يشي بصورة كارتونية لراقصة استربتيز سمراء جسدها مطلي باللونين الأسمر والذهبي تتمايل أمام مايك مايكرفون وخلفية زرقاء بلون أخف من لون الغلاف يحيط بها كتل غير واضحة المعالم، ربما أجزاء لأجساد بشرية. والكاتب حصيف، يمسك بتلابيت القارئ قبل ان يتعجل في اصدار حكم مسبق بسبب عنوان الكتاب المثير للجدل والذي ربما يوحي بالولوج في تلك المنطقة التقليدية التي ولجها الكثيرون من الكتاب مثل توفيق الحكيم وانيس منصور وغيرهم خاصة فيما يتعلق بنحت التعبيرات والجمل خفيفة الظل التي تتعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة من منظور ذكوري ساخر بالطبع. الكاتب في السطور الأولى لمقدمة كتابة يخبرنا : " أن المرأة المخلوق الأجمل على ظهر الكرة الأرضية وشريكة الحياة، وصاحبة عقل ناضج يعي ما يفعل، وقلبا حنونا يؤمن بأهدافه، وروحا سامية تسود على المحيطين بها جمالا خلابا يثير اندهاش الرجل ويُجْمِل الأمكنة دون تعالي منها". اذا هي دعوة للقراءة المنفتحة لما سيأتي حالا، ودعوة أيضا من الكاتب الى القارئ بعدم التورط بوضع أفكار مسبقة أو تقليدية أثناء قراءة الكتاب وذلك لأن ما في هذا الكتاب غير تقليدي ببساطة. أيضا في ذات سياق المقدمة يحدد الكاتب أهدافه من الكتاب حتى يصبح القارئ على نور، يقول الكاتب " الساخر في معجم المرأة كتاب يبحث في مفردات العلاقة بين الرجل والمرأة، والبحث عن آلية لتجديد العلاقات السامية وتغيير مفردات قتلها الصمت نتيجة البحث عن الماديات والمظاهر التي أنستنا أرواحنا ووجودنا فأصبح الجمال الانساني سلعة تباع وتشترى لكنها بلا روح حقيقية". الكاتب اذا يوضح حقيقة علاقته بالمرأة، واتجاهه الفكري/الفلسفي حيالها، وأنه لا يحمل أية روح عدائية ذكورية تاريخية حيالها، ويؤكد على تكاملية العلاقة بين الرجل والمرأة، وهي تكاملية قائمة على الندية بينهما وليس مجرد استكمال نواقص فيقول " نقد المرأة هو بالأساس نقد للرجل أيضا لأنه يثبت أن لديه قصورا في فهمها والتعامل معها، كما أن نقد الرجل هو بالاساس نقد للمرأة لأنها لم تستطيع أن تحرك وجدان الرجل وتغير من طبيعته بما لديها من قدرات وعجائب لا تنقضي". وفي المقدمة يفصح الكاتب عن نفسه، أهدافه، وعن قناعاته وكلها لا تنفصل عن خصاله الشخصية التي ذكرناها سلفا وخاصة ما يتعلق بمسألة النضج النفسي وما يعكسه هذا الأمر من تصالح قوي مع الذات، ومقدرة فائقة على تقبل الآخر، والتسامح، والاعتقاد في مفهوم التكامل بديلا عن الذاتوية والنارجسية وعبادة الذات. ولكي يحقق الكاتب أهدافه على مدى صفحات الكتاب استخدم عدة أساليب من الكتابة لتعكس أفكاره المتجددة يمكن فرزها على النحو التالي: اولا: الجمل القصيرة بالغة التجريد. وهي فكرة تقليدية تعتمد على تكوين جمل قصيرة مكثفة، مجردة، تحمل أفكارا ذات دلالة فكرية معينة تخص الكاتب، وتعتمد في صياغتها على خفة الظل والسخرية. وأختار الكاتب أن يضع تحت كل مجموعة من هذه الجمل عنوانا يعكس فكرة إحداها. بلغ عدد العناوين التي صاغها بهذه الطريقة نحو 29 عنوانا متنوعا بعضها يشتمل على خصال المرأة : بطريقة ساخرة مثل: المرأة فقط أثبتت أن قوى الجاذبية المختلفة تفرق ولا تجمع، عمر المرأة نصفان أوله قصير قبل الزواج وبعده مديد. أضعف النساء المرأة القوية ظاهريا.نحن في عصر المرأة الدولارية. المرأة ديكتاتورية متجملة. للنساء ثلاثة وجوه أجملهن الذي في الشارع. المرأة مثل الربيع فصل واحد في العام. المرأة تحب التباهي والتغابي والتشاكي. طاقة الجمال تتناقص عند المرأة. محور كلام المرأة الأنا. شجاعة المرأة في قدرتها على التماسك. قاموس المرأة خطط.تمسح المرأة ذاكرتها بالدموع. حضن المرأة فخ كبير. قوى الجاذبية لدى المرأة أكثر قوة من جاذبية الكرة الارضية. أجمل صورة للمرأة في طفولتها. تستطيع المرأة أن تغير الطقس تبعا لحالتها النفسية. المرأة تفضل الدهاء على الذكاء. المرأة هي أكثر الكائنات الحية حفاظا على طاقتها. عندما تغضب المرأة تنسى كل ما تعلمته…. الخ. وفي خصال الرجل يقول المؤلف: الرجل مخلوق موهوم بكبرياء الذكورة. الرجل يضحي بالرجل، والمرأة تضحي بكل شيء الا نفسها. الرجل يفكر بالحب ابديا، والمرأة تفكر بالحب لحظيا. ركوب الخيل آخر ما بقى من مظاهر الرجولة. الرجل يثرثر وينسى. الرجل يدهشه الفعل الطيب. يعتمد الرجل على المرأة. عدو الرجل قلبه. فنان ذلك الرجل الذي يبكي. يقول الرجل لأطفاله فقط لا. الرجل يلفت نظره الجمال لكن ما يعنيه هو الراحة. وهكذا يؤكد الكاتب على الخصال التقليدية الشائعة عن المرأة في الادبيات المختلفة ومنتديات الرجال ووفقا لمعتركاته وخبراته الخاصة معها في الواقع لكن باسلوب رشيق، وتجربة ابداعية متميزة تعكس المخزون الشعوري الذكوري تجاه المرأة في الواقع المصري، وفيما يتعلق بخصائص الرجل تظل الصورة النمطية التقليدية للرجل أوالزوج المسكين الواهم بالسيطرة والتحكم، وصاحب القلب الكبير في مواجهة طغيان الانثى الزوجة المستبدة مستحوذة على فكر الكاتب. وهناك جمل قصيرة تتعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة والمقارنة بينهما نطلق عليها مجموعة جمل المقارنات، وتمثل منظومة جيدة من الابداع الساخر منها على سبيل المثال لا الحصر: المرأة تعاني هوس السيطرة على الرجل. المرأة مادية والرجل غريزي. المال يستعبد الرجل والمرأة تستعبد كلاهما. يكره الرجل الضعف ويقع فيه، وتحب المرأة القوة وتتملكها. شجاعة المرأة في قدرتها على التماسك وشجاعة الرجل في قدرته على الاستمرار. حواس المرأة أقوى من حواس الرجل. كسل المرأة الدائم يفقدها جمالها وكسل الرجل الدائم يفقده امواله. يحب الرجل نضارة المرأة وتحب المرأة شراسة الرجل. المرأة مجنون يدعي العقل والرجل عاقل يدعي الجنون. جمال المرأة سلاح نووي لا يوقفه سوى عقل رجل أعمى. يصارع الرجل المرأة ليثبت لها أنها أجمل. المرأة مثل الارض ترث الرجال. عقل الرجل يسلب المرأة وجسد المرأة يسلب عقل الرجل. تشعر المرأة بعد موت زوجها أنها كانت متزوجة جملا. الزوجة الأرملة حزينة جدا على فقد المرحوم خادمها. يسيطر علىالمرأة انتظار طلب الرجل حق اللجوء. لن تتنازل المرأة عن العرش للرجل لأنه أحد أطفالها. الوحيد الذي يلهمك ويهملك هو المرأة والوحيد الذي تربيه ويقتلك هو المرأة. المرأة شريك الرجل تحصل على نسبة تسعة أعشار ما يملك وترث منه العشر الأخير. أتعس الرجال من تشاركه الحياة امرأة واحدة. قلب الرجل أبيض وقلب المرأة أحمر. المرأة تبتسم ابتسامة الثعلب والرجل يبتسم ابتسامة الارنب. وهكذا… الخ من الجمل التي تعكس مثالب المرأة ومقارنتها بالرجل وتسير من الناحية الفكرية على نفس المنوال السابق في وصفها التقليدي التراثي للمرأة مثل الرغبة في السيطرة والاستحواذ. والخداع، والشره للمال، والجنون وكافة الاوصاف التي يزخر بها التراث الذكوري في سخريته من المرأة، والكاتب يؤكد خلال هذه الجمل القصيرة المجردة وجهة نظره التي ربما تتطابق مع ما ورثناه من تراث ذكوري يتعلق بمسألة المرأة عند مقارنتها أو في علاقتها بالرجل. لكن هذا الامر يتغير عندما يستخدم الكاتب اسلوبا آخر في التعبير عن أفكاره على النحو التالي ثانيا: جمل قصيرة مكثفة متمازجة مع نص نثري. استخدم الكاتب هذا الاسلوب في خمسة مناسبات هي على سبيل المثال: ثورة على المرأة. وفي الديباجة النثرية يشير الكاتب الى حالة الاستصراخ لدى الرجل من دون نتيجة، وأن معظم الرجال في حاجة الى ثورة لتغيير النظام الاجتماعي واسقاط المرأة من فوق كرسي السلطة، بعد أن استبدت واسقطت الرجل في صمت قاتل من دون ملاحقة قانونية. ومن أبرز ما كتبه المؤلف في هذا السياق من خلال جمله القصيرة المكثفة عرش المرأة لا يسقط سوى سويعات قليلة. لا يستطيع الرجل أن يثور طول الوقت. جسد المرأة هو الشيء الوحيد الواضح فيها. وفي نفس السياق وتحت عنوان المرأة بين الحقيقة والواقع يحدد الكاتب موقفه بوضوح من قضية المرأة في الديباجة النثرية فيقرر أن نقده للمرأة محاولة منه لاستدعاء جمالياتها التي جمدتها الثقافة النسوية داخل مجتمع اما ذكوري الطباع او مجتمع تفشى فيه الجهل. وهو أي الكاتب يرغب في استنهاض عزيمة المرأة وفي استفزاز هذا المخلوق الأجمل في جمالياته المتنوعة بديلا عن اختزالها في الجانب الشكلي فقط الذي يثير الرجل غريزيا ثم تشكو المرأة لاحقا من ذلك. وفي الجمل القصيرة المكثفة يقول الكاتب: تكره المرأة النقد جدا لكنها لا تتجنبه. تكره المرأة الصوت العالي الا صوتها. تكره المرأة الرجل الثرثار لأنه يفضحها. المرأة هي نسخة ويندوز لا يدخل عليها أي تعديلات الا كل مائة سنة. ولا أحسب ان الكاتب كان موقفا في هذه العبارة حيث ان نسخ الويندوز تتلاحق كل بضعة سنوات أقل من اصابع اليد الواحدة وليس مائة عام. لكن الدهشة في حداثة التعبير وطرافته. وفي المناسبة الثالثة وتحت عنوان :الزواج (لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية) وهي عبارة مشهورة أطلقها أحد النشطاء السياسيين التونسيين أثناء الثورة الشعبية التونسية في 17 ديسمبر 2010 بعد نجاح الثورة في الاطاحةبنظام الرئيس زين العابدين بن على، يتحدث الكاتب في الديباجة النثرية عن وصول العريس الى ليلة الزفاف وهو في حالة من الاستنزاف والانهاك بدينا وماديا في حين تكون العروس مرتاحة، لا يشغلها فقط سوى ليلة الدخلة وما يحدث فيها واحلامها. والواقع لا يمكن أن يؤكد هذه المقولة فقصة الزواج أصبحت في عصرنا الحالي تستنزف الشريكين ماديا وجسديا سواء بسواء. وفي سياق الجمل القصيرة المكثفة يعزف الكاتب نفس اللحن يتهم المرأة العربية بأنها لا تتقن فن الماكياج بعد الزواج. وتشك في الرجل الباسم بعد عودته من الخارج. وبعد الزواج تقرأ المرأة في كتاب واحد فقط ولمؤلف واحد فقط. الكاتب ما يزال يدور في دوامة السخرية واتهام المرأة بالجمود، والغيرة، وعدم الاهتمام بجمالها ورجلها بعد الزواج، وهي مفردات لاتهامات تدعمها الكثير من الوقائع الحياتية اليومية. والمرأة المصرية على وجه التحديد يشغلها كثيرا امور عملها واولادها عن انشغالها بجاذبيتها البدينة الانثوية وزوجها الذي يتمنى ان يراها دوما عروس أمام عينيه. والنقد هنا أحسب أنه نقد اجتماعي بناء يستنفر ويستفز المرأة لو التفتت اليه وآمنت به واتخذت من تغيير اسلوب حياتها نهجا فورا. ثانيا: المقال. استخدم الكاتب طريقة المقال في نحو 33 مناسبة أو عنوانا، تتفاوت المقالات بين الطويل الذي يستغرق عدة صفحات والقصير الذي لا يزيد طوله عن نصف صفحة. وفي هذه السياقات وكما اعتدنا من الكاتب تتنوع أفكاره واهتماماته بشأن المرأة، ويبدو الكاتب وقد تحرر من أغلال الصور التراثية والفلكلورية بخصوص النظرة للمرأة، ويناقش مشاكلها، صراعاتها، علاقتها بالرجل بطريقة توضح موقفه الحقيقي من هذا المسألة. ونستعرض بعض الأمثلة على ذلك على النحو التالي: المقال الأول الحكم متروك للمرأة: يحكي الكاتب قصة حقيقية نشرت بالصحف عن امرأة خدعت زوجها بادعاء أن أشخاصا خطفوا ابنتهما ويطلبون فدية ثلاثون الف جنيه. وتسلمت المبلغ من زوجها وذهبت وحدها لتحضر الابنة. فعرجت في الطريق واشترت مصوغات ذهبية قيمتها ثمانية عشر الف جنيها، ثم ذهبت لدى احدى صديقاتها وأحضرت الابنة، ولسوء حظها كانت مراقبة بواسطة رجال المباحث وتم كشف المسألة. يتوجه الكاتب للقراء يريد معرفة رأيهم في هذا السلوك. وفي مقاله التالي: عشرة برامج تستخدمها المرأة مع الرجل: وبعد ان يؤكد على التركيز على الأهمية الجسدية الشكلية للمرأة في دول العالم الثالث أو الدول النامية، وبعد ان يعدد مثالب المرأة مستخدما لغة الكمبيوتر العصرية يحدد البرامج التي تستخدمها المرأة في صراعها مع الرجل بلغة الكمبيوتر، على سبيل المثال: برنامج تحويل الاكاذيب الى حقائق، برنامج تشغيل الابتسامات عند تلقي الهدايا، برنامج أعمال القرصنة على كافة الحسابات البنكية وغير البنكية للرجل، برنامج ديكتاتورية السلطة الناعمة، برنامج التنويم والتهدئة، برنامج التلوين والتجميل، برنامج مخططات الغد، برنامج مسح ذاكرة الرجل من دون ترك آثار، برنامج محاكاة الخطط وتثبيت الأداء الفني، برنامج شلالات الدموع الساخنة. وهكذا نجد الكاتب في محاولة سبره لأعماق المرأة وكشف باطنها يستخدم لغة العصر الكمبيوتر في لوحات تعبيرية فينة غاية في الروعة والابداع. وفي مقالته الرجل حارس أمين، يقول الكاتب ان الرجل اعتاد ان يدفع مقابل كل شيء، مقابل تنفيذ اوامره داخل محيط الاسرة، ومقابل تدليلهم له، ومقابل اخطائه، وأن هذه المنظرة ليست مجانية بل يدفع الرجل ثمنها الباهظ في حين أن الزوجة تحصل على تكاليف زينتها، تعليمها، طعامها، مشاكلها مجانا. وأن الرجل موهوم بالشكليات الاجتماعية ولكن حقائق الواقع تقول أن المرأة هي من وضعت المناهج الاجتماعية والاقتصادية التي يدور في فلكها الرجل. والرجل ليس أكثر من مجرد حارس أمين، وان الرجل غير قادر على الصمود أمام الحاح المرأة ولا يستطيع ان يتنازل عن عقله سوى لامرأة. وفي مقالته بعنوان رأسمالية المرأة والمجتمع: يواصل الكاتب تعمقه في سبر غور العلاقة بين المرأة والرجل بعبارات بسيطة وتحليل بالغ العمق لا يتوصل اليه سوى كاتب مثقف، مدرك جيدا بحقائق الامور، ولديه قدرة استقرائية ممتازة للواقع. يتحدث الكاتب عن الحقيقة الخفية من وراء عقد الزواج الحديث، وأنه ليس عقد مشاركة بل استعباد من قبل المرأة للرجل، فالرجل يفني عمره في الاجتهاد في العمل والسهر من اجل توفير تكاليف الزواج الباهظة ثم يفيق على واقع جديد لا يكفي مدخولاته المادية فيهرب الحب من الباب والشباك. ويتوجه بالنصح للاباء والامهات بعدم المغالاة في المهور، ولا الذهب، والبساطة في كل شيء. والمقال عبارة عن صرخة حقيقية في وجه مجتمع جامد ومتخلف لا يزال يضع العراقيل أمام الشباب حتى لا يتزوجون. وفي مقالته المستنيرة المرأة ليست مجرد وجه جميل: يدين الكاتب عمليات الوشم وعرز قطع الاكسسوارات على الوجه واليدين فتشوهها مثلما يحدث في افريقيا أو عند بعض القبائل لتمييز المرأة، وأيضا عمليات التجميل في البلاد العربية، وتغطية وجه المرأة خوفا من انكشاف وجهها، وكذلك لجوء بعض السيدات الى وضع صور افتراضية لهن على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت بديلا عن أشكالهن الحقيقية. ويؤكد الكاتب بفكر مستنير أننا لا بد أن نحترم التقاليد لكن علينا أن ننظر للاشياء بمنطقية بحيث لا نخالف الشرائع السماوية، ولا نجعل من مخاوفنا منطقة تصادم نتيجة للثقافة المتوارثة بحيث نجعلها في قوة النص التشريعي. وفي مقالته المرأة بين الحقيقة والانصاف: يوضح الكاتب موقفه بعد ان تم اتهامه من قبل بعض السيدات بأنه متحامل على المرأة في كتاباته ولماذا لا ينظر الى مثالب الرجل وينتقده، يقول الكاتب أن القضية ليست تآمر على المرأة وليست قضية يتم تعميمها على كل النساء، كما أنها ليست قضية شخصية بين الكاتب والمرأة في محيطه. القضية من وجهة نظر الكاتب ان المرأة أخذت دورا ليس لها وهنا المشكلة الحقيقية ان تأخذ ما ليس من حقك. ويؤكد الكاتب على أن تداخل الادوار يحدث خلل اجتماعي رهيب. نحن مجتمع ذكوري من حيث الشكل لكنه يدار في الغرف المغلقة بطريقة بعيدة عن مفهوم الرجل القائد. السيدات أصبحن خبيرات في علم المجادلة، والرجل اكتشف ان القوانين تنصف المرأة فقرر تكبير دماغه، بمعنى ان يتغاضى عن الاخطاء لانه ببساطه دفع دم قلبه في الزواج ومن أجل ان يفوز بقلبها ولو طلقها سوف يخسر كل شيء، والمرأة تستند في الواقع الزوجي على البعد الاقتصادي وليس العاطفي وهي غير مقدرة لحجم ما انفق الرجل لكي يفوز بقلبها. وبدلا من ان ترد له مقابل تلك التضحية احتفظت بانانيتها بحيث لابد ان تحصل منه على مقابل كل ما تقدمه له. المرأة مخلوق جميل تسعى للحصول على ما ليس حقها وهو الذكورة التي تشوهها وبدلا من أن تفتن الرجل بانوثتها تفاجئه بأنها مثله، ترفع صوتها مثله، وتصنع عضلات مثله. وفي نهاية المقال يطالب الكاتب المرأة بأن تعود الى بستان الجمال وسوف تحصل على رجل يستحق الحياة في هذا البستان. وعلى نفس الوتيرة تتوالي صيحات الكاتب وارشاداته للمرأة أن تعود الى أصلها الحقيقي المرأة الجميلة الناعمة الرقيقة الجاذبة للحياة وللمنزل ولكل شيء جميل. والكاتب في هذه السلسلة من المقالات يؤكد على تفرده برؤية نقدية لمستوى العلاقات بين الرجل والمرأة والذي انحدر بطريقة تدعوا للدهشة والعجب، ويدعوا الى العودة الى الأصل الى الجمال والحب. أنها وجهة نظر الكاتب المبدع تستحق الاعتبار والاحترام، وتعكس فكرا ابداعيا على الرغم من التحفظ على بعض الافكار والجمل القصيرة، لكن يظل فكر الكاتب هو الأصل ووجهة النظر الفريدة. ونرى ان نص الكتاب يتكامل في مجمله حيث يعتمد على وحدة الفكر واتساقه وبلوغه الهدف المناط تحقيقه، وأحسب ان الكاتب قد أجاد بامتياز تحقيق هدفه وأنتج لنا نصا يستحق الاحترام والقراءة والتقدير أيضا