يحطم مخطط التهجير ويهدف لوحدة الصف| «القبائل العربية».. كيان وطني وتنموي داعم للدولة    شعبة الدواجن: السعر الأقصى للمستهلك 85 جنيها.. وتوقعات بانخفاضات الفترة المقبلة    نقيب الجزارين: تراجع اللحوم ل380 جنيها بسبب الركود.. وانخفاض الأبقار الحية ل 165    اليوم| قطع المياه لمدة 8 ساعات عن بعض مناطق الحوامدية.. تعرف على الموعد    سر مكالمة 4 أبريل التي تسببت في قرار بايدن بوقف إرسال الأسلحة إلى إسرائيل    أبرزها الموجة الحارة وعودة الأمطار، الأرصاد تحذر من 4 ظواهر جوية تضرب البلاد    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    نتنياهو: آمل أن أتمكن من تجاوز الخلافات مع بايدن    أحمد عيد: أجواء الصعود إلى الدوري الممتاز في مدينة المحلة كانت رائعة    نجم الأهلي السابق: مباريات الهبوط في المحترفين لا تقل إثارة عن مباريات الصعود    أسرار «قلق» مُدربي الأندية من حسام حسن    أتالانتا يتأهل لنهائي الدوري الأوروبي بثلاثية أمام مارسيليا    ملف رياضة مصراوي.. زيارة ممدوح عباس لعائلة زيزو.. وتعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    أشرف صبحي يناقش استعدادات منتخب مصر لأولمبياد باريس 2024    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    جاستن وهايلي بيبر ينتظران مولودهما الأول (صور)    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    عيار 21 يتراجع لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة 10 مايو 2024 بالصاغة    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    مصرع عقيد شرطة في تصادم سيارة ملاكي بجمل بطريق الزعفرانة ببني سويف    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية عسكرية ل"حزب الله" بجنوب لبنان    حركة حماس توجه رسالة إلى المقاومة الفلسطينية    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    الاحتلال يسلم إخطارات هدم لمنزلين على أطراف حي الغناوي في بلدة عزون شرق قلقيلية    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    لتقديم طلبات التصالح.. إقبال ملحوظ للمواطنين على المركز التكنولوجي بحي شرق الإسكندرية    يوم كبيس بالإسكندرية.. اندلاع حريقين وإزالة عقار يمثل خطورة داهمة على المواطنين    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    بالأغاني الروسية وتكريم فلسطين.. مهرجان بردية للسينما يختتم أعماله    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    الفوائد الصحية للشاي الأسود والأخضر في مواجهة السكري    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    بشرى للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر للقطاعين العام والخاص    مرادف «قوامين» و«اقترف».. سؤال محير للصف الثاني الثانوي    لمواليد برج العذراء والثور والجدي.. تأثير الحالة الفلكية على الأبراج الترابية في الأسبوع الثاني من مايو    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    حدث بالفن| فنانة تكشف عودة العوضي وياسمين ووفاة والدة نجمة وانهيار كريم عبد العزيز    فيديو.. ريهام سعيد: "مفيش أي دكتور عنده علاج يرجعني بني آدمه"    سعود أبو سلطان يطرح أغنيته الجديدة الثوب الأبيض    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُنى على خمس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشاعر علي بن الجهم ) – أبو الحسن القرشي السامي
نشر في شموس يوم 16 - 08 - 2015


موسوعة (شعراء العربية ) م 4 ج 2
بقلم د .فالح الحجية – العراق
(الشاعر علي بن الجهم )
هو أبو الحسن علي بن الجهم بن بدر بن مسعود بن أسيد بن أذينة بن كرار بن بكعب بن مالك بن عتبة بن جابر بنالحارث بن عبد البيت بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وكنيتة أبو الحسن القرشي السامي.
اختلف المؤرخون في تاريخ ولادته إلا أن أغلبهم اعتبروا ولادته عام \ 188 للهجرة عام 803 للميلاد .
ولد في البادية في اطراف بغداد سيسلاً لأسرة عربية متحدرة من قريش أكسبته فصاحة اللسان وأحاطت موهبته الشعرية بالرزانة والقوة وحمتها من تأثير المدنية والاختلاط بالاعاجم في مدينة بغداد التي كانت تعج بالوافدين من أعاجم البلاد المحيطة بها.
شاعر مشهور يقول الخطيب صاحب تاريخ بغداد:
(له ديوان شعر مشهور، وكان جيد الشعر عالما بفنونه وله اختصاص بجعفر المتوكل وكان متديناً فاضلاً . كان معاصراً لأبي تمام).
كان – على بن الجهم – حسن الوجه ذكئ الفؤاد كثير النشاط ظهرت عليه الفطنة والنجابة منذ طفولته فكان يملئ البيت وثباً ولعباً وجلبة حتى أقلق والده بضوضائه فطلب والده من معلمه في الكتّاب بأن يحبسه في الكتّاب فحينما رأى على أصحابه ينصرفون إلى بيوتهم وهو محبوس ضاق به صدره وشعر بضيم فأخذ لوحه وكتب عليها يشكو اباه الى امه :
يا أمتا أفديك من أم
أشكو إليك فظاظه الجهم
قد سرّح الصبيان كلّهم
وبقيت محسوراً بلا جرم
وأرسلها مع احد من ا صدقائه إلى أمه.
وقيل انه كتب في لوح احدى البنات الصغيرات كانت معه في الكتّاب شعرا وهو اول بيت قاله من الشعر:
ماذا تقولين فيمن شَفهُ سَهَرٌ
من جَهدِ حُبكِ حتى صارَ حَيرانا
وكان عمره عشر سنوات وقاله في الغزل
عاش علي بن الجهم شبابه في بيئة صحراوية قاسية، على الرغم من شاعريته الفذة التي تتأجج في صدره الا ان الانسان وليد بيئته متاثر بها حتما وتتكون فيها ومن خلالها شخصيته وآثارها، لذا قيل عن علي بن الجهم ان قساوة البادية اثرت فيه كثيرا.
نشأ علي بن الجهم في أسرة جمعت بين العلم والأدب والوجاهة والثراء فقد كان أخوه الأكبر محمد بن الجهم مولعا بالكتب وقراءتها وذكر الجاحظ أنه كان معدوداً من كبار المتكلمين جمع بين ثقافتى العرب واليونان وكان يجادل الزنادقة في مجالس المأمون ففي هذه البيئة نشأ ولكنه أهتم بالثقافة العربية دون اليونانية ووهب نفسه للشعر دون غيره من الثقافة وأعرض عن مذهب المعتزلة وكان ميالا إلى مذهب اهل الحديث وكانت الدولة العباسية في هذه الفترة مليئة بالأختلافات المذهبية والسياسية تحت شعار الأسلام.
عاصر علي بن الجهم ثلاثة خلفاء عباسيين هم المأمون والمعتصم والواثق.و لم يقرب من أي خليفة عباسى، ولكن كان يوثق علاقاته مع المفكرين والشعراء و مع رموز ذلك العصر ممن يتفقون معه في أفكاره، فربطته علاقة فكرية عميقة مع الأمام أحمد بن حنبل وعلاقة شعرية جميلة مع الشاعر أبي تمام. ولم يقبل على باب الحكم إلا عندما تولى الحكم الخليفة المتوكل الذي أشتهر بإنتصاره لمذهب أهل الحديث الذي مال اليه علي بن الجهم.بينما كان الخلفاء الثلاثة السابق ذكرهم كان يتبعون فكر المعتزلة. بينما كان ينتمى إلى اهل الحديث- كما اسلفت – و الذين يقفون عند ظاهر الكتاب والسنة النبوية وكان متدينا فخورا بتدينه ويمدح به وفي ذلك يقول :
أَهلاً وَسَهلاً بِكَ مِن رَسولِ
جِئتَ بِما يَشفي مِنَ الغَليل
بِجُملَةٍ تُغني عَن التَفصيلِ
بِرَأسِ إِسحقَ بنِ إِسمعيلِ
قَهراً بِلا خَتلٍ وَلا تَطويلِ
جاوَزَ نَهرَ الكُرِّ بِالخُيولِ
تَردي بِفِتيانٍ كَأُسدِ الغيلِ
مُعَوَّداتٍ طَلَبَ الذُحولِ
خُزرِ العُيونِ طَيِّبي النُصولِ
شُعثٌ عَلى شُعثٍ مِن الفُحولِ
جَيشٌ يَلُفُّ الحَزنَ بِالسُهولِ
كَأَنَّهُ مُعتَلِجُ السُيولِ
يَسوسُهُ كَهلٌ مِن الكُهولِ
لا يَنثَني لِلصَعبِ وَالذَلولِ
. في خلافة المأمون(198- 218 هجرية ) أخذ اسم على بن الجهم يشتهر وروى الناس شعره حتى وصل إلى المأمون وروى أخاه محمد بن الجهم أن المأمون دعاه فقال له :
– لقد نبغ لك أخ يقول الشعر فأنشدنى له
فقال محمد تلك الأبيات التي قالها علي :
أوصيك خيراً به فإن له
سجية لا أزال أحمدها
يدل ضيفى على فى غسق
الليل إذا النار نام موقدها
فاستحسنها المامون كما أستحسن أبيات الشعر التي قالها في وصف رقعة الشطرنج ومنها :
أرض مربعة حمراء من أدم
ما بين إلفين معرفين بالكرم
في خلافة المعتصم بالله (218 – 227 ه). تولى علي بن الجهم ديوان المظالم في مدينة حلوان وهي مدينة في العراق قرب جلولاء الحالية وله فيها قصيدة يهنئ فيها المعتصم بفتح عمورية .
اما في خلافة الواثق بالله (227 – 232 ه). فلا يسمع لعلي الا القليل من الشعر أشبه بالاناشيد اي قصائد ابياتها قليلة أوزانها قصيرة تنم على عدم أرتياح نفسى حيث كان الواثق يعامل أهل الحديث بشدة. وفى هذه المدة قد أعلن على بن الجهم كراهيته لوزير الواثق محمد بن عبد الملك الزيات فهجاه أقبح الهجاء غير خائف من جبروته:
أحسن من سبعين بيتا سدى
جمعك إياهن في بيت
ما أحوج الملك إلى ديمة
تغسل عنه وضر الزيت
أما في خلافة المتوكل(232 – 247 ه). فبعد أن تمت مبايعة المتوكل للخلافة انشده على بن الجهم قصيدة رائعة فكانها كانت خطاب العرش في هذه الايام مطلعها :
وقائل أيهما أنور الشمس أم سيدنا جعفر
ومنها
قُلتُ لَقَد أَكبَرتَ شَمسَ الضُحى
جَهلاً وَما أَنصَفتَ مَن تَذكُرُ
هَل بَقِيَت فيكَ مَجوسِيَّةٌ
فَالشَمسُ في مِلَّتِها تُكبَرُ
أَم أَنتَ مِن أَبنائِها عالِمٌ
وَزَلَّةُ العالِمِ لا تُغفَرُ
فَقُل مَعاذَ اللَهِ مِن هَفوَةٍ
قالَ فَهَل يَغلَطُ مُستَخبِرُ
الشَمسُ يَومَ الدَجنِ مَحجوبَةٌ
وَاللَيلُ يُخفيها فَلا تَظهَرُ
فَهيَ عَلى الحالَينِ مَملوكَةٌ
لا تَدفَعُ الرِقَّ وَلا تُنكِرُ
فَكَيفَ قايَستَ بِها غُرَّةً
غَرّاءَ لا تَخفى وَلا تُستَرُ
في كُلِّ وَقتٍ نورُها ساطِعٌ
وَكُلُّ وَصفٍ دونَها يَقصُرُ
فَقالَ هَل أَكمَلَها قَدرُهُ
إ ِذا بَدا في حُلَّةٍ يَخطُرُ
كَالرُمحِ مَهزوزاً عَلى أَنَّهُ
لا فارِطُ الطولِ ولا جَحدَرُ
أَحسَنُ خَلقِ اللَهِ وَجهاً إِذا
بِدا عَلَيهِ حُلَّةٌ تَزهَرُ
وَأَخطَبُ الناسِ عَلى مِنبَرٍ
يَختالُ في وَطأَتِهِ المِنبَرُ
وَتَطرَبُ الخَيلُ إِذا ما عَلا
مُتونَها فَالخَيلُ تَستَبشِرُ
وَتَرجُفُ الأَرضُ بِأَعدائِهِ
إِذا عَلاهُ الدِرعُ وَالمِغفَرُ
قالَ وَأَينَ البَحرُ مِن جودِهِ
قُلتُ وَلا أَضعافُهُ أَبحُرُ
البَحرُ مَحصورٌ لَهُ بَرزَخٌ
وَالجودُ في كَفَّيهِ لا يُحصَرُ
يعتبر علي بن الجهم شاعر الخليفة المتوكل مدحه كثيرا وقد أتخذه المتوكل خليلا ونديما وكان يفيض له بأسراره ويأنس بمجالسته منفرداً
منح المتوكل على بن الجهم بيتا في بستان عند الرصافة بعد ما مدحه بقصيدته التي يقول فيها :
أَنتَ كَالكَلبِ في حِفاظِكَ لِلوُد
ِ وَكَالتَيسِ في قِراعِ الخُطوبِ
أَنتَ كَالدَلوِ لا عَدِمناكَ دَلواً
مِن كِبارِ الدِلا كَثيرَ الذَنوبِ
بعد ان عرف ان هذا الوصف سببه الجفاء وقلة الاختلاط والبعد عن الحضارة والمدنية وكانت مدينة عند جسر بغداد. وكانت تلك المنظقة خضراء يانعة، وفيها سوق وكان علي بن الجهم يرى الناس والسوق والخضرة والنضرة والجمال في ذلك الحي فكانت هذه الدار حسنة تقع على شاطئ دجلة في بستان حسن والجسر قريب منه وأمر له بالغذاء اللطيف أن يتعاهد به فكان يرى حركة الناس ولطافة الحضر فأقام فيها ستة أشهر على ذلك والأدباء والشعراء يتعاهدون مجالسته، ثم استدعاه الخليفة المتوكل بعد مدة لينشده فحضر فأنشده قصيدته فكانت من عيون الشعر العربي ومنها :
عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ
سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ
كَأَنَّما تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ
وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما
تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري
فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ
وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري
خليليّ ما أحلى الهوى وأمرّه
وأعرفني بالحلو منه وبالمرِّ
كفى بالهوى شغلاً وبالشيب زاجراً
لو أن الهوى مما ينهنه بالزجر
بما بيننا من حرمة هل علمتما
أرق من الشكوى وأقسى من الهجر
وأفضح من عين المحب لسرّه
ولا سّيما إن أطلقت دمعة تجري
وإن أنس للأشياء لا أنس قولها
لجارتنا ما أولع الحب بالحر
فقالت لها الأخرى : فما لصديقنا
معنى وهل في قتله لك من عذر
صليه لعل الوصل يحييه واعلمي
بأن أسير الحب في أعظم الأسر
فقالت أذود الناس عنه وقلما
يطيب الهوى إى لمنهتك الستر
وأيقنتا أني قد سمعت فقالتا
من الطارق المصغي إلينا وما ندري
فقلت فتى إن شئتما كتم الهوى
وإلا فخلاع الأعنة والعذرِ
كان في حضرة المتوكل ندماء اخرين منهم البحترى ومروان بن أبى الجنوب. وغيرهما فكادوا لعلي بن الجهم حسدا من عند انفسهم لدى المتوكل وزعموا أنه ينظر إلى نساء القصر. فغضب عليه قلب المتوكل وألزمه بيته ولم يسمع منه وأن لايترك بيته فأنقطع عن القصر.ولم يتوقف الندماء عند هذا الحد. ولكنهم أخبروا المتوكل بأن علي بن الجهم شديد الطعن له ويعيب عليه أخلاقه فأمر المتوكل بحبسه وكان أول ما قاله في السجن قصيدة بعث بها مع أخيه
إلى المتوكل بقول فيها :
توكلنا على رب السماء
وسلمنا لاسباب القضاء
أنا المتوكلى هوى ورأيا
وما بالوثيقة من خفاء
وما حبس الخليفة لى بغار
وليس بمؤيسى منه التنائى
هم الخليفة المتوكل أن يطلق سراحه لولا ندمائه حيث أبلغوا المتوكل بأن علي بن الجهم قد هجاه عند ذلك أمر بنفيه إلى خرسان وأمر المتوكل واليه طاهر بن عبد الله أمير خرسان بأن يجلده نهاراً ويحبسه ليلا وفي ذلك يقول على بن الجهم:
لم ينصبوا بالشاذياخ صبيحة الأ
ثنين مغموراً ولا مجهولا
نصبوا بحمد الله ملىء قلوبهم
شرفا وملء صدورهم تبجيلا
أمر المتوكل الأمير طاهر بأن يطلق سراحه فقال الشاعر قصيدته
التي مطلعها :
يشتاق كل غريب عند غربته
ويذكر الاهل والجيران والوطنا
يقول ايضا قاصدا فيها المتوكل لمحبته له :
أَبلِغ أَخانا تَوَلّى اللَهُ صُحبَتَهُ
أَنّي وَإِن كُنتُ لا أَلقاهُ أَلقاهُ
وَأَنَّ طَرفِيَ مَوصولٌ بِرُؤيَتِهِ
وَإِن تَباعَدَ عَن مَثوايَ مَثواهُ
اللَهُ يَعلَمُ أَنّي لَستُ أَذكُرُهُ
وَكَيفَ أَذكُرُهُ إِذ لَستُ أَنساهُ
بعد ان اطلق سراحه رجع إلى العراق ثم انتقل إلى حلب وخرج يريد الجهاد في سبيل الله أمام جحافل الروم التي كانت تهدد الدوله الإسلامية. ويستعد لها ثم خرج من حلب بجماعة للجهاد ، فأعترضه جمع من أعدائه من الاعراب من بني كلب ا وكانوا اعداءه وأعداء أفكاره الدينية.. فقاتلهم حتى قتل بين أيديهم عام \249 للهجرة عام \ 873 ميلادية .
وقال وهو يفارق الحياة :
أزيد فى الليل ليل أم سال بالصبح سيل
ذكرت اهل دجيل وأين منى دجيل
و قيل وجدت رقعة معه بعد موته مكتوب فيها :
وارحمتا على الغربة فى البلد النازح ماذا بنفسه صنعا
فارق احبابه فما أنتفعوا بالعيش من بعده ولا أنتفعا
ومن روائعه في محبسه هذه الدالية :
أو ما رأيت الليث يألف غيله
كبرا و أوباش السباع تردد
و الشمس لولا أنها محجوبة
عن ناظريك لما أضاء الفرقد
و البدر يدركه السرار فتنجلي
أيامه و كأنه متجدد
و الغيث يحصره الغمام فما يرى
إلا و ريقه يراح و يرعد
و النار في أحجارها مخبوؤة
لا تصطلى إن لم تثرها الأزند
و الزاغبية لا يقيم كعوبها
إلا الثقاف و جذوة تتوقد
غِيَرُ اللَيالي بادِئاتٌ عُوَّدٌ
وَالمالُ عارِيَةٌ يُفادُ وَيَنفَدُ
وَلِكُلِّ حالٍ مُعقِبٌ وَلَرُبَّما
أَجلى لَكَ المَكروهُ عَمّا يُحمَدُ
لا يُؤيِسَنَّكَ مِن تَفَرُّجِ كُربَةٍ
خَطبٌ رَماكَ بِهِ الزَمانُ الأَنكَدُ
كَم مِن عَليلٍ قَد تَخَطّاهُ الرّدى
فَنَجا وَماتَ طَبيبُهُ وَالعُوَّدُ
صَبراً فَإِنَّ الصَبرَ يُعقِبُ راحَةً
وَيَد ُ الخَليفَةِ لا تُطاوِلُها يَدُ
وَالحَبسُ ما لَم تَغشَهُ لِدَنِيَّةٍ
شَنعاءَ نِعمَ المَنزِلُ المُتَوَرَّدُ
بَيتٌ يُجَدِّدُ لِلكَريمِ كَرامَةً
وَيُزارُ فيهِ وَلا يَزورُ وَيُحفَدُ
لَو لَم يَكُن في السِجنِ إِلّا أَنَّهُ
لا يَستَذِلُّكَ بِالحِجابِ الأَعبُدُ
يا أَحمَدُ بنَ أَبي دُؤادٍ إِنَّما
تُدعى لِكُلِّ عَظيمَةٍ يا أَحمَدُ
بَلِّغ أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ
خَوضُ العِدى وَمخاوِفٌ لا تَنفَدُ
أَنتُم بَني عَمِّ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ
أَولى بِما شَرَعَ النَبِيُّ مُحَمَّدُ
ما كانَ مِن حَسَنٍ فَأَنتُم أَهلُهُ
طابَت مَغارِسُكُم وَطابَ المَحتِدُ
أَمِنَ السَوِيَّةِ يااِبنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ
خَصمٌ تُقَرِّبُهُ وَآخَرُ تُبعِدُ
إِنَّ الَّذينَ سَعَوا إِلَيكَ بِباطِلٍ
أَعداءُ نِعمَتِكَ الَّتي لا تُجحَدُ
شَهِدوا وَغِبنا عَنهُمُ فَتَحَكَّموا
فينا وَلَيسَ كَغائِبٍ مَن يَشهَدُ
لَو يَجمَعُ الخَصمَينِ عِندَكَ مَشهَدٌ
يَوماً لَبانَ لَكَ الطَريقُ الأَقصَدُ
فَلَئِن بَقيتُ عَلى الزَمانِ وَكانَ لي
يَوماً مِنَ المَلِكِ الخَليفَةِ مَقعَدُ
وَاِحتَجَّ خَصمي وَاِحتَجَجتُ بِحُجَّتي
لَفَلَجتُ في حُجَجي وَخابَ الأَبعَدُ
وَاللَهُ بالِغُ أَمرِهِ في خَلقِهِ
وَإِلَيهِ مَصدَرُنا غَداً وَالمَورِدُ
امير البيان العربي
د.فالح نصيف الكيلاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.