بدء فعاليات التدريب المشترك ميدوزا -14 فى مصر.. فيديو    د.سراج العرايشي مرشح «حماة الوطن» يشيد بموقف الرئيس السيسي لحماية الانتخابات البرلمانية ويؤكد أعمل في الميدان تحت شعار «الناس أولاً»    وزارة الأوقاف تنفى إصدار صكوك لتمويل تطوير العقارات بقيمة 30 مليار جنيه    وزير الري يلتقي نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية    رئيس جامعة المنيا يفتتح الملتقى التوظيفي الخامس لكلية السياحة والفنادق    بيان مشترك بين وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفني    نائب محافظ الوادي الجديد تتابع فعاليات البرنامج التدريبي لذوي الاحتياجات الخاصة    الدولار يرتفع 22 قرشا ليسجل متوسط البيع 47.44 جنيه ختام التعاملات    تحذيرات من ديدان الذكاء الاصطناعى: برمجيات خبيثة تتعلم وتتكيف بلا خادم مركزى    إزالة 296 حالة مخالفة ضمن «المشروع القومي لضبط النيل» بالمنوفية    بعد اكتمال المشروع| ماذا تعرف عن الكابل البحري العملاق 2Africa ؟    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    استمرار جهود مصر لتخفيف معاناة سكان غزة عبر القافلة ال 76 من المساعدات للقطاع    ريبيرو: الأهلي فقد صبره بعد 4 مباريات.. وجاهز لتدريب جنوب إفريقيا    ماستانتونو: لامين أفضل مني حاليا.. وأتمنى التقاط إيقاع ريال مدريد وأوروبا سريعا    منتخب شباب الهوكي يتوجه للهند 23 نوفمبر للمشاركة في كأس العالم    إبراهيم صلاح: تعجبت من قرار إقالتي من تدريب جي.. وسأرد في الوقت المناسب    السجن المؤبد لشخص قتل زوجته في الإسكندرية    النيابة الإدارية تبدأ التحقيق في واقعة تنمر واعتداء على تلميذة بالدقهلية    الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس..ارتفاع درجات الحرارة مع فرص أمطار متفرقة    انهيار والدة وخطيبة صاحب ملجأ حيوانات ضحية صديقه أثناء جنازته.. صور    سكك حديد مصر توضح حقيقة فيديو «مسامير القضبان» وتؤكد معالجة الواقعة بالكامل    سارة خليفة متورطة في شبكة عائلية لتصنيع وترويج المخدرات    نقيب المهن السينمائية ناعيا خالد شبانة: مسيرة حافلة بالخبرة والإخلاص    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    حمزة نمرة يساند تامر حسني في محنته الصحية    القومي للترجمة يفتح أبواب الحوار الثقافي في صالونه الثاني    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    الأوقاف توضح حقيقة الأخبار حول صكوك تطوير العقارات وتؤكد الشفافية    وزير الصحة يلتقى مدير عام الصحة بتركيا لبحث تعزيز التعاون الثنائي    الكشف على 293 حالة بمبادرة جامعة بنها "من أجل قلوب أطفالنا" بمدارس كفر شكر    في يومه العالمى.. تجمع علمى تحت شعار "كل نفًس مهم" لمرض الانسداد الرئوي المزمن    وفاة المخرج خالد شبانة رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة وشقيق الإعلامي الرياضي محمد شبانة    محامى سارة خليفة يطالب بضم التقارير الطبية للمتهمين بقضية المخدرات الكبرى    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    جامعة كفر الشيخ تنظم ندوة حول السوشيال ميديا بين البناء والهدم    خبر في الجول - ناد أوروبي يطلب قضاء نور عبد الواحد السيد فترة معايشة تمهيدا للتعاقد معها    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    فيلم بنات الباشا المقتبس عن رواية دار الشروق يُضيء شاشة مهرجان القاهرة السينمائي    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    محمد صبحي يغادر المستشفى بعد تعافيه ويعود إلى منزله    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول الإسعافات الأولية لتعزيز التوعية المجتمعية    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    بث مباشر.. المغرب يواجه أوغندا اليوم في ودية استعدادية لكأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسوعة شعراء العربية مجلد4 جزء 2 الشاعر محمد عبد الملك الزيات
نشر في شموس يوم 04 - 08 - 2015

هو أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة المعروف بابن الزيات و محمد بن عبد الملك الزيات من أسرة عادية أصلها من قرية الدسكرة ، والدسكرة قرية واقعة قرب جبل حمرين بين نهاوند ( جلولاء ) وبعقوبا وقد تبين أنها ( شهربان ) مدينة المقدادية الحالية .
انتقلت عائلته من المقدادية إلى بغداد وسكنت بغداد \ الكرخ وقد ولد محمد عبد الملك الزيات سنة \173 هجرية- 789 ميلادية وكان والده تاجراً ميسوراً من أهل الكرخ وكان يحثه على العمل في التجارة . إلا أنه مال إلى الأدب وصناعة الكتابة وطمح إلى نيل المناصب السياسية والثقافة الأدبية فعمد وهو في شرخ شبابه إلى مصاحبة العلماء وارباب الادب مثل سهل بن هارون والفتح بن خاقان وعمرو بن مسعدة وكان ذا حس مرهف وذكاء وقاد وكان طموحا وقد نشأ في وقت كانت بغداد في قمة الحضارة ترفل في عصرها الذهبي ايام الرشيد فقد عاصر من الخلفاء المهدي والرشيد والمامون والامين والمعتصم والواثق والمتوكل فاستطاع الوصول إلى قصرالخلافة في ايام المعتصم ويظفر باحدى الوظائف المهمة واستطاع من خلال اشرافه على عمله ان يصاحب الادباء والشعراء وياخذ منهم الكثير .
ويقول ولده عمر بن محمد بن عبد الملك الزيات:
( كان جدى موسرا من تجارالكرخ وكان يريد من أبي أن يتعلق بالتجارة ويتشاغل فيها فيمتنع من ذلك فيلزم الأدب وجد في طلبه ويخاطب الكتاب ويلازم الدواوين فقال له أبوه ذات يوم :
– والله ما أرى ما انت ملازمه ينفعك وليضرنك لأنك تدع عاجل المنفعة وما أنت فيه مكفيو لك ولأبيك فيه مال وجاه وتطلب الأجل الذي لا تدري كيف تكون فيه
– فقال والله لتعلمن اينا ينتفع بما هو فيه أأنا أم أنت ؟
ثم شخص إلى الحسن بن سهل بفم الصلح فمدحه بقصيدة مطلعها:
كأنها حين تنأى خطوها
اخنس موشي الشوى يرعى القلل
فمنحه عشرة الاف درهم فعاد بها إلى أبيه
فقال له أبوه :
– لا ألومك بعدها على ما أنت عليه .)
وكذلك قال في مدح الحسن بن سهل :
لم امتدحك رجاء المال أطلبه
لكن لتلبسني التحجيل والغررا
وليس ذلك الا انني رجل
لا اقرب الورد حتى اعرف الصدرا
كان في أول أمره من جملة الكتاب و قيل كان أحمد بن عمار بن شاذي البصري وزيرا للمعتصم، فورد على المعتصم كتاب من بعض العمال فقرأه الوزير عليه وكان في الكتاب ذكر الكلأ
فقال له المعتصم، ما الكلأ؟
فقال: لا أعلم،
وكان قليل المعرفة بالأدب،
فقال المعتصم : خليفة أمي ووزير عامي؟! وكان المعتصم ضعيف الكتابة
ثم قال: أبصروا من بالباب من الكتاب؟
فوجدوا محمد بن عبد الملك الزيات فأدخلوه إليه :
فقال الخليفة له: ما الكلأ؟
فقال الكلأ العشب على الإطلاق فإن كان رطباً فهو الخلا، فإذا يبس فهو الحشيش .
وشرع في تقسيم أنواع النبات فعلم المعتصم فضله وبيانه فاستوزره وحكمه وبسط يده في ملكه .
مدح ابن الزيات الخليفة المعتصم بقصيدة هنأه بفتحه (عمورية ) مطلعها:
ما لِلغَواني مَنْ رَأَينَ بِرَأسِهِ
يَقَقاً مَلَلنَ وِصالَهُ وَشَنَينَهُ
وفيها يقول :
إِنَّ الخَليفَةَ خَيرُ مَن وَطِىءَ الحَصى
لِلَّهِ يَمحَصُ دينَهُ وَيَقينَهُ
سارَت حُكومَتُهُ بِأَعدَلَ سيرَةٍ
قُصوى البِلاد وَفي الذينَ يَلونَهُ
فَالحَقُّ أَوضَح مُبصِر آياتُهُ
وَالجورُ يَطمِسُ شَخصَهُ وَعُيونَهُ
إِنَّ الخَليفَةَ رَحمَةٌ مِن رَبِّنا
وَبِهِ أَنارَ لَنا وَأَوضَحَ دينَهُ
وَعَلى أَبي إِسحاقَ طاعَةُ رَبِّهِ
حَقّاً لِيَنصُرَهُ بِها وَيُعينَهُ
وَإِلى عموريةٍ سَمَا في جَحفَلٍ
مَلَأَ الفجاج سُهولَهُ وَحُزونَهُ
فَأَبادَ ساكِنَها وَحَجَّلَ باطِساً
حلقاً أَذَلَّ اللَّهُ مَن يحوينَهُ
قَتلى يُنَضِّدهُم بِكُلِّ طَريقَةٍ
نَضَداً تَخالُ مَراقِباً موضونَهُ
فَهُمُ بوادي الجونِ قَتلى فِرقَة
وَقَبائِلٌ فِرَقٌ مَلَأنَ سُجونَهُ
أَنّى وَقَد أَنطَقتَ كُلَّ مُفَوَّهٍ
في مدحَةٍ طَلَبا بِها تَزيينَهُ
لِتشيعَ مدحَتهُ وَتشهرَ ذِكرَهُ
بِحِبالِ شاعِرِكَ الرَّصينِ رَصينَهُ
وَرَفَعتهُ فَوقَ النُّجومِ وَلَم تَدَع
في المُلكِ مُصطَفِياً لَهُ تمكينَهُ
وَعَصبتهُ بِالتَّاجِ عَصبَ جَلالَةٍ
وَجَعَلتَ خَلقَ اللَّهِ يَستَرعونَهُ
مدح كثير الشعراء محمد بن عبد الملك الزيات في وزارته ومنهم أبو تمام حيث مدحه بقصيدة مطلعها :
لهان علينا أن نقول وتفعلا
ونذكر بعض الفضل منك وتفضلا
فأمر له بخمسة آلاف درهم ثم كتب إليه يقول :
رأيتك سمح البيع سهلا وإنما
يغالي إذا ما ضن بالبيع بائعه
فاما الذي (إذا) هانت بضائع ماله (بيعه)
فيوشك ان تبقى عليه بضائعه
هو المال إن أجمحته طاب ورده
ويفسد منه إن تباح شرائعه
وذكر ان ابن الزيات كان يهتم بتعظيم الوزارة وبما يضفي على مناصب الدولة من ا كبار وتعظيم حيث كان رئيس الوزارة يتحلى بحلة التشريف ويرصع صدره بالاوسمة والنياشين ويتقلد سيفا بحمائل طوال ويتفرد بحرس خاص به حيث ان يتصور ان مركز الوزارة يجب احاطته بكثير من الابهة والتمييز . وجعل شعاره في تصريف الامور:
( الرحمة خور في الطبيعة وضعف في المنة )
فكانت إن ردت هذه العبارة عليه أخيرا . فلما نكب وطلب الرحمة لم يجدها وقيل له (هل رحمت أحدا قط لترحم هذه شهادتك على نفسك وحكمك عليها )
ومما يذكر أن ابن الزيات كان مجلسه حافلا بالأدباء والشعراء والكتاب وكانت صلاته لهم موفورة وكثيرة لأنها كانت جائزة للفنان والأديب للاديب وكان له عطف خاص بالعماء وقد ترجمت له الكتب الكثيرة من اليونانية والهندية وغيرهما وقيل أن الجاحظ قد أهداه كتابه الحيوان فأجزل عطاءه .
وقيل أنه كان كثير الحدب للعاملين بين يديه من الموظفين والكتبة شديد العطف عليهم ومواساتهم وقد كتب لأحد العاملين معه معتذرا له فيقول:
دفع الله عنك نائة الدهر
وحاشاك ان تكون عليلا
اشهد الله ماعلمت وماذا
ك من العذر جائزا مقبولا
ولعمري ان لو علمت فلازمت
ك حولا لكان عندي قليلا
وأقره الواثق على ما كان عليه في أيام المعتصم بعد أن كان ساخطاً عليه في أيام أبيه وحلف يميناً مغلظة أنه ينكبه إذا صار الأمر إليه، فلما ولي الامر واصبح خليفة أمر الكتاب أن يكتبوا ما يتعلق بأمر البيعة فكتبوا فلم يرضه ما كتبوه فكتب ابن الزيات نسخة اخرى فرضيها الخليفة وأمر بتحرير المكاتبات عليها، فكفر عن يمينه وقال:
( عن المال والفدية عن اليمين عوض وليس عن الملك وابن الزيات عوض).
فلما مات وتولى المتوكل كان في نفسه منه شيء كثير فسخط عليه بعد ولايته بأربعين يوماً فقبض عليه واستصفى أمواله .
وكان سبب القبض عليه أنه لما مات الواثق بالله أخو المتوكل بالله أشار محمد بن عبد الملك الزيات بتولية ولد الواثق بينما أشار القاضي أحمد ابن دؤاد بتولية المتوكل وقام في ذلك وقعد حتى عممه بيده وانتصر له وألبسه البردة وقبله بين عينيه وكذلك وكان المتوكل في أيام الواثق يدخل على الوزير عبد الملك الزيات فيتجهمه ويغلظ عليه في الكلام وكان يتقرب بذلك إلى قلب الواثق فحقد المتوكل ذلك عليه وشدد من حقده عليه فلما ولي المتوكل الخلافة خشي إن نكبه عاجلاً أن يستر أمواله فيفوته فاستوزره لفترة لعد الواثق ليطمئن في وزارته وجعل القاضي أحمد يغريه ويجد لذلك عنده موقعاً .
أمر الخليفة المتوكل على الله بالقبض على محمد بن عبد الملك بن الزيات وزير الواثق .. فطلبه فركب بعد غدائه يظن أن الخليفة بعث إليه فأتت به الرسل فاحتيط عليه وقُيِّدَ وبعثوا في الحال إلى داره فأخذ جميع ما كان فيها من الأموال واللآلئ والجواهر والجواري والأثاث ، ووجدوا في مجلسه الخاص به آلات الشراب وبعث الخليفة إلى حواصله وضياعه بسائر الإماكن ، فاحتيط عليها وأمر الخليفة المتوكل أن يعذب فمنع من الطعام وجعلوا يساهرونه كلما أراد الرقاد نُخِسَ بالحديد وقيل انه وضع بعد ذلك في تنور من خشب فيه مسامير قائمة في أسفله فأقيم عليها ووُكِّلَ به من يمنعه من الرقاد فمكث كذلك أياماً حتى مات ..
وقيل إنه لما أخرج من التنور كان فيه رمق فضرب على بطنه ثم على ظهره حتى مات تحت الضرب. وقيل في رواية اخرى : إنه أحرق ثم دفعت جثته إلى أولاده فدفنوه فنبشت عليه الكلاب فأكلت لحمه وجلده وقيل ان الخليقة المتوكل لم يجد من جميع أملاكه وضياعه وذخائره إلا ما كانت قيمته مائة ألف دينار فندم على ذلك حيث لم يجد عنه عوضاً .وقال للقاضي أحمد:
– أطعمتني في باطل وحملتني على شخص لم أجد عنه عوضاً.
وكان ذلك انه قتل في التاسع عشر من ربيع الاول سنة / 233هجرية – 2/11/847
وجاء في بعض الروايات كان ابن الزيات قد اتخذ للمصادَرين والمغضوب عليهم تنُّوراً من الحديد رؤوس مساميره إلى داخله قائمة مثل رؤوس المسالّ عندما كان وزيرا للمعتصم والواثق فكان يعذب الناس فيه فلما قبض عليه المتوكل ونكبه أمر المتوكل بإدخاله في ذلك التنور. فقال محمد بن عبد الملك الزيات للموكل به او لحارسه أن يأذن له بدواة وبطاقة ليكتب فيها ما يريد فاستأذن المتوكل في ذلك فأذن له فكتب :
هي السبيل فمن يوم إلى يوم
كأنه ما تُريك العين في النومِ
لا تجزعنَّ رويداً إنها دوَلٌ
دُ نْيَاً تنقَّلُ من قومٍ إلى قوم.
وتشاغل المتوكل في ذلك اليوم فلم تصِل الرقعة اليه . فلما كان الغد قرأها فأمر بإخراجه فوجدوه ميتاً. وكان حَبْسُه في ذلك التنور إلى أن مات أربعين يوما .
كان ابن الزيات عالماً باللغة والنحو والأدب وكان شاعراً مُجيداً
لا يقاس به أحد من الكتاب ، وكان يطيل فيجيد . وكذلك كان كاتباً مترسلاً بليغاً حسن اللفظ إذا تكلم وإذا كتب . فقال الشعر وكتب النثر وشعر ابن الزيات قاله في شتى الاغراض من مديح وهجاء وغزل ومجون وعتاب وخمر وله رثاء جيد . فكان شعره مرآة صادقة للفترة التي عاشها قبل توليه الوزارة فنلمس فيه الصور الشعرية المعبرة عن حياته والوانا من العواطف الزاخرة بها نفسه فشعره في الغزل والنسيب جميل جدا وينم عن نفس متفتحة عما في عصره من استمتاع بكل المباهج وشدة حبه للمرأة وشوقه اليها لاحظ يقول في ذلك:
ولو ان ما ألقي من الوجد ساعة
باجبال رضوى هدمتها صخورها
ولو ان ما القى من الوجد ساعة
بركني ثبير ما اقام ثبيرها
ولو انني ادعي لدى الموت باسمها
لعاد لنفسي – باسم ربي- نشورها
واني لاتي الشيء من غير علمها
فيخبرها عني بذاك ضميرها
وقد زعمت اني سمحت لغيرها
بوصل ولا والبدن تدمي نحورها
وقد استمتع بشبابه فترك لقلبه العنان يتمتع بكل حسناء راتها عينه واعجب بها وقيل انه عشق جارية فقال فيها :
ياطول ساعات ليل العاشق الدنف
وطول رعيته للنجم في السدف
ماذا تواري ثيابي من اخي حرق
كانما الجسم منه دقة الانف
ما قال يا اسفا يعقوب من كمد
الا لطول الذي لاقى من الاسف
من سره ان يرى ميت الهوى دنفا
ليستدل على الزيات وليقف
اما في الخمرة فيقول:
وصهباء كرخية عتقت
فطال عليها في الدنان الطيل
فلم يبق منها سوى لونها
ونكهة ريح بها لم تزل
كأن خيالا لدى كأسها
يدق على الطرف مالم يجل
ترى بالتوهم لا بالعيا
ن وتشرب بالقول لا بعمل
كفاني من ذوقها شمها
فرحت اجر ثياب الثمل
ويقول ايضا:
ومستطيل على الصهباء باكرها
في فتية باصطباح الراح حذاق
فكل شيء رآه خاله قدحا
وكل شخص رآه خاله الساقي
اما في رثائه فكان شاعرا لايبارى إذا هاجت عواطفه فقد رثى جاريته أم عمر فقال :
يقول لي الخلان لو زرت قبرها
فقلت وهل غير القؤاد لها قبر
على حين لم أحدث فأجهل قبرها
ولم أبلغ السن التي معها الصبر
يقول أيضا في رثائها :
ألا من رأى الطفل المفارق أمه
بعيد الكرى عيناه تنسكبان
رأى كل أم وابنها غير أمه
يبيتان تحت الليل ينتجيان
وبات وحيدا في الفراش تجيبه
بلابل قلب دائم الخفقان
فلا تلحياني ان بكيت فانما
أداوي بهذا الدمع ما تريان
ومن شعره الرائع اخترت هذه القصيدة :
قالوا جَزِعتَ فَقُلتُ إِنَّ مُصيبَةً
جَلَّت رَزِيَّتُها وَضاقَ المَذهَبُ
كَيفَ العَزاءُ وَقَد مَضى لِسَبيلِهِ
عَنّا فَوَدَّعنا الأَحَمُّ الأَشهَبُ
دَبَّ الوُشاةُ فَباعَدوهُ وَرُبَّما
بَعُدَ الفَتى وَهوَ الحَبيبُ الأَقرَبُ
لِلَّهِ يَومَ غَدَوتَ عَنّي ظاعِناً
وَسُلِبتُ قُربكَ أَيَّ عِلق أسلّبُ
نَفسي مُقَسَّمَةٌ أَقامَ فَريقُها
وَغَدا لِطِيَّتِهِ فَريق يُجنِبُ
الآنَ إِذ كَمَلَت أَداتُكَ كُلُّها
وَدَعا العُيونَ إِلَيكَ لَونٌ مُعجِبُ
وَاختيرَ مِن سِرِّ الحَدايِدِ خَيرها
لَكَ خالِصاً وَمِنَ الحُلِيِّ الأَغرَبُ
وَغَدَوتَ طَنَّان اللِّجامِ كَأَنَّما
في كُلِّ عُضوٍ مِنك صنجٌ يُضرَبُ
وَكَأَنَّ سَرجَكَ إِذ عَلاكَ غَمامَةٌ
وَكَأَنَّما تَحتَ الغَمامَة ِ كَوكَبُ
وَرَأى عَلَيَّ بِكَ الصَّديقُ مَهابَةً
وَغَدا العَدُوُّ وَصَدرُهُ يَتَلَهَّبُ
أَنساكَ لا بَرِحَت إِذنَ مَنسِيَّة
نَفسي وَلا زالَت بِمِثلِكَ تُنكَبُ
أَضمَرتُ مِنكَ اليَأسَ حينَ رَأَيتَني
وَقُوى حِبالِكَ مِن قوايَ تقضَّبُ
وَرَجَعتُ حينَ رَجَعت مِنك بِحَسرَةٍ
لِلَّهِ ما صَنَعَ الأَصَمُّ الأَشيَبُ
فَلتَعلَمَن أَلَّا تَزالُ عَداوَةٌ
عِندي مريَّضَةٌ وَثَأرٌ يُطلَبُ
يا صاحِبَيَّ لِمِثلِ ذا مَن أَمرهُ
صَحِبَ الفَتى في دَهرِهِ مَن يَصحَبُ
إِن تُسعدا فَصَنيعَةٌ مَشكورَةٌ
أَو تخذلا فَصَنيعَة ٌ لا تَذهَبُ
عِوجا نُقَضِّ حاجَةً وَتَجَنَّبا
بَثَّ الحَديثِ فَإِنَّ ذلِكَ أَعجَبُ
لا تُشعِرا بِكُما الأَحَمَّ فَإِنَّهُ
وَأَبيكُما الصَّدعُ الَّذي لا يُرأَبُ
أَو تَطوِيا عَنهُ الحَديثَ فَإِنَّهُ
أ َدنى لِأَسبابِ الرَّشادِ وَأَقرَبُ
لا تُشعِراهُ بِنا فَلَيسَ لِذي هَوى
نَشكو إلَيهِ عِنده مُستَعتب
وَقِفا فَقولا مَرحَباً وَتَزَوَّدا
نَظَراً وَقَلَّ لِمَن يُحَبُّ المرحَبُ
مَنَعَ الرَّقادَ جَوى تَضَمَّنَهُ الحَشا
وَهَوى أكابِدهُ وَهَمٌ مُنصِبُ
وَصَبا إِلى الحانِ الفُؤادُ وَشاقَهُ
شَخصٌ هُناكَ إِلى الفُؤادِ مُحَبَّبُ
فَكَما بَقيتُ لِتَبقَيَنَّ لِذِكرِهِ
كَبِد مُفَرَّثَة وَعَينٌ تَسكُبُ
اميرالبيان العربي
د. فالح نصيف الكيلاني
العراق- ديالى – بلدروز
****************


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.