افتتاح مدرسة نشيل الابتدائية الجديدة ضمن مبادرة «حياة كريمة» بالغربية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    البابا تواضروس الثاني يلتقي رهبان دير القديس الأنبا هرمينا بالبداري    مناقشة واستعراض آليات دعم الصناعات الموجودة داخل قرى الدقهلية    إعلام إسرائيلى: تفجير عبوة ناسفة فى قوة تابعة للجيش بغزة    رئيس الحكومة المغربية: مستعدون للتجاوب مع المطالب الاجتماعية والحوار    انضمام ثلاثي بيراميدز إلى منتخبات بلادهم لخوض تصفيات كأس العالم 2026    مصر في المجموعة الأولى ببطولة العالم لكرة اليد تحت 17 عامًا    سقوط أمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تحذر من طقس الجمعة    توضيح مهم من وزارة التربية والتعليم بشأن امتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    «أرفض بشكل قاطع».. حنان مطاوع تبدي استيائها بسبب فيديو لوالدها الراحل    هل البلاء موكّل بالمنطق؟.. خالد الجندي يوضّح ويكشف المفهوم الصحيح    رئيس الوزراء يوافق على رعاية النسخة التاسعة من مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني    صرف أدوية مرضى السكري لشهرين كاملين بمنظومة الرعاية الصحية بالأقصر    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    النائب ياسر الهضيبي يتقدم باستقالته من مجلس الشيوخ    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    الكرملين: الاتصالات بين الإدارتين الروسية والأمريكية تتم عبر "قنوات عمل"    نجل غادة عادل يكشف كواليس علاقة والدته بوالده    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لدعم حملة ترشح خالد العنانى فى اليونيسكو    مخاوف أمريكية من استغلال ترامب "الغلق" فى خفض القوى العاملة الفيدرالية    لأول مرة.. الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية للاستثمار في وثائق صناديق الملكية الخاصة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2أكتوبر 2025.. موعد أذان العصر وجميع الفروض    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    شيخ الأزهر يستقبل «محاربة السرطان والإعاقة» الطالبة آية مهني الأولى على الإعدادية مكفوفين بسوهاج ويكرمها    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    بتكريم رواد الفن.. مهرجان القاهرة للعرائس يفتتح دورته الجديدة (صور)    بين شوارع المدن المغربية وهاشتاجات التواصل.. جيل زد يرفع صوته: الصحة والتعليم قبل المونديال    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    رئيس منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع فعاليات مسابقة السنة النبوية (صور)    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    القائم بأعمال وزير البيئة في جولة مفاجئة لمنظومة جمع قش الأرز بالدقهلية والقليوبية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر أبو تمام الطائي
نشر في شموس يوم 27 - 07 - 2015


موسوعة (شعراء العربية) م4 ج 2
يقلم – د. فالح الحجية – العراق
هو حبيب بن أوس الحارث بن بن قيس بن الأشج بن يحيى أبو تمام الطائي، الشاعر الأديب ينتمي إلى قبيلة طي العربية وقد اختلف مؤرخوا الأدب في نسبه إلى طي كما اختلفوا في مكان ولادته وزمنها .
ولد أبو تمام سنة\ 188 هجرية وأصله من قرية جاسم من عمل الجيدور بالقرب من طبرية احدى القرى التابعة لاعمال دمشق ويقال انه ولد من اسرة فقيرة معدمة تدين بالنصرانية وقد انتقلت عائلته إلى دمشق طلبا للرزق والمعاش وهو لما يزل طفلا صغيرا فاثر أبوه واسمه (تدوس) الانتقال إلى دمشق لكسب الرزق وفتح حانة فيها
أما حبيب فاشتغل مساعد عند قزاز في المدينة وقيل تفتحت قريحته الشعرية في سن مبكرة .
و ذكر أنه فكر في امر عقيدته الدينية فنبذ النصرانية وأسلم وغير اسم أبيه من تدوس إلى اوس اذن نشأ في دمشق التي كانت جنة الدنيا وروضة من رياضها فتأثر بهذه البيئة ولاريب في ذلك لما للبيئة من تأثير على الأدباء والشعراء ثم انتقل من دمشق إلى حمص وهناك اتصل بشاعرها المعروف (ديك الجن) ولازمه فأحبه وساعده على المضي في طريقه في نظم الشعر لما لاحظ فيه قريحة وقادة وشاعرية بدأت تتفتح وقد كسب أبو تمام منه أشياء لا بأس بها0
بعد أن اشتد ساعده وتفتحت ملكته الشعرية انخرط في مدح أسرة طائية ردحا من الزمن حتى قيل أن نسبته إلى طي كانت بسبب مدحه لهذه العائلة والصحيح أن نسبه إلى طي راجع (( النظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام لابن المستوفي الاربلي فتفتحت مواهبه في سن مبكرة.
وبقي في حلب ردحا من الزمن ثم رحل بعدها متوجها إلى مصر وفي مصر في حداثته أخذ يسقي الناس الماء في المسجد الجامع ثم جالس بعض الأدباء فأخذ عنهم وكان فطنا فهما وكان يحب الشعر فلم يزل ينظمه حتى قال الشعر فأجاد فيه حتى قيل واستقى الأدب من مناهله الحقة في ذلك الجامع الذي كانت تعقد فيه مجالس للدرس والتعلم في كل العلوم بما فيها الأدب والشعر فكان فيه يسقي الماء ويستسقي العلم مكانه وكذلك اطلع اطلاعا واسعا على علوم القران الكريم وتاثر في أسلوبه حتى قيل إنه حفظ القرآن الكريم كله.
بعد خمس سنوات قضاها في مصر تكاملت شاعريته وثقافته انفرد في مدح رجل يقال له (عياش بن هليعة ) حضرمي على أمل مناه به إلا أنه طال مكوثه لم ينل امنيته فهجره وهجاه وقد ساءت حاله في مصر بعد ذلك فذكر أهله واحبته في الشام وزاد حنينه إليها حيث الأهل والأخلاء فتوجه إليها من جديد عائدا إلى الشام
في أثناء عودته إلى الشام استغل وجود الخليفة المأمون فيها فمدحه لكن الخليفة أعرض عنه لأنه علوي الراي_ كما قيل _ إلا انه كانت قد طارت شهرته وعرف بقصيده وشعره الجيد.
بقي أبو تمام متجولا متنقلا من بلد إلى اخر ناظما الشعر وقيل إنه كان كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير القصائد والمقاطيع وغير ذلك. حتى طارت شهرته وعرف في كل الأوساط العربية الرائعة.
وكان الشعراء يقصدون أبا تمام طلبا لاعترافه بهم ونصحه لهم حيث كان خبيرا بالصنعة الفنية في الشعر فلما وفد عليه البحتري مع جمع من الشعراء قال أبو تمام للبحتري:
– أنت أشعر من أنشدني فكيف حالك
ويبدو أن إعجاب ابي تمام به دفع البحتري إلى الاطمئنان اليه على أمور معاشه فشكا البحتري اليه بؤسه وفقره فوجهه أبو تمام برسالة توصية إلى أهل معرة النعمان مؤكداً على شاعريته المتفتحة وكأنه يدفع به إلى مسيرته الطويلة
وكان يقال: ظهر في طيء ثلاثة:
حاتم الطائي في كرمه وداود الطائي في زهده، وأبو تمام في شعره.
و كان من الشعراء في زمنه جماعة فمن مشاهيرهم: أبو الشيص والبحتري ودعبل الخزاعي وابن أبي قيس وكان أبو تمام من خيارهم دينا وأدبا وأخلاقا وشعرا .
ومن رقيق شعره قوله:
يا حليف الندى ويا معدن الجود
ويا خير من حويت القريضا
ليت حماك بي وكان لك الأج
ر فلا تشتكي وكنت المريضا
. أشهر أبو تمام بالمدح والوصف والرثاء واغراض اخرى برع فيها كثيرا ومن شعره في وصف الربيع
هذه الابيات الجميلة :
رقت حواشي الدهر فهي تصور
وغدى الثرى في حليه يتكسر
ياصاحبي تقصيا نظريكما
تريا وجوه الارض كيف تصور
تريا نهارا مشمسا قد شابه
زهر الربى فكانما هو مقمر
دنيا معاش للورى حتى اذا
حل الربيع فانما هي منظر
اضحت تصوغ بطونها لظهورها
نورا تكاد له القلوب تنور
في كل ازاهير ترقرق بالندى
فكاانها عين اليك تحدر
ولما أصبح المعتصم خليفة المسليمن استقدمه واتخذه شاعر الدولة وجعله من شعرائه وخاصته وفضله على غيره من الشعراء لقوة شعره وبلاغته إلا أنه رغم ذلك ظل متجولا لجبولته على التنقل وقد تنقل بين الشام ومصر والعراق وفارس حيث مدح وإلى خراسان هناك ثم عاد إلى بغداد وعندما رجع الخليفة المعتصم منتصرا ضافرا فاتحا عمورية تلقاه الشاعر أبو تمام مادحا اياه ببائيته المشهورة:-
السيف أصدق إنباءا من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
ونقل ابن خلكان:
ان أبا تمام قد امتدح أحمد بن المعتصم ويقال ابن المأمون بقصيدته التي يقول فيها:
إقدام عمرو في سماحة حاتم
في حلم أحنف في ذكاء إياس
فقال له بعض الحاضرين: أتقول هذا لأمير المؤمنين وهو أكبر قدرا من هؤلاء؟ فإنك ما زدت على أن شبهته بأجلاف من العرب البوادي.
فأطرق إطراقة خفيفة ثم رفع رأسه فقال:
لا تنكروا ضربي له من دونه
مثلا شرودا في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره
مثلا من المشكاة والنبراس
فلما أخذوا القصيدة منه لم يجدوا فيها هذين البيتين، وإنما قالهما ارتجالا
مدح أبو تما م المعتصم وبعض القادة والولاة وأصحاب النفوذ
إذ كان من المتكسبين في الشعر وظل يتنقل بين بغداد والشام وزار خراسان واتصل بكثر من الرجال منهم عبد الملك الزيات الذي كان وزيرا للخليفة الواثق فقربه فأكرمه الواثق وأحسن اليه الا انه ترك بغداد متجها صوب الموصل وكا ن فيها ابن وهب حيث ولاه بريد الموصل التي بقي فيها اقل من حولين ثم وافته المنية
توفي في الموصل عام 231 هجرية – 839 ميلادية
أبو تمام من فحول شعراء العربية ويمتاز شعره بالصياغة اللفظية والصناعة الشعرية حيث كان ينتقي لقصائده احسن الاساليب والمعاني افضلها ذو شاعرية وقادة متفتحة أشهر بالمدح والوصف والرثاء واغراض اخرى برع فيها كثيرا ومن شعره في وصف الربيع هذه الابيات الجميلة:
رقت حواشي الدهر فهي تصور
وغدى الثرى في حليه يتكسر
ياصاحبي تقصيا نظريكما
تريا وجوه الارض كيف تصور
تريا نهارا مشمسا قد شابه
زهر الربى فكانما هو مقمر
دنيا معاش للورى حتى اذا
حل الربيع فانما هي منظر
اضحت تصوغ بطونها لظهورها
نورا تكاد له القلوب تنور
في كل ازاهير ترقرق بالندى
فكاانها عين اليك تحدر
أبو تمام من فحول الشعراء العرب المعدودين شاعر ذو شخصية نافذة وثقافة واسعة وفكر ثاقب وادراك واسع ذو شاعرية عبقرية وقريحة فياضة يغلب على شعره المتانة الشعرية والرزانة وقوة السبك وغرابة اللفظ فلا يتسنى فهمه إلا بعد روية واناة ومن لهم باع في العربية اكثر من الغريب فيه ولا ريب في ذلك فهو شاعر قوي المعرفة قوي الاحساس واسع الثقافة فاهم اللغة متظلعا فيها فظهرت كل هذه الامور في شعره حتى الفلسفة يقول:-
هب من له شيء يريد حجابه
ما بال لا شيء عليه حجاب
اضف إلى ذلك انه شاعر مبدع ابتكر الالفاظ وطورها والمعاني وصورها خاض جل الفنون الشعرية واغراض الشعر وابدع في المدح والوصف خاصة ويتجلى في مدحه انه شاعر معتمد على نفسه فخورا بها يندفع في مدحه بحماس وجراءة شديدة تدل على شجاعته ونفسيته القوية ومدحه يفوق من حيث الجودة بقية شعره حسن التعبير كما نلحظ فيه التناقض وحبه اللفظ الغريب ومن جيد مدحه يقول في قصيدته التي مدح فيها الخليفة الواثق :
جاءتك من نظم اللسان قلادة
سمطان فيها اللؤلؤ الكنون
انسية وحشية كثر ت بها
حركات اهل الارض وهي سكون
ينبوعها حضل وحلي قريضها
حلى الهدى ونسجها موضون
ويطيب لي ان اذكر قصيدته في مدح المعتصم بعد فتح عموية لانها احدى روائع الشعرالعربي :
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في
مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً
بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ
أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا
صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ
تخرُّصاً وأحاديثاً ملفَّقة ً
لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ
عجائباً زعموا الأيَّامَ
عَنْهُنَّ في صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ
وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَة ٍ
إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ
وصيَّروا الأبرجَ العُلْيا مُرتَّبة ً
مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة
ما دار في فلك منها وفي قُطُبِ
لو بيَّنت قطّ أمراً قبل موقعه
لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثان والصلُبِ
فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ
نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ
فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ
وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ
يَا يَوْمَ وَقْعَة ِ عَمُّوريَّة َ انْصَرَفَتْ
منكَ المُنى حُفَّلاً معسولة َ الحلبِ
أبقيْتَ جدَّ بني الإسلامِ في صعدٍ
والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ في صَبَبِ
أُمٌّ لَهُمْ لَوْ رَجَوْا أَن تُفْتَدى جَعَلُوا
فداءها كلَّ أمٍّ منهمُ وأبِ
وبرْزة ِ الوجهِ قدْ أعيتْ رياضتُهَا
كِسْرَى وصدَّتْ صُدُوداً عَنْ أَبِي كَرِبِ
بِكْرٌ فَما افْتَرَعَتْهَا كَفُّ حَادِثَة ٍ
ولا ترقَّتْ إليها همَّة ُ النُّوبِ
مِنْ عَهْدِ إِسْكَنْدَرٍ أَوْ قَبل ذَلِكَ قَدْ
شابتْ نواصي اللَّيالي وهيَ لمْ تشبِ
حَتَّى إذَا مَخَّضَ اللَّهُ السنين لَهَا
مَخْضَ البِخِيلَة ِ كانَتْ زُبْدَة َ الحِقَبِ
أتتهُمُ الكُربة ُ السَّوداءُ سادرة ً
منها وكان اسمها فرَّاجة َ الكُربِ
جرى لها الفالُ برحاً يومَ أنقرة ِ
إذْ غودرتْ وحشة ََ الساحاتِ والرِّحبِ
لمَّا رَأَتْ أُخْتَها بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ
كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْدَى من الجَرَبِ
كمْ بينَ حِيطانها من فارسٍ بطلٍ
قاني الذّوائب من آني دمٍ سربِ
بسُنَّة ِ السَّيفِ والخطيَّ منْ دمه
لاسُنَّة ِ الدين وَالإِسْلاَمِ مُخْتَضِبِ
لقد تركتَ أميرَ المؤمنينَ بها
للنَّارِ يوماً ذليلَ الصَّخرِ والخشبِ
غادرتَ فيها بهيمَ اللَّيلِ وهوَ ضُحى ً
يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ
حتَّى كأنَّ جلابيبَ الدُّجى رغبتْ
عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ
ضوءٌ منَ النَّارِ والظَّلماءُ عاكفة ٌ
وظُلمة ٌ منَ دخان في ضُحى ً شحبِ
فالشَّمْسُ طَالِعَة ٌ مِنْ ذَا وقدْ أَفَلَتْ
والشَّمسُ واجبة ٌ منْ ذا ولمْ تجبِ
تصرَّحَ الدَّهرُ تصريحَ الغمامِ لها
عنْ يومِ هيجاءَ منها طاهرٍ جُنُبِ
لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ فيهِ يَومَ ذَاكَ على
بانٍ بأهلٍ وَلَم تَغْرُبْ على عَزَبِ
ما ربعُ ميَّة ََ معموراً يطيفُ بهِ
غَيْلاَنُ أَبْهَى رُبى ً مِنْ رَبْعِهَا الخَرِبِ
ولا الْخُدُودُ وقدْ أُدْمينَ مِنْ خجَلٍ
أَشهى إلى ناظِري مِنْ خَدها التَّرِبِ
سَماجَة ً غنِيَتْ مِنَّا العُيون بِها
عنْ كلِّ حُسْنٍ بدا أوْ منظر عجبِ
وحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقى عَوَاقِبُهُ
جاءتْ بشاشتهُ منْ سوءٍ منقلبِ
لوْ يعلمُ الكفرُ كمْ منْ أعصرٍ كمنتْ
لَهُ العَواقِبُ بَيْنَ السُّمْرِ والقُضُبِ
تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللَّهِ مُنْتَقِمِ
للهِ مرتقبٍ في الله مُرتغبِ
ومُطعَمِ النَّصرِ لَمْ تَكْهَمْ أَسِنَّتُهُ يوما
ولاَ حُجبتْ عنْ روحِ محتجبِ
لَمْ يَغْزُ قَوْماً، ولَمْ يَنْهَدْ إلَى بَلَدٍ
إلاَّ تقدَّمهُ جيشٌ من الرَّعبِ
لوْ لمْ يقدْ جحفلاً، يومَ الوغى لغدا
منْ نفسهِ، وحدها، في جحفلٍ لجبِ
رمى بكَ اللهُ بُرْجَيْها فهدَّمها
ولوْ رمى بكَ غيرُ اللهِ لمْ يصبِ
مِنْ بَعْدِ ما أَشَّبُوها واثقينَ بِهَا
واللهُ مفتاحُ باب المعقل الأشبِ
وقال ذُو أَمْرِهِمْ لا مَرْتَعٌ صَدَدٌ
للسارحينَ وليسَ الوردُ منْ كثبِ
أمانياً سلبتهمْ نجحَ هاجسها
ظُبَى السيوفِ وأطراف القنا السُّلُبِ
إنَّ الحمامينِ منْ بيضٍ ومنْ سُمُرٍ
دَلْوَا الحياتين مِن مَاءٍ ومن عُشُبٍ
لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيّاً هَرَقْتَ لَه
كأسَ الكرى ورُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
عداك حرُّ الثغورِ المستضامة ِ عنْ
بردِ الثُّغور وعنْ سلسالها الحصبِ
أجبتهُ مُعلناً بالسَّيفِ مُنصَلتاً
وَلَوْ أَجَبْتَ بِغَيْرِ السَّيْفِ لَمْ تُجِبِ
حتّى تَرَكْتَ عَمود الشرْكِ مُنْعَفِراً
ولم تُعرِّجْ على الأوتادِ والطُّنُبِ
لمَّا رأى الحربَ رأْي العينِ تُوفلِسٌ
والحَرْبُ مَشْتَقَّة ُ المَعْنَى مِنَ الحَرَبِ
غَدَا يُصَرِّفُ بِالأَمْوال جِرْيَتَها
فَعَزَّهُ البَحْرُ ذُو التَّيارِ والحَدَبِ
هَيْهَاتَ! زُعْزعَتِ الأَرْضُ الوَقُورُ بِهِ
عن غزْوِ مُحْتَسِبٍ لا غزْو مُكتسبِ
لمْ يُنفق الذهبَ المُربي بكثرتهِ
على الحصى وبهِ فقْرٌ إلى الذَّهبِ
إنَّ الأُسُودَ أسودَ الغيلِ همَّتُها
يوم الكريهة ِ في المسلوب لا السَّلبِ
وَلَّى ، وَقَدْ أَلجَمَ الخطيُّ مَنْطِقَهُ
بِسَكْتَة ٍ تَحْتَها الأَحْشَاءُ في صخَبِ
أَحْذَى قَرَابينه صَرْفَ الرَّدَى ومَضى
يَحْتَثُّ أَنْجى مَطَاياهُ مِن الهَرَبِ
موكِّلاً بيفاعِ الأرضِ يُشرفهُ
مِنْ خِفّة ِ الخَوْفِ لا مِنْ خِفَّة ِ الطرَبِ
إنْ يَعْدُ مِنْ حَرهَا عَدْوَ الظَّلِيم، فَقَدْ
أوسعتَ جاحمها منْ كثرة ِ الحطبِ
تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ
جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ
يا رُبَّ حوباءَ لمَّا اجتثَّ دابرهمْ
طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِ لم تَطِبِ
ومُغْضَبٍ رَجَعَتْ بِيضُ السُّيُوفِ بِهِ
حيَّ الرِّضا منْ رداهمْ ميِّتَ الغضبِ
والحَرْبُ قائمَة ٌ في مأْزِقٍ لَجِجٍ
تجثُو القيامُ بهِ صُغراً على الرُّكبِ
كمْ نيلَ تحتَ سناها من سنا قمرٍ
وتَحْتَ عارِضِها مِنْ عَارِضٍ شَنِبِ
كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَة ً
تهتزُّ منْ قُضُبٍ تهتزُّ في كُثُبِ
بيضٌ، إذا انتُضيتْ من حُجبها، رجعتْ
أحقُّ بالبيض أتراباً منَ الحُجُبِ
خَلِيفَة َ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ
جُرْثُومَة ِ الديْنِ والإِسْلاَمِ والحَسَبِ
بصُرْتَ بالرَّاحة ِ الكُبرى فلمْ ترها
تُنالُ إلاَّ على جسرٍ منَ التَّعبِ
إن كان بينَ صُرُوفِ الدَّهرِ من رحمٍ
موصولة ٍ أوْ ذمامٍ غيرِ مُنقضبِ
فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا
وبَيْنَ أيَّامِ بَدْر أَقْرَبُ النَّسَبِ
أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كأسِمِهمُ
صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ
امير البيان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.