انطلاق الجلسة الختامية للقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية    طلبة «آداب القاهرة" يزورون موقع محطة الضبعة النووية    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    «حماة وطن» يدشن مركز الأمل للأعمال والحرف اليدوية في الإسماعيلية    فرص للسفر إلى اليونان.. اتفاق لاستقدام 5000 عامل مصري بمجال الزراعة    مرسوم أميري كويتي بحل مجلس الأمة في البلاد    السفير ماجد عبد الفتاح يوضح مكتسبات فلسطين من قرار الأمم المتحدة    اتحاد المحامين العرب يُشيد بجهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة (فيديو)    أخبار الأهلي : فريق كامل يغيب عن الأهلي أمام بلدية المحلة    بطولة العالم للإسكواش 2024.. تأهل مازن هشام ب 3 أشواط نظيفة    كيشو يكتسح بطل كازاخستان ويتأهل لأولمبياد باريس    محافظ الغربية يشدد على تكثيف الحملات التفتيشية على الأسواق    إصابة 4 أشخاص حريق مطعم بالفيوم ونقلهم للمستشفى    عاجل: موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية العامة 2024.. طرق وخطوات الحصول عليها    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    عاجل.. رضا سليم يتواصل مع الشيبي لحل أزمة حسين الشحات.. ولاعب بيراميدز يحدد شروطه    تفاصيل هجوم روسيا على شرقي أوكرانيا.. وكييف تخلي بلدات في المنطقة    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    في زمن التحوّلات.. لبنان يواجه تحديات في الشراكة الداخليّة ودوره بالمنطقة    نجوى كرم تحيي حفلا في السويد 23 يونيو    «قومي حقوق الإنسان» يشارك في إطلاق الدورة الثانية من مهرجان إيزيس الدولي    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    مباشر سلة - الزمالك (17)-(20) الأهلي.. ثالث مباريات نصف نهائي الدوري    تؤدي لمرض خطير.. حسام موافي يحذر من خطورة وجود دم في البراز    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    الأسهم الأوروبية تغلق عند مستويات قياسية جديدة    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك (فيديو)    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    شاهد أول فيديو.. «النقل» تستعرض المحطات الخمسة الجديدة للخط الثالث لمترو الأنفاق    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    الجيزاوي يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الصحية    أسعار شقق جنة بمشروع بيت الوطن للمصريين في الخارج    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    أشرف صبحي يلتقي فرج عامر وأعضاء سموحة لتعزيز الاستقرار داخل النادي    للتخلص من دهون البطن.. تعرف ما ينبغي تناوله    «دراسة صادمة».. تناول الأطعمة المعبأة والوجبات الخفيفة يزيد خطر الوفاة    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    وزارة البيئة تناقش مع بعثة البنك الدولي المواصفات الفنية للمركبات الكهربائية    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    مفتي الجمهورية: الفكر المتطرف من أكبر تحديات عملية بناء الوعي الرشيد    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    أحمد عيد: صعود غزل المحلة للممتاز يفوق فرحتي بالمشاركة في كأس القارات    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر عبد السلام بن رغبان الحمصي ( ديك الجن )
نشر في شموس يوم 07 - 08 - 2015


(موسوعة شعراء العربية م4 ح 2
الشاعر عبد السلام بن رغبان الحمصي ( ديك الجن )
بقلم د .فالح الكيلاني – العراق
هو ابو محمد عبدالسلام بن رغبان بن عبدالسلام بن عبدالله بن يزيد بن تميم واصل أسرته من مدينة مؤته في بلاد الشام و قيل ان تميم هو أول جدٍ من اجداده أعتنق الأسلام .
لقب بديك الجن لاخضرار في عينيه شديد وقيل لأنه ذكر الديك في شعره وقيل سمي بذلك تشبيهاً – لدوبية – كانوا يشاهدونها هو جلساؤه خلال تسامرهم في بساتين حمص الغناء الكثيفة الورود ولم يعرف سبب التصاق هذه اللقب ب عبدالسلام بالضبط وماهو الشبه بينه وبين تلك الدوبية التي كانوا يشاهدونها باستمرار.
ولد سنة 161 هجرية -776 ميلادية بمدينة حمص على نهر العاصي وفي أحد أحيائها القديمة الذي يسمى اليوم (باب الدُريب) وعاش في مدينته حمص حياته الحافلة التي امتدت قرابة خمسة وسبعين عاماً عاش فيها ديك الجن طفولته حياة عادية لم يأبه به أحد وليس هناك ما يميزه عن أترابه ولم تذكر لنا كتب التراث شيئاً عن طفولته. لقد أصاب هذه الطفولة من النسيان والتجاهل . مثله مثل طفولة معظم المبدعين الذين لا يُلتفت إليهم إلا بعد ظهور مواهبهم وتأكُّدها.
ديك الجن تعلم في طفولته في المساجد حيث المشايخ والعلماء وحلقات الدرس والبحث اذ كانت هي مدارس التعلم ولقد انسحبت هذه الفترة على طفولته ومراهقته وصدر شبابه ونجد ذلك واضحا في آراءه وشعره وتحصيله الثقافي وافر من مختلف علوم عصره. عاش ديك الجن في أوساط أسرة متعلمة معروفة تقلّب بعض رجالها في أعمال الدولة فكان من الطبيعي أن يُدفع الصبي إلى المسجد حيث حلقاتُ الدرس ومجالسُ العلماء. وفي المسجد تَلَقَّى علوم عصره فوعى علوم اللغة والأدب والدين والتاريخ وحصّل كَمّاً جيّداً من المعارف كان موضع فخره فهو يقول:
ما الذّنْبُ إلاّ لجدّي حين وَرَّثني
علماً وورَّثَهُ مِن قبلِ ذاكَ أبي
اما في شبابه فقد انكب على اللذات انكباباً مطلقاً فأدمن على معاقرة الخمر ومطاردة النساء والغلمان جرياً وراء اللذة الجسدية واشباع رغباته الغريزية يقول :
حَدُّ ما يُنكَحُ عندي حَيوانٌ فيه روحُ
أنا من قولي مَليحٌ أو قبيحٌ مستريحُ
كلُّ مَنْ يمشي على وجهِ الثَّرى عندي مَليحُ
ولم يعرف الحب الإنساني الى قلبه سبيلا كي ينهض على أساس من العواطف النبيلة والمشاعر الرقيقة الا بعد ان عرف ( ورد ) زوجته وكانت له معها قصة ذات عبرة ومغزى غيرت مجرى حياته وهذه هي قصته معها : .
خرج ديك الجن وصديقه بكر بين الحقول والبساتين والسأم يأخذ منهما مأخذه.وكانا قد دخلا في أرض تابعة لأحد الاديرة ( جمع دير ) عن غير وعي منهما ولما سمعا بين ظلال الاشجار اصواتا لصبايا يتسامرن ويتراقصن ويغنين فاقتربا منهن واصاخا السمع حتى خرجت تنهيدة من ديك الجن لجمال الصوت الذي سمعه يغني بشعره فانكشف امرهما وهما يتلصصان عليهن وهن يغنين ويتراقصن . عندها اقتربت الصبايا منهما وهددنهما بان قالت لهما احداهن انها ستصرخ لتجمع عليهما اهل الدير لينالا عقابا شديدا لكشفهما سترهن والتعدّي على حرمة تجمعهن في مكان آ من مخصص للدير واهله فقط قال لها ديك الجن وقد فتن بجمالها وبياض خديها وحمرتهما :
– او تدرين لمن الابيات التي كنتِ تتغنين بها منذ قليل
– قالت : هذه لشاعر يدعى ( ديك الجنّ) –
– فقال لها أنا ديك الجن
فلم تصدقه قائلة له : ان ديك الجن اكثر شهامة ومروءة من هذه التصرفات المشينة ولا يعقل ان تكون انت واذا كنت انت فاتني بابيات تثبت ذلك من وحي افكارك الان .
فانشدها بصوته المتهدج الذي خالطه الوجد والجوى:
قولي لطيفك ينثني
عن مضجعي وقت المنام
كي استريح وتنطفي
نار تؤجج في العظام
دنف تقلبه الأكف
على فراش من سقام
أما أنا فكما علمتِ
فهل لوصلك من دوام ؟
فسرّت الحسناء سرورا جميلا لكنها لم تصدق بعد .. وقالت له :
– باستطاعة اي هاوٍ قول ذلك مرة واحدة او حفظ الأبيات فهلاّ غيرت القافية ؟ ..
فقال منشدا :
قولي لطيفك ينثني
عن مضجعي وقت الرقاد
كي استريح وتنطفي
نار تؤجج في الفؤاد
دنف تقلبه الأكف
على فراش من قتاد
أما أنا فكما علمتِ
فهل لوصلك من معاد ؟
بدات الحسناء عندها تتيقن ولكنها طلبت منه تكرار تغيير القافية
كي تقطع الشك باليقين
فقال منشدها:
قولي لطيفك ينثني
عن مضجعي وقت الهجوع
كي استريح وتنطفي
نار تؤجج في الضلوع
دنف تقلبه الأكف
على فراش من دموع
أما أنا فكما علمتِ
فهل لوصلك من رجوع ؟
و قيل كرر ذلك رابعة ايضاً .. فأعجبت الغادة الحسناء بشاعريته .. وقد كان اسمه قد سبقه اليها فوقعت في غرامه كما وقع في غرامها فاحبها …. وبارك لهما هذا الحب صديقه (بكر) الذي كان يفديه بروحه ودمه ويعمل كل مافي وسعه كي يراه سعيداً .
و تزوج العاشقان ديك الجن الحمصي و(ورد بنت الناعمة ) تلك الفتاة التي كانت تغني بشعره وكانت حياتهما سعادة وهناء وحب ووفاء .. وصديقه ( بكر بن رستم) أكثر منهما سعادة من فرط حبه وإخلاصه ل ديك الجن رفيق صباه وطفولته .. وكذلك كان ديك الجن يثق بصديقه ثقة عالية ويسرّ له بكل صغيرة وكبيرة.
كان لديك الجن ابن عم اسمه ( ابو الطيب ) الا انه ليس طيبا فقد بدأ يتردد على بيته ويتودد لزوجة ابن عمه ديك الجن( ورد) في غياب زوجها بحجة سؤاله عن احوالها ان كانت تحتاج شيئاً .. وهي تصده وتردعه صيانة لشرفها واخلاصا لزوجها ديك الجن في غيابه الا ان الشيطان بدأ يخبط في رأس أبي الطيب مكيدة ينتقم بها من ابن عمه وينفث سموم حقده لكراهيته له خاصة وانه كان يخاف ان تذيع (ورد ) سرّ مراوداته لها ومحاولاته اليائسة للنيل منها فيفتضح امره.
وكان ديك الجن متلافاً للمال . انفق كل ما ورثه عن ابيه وجده من مال وعقار . واستدان مبلغاً من ( أبي الطيب ) ذات يوم قبل زفافه محبوبته فوجد أبو الطيب مسلكا بهذا الامر وبدأ مضايقاته ل ( ديك الجنّ) بحجة اعادة ماله وحاجته له والإصرار عليه في اقرب وقت .. ولم تنفع توسلات ديك الجن معه .. فقرر ديك الجن السفر الى (سلمية ) احدى مناطق الشام لمقابلة الأمير الهاشمي فيها ( احمد بن علي ) الذي كان يوده وله منزلة عنده ..لعله يكرمه مالا يسدد به دين ابن عمه ويقضي عنه دينه فاوصى صديقه بكر خيراً بزوجته (ورد ).. وودعها وسار مع القافلة قاصدا الامير ( احمد ) .
و ما ان تاكد (ابو الطيب) من مغادرة القافلة ل حمص حتى ذهب بذريعة الإطمئنان عن زوجة ابن عمه الى بيتها وعاود عليها عروضه السخية بالمال والهدايا ..لكنها صدته شر صد واسمعته من الكلام ما لا يليق وحافظت على حب زوجها الرابض بين طيات قلبها المشتاق اليه وهو في الغربة . فزاد من سأم (أبي الطيب )..هذا الشيطان الذي لم يعد يفكر الاّ بطريقة للإنتقام من ( ورد) .. ومن زوجها( ديك الجن ) …. و لما علم بعودة القافلة من سلمية الى حمص ..ارسل خبراً مفاجئاً ل (ورد ) مع نفر من المقربين له مفاده ان ديك الجن تعرض في الطريق هو والقافلة لقطاع الطرق وقتلوه وان نفرا من المدينة ذهبوا يستكشفون الامر ويتهيؤون اجلب جنازته لغرض لدفنه فكان وقع الخبرعلى (ورد)
كصاعقة من السماء على روحها وقلبها فاخذت تبكيه ليل نهار فلا الدمع يفيه حقه كحبيب ولا العويل يفيد .
و مع اقتراب وصول ( ديك الجن) لبيته ارسل (ابو الطيب ) في طلب بكر واخبره الخبر فصدق بكر خبر موت صديقه وصعقته الصدمة الا ان ( ابا الطيب ) اخبره ان (ورد) في حالة من الحزن والكمد واليأس الشديد وليس لها من شخص تثق به سواه باعتباره الصديق الوفي ل(ديك الجن) ورجاه ان يذهب اليها ويهدىء من روعها وحزنها ريثما تصل الجنازة ويتدبر الأمر فصدقه وذهب بكر الى بيت صديقه وهو لا يكاد يرى طريقه لغزارة دموعه ووصل الى (ورد ) فلقيها تبكي واخذ يبكي معها حيناً ويهدئ من لوعتها حينا آخر ومع وصول (ديك الجن ) كان اول من استقبله ابن عمه (ابو الطيب ) فاخبره ان زوجته لم ترع غيابه وقد قضت كل وقتها في غيابه و رحلته تسامر صديقه في بيته وتخونه معه و ان هذا الامر شاع وتفشّى في حمص واصبح فضيحة لهم جميعاً فيا للعار وانهما الآن معا يتجاذبان الحب والغرام .
فهب ديك الجن لبيته يستطلع الامر فوجد صديقه بكر ياخذ بيدي حبيبة قلبه وزوجته ( ورد) والدموع في عينيهما فظن انها دموع افترا ق الخيانة ( حبيبته وصديقه ) بسبب وصوله فتدارك سيفه وهوى به عليهما معا فقتلهما معا ليسدل الستار على الخيانة والبغاء كما أوهمه ابن عمه و جلس الى جوارهما وهما ينزفان دما وقد فارقا الحياة يبكي مرّة ويتشفّى منهما اخرى لقد اعماه الغضب والغيرة على حبيبته ولينهي قصة حب نقي خالص وقال اروع قصيدة عرفها الشعر العربي في رثاء الحبيب:
يا طلعة طلع الحمام عليها
وجنى لها ثمر الردي بيديها
رويت من دمها الثرى ولطالما
روي الهوى شفتي من شفتيها
قد بات سيفي في مجال وشاحها
ومدامعي تجري على خدّيها
فوحق نعليها وما وطىء الحصى
شيء اعزّ عليّ من نعليها
ما كان قتليها لأني لم اكن
أبكي إذا سقط الذباب عليها
لكن ضننت على العيون بحسنها
وأنفت من نظر الحسود إليها
ارتجل هذه المرثية وكاد يودع عقله لولا حضور بعض صحبه لمسامرته حتى الصباح. فقد اشعل النار في جسدها كأنه لا يحتمل أن يراها نائمه والدم يغسلها . ظن أن حرقها قد يلهيه فاوقد النار في جثتيهما واحرقهما . ثم بدأ يتسرب ألى نفسه الندم . ماذا فعلت قد خسرت اجمل ما عندي في هذه الحياة . وبعد وقت قصير فقط عندما تكاثر حوله الناس علم أن ( ورد ) بريئة فبدأ يطرق كفاً بكف .وبقي طوال عمره ينشد الشعر في ذكراها . ويعبر عن الندم القاتل لفعلته التي فعل . ثم كان قد جمع رماد جسمها واحتفظ به طوال حياته على شكل كأس للشرب يقول : .
اجبني إن قدرت على جوابي
بحق الود كيف ظللت بعدي
وأين طللت بعد حلول قلبي
وأحشائي وأضلاعي وكبدي
إذن لعلمت إني عن قريب
ستحفر حفرتي ويشق لحدي
ويعذلني السفيه على بكائي
كأني مبتلى بالحزن وحدي
كصياد الطيور له انتحاب
عليها وهو يذبحها بحد
انتشر الخبر في ارجاء حمص وبكى نهر العاصي لهول الجريمة وبشاعتها وعاش ديك الجن بعد دفنهما كميت .. خاصة وان ابن عمه ابو الطيب قد دعاه بعد فترة وهو يحتضر وأسرّ له بالمكيده وان صديقه لم يخنه .. وحبيبته اطهر من مياه العاصي النقية وانه راودها عشرات المرات ولم تضعف وصدته عنها شر صدّ فانفطر قلبه من جديد وازداد حبه وشوقه اليها وتانيب نفسه الشديد لما فعله وبدأ يخلط كأس خمره بحفنة من تراب قبرها .. وكاسا اخرى بحفنة من تراب قبر صديقه ويضع كاس ورد عن يمينه وكاس بكر عن شماله .. يرتشف من الكأس اليمنى ثم يرتشف من الكاس اليسرى ويبكيهما حتى ذوى جسمه وجف عقله ثم ينظر الى قبرها … ويكرر مرثيته:
( يا طلعة طلع الحمام عليها )
ثم ينظر الى قبر صديقه بكر وينشج:
يا سيف إن ترم الزمان بغدره
فلأنت ابدلت الوصال بهجره
قمر انا استخرجته من دجنة
لبليتي وزففته من خدره
فقتلته وله على كرامة
ملء الحشا وله الفؤاد باسره
عهدي به ميتاً كأحسن نائمٍ
والحزن ينحر مقلتي في نحره
لو كان يدري الميْتُ ماذا بعده
بالحيّ حلّ بكى له في قبره
غصص تكاد تفيض منها نفسه
وتكاد نخرج قلبه من صدره
وقيل كانت اخت بكر تترصده وتبحث عنه لتقتله انتقاماً لقتله اخيها فلما سمعت ابياته هذه عفت عنه ورقّت لحاله واجابته عليها بابيات :
يا ويح ديك الجن بل تباً له
ماذا تضّمن صدره من غدره
قتل الذى يهوى وعمّر بعده
يا رب لا تمدد له في عمره
.
وهو يبكي بحرقة على القبرين وبشدة ويردد:
أساكن حفرة وقرار لحد
مفارق خلةٍ من بعد عهد
أجبني إن قدرت على جوابي
بحق الودّ كيف ظللتَ بعدي ؟
وعلى العموم لقد كان لقاء ديك الجن ب(ورد ) حادثة معترضة في اول مسيرة حياته اللاهية العابثة ولكن هذه الحادثة لم تنقض بسلام بل مرت في حياته مرورعاصفة عنيفة التي انقشعت بعد حين مخلّفة وراءها خراباً شديدا وهدما لا يُعَمَّر و أحدثت شرخاً عميقاً في قلب ديك الجن واستمر هذا الشرخ ينزف مرارة وفجيعة ملوناً أيامه بلون الدم المُراق فكان لا يرى إلا الحُمرة وكان لا يحسّ إلا بالوجع المرّ وقد امتدّت آثار هذه العاصفة في حياة الشاعر مدى طويل وبقيت طريّة مُعْوِلَةً في ذاكرته ولم يستطع ان ينسها بقية أيامه حيث انتهت بمصرع (ورد) بسيف زوجها العاشق الغيور فكان هذا الزواج وما رافقه من قصة حب فوّارة بالعواطف الإنسانية ثم ما استتبعه من قتل مأساويّ يمثل حدثاً فريداً في تاريخ الأدبي العربي .
اقترب رحيل الشاعر بعد ان فقد كل اتصال له مع السعادة وذبل رويداً رويداً …حزنا وكمداً .. وغصصاً على حبيبة فؤاده زوجته ( ورد) وصديقه الوفيّ ( بكر)… وأبلغ ما قال قبل رحيله :
بانوا فصار الجسم من بعدهم
ما تصنع الشمس له فيّا
بأي وجهٍ أتلقاهمُ
إذا رأوني بعدهم حيّا
ولقد انصبّ اهتمام ديك الجن على اللغة والأدب والتاريخ وكان
له منها مكوّناتٌ ثقافية ممتازة ظهرت بوضوح في شعره. فوعيه لعلوم اللغة جعله مالكاً لناصيتها قادراً على التصرّف بها واستيعاب مفرداتها وتوظيف دلالاتها المعنوية لإبراز أفكاره ومعانيه مع سلامة شعره من اللحن وقدرته على ترتيب المفردات في أنساق لغوية بليغة سليمة فشعره يمتاز بالجزالة والسهولة والغنائية والمعاني الجميلة المبتكرة و من ذلك يقول في وصف الخمرة :
وحمراء قبل المزج صفراء بعده
بدت بين ثوبي نرجس وشقائق
حكت وجنة المعشوق صرفاً
فسلطوا عليها مزاجاً فاكتست لون عاشق
وفي الغزل يقول واصفا من احب :
يا كثير الدل والغنج
لك سلطان على المهج
وجهك المامول حجتنا
يوم ياتي الناس بالحجج
. وقد درس الشعر الجاهلي وخاصة شعر الصعاليك. وقد أعجب بقصائدهم وما فيها من التمرّد والرفض و يقول عن نفسه :
وَخَوْضُ ليلٍ تخافُ الجِنُّ لُجَّتَهُ
ويَنْطوي جيشُها عن جيشه اللَّجِبِ
ما الشَنْفَرَى وسُلَيْكٌ في مُغَيَّبَةٍ
إلا رَضِيعا لَبانٍ في حِمىً أَشِبِ
عاش ديك الجن قمة الثقافة والازدهار الحضاري في العصر العباسي وكان على الشاعر أن يكون مثقفاً مُلِمّاً بفنون عصره وعلومه لتمكنه من ولوج زحمة حركات الإبداع والتجديد وقد استطاع أن يكون واحداً من شعراء عصره المثقّفين المبدعين والمجدّدين فكان للتطوّرُ الكبير الذي وصل إليه فنّ الموسيقى في زمنه وقد اخذ منه ابو تمام والبحتري وحتى المتنبي وما استتبعه من تطور في فنّ الغناء وكثرة المغنيّن والمغنيّات من كلّ لون وجنس استطاع في هذا الخضم ان يخطّ لنفسه طرقاً واضحة المعالم وكان له تلاميذه ومحبيه وكان له عشاقه ومؤيدوه.
فديك الجن – بحكم نفسيته وسلوكيته – واحد من عشاق فن الغناء والموسيقى فالشعر والموسيقى فنّان متواشجان متقاربان احدهما يكمل الاخر وهما جناحا الغناء وبهما ينهض حيث أنّ موسيقى الشعر عنصر هام من عناصر بنائه الفنيّ والجمالي . لذا أقبل ديك الجن على الغناء إقبال المشارِك المبدع تبعا لتربيته وساوكيته التي عاشها في مقتل عمره وما في نفسه من حب لها فتعلم العزف وأتقن قواعد الغناء حتى غدى ما تعلمّه في هذا الباب جزءاً من مكوّناته الثقافية والفنية. اذ كان حسن الصوت مجيداً للغناء والعزف الموسيقي ومما زاده رفعة انه كان يتغنّى بشعره لنفسه أو لندمائه ممن يتحلّقون حوله في مجالس الشراب فيطرب لشعره وغنائه ويتلذذ بما يحدثه من إعجاب في نفوسهم . حتى قيل انه كان بعيدا عن التدين و إيمانه قليلا بالقيامة واليوم الاخر يقول في ذلك :
هيَ الدُّنيا وقد نَعِموا بأُخرى
وتسويفُ النّفوسِ من السَّوافِ
فإنْ كذبوا أمنتَ، وإنْ أصابوا
فإنّ المبتليكَ هو المعافي
وأصدقُ ما أبثُّك أنَّ قلبي
بتصديقِ القيامةِ غيرُ صافي
إذا شَجَرُ المودَّةِ لَمْ تَجُدْهُ
سَماءُ البِرِّ أَسْرَعَ في الجَفَافِ
وهذا التشكيك دفع الناس إلى اتهامه بالإلحاد الا ان موقفَ الشاعر الحكيم أبي العلاء المعري وكان متعاطفاً معه فقد منحه البراءة من تهمة الإلحاد. حيث يقول في كتابه (رسالة الغفران) : ( ورأى بعضهم عبدَ السَّلامِ بنَ رغبانَ المعروف بديك الجن في النوم وهو باحُسن حال فذكر له الأبيات الفائية التي فيها :
هي الدُّنيا وقد نَعموا بأخرى وتسويفُ النفوسِ من السَّوافِ
أيْ الهَلاك. فقال : كنت أتلاعبُ بذلك ولم أكن أعتقدُه.) الا ان ديك الجن كان قد حسم اعتقاده الديني بقوله :
يأبي فم شهد الضمير له
قبل المذاق بأنه عذب
كشها دتي لله خالصة
قبل العيان بأنه ا لرب
لم تكن لديك الجن علاقات واسعة برجال عصره او الحاكمين . ولم يبرح بلاد الشام قطّ كما تؤكد اغلب كتب التاريخ والادب وأغلب الظنّ أنه قضى معظم أيام حياته في مدينة حمص في وسط سورية .
وقيل لما اجتاز أبو نواس مدينة حمص في الشام قاصداً مصر جاء إلى بيت ديك الجن فاختفى منه فقال ابو نؤاس لأمته:
– قولي له اخرج فقد فتنت أهل العراق بقولك :
موردة من كف ظبي كأنما
تناولها من خده فأدارها
فلما سمع ذلك ديك الجن خرج إليه واجتمع به وضيّفه.
فهو لم يَفِدْ او يذهب الى بلاط خليفة أو وزير او أمير لأنه لم يكن شاعراً مدّاحاً ولا متكسبا بشعره رغم حاجته في منتصف عمره وشيخوخته وربما لتوجهه الا جتماعي ومزاجه النفسي وظروفه المعاشية . حيث كان معروفا بالشعر ومشهورا بالمجون لاحظه يقول :
أَمَالِيْ عَلى الشَّوْقِ اللَّجُوجِ مُعِينُ
إذا نَزَحَتْ دَارٌ وَخَفَّ قَطِينُ
إذا ذَكَرُوا عَهْدَ الشَّآمِ اسْتَعَادَنِي
إلى مَنْ بِأَكْنَافِ الشَّآمِ حَنِينُ
تَطَاوَلَ هَذا اللَّيْلُ حَتَّى كأَنَّما
على نَجْمِهِ أَلاَّ يَعُودَ يَمِينُ
ويقول ايضا :
بكاكَ أَخٌ لَمْ تَحْوهِ بِقَرابَةٍ
بَلَى إنَّ إِخْوانَ الصَّفَاءِ أَقَارِبُ
وأَظْلَمَتِ الدُّنْيا التي كُنْتَ جَارَهَا
كأنَّكَ للدُّنْيا أَخٌ ومُنَاسِبُ
يُبَرِّدُ نِيْرانَ المَصَائِبِ أَنَّني
أَرَى زَمَناً لَمْ تَبْقَ فيهِ مَصَائِب
وقال ايضا :
طَلَبُ المَعَاشِ مُفرِّقٌ بينَ الأَحِبَّةِ والوَطَنْ
ومُصَيِّرٌ جَلْدَ الرِّجَالِ إلى الضَّراعَةِ والوَهَنْ
حتّى يُقَاد َ كَما يُقاد النِّضْوُ في ثِنْيِ الشَّطَنْ
ثمَّ المَنِيَّةُ بعدَهُ فكأنَّهُ ما لَمْ يكُنْ
توفي ديك الجن سنة \ 235 هجرية- 849 ميلادية في
حمص بسوريا ودفن فيها ولا يزال قبره ظاهرا فيها .
واختم بهذه الابيات الرائعة من شعره :
سِهامُ لحاظٍ مِنْ قِسِيِّ الحواجبِ
نَظَمْنَ الأسى في القَلْبِ مِنْ كلِّ جانبِ
غَداةَ كتبنا في الخُدودِ رسائلاً
بأَطْرافِ أقلامِ الدُّموعِ السّواكِبِ
تلوحُ على لَبّاتنا ونُحورِنا
وتبعثُها أَجْفانُنا للتّرائبِ
وأَلْسُنُنا خُرْسٌ كأنّ خَلاخلاً
حكينَ دِعَاجاً للحِسانِ الكَواعِبِ
كَفَتْكَ النّوى عَذْلَ المُعَنّى فأَقْصِري
بما رُمْتِ فيه مِنْ فراقِ الحبايبِ
حَنَاهُ الهوى بالشّوقِ حتى كأنّما
بأحشائِهِ للشّوْقِ لَدْغُ العَقاربِ
يَبيتُ على فرشِ الضَّنَى مُتَململاً
قَليلاً تَسَلِّيهِ كثيرَ المصائبِ
فَريسةَ أشْجانٍ طَريحاً بِكَفِّها
وما بينَ نابَيْ سَبْعِها والمَخَالبِ
خَليليَّ خانَ الصَّبْرُ وانْقَطَعَ الكَرَى
وقد أَحكمتْ عينايَ رَعْيَ الكواكبِ
خَليليَّ عن عيني سَلا أََنْجُمَ الدُّجى
تُخَبِّرُ بتَسهيدٍ عريضِ المَناكبِ
خليليَّ كَمْ مِنْ لَوْعَةٍ قَدْ كَتمتُها
فأعلنَها دَمْعي لِمُقْلَةِ صاحبي
وهَتّكِ ستْراً في الحَشَا كان مُسْبَلاً
على الشّوقِ حتّى عَنّفَتْني أَقاربي
فما أَفْضَحَ الدَّمْعَ السّكوبَ إذا جرى
وأَظْهَرَهُ لُطفاً لما في المَغايبِ
سأكحلُ عيني مِنْ بعيدٍ بنظرةٍ
إلى نارها بالرَّغمِ مِنْ أَنْفِ راقِبِ
وهل تَمنعيني نَظْرَةً إِنْ بلغتُها
ولو زهقت نَفْسُ الغَيورِ المُجانبِ
وقَلَّ لعيني مِنْ بعيدٍ تأمُّلٌ
ولَمْ أَرْضَ إلاَّ حينَ عَزَّتْ مطالبي
فعلّلْتُ نفسي بالذي هو مُقْنعي
وأَعْرضتُ إعراضَ البغيضِ المجانبِ
صَفاءً وإخلاصاً وبُقْيا مَوَدَّةٍ
لِعَهْدِ كريمٍ واصلٍ غيرِ قاضب
وفي النّفْسِ مِنِّي قَدْ طَوَيْتُ مآرباً
إلى مَنْ إليها حاجتي ومَآرِبي
لها مِنْ مَهَاةِ الرَّمْلِ عَيْنٌ كَحيلةٌ
ومِنْ خُضْرَةِ الرَّيْحانِ خُضْرَةُ شاربِ
كأن غُلاماً حاذِقاً خَطّهُ لها
فجاءَ كَنِصْفِ الصَّادِ مِنْ خَطِّ كاتبِ
أقاتلتي أمّا أَنا فَمُسَالِمٌ
وأَرْضَى بما تَرْضَيْنَ غيرُ مُحاربِ
ولكنْ لقومي عندَ قَومِكِ بُغْيَةٌ
وبينهُمُ فيها قِراعُ الكَتائبِ
فإنْ تَقتليني تَبعثي الحربَ خدعةً
علينا فَرَوِّي وانْظُرِي في العَواقِبِ
فإنْ يَخْلُ لي وجهُ الحبيبِ فإنّني
سَأَنْشُرُ ما أَضْمَرْت ُ بينَ الحَقَائبِ
وإِلاَّ فإنَّ السِّتْرَ عندي مُكَتّمٌ
دَفينٌ على مَرِّ اللّيالي الذَّواهِبِ
لئلاَّ يرى الواشونَ قُرَّةَ أَعْيُنٍ
ولا يجدوا فينا مَعاباً لعائبِ
وقَدْ زَعموا أَنِّي بغيركِ مُغْرَمٌ
وعنكِ عَزُوفٌ كالصَّدوفِ المُوارِبِ
ولا والثنايا الغُرِّ مِنْ فِيكِ إنَّها
لكالغَيثِ أَدَّتْهُ أَكُفُّ السّحائبِ
تَمُجُّ مُداماً عُتِّقَتْ فَتَنَفّسَتْ
بأَحْشَاءِ سَحٍّ عُدْمُلِيٍّ كراهِبِ
على قَودِ رحل قائمٍ غير قاعدٍ
له بُرْنُسٌ يَعْتَدُّهُ في المناسبِ
تَمَزَّقَ عنها الدَّهْرُ مِنْ طولِ لَبْثِها
ولَمْ يتمزَّقْ في بلاءِ جلاببِ
بِجِلْبَابِ نارٍ قَدْ تَجَلْبَبَ جِسْمُها
وآخر مِنْ طينٍ وليس بلازبِ
ويغشاهما ثَوْبٌ رقيبٌ سَداؤُهُ
رقيقُ الحواشي مِنْ نَسيجِ العناكبِ
طَرقنا أباها في جُيوشٍ من الدُّجا
وأَيْدي الثُّرَيّا في نواصي المَغَاربِ
فقامَ إلينا مُسرعاً لسُرورنا
يُفَدِّي يُحَيِّينا كَبَعْضِ الأَقارِبِ
فقلتُ لهُ هات المدامَ فإنّنا
عَكَفْنا عليها مِنْ صُدورِ الرَّكائبِ
فَشَمّرَ رِدْنَيْهِ وقامَ مُبادراً
إلى وُقُفٍ شُعْثٍ قيامَ نواصِبِ
فَشَدَّ على الأَقصى فَضَرَّجَ خصرَهُ
بمثلِ جَناحٍ مِنْ دَمِ الجوفِ شاخِبِ
وأقْبَلَ يسعى بالزُّجاجَةِ ضاحكاً
مُدِلاً بها مُستْبشراً غيرَ خائبِ
كأنَّ سَحيقَ المِسْكِ في جَنَباتها
إذا الْتَمَعَتْ تَفْري رداءَ الغَياهِبِ
كأنَّ نَسيمَ الكأسِ عندَ ردائها
تَبَسّمُ عودٍ في صُدورِ المحارب
كأنَّ دموعَ العاشقينَ تَرقرقَتْ
بِأَكْؤُسها تَجري على كلِّ شاربِ
لما كنتُ إلاَّ مُقْصَداً بكِ مُغرقاً
ولستُ إلى أُنثى سِواكِ براغِبِ
إذاً فرماني الدَّهْرُ عن قَوْسِ هجركُمْ
بأَسْهُمِهِ ذاتِ الشُّجونِ الصَّوائبِ
فقلَّ كَرَى عيني لِهَمٍّ مُسَهِّدٍ
وفِكْرٍ طويلِ الذَّيْلِ بالقلبِ لاعبِ
امير البيان العربي
د. فالح نصيف الكيلاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.